هل بدأت واشنطن البحث في مستقبل قطاع غزة؟

باحثون شددوا لـ«الشرق الأوسط» على فشل أي مبادرة لا تؤدي إلى حل الدولتين

دمار هائل تسبب به القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)
دمار هائل تسبب به القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)
TT

هل بدأت واشنطن البحث في مستقبل قطاع غزة؟

دمار هائل تسبب به القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)
دمار هائل تسبب به القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)

مع بدء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارته الثالثة إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأولى)، بدا أن هدفها يتعدى البحث في «هدنة إنسانية مؤقتة» إلى خلق وقائع جديدة، سياسياً وعسكرياً وإقليمياً. وبينما بدأ البحث في «اليوم التالي» بعد إنهاء حكم «حماس» في قطاع غزة، رأى خبراء متابعون للوضع من كثب أن أي مبادرة لا تراعي «حل الدولتين» لن يُكتب لها النجاح.

وبينما كان بلينكن، الذي استهل زيارته بإسرائيل الجمعة، تحدث خلال جلسة استماع أمام الكونغرس هذا الأسبوع، عن ضرورة البحث في مستقبل قطاع غزة، كشفت وسائل إعلام غربية وأميركية عدة، عن خطط لتدويل إدارة القطاع بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتولي تحالف دولي الأمن فيه.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خارجاً من مؤتمره الصحافي في إسرائيل الجمعة (أ.ب)

وذكرت تقارير صحافية أن بلينكن ونوابه يتحدثون مع نظرائهم في المنطقة حول خطط لحكم غزة بعد أن تنهي إسرائيل حربها ضده. وهذا ما قامت به باربرا ليف، مساعدة بلينكن لشؤون الشرق الأدنى، على الرغم من عدم وجود خطة جاهزة بعد. لكن أحد الخيارات المؤقتة هو تشكيل قوة متعددة الجنسيات من المنطقة.

تقسيم غزة

ومع استمرار «منع صدور قرار» بوقف إطلاق النار، قال الجيش الإسرائيلي إنه أنجز تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، ودفع بغالبية سكان الشمال نحو الجنوب، ملقياً بمشكلتهم على «الآخرين». ورغم إعلان إسرائيل عن عدم رغبتها في احتلال القسم الشمالي من القطاع، يبدو واضحاً أن شروط العودة إليه في يدها، ناهيك بفترة مخاض طويلة تنتظر الفلسطينيين لإعادة إعماره.

يقول بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إنه ليس من الواضح بعد كيف ستكون نهاية الحرب. لكن من المحتمل أن تؤدي إلى تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، تحتل إسرائيل أحدهما والجزء الثاني مع «حماس». ويضيف سالم في حديث مع «الشرق الأوسط»: «أعتقد أنه سيناريو واقعي، وهنا يصبح السؤال من الذي سيتسلم الجزء الذي تحتله إسرائيل؟ ولا أعتقد أنه في ظل الوضع الحالي يمكن للسلطة الفلسطينية أو أي جهة عربية أو دولية، أن تتحمل مسؤولية استبدال إدارة ستكون عملياً تحت الوصاية الإسرائيلية بالاحتلال الإسرائيلي.

من ناحيته، يقول غيث العمري، كبير الباحثين في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن الإدارة الدولية للقطاع لا تزال حتى الآن مجرد فكرة وليست اقتراحاً رسمياً، وتواجه الكثير من التحديات. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة إلى الدول العربية، فإن التدخل في الشؤون الفلسطينية يشكل مخاطرة سياسية. وهذا لا يعني أن هذا الاقتراح مستحيل، لكنه اقتراح معقد يتطلب عملاً تحضيرياً دبلوماسياً كبيراً؛ فالسلطة الفلسطينية ضعيفة جداً، وفقدت مصداقيتها بحيث لا يمكنها أن تلعب أي دور في غزة في الوقت الحالي. وبناءً على ذلك، سيكون على الإدارة الدولية أيضاً مهمة إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية؛ ولهذا السبب تحدث الوزير بلينكن عن السلطة الفلسطينية (المعاد تنشيطها)».

 

العين على الضفة الغربية

بيد أن المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية، لا تقتصر على غزة، فما يجري في الضفة الغربية، قد تكون آثاره السياسية أشد، ليس فقط على مستقبلها، بل على السلطة الفلسطينية والأردن، في ظل دعوات متجددة لتهجير فلسطينيي الضفة إلى الأردن، وفلسطينيي القطاع إلى مصر، اللتين ترفضان بشدة هذا التهجير؛ فالإجراءات التي تتخذها إسرائيل في مناطق الضفة، لا تقل عن حرب موازية لتلك الجارية في غزة، وتعادل بمفاعيلها، شطب السلطة الفلسطينية نفسها، المراد إعادة «تنشيطها».

 

ويقول نبيل عمرو، القيادي في حركة «فتح»، إن الصراع بيننا وبين إسرائيل لا ينتهي إلا بزوال الاحتلال. وبيت القصيد هنا هو الضفة الغربية، لأن قطاع غزة لم يكن محتلاً من إسرائيل قبل 7 أكتوبر، بل هو في حالة حرب معها. ويضيف عمرو لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «قبل هذه الحرب انسحبت إسرائيل من غزة، والإشكال الآن كله يدور على القدس والضفة الغربية؛ لأن إسرائيل متشبثة بالاحتلال والفلسطينيون متشبثون بحتمية إنهائه؛ لذلك نأمل أن يوضع حد لهذه الحروب المتواترة، إلى أن يذهب العالم إلى حل الدولتين، ليس كمجرد شعار، بل وتنفيذه على الأرض.

عودة للاقتراح المصري

بالنسبة إلى السيناريوهات المتوقعة لإدارة قطاع غزة، خصوصاً المتعلقة بالقوة التي ستتولى الأمن فيه، يقول عمرو إن الإدارة الدولية، لا تنفع ولا تملك الأدوات الكافية، وهي بالتأكيد لن تقدم حلاً إدارياً للحكم في غزة. وأضاف: «هناك اقتراح مصري سابق، دعا إلى عودة القوات الدولية حسب الاتفاقات الدولية المبرمة بشأن معبر رفح، وانسحاب حماس 20 كيلومتراً عن المعبر، على أن تتولى قوة من الشرطة الفلسطينية، معززة بقوة حفظ سلام من جميع القوى السياسية في غزة، التنسيق مع تلك القوة، لكن من أفشل هذا الاقتراح هو رفض (حماس) الانسحاب من حدود المعبر». وتابع: «هناك أكثر من 40 ألف موظف للسلطة الفلسطينية في القطاع، وباستطاعة المصريين بتوليفة مع الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية، ومن يرغب من العرب، المساعدة في ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الإسرائيلي الأكيد بعد انتهاء العمل الذي جاءت من أجله.

 

من ناحيته، يقول العمري، إن الكثير من البلدان ستتردد في الانضمام إلى مثل هذه الإدارة الدولية. فضلاً على ذلك، ورغم أنه قد يكون من الممكن إنشاء إدارة للشؤون المدنية، فإنه من الأصعب كثيراً أن نجد بلداناً راغبة في إرسال قوات لضمان الأمن. لا توجد دولة تريد أن يُنظر إليها على أنها تطلق النار أو تتعرض لإطلاق النار من قبل الفلسطينيين في غزة. ولكن إذا أمكن تشكيل الإدارة الدولية، فمن الممكن أن تساعد على تحقيق الاستقرار وإعادة تأهيل السلطة الفلسطينية، وهو ما من شأنه أن يجعل استئناف المفاوضات الهادفة إلى تحقيق حل الدولتين أكثر جدوى.

هل توافق إسرائيل؟

لكن سالم يقول إن «التحدي الأكبر الذي قد يؤدي إلى صيغة مختلفة، هو ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على مبادرة سياسية بالتعاون مع أميركا والدول العربية في إطار مبادرة كبرى، خصوصاً في الضفة الغربية لوقف الاستيطان، وتفكيك بعض المستوطنات والعمل الجدي باتجاه حل الدولتين». وأضاف أن «أي إدارة للقطاع او لجزء منه لا تقدم حلاً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بل على العكس يجب العثور على مخرج ومسار سياسي ودبلوماسي لهذا الصراع باتجاه حل الدولتين من أجل أن يصبح موضوع إدارة غزة من قبل جهة غير (حماس) أمراً مقبولاً».

وهنا يقول عمرو إن «الأمر ممكن بدعم إقليمي ودولي شريطة أن تتباهى الولايات المتحدة وتتأسس في إسرائيل حكومة تستطيع التعامل مع هذا الحل، لأن الحكومة الحالية ترفض التعامل مع أي حل؛ لأنها حكومة غير منسجمة. وإذا شُكِّلت حكومة إسرائيلية جدية معقولة من قوى منسجمة، وفتح المسار السياسي، يمكن عندها القول إن الفرصة فُتحت أمام الحل. والمخرج النهائي، هو أن تُجرى انتخابات فلسطينية بعد هذه الحرب لانتخاب برلمان يفرز حكومة منتخبة يستطيع العالم أن يتعامل معها، وهي قضية تلقى تأييد الكثير من الدول العربية خصوصاً مصر والكثير من الفلسطينيين».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

محامو ترمب يطلبون وقف الحكم في قضية «أموال الصمت» لحين تقديم استئناف

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن المحامين الموكلين عن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب طلبوا من قاض في نيويورك وقف الحكم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب يُجري محادثات مع الرئيس الصيني عبر معاونين

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، إنه والرئيس الصيني شي جينبينغ يُجريان محادثات عبر ممثلين، وإنه يعتقد أنهما سيتوصلان إلى توافق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الشرق الأوسط)

فيصل بن فرحان وبلينكن يناقشان المستجدات الإقليمية

أجرى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الاثنين، اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وجرى خلال الاتصال مناقشة المستجدات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ طائرة تتبع خدمة الشحن «يو بي إس» في مطار محمد علي الدولي في لويسفيل خلال عاصفة شتوية (أ.ف.ب)

شركات طيران أميركية تلغي أكثر من 1300 رحلة بسبب عاصفة شتوية

ألغت شركات الطيران في الولايات المتحدة أكثر من 1300 رحلة بسبب عاصفة شتوية مصحوبة بالثلوج والجليد ودرجات حرارة تصل إلى الصفر في مناطق شاسعة بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما نظارات «ميتا» التي استخدمها مهاجم نيو أورليانز للاستكشاف قبل عمله الإرهابي؟

تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)
تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

ما نظارات «ميتا» التي استخدمها مهاجم نيو أورليانز للاستكشاف قبل عمله الإرهابي؟

تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)
تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)

قال مكتب التحقيقات الفيدرالي إن الرجل الذي قاد شاحنة في حشد من الناس في مدينة نيو أورليانز الأميركية في يوم رأس السنة الجديدة، وأسفر عن مقتل 14 شخصاً وإصابة العشرات، كان قد استكشف الحي الفرنسي في المدينة، وسجّل مقطع فيديو باستخدام نظارته الذكية «ميتا».

في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، سجّل شمس الدين جبار الذي نفّذ الهجوم الإرهابي لاحقاً، مقطع فيديو بالنظارة في أثناء قيادته دراجته عبر الحي الفرنسي وخطّط للهجوم، كما قال ليونيل ميرثيل، العميل الخاص لمكتب التحقيقات الفيدرالي المسؤول عن مكتب نيو أورليانز الميداني. كما وضع جبّار النظارة القادرة على البث المباشر، في أثناء الهجوم، لكنه لم ينشّطها، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

ورفض متحدث باسم «ميتا»، الشركة الأم لـ«فيسبوك»، التعليق.

فما نظارات «ميتا»؟ وما قدراتها؟

نظارات «ميتا»، المصنوعة بالشراكة مع «ري بان»، هي أجهزة بها كاميرا مدمجة ومكبرات صوت وذكاء اصطناعي يمكن التحكم فيها بصوتك وبأزرار، والتحكّم بها كذلك ببعض الإيماءات البسيطة.

بعض وظائف النظارة، مثل: الاستماع إلى الموسيقى أو التفاعل مع مساعد الذكاء الاصطناعي «ميتا»، يتطلّب أن يكون الجهاز إما مقترناً بهاتف وإما قادراً على الوصول إلى الإنترنت.

لا يحتوي الجهاز القابل للارتداء على شاشة مدمجة في العدسة، على عكس بعض محاولات الصناعة السابقة لبناء نظارات ذكية للواقع المعزز. ومع ذلك، قالت شركة «ميتا» إنها تعمل على زوج من النظارات التي ستمنح المستخدمين تجربة ثلاثية الأبعاد بالكامل.

الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ يلقي كلمة عن النظارات في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)

ما الذي يمكن للنظارات أن تفعله؟

تتمثّل إحدى المزايا الرئيسية للنظارات في القدرة على التقاط الصور والفيديو باستخدام الكاميرا الموجودة فيها، ثم تحميل هذه الملفات على «إنستغرام» أو «فيسبوك». يمكنك أيضاً البث المباشر، ولكن فقط على منصات التواصل الاجتماعي المتوافقة مع «ميتا». يمكنك أيضاً استخدام النظارات لإجراء مكالمات صوتية وفيديو أو إرسال رسائل إلى الأشخاص أو الاستماع إلى الموسيقى. وتسمح الكاميرا أيضاً لمساعد الذكاء الاصطناعي «ميتا» برؤية ما تراه، مما يسمح له بترجمة النص إلى لغات متعددة (منطوقة إليك، أو معروضة على تطبيق هاتف مقترن)، والإجابة عن أسئلة بسيطة، مثل البحث عن أقرب مَعْلَم لموقعك.

النظارات هي في الأساس تجربة دون استخدام اليدين، لذا ستتحدث إلى جهازك، وسيرد عليك.

ما لا تستطيع النظارات القيام به

لا تستطيع النظارات حالياً أداء مهام معقّدة قد تتمكّن المساعدات الرقمية الأخرى من القيام بها، مثل حجزك في مطعم أو إعطائك اتجاهات خطوة بخطوة في أثناء تنقلك. ولا توجد شاشة في العدسة، لذا لا توجد عدسة عرض لوضع إطار لصور أو فيديو. هناك أيضاً مؤشرات بصرية مدمجة في النظام تسمح للمارة بمعرفة وقت تصويرك للفيديو أو التقاط الصور.

يظلّ مؤشر الخصوصية (LED) هذا مضاءً في أثناء استخدامك وظائف الكاميرا.

وفقاً لشركة «ميتا» لا يمكنك تعطيل هذا الضوء لتكون أكثر تحفظاً في أفعالك.