باتيلي يواصل جهوده لجمع «الخمسة الكبار» لإنقاذ الانتخابات الليبية

وسط دعم أميركي لإيجاد «حلول بديلة» تُنهي الأزمة

الدبيبة مستقبلاً باتيلي في مكتبه بطرابلس (المكتب الإعلامي للدبيبة)
الدبيبة مستقبلاً باتيلي في مكتبه بطرابلس (المكتب الإعلامي للدبيبة)
TT

باتيلي يواصل جهوده لجمع «الخمسة الكبار» لإنقاذ الانتخابات الليبية

الدبيبة مستقبلاً باتيلي في مكتبه بطرابلس (المكتب الإعلامي للدبيبة)
الدبيبة مستقبلاً باتيلي في مكتبه بطرابلس (المكتب الإعلامي للدبيبة)

يكثّف عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، جهوده على مستويات مختلفة لجمع «الخمسة الكبار» إلى طاولة الحوار التي دعا إليها، نهاية العام الماضي، لمناقشة سُبل حلحلة الأزمة السياسية في البلاد، وسط مساعٍ أميركية للدفع في الاتجاه الأممي نفسه، مع بحث «المقترحات البديلة»، في حال فشل مبادرة باتيلي. وهؤلاء «الخمسة الكبار» هم: القائد العام لـ«الجيش الوطني» خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، إلى جانب رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة.

ووسط نشاط ملحوظ وصفه سياسيون بـ«الإلحاح الشديد» من قِبل المبعوث لإنجاح مقترحه، استكمل باتيلي لقاءاته بالفُرقاء في ليبيا، حيث التقى، اليوم الخميس، الدبيبة في مكتبه بطرابلس، وتطرَّق اللقاء إلى مناقشة الوضع السياسي، و«الوقوف على التحضيرات لعقد اجتماع الأطراف الليبية برعاية بعثة الأمم المتحدة»، وفقاً لمكتب الدبيبة.

تكالة مستقبلاً وفداً أميركياً (المجلس الأعلى للدولة)

ورحّب المبعوث الأممي بقبول الدبيبة حضور اجتماع «الخمسة الكبار» (لم يحدَّد موعده بعدُ)، وتسمية مندوبين عنه، والذي اعتبره باتيلي «خطوة إيجابية»، مؤكداً أن البعثة «تُواصل المشاورات واللقاءات مع الأطراف الأخرى من أجل الانخراط في توجه الأمم المتحدة».

وجاء لقاء باتيلي غداة المباحثات التي أجراها الدبيبة، أمس الأربعاء، مع المبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، والقائم بأعمال السفارة جيريمي برنت، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شمال أفريقيا جوشوا هاريس، والتي تناولت أيضاً سبل توحيد الجهود لدعم جهود المبعوث الأممي لمعالجة الانسداد السياسي، والوصول بالبلاد للانتخابات باعتبارها مطلب كل الليبيين.

وواصل الوفد الأميركي جهوده للدفع باتجاه مبادرة باتيلي، حيث التقاه النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني، اليوم الخميس، وأشاد بـ«الاهتمام الذي تُوليه الولايات المتحدة بالملف الليبي، ودعمها جهود المجلس الرئاسي، الرامية لتعزيز الاستقرار الذي يمهّد الطريق لإجراء الاستحقاق الانتخابي».

نائب المجلس الرئاسي الكوني يستقبل في مكتبه وفداً أميركياً (المجلس الرئاسي الليبي)

وقدَّم نورلاند للكوني إحاطة حول نتائج لقاءات الوفد مع الأطراف السياسية الليبية، والجهود المبذولة لإنهاء الانسداد السياسي، وأشاد بـ«الدور المحوري» للمجلس الرئاسي لإنجاح المساعي الرامية لإحداث توافق بين جميع الأطراف؛ في إشارة لمبادرة باتيلي بشأن الدعوة لإحداث توافق سياسي يؤدي لحل الأزمة الليبية.

باتيلي مستقبلاً السفير البريطاني إلى ليبيا (البعثة الأممية)

وكان الوفد الأميركي قد بحث مع تكالة، مساء أمس الأربعاء، مبادرة المبعوث الأممي بشأن دعوته للطاولة الخماسية لإحداث توافق سياسي يسهم في حل الأزمة الليبية، وإنعاش المسار الديمقراطي، وصولاً للعملية الانتخابية المؤجَّلة، كما بحث، وفقاً للمجلس، «المقترحات البديلة في حال فشل هذه المبادرة». ولم يوضح مجلس الدولة طبيعة «المقترحات البديلة»، لكن سياسيين يتخوفون من العودة إلى تشكيل لجنة على غرار «ملتقى الحوار السياسي»، الذي عُقد في جنيف 2020 وبداية 2021، وأسفر عن انتخاب حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي.

وخلال اللقاء، أكد تكالة أن مجلسه «يؤكد التزامه الثابت بالاتفاقات السياسية ومُخرجاتها»، وأنه «وافق، منذ البداية، على الجلوس إلى طاولة الحوار؛ لدعم الجهود الرامية للوصول إلى مصالحة وطنية شاملة وعادلة»، لافتاً إلى ضرورة إصدار قوانين انتخابية «يتوافق عليها الجميع قانونياً وسياسياً، وتنطلق من الإعلان الدستوري والاتفاقات السياسية، التي أُبرمت باتفاق جميع الأطراف السياسية الليبية، وبرعاية دولية وأممية».

واستبَق باتيلي لقاء الدبيبة بالاجتماع مع السفير البريطاني لدى ليبيا، مارتن لونغدن، وقال إنه استعرض معه التطورات الراهنة على الساحة السياسية في البلاد، كما شدّدا على «الدور الحاسم» الذي يمكن أن تلعبه «الأمم المتحدة» في تسهيل الحوار وبناء توافق بين الجهات الليبية الفاعلة، وتمكينها، في نهاية المطاف، من رسم مستقبل مستقر ومزدهر لبلدها.

كما التقى باتيلي وفداً من تجمُّع نواب مدينة مصراتة، ضمَّ أعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، وقال إن أعضاء الوفد عبّروا عن وجهات نظرهم بشأن سُبل دفع العملية السياسية إلى الأمام، مشدّدين على ضرورة تشكيل حكومة تصريف أعمال مصغّرة لقيادة ليبيا نحو الانتخابات.

باتيلي مستقبلاً القائم بسفارة اليابان لدى ليبيا (البعثة الأممية)

وفي أول لقاء يجمعهما، ناقش باتيلي مع القائم بأعمال سفارة اليابان في ليبيا، ماساكي أماديرا، أهمية وجود حوار شامل لإنهاء الجمود السياسي، وإجراء الانتخابات، وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في ليبيا.

في شأن مختلف، استقبل القائد العام لـ«الجيش الوطني» المُشير خليفة حفتر، الصيادين الليبيين الذين كانون محتجَزين في النيجر ووصلوا إلى البلاد، بعدما جرى إطلاق سراحهم بجهود القيادة العامة. وقال مكتب حفتر، اليوم الخميس، إن «حماية المواطن الليبي من أولويات القيادة العامة، التي لن تتهاون في الحفاظ عليها».


مقالات ذات صلة

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً وزير القوات المسلحة السنغالي (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش سبل تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا والسنغال.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

تسريبات «قديمة» لتعذيب سجناء تعيد مطالب فتح ملف المعتقلات الليبية

تداول ليبيون على نطاق واسع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات بشرق البلاد وتظهر الاعتداءات على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لتسلم رئيسه تقرير الهجرة غير النظامية (المركز الإعلامي لصالح)

هدوء حذر غرب طرابلس الليبية بعد ليلة من الاشتباكات المسلحة

أعلن مكتب مركز طب الطوارئ والدعم بمدينة الزاوية، مقتل شخصين وإصابة ستة آخرين في الاشتباكات التي شهدتها مدينة العجيلات غرب العاصمة طرابلس.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق (القيادة العامة)

ليبيا: قانون «المصالحة» يُشعل «صراع الصلاحيات» بين البرلمان و«الرئاسي»

وجّه رئيس البرلمان الليبي حديثه «للمعترضين على قانون المصالحة الوطنية» وقال إن «الطريق في عرض القوانين يكون بمقترح مقدم من 10 نواب أو مشروع قانون حكومي»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

تجددت التوترات بين مجلسي «النواب» و«الرئاسي» في ليبيا بعد اعتراض الأخير على إقرار الأول مشروع قانون «المصالحة الوطنية» في جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة)

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

سد مروي في شمال السودان  (سونا)
سد مروي في شمال السودان (سونا)
TT

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

سد مروي في شمال السودان  (سونا)
سد مروي في شمال السودان (سونا)

أعلنت قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش السوداني، الاثنين، تصديها لهجوم بعدد من المسيَّرات الانتحارية التي استهدفت سد مروي، أكبر السدود في شمال البلاد، وتسبب في اندلاع حريق بأحد المحولات الرئيسية للكهرباء؛ ما أدى إلى انقطاعها في عدد من الولايات. وقالت في بيان على موقع «فيسبوك» في إطار حملتها الممنهجة لاستهداف المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية: «حاولت (قوات الدعم السريع) استهداف كهرباء سد مروي بعدد من المسيَّرات الانتحارية». وأضافت أن «المضادات الأرضية تصدت للمسيَّرات، لكن هناك بعض الخسائر يجري إصلاحها». ووفقاً لمصادر محلية في مروي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، لم تقع أضرار أو إصابات وسط المدنيين.

والخميس الماضي، تعرضت قيادة الفرقة العسكرية في مروي لهجمات بالمسيَّرات تم إسقاطها دون وقوع خسائر في الأرواح. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أبطل الجيش السودان أكبر سلسلة من الهجمات بعدد 16 مسيَّرة مجهولة استهدفت مطار مروي الدولي، في حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.

وخلال الأشهر الماضية شهدت المناطق خارج نطاق القتال بين طرفي الصراع تزايداً في الهجمات بطائرات مسيَّرة استهدفت عدداً من المواقع العسكرية والمدنية، من بينها مدن شندي وعطبرة والقضارف في شرق السودان.

اتهامات بالانتهاكات

جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم ود مدني في 12 يناير 2025 (رويترز)

من جهة أخرى، اتهم تجمع مدني قوات «درع البطانة» الموالية للجيش السوداني، بتنفيذ حملة انتقامية على أسس عرقية ضد سكان مدنيين في شرق ولاية الجزيرة، أحرقت خلالها طفلين داخل منازلهما، وقتلت 6 أشخاص، واختطفت 13 امرأة ورجلاً إلى جهة مجهولة، متهمة إياهم بالتعاون مع «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على المنطقة. وتناقلت الوسائط مقاطع فيديو لانتهاكات مريعة نفذتها عناصر بثياب عسكرية، تنظيم حملات منسقة ضد مدنيين بعد استرداد الجيش مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة.

وقالت «مركزية مؤتمر الكنابي» في بيان صحافي، إن سكان «الكنابي» في مناطق شرق أم القرى تعرضوا لانتهاكات جسيمة، وواجهوا «ممارسات إجرامية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي».

و«الكمبو» كلمة محلية مشتقة من المفردة الإنجليزية (Camp)، وتعني «المعسكر»، وجمعها «كنابي». وسكان هذه الكنابي هم شريحة العمال الزراعيين الذين جاءوا من مناطق مختلفة من السودان، خصوصاً من الغرب، منذ أربعينات القرن الماضي للعمل في المشاريع الزراعية، واستوطنوا في تلك «الكنابي» وحوَّلوها قرى وتجمعات سكانية، وظلوا يواجهون التهميش. و«مركزية الكنابي» هي تجمع مهني يدافع عن حقوق هؤلاء السكان ومصالحهم.

وحذرت «مركزية الكنابي» مما أسمته «التحريض المستمر ضد سكان الكنابي»، مؤكدة أن السكان ظلوا على «الحياد الكامل في الحرب؛ حرصاً على سلامتهم، رغم أنهم ظلوا يتعرضون للانتهاكات منذ فجر التاريخ السوداني للانتهاكات».

وحمّل البيان الحكومة المسؤولية عن أمن وسلامة المواطنين وحمايتهم من الاعتداءات المتكررة، ودعا إلى إجراء تحقيق شفاف حول الانتهاكات، ومحاسبة المعتدين بمن فيهم قائد قوات «درع البطانة» أبو عاقلة كيكل، وإلى «وقف التحريض العرقي ومحاسبة مروجي خطاب الكراهية واستهداف فئة اجتماعية معينة».

«محامو الطوارئ»

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية -أ.ف.ب)

كما أدانت «محامو الطوارئ»، وهي هيئة حقوقية طوعية، التصفيات الميدانية لمدنيين بواسطة القوات المسلحة والميليشيات الحليفة لها، ووصفوا الاعتداءات على «كمبو طيبة» وشرق الجزيرة، بأن «يتخذ سياقاً عرقياً ومناطقياً يستهدف مكونات في ولاية الجزيرة بحجة التعاون مع (قوات الدعم السريع)».

ووفقاً للهيئة، فإن الانتهاكات تضمنت «القتل خارج نطاق القضاء، والتصفية، والاحتجاز غير المشروع، والخطف، والإذلال الجسدي والمعنوي، والتعذيب، والضرب الوحشي للمدنيين أثناء الاعتقال». كما أدانت الهيئة، في بيان، ما أسمته «انتهاكات القوات المسلحة في مدينة ود مدني»، واعتبرتها «جريمة حرب ارتُكبت في كمبو طيبة»، مستندة على مقاطع فيديو وصور بُثت على الوسائط الاجتماعية عقب استرداد المدينة، طالت مدنيين.

كما أدان «حزب المؤتمر السـوداني» ما أسماه «التحريض والاستهداف ضد سكان الكنابي»، مؤكداً أن المدنيين تعرَّضوا لعمليات استهداف بما يسمى «قانون الوجوه الغريبة»، متهماً الميليشيات المساندة للجيش بالولوغ في جرائم حرق واغتيال وتصفيات جسدية واختطاف النساء. وحذَّر الحزب من «انتشار خطابات التحريض ضد أهل الكنابي... من قِبل عناصر النظام البائد»، معتبراً انتهاكات الجزيرة «جرائم حرب، وجرائم تطهير عرقي»، تمت بتحريض من عناصر النظام البائد الذين اتهمهم ببث الفتنة وتأجيج الكراهية والعنصرية والقبلية، وإثارة الضغائن. وحمَّل الحزب «حكومة بورتسودان والقوات المسلحة» المسؤولية كاملة عن تلك الجرائم، ودعاها لحماية المدنيين، وتوعد بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم عاجلاً أو آجلاً بقوله: «مرتكبو هذه الجرائم وغيرها من الانتهاكات والجرائم... ستطولهم يد العدالة لا محالة».