«الإخوان» يحاول استعادة الظهور من بوابة الإنتاج الوثائقي

قدم فيلماً عن «أحداث رابعة» عشية ذكراها العاشرة

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «إخوان مصر» بتهمة «الانضمام لجماعة إرهابية» (أ.ف.ب)
جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «إخوان مصر» بتهمة «الانضمام لجماعة إرهابية» (أ.ف.ب)
TT

«الإخوان» يحاول استعادة الظهور من بوابة الإنتاج الوثائقي

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «إخوان مصر» بتهمة «الانضمام لجماعة إرهابية» (أ.ف.ب)
جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «إخوان مصر» بتهمة «الانضمام لجماعة إرهابية» (أ.ف.ب)

يحاول تنظيم «الإخوان» مجدداً استعادة الظهور من خلال إنتاج فيلم وثائقي عن «أحداث اعتصام رابعة» في مصر، تزامناً مع الذكرى العاشرة لفض اعتصام «الإخوان»، الذي جرى في 14 أغسطس (آب) عام 2013. ويهدف من وراء هذا الفيلم الترويج لـ«الرواية الإخوانية» بشأن أحداث الاعتصام.

الفيلم الوثائقي الجديد، الذي يُعرض حالياً في العاصمة البريطانية، أنتجته شركة، يُعتقد حسب تقارير إعلامية، أنها تابعة لـ«الإخوان»، وتقوم بتسويقه شركات أخرى بتمويل من «التنظيم الدولي للإخوان».

ونظمت الشركة المنتجة للفيلم قبل يومين ندوة في لندن، بمشاركة شخصيات سياسية وإعلامية بريطانية، وأدارها أسامة جاويش، المذيع بفضائيات إخوانية، منها «مكملين» و«الحوار» المملوكة لـ«الإخوان»، التي تبث حالياً من بريطانيا، كما يرأس تحرير منصة الشركة الإعلامية المنتجة للفيلم.

وحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن مساعي التنظيم لإحداث حراك بشأن الذكرى العاشرة لـ«اعتصام رابعة»، هو إحياء لفكرة «المظلومية» التي يسعى التنظيم لتكريسها، إضافة إلى «استخدام أدوات جديدة ذات تأثير على الأجيال الشابة، التي لم تعايش تلك الأحداث»، علاوة على «الحفاظ على مصادر التمويل، عبر تقديم أعمال تخدم الأهداف السياسية للتنظيم».

وتعود وقائع «اعتصام رابعة» إلى عام 2013، عقب عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، إثر مظاهرات شعبية حاشدة مناهضة لحكمه.

وفي مواجهة تلك الاحتجاجات الشعبية، التي انحازت لها القوات المسلحة المصرية، تجمع معتصمون تابعون لـ«الإخوان»، بتعليمات من قادة التنظيم، في ميداني «رابعة» بمدينة نصر (شرق القاهرة)، و«النهضة» بمحافظة الجيزة (بالقرب من جامعة القاهرة) للضغط لإعادة مرسي للحكم.

وحسب العديد من التقارير الحقوقية المصرية والعربية، من بينها تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، فقد استخدم عناصر من المعتصمين «أسلحة لمنع فض الاعتصام». وأدى تبادل إطلاق النار إلى «سقوط عشرات القتلى والمصابين، سواء من المعتصمين أو من قوات الأمن المصرية، التي تولت فض الاعتصام».

وفي نوفمبر (تشرين ثاني) 2020 قضت محكمة مصرية بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً على 59 متهماً من قيادات وعناصر «الإخوان»، بعد إدانتهم بـ«الاشتراك في تدبير تجمهر واعتصام (رابعة)، والسجن 5 سنوات لسبعة متهمين» في القضية المعروفة إعلامياً بـ«اعتصام رابعة». وفي يونيو (حزيران) 2021 قضت محكمة النقض المصرية، وفي حكم نهائي، بتأييد الحكم بـ«إعدام 12 من عناصر وقادة (الإخوان) في القضية».

وعدّ مختار نوح، المحلل السياسي المصري، أحد القيادات السابقة بتنظيم «الإخوان»، إنتاج التنظيم لفيلم وثائقي في الذكرى العاشرة لـ«اعتصام رابعة»، «نوعاً من الإفلاس»، مشيراً إلى أن التنظيم «لا يقدم حالياً سوى ما يعزز فكرة المظلومية، وما يبعث برسائل للمولين له أنه لا يزال على قيد الحياة».

وقال نوح لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «يمتلك قدرة تاريخية على اجتذاب التمويل الغربي»، موضحاً أن عناصر «الإخوان» نشطوا على مدى العقود الماضية في مؤسسات حقوقية «استخدمت كأدوات لابتزاز أنظمة سياسية عربية»، وأن العديد من عناصر التنظيم اتجهوا حالياً إلى تأسيس منصات إعلامية وإنتاجية «تنشط في تقديم أعمال ومحتوى يجتذب التمويل، ويخدم في الوقت ذاته أهداف التنظيم، من بينها تقديم الرواية الإخوانية للأحداث».

من جانبه، يعد محمود بسيوني، الباحث المتخصص في التنظيمات المتطرفة بمصر، وصاحب كتاب «شفرة المرشد»، الذي تناول الأدوات الحديثة التي يستخدمها تنظيم «الإخوان» في التأثير على الرأي العام العربي والدولي، أن إنتاج الأفلام الوثائقية عن أحداث مركزية في الرواية الإخوانية «ليس بالأمر الجديد»، مشدداً على محورية أحداث «اعتصام رابعة» في بناء فكرة «المظلومية»، التي يروج لها «الإخوان» دائماً.

وقال بسيوني لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك حالياً تياراً يصفه بأنه «شديد الخطورة» في التنظيم، تغلب عليه العناصر الشابة التي تجيد استخدام التكنولوجيا، وتوظيف أدوات التأثير الجديدة، مثل إنتاج المحتوى المرئي وترويجه على منصات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن فهمها لآليات عمل المنظمات الحقوقية والإعلامية الدولية، وإتقانها لغات أجنبية وحملها جنسيات غير عربية، وهو ما يمكنها من التواصل بسهولة مع تلك المؤسسات، وترويج الرواية «الإخوانية» بشأن العديد من الأحداث.

ويؤكد الباحث المتخصص في التنظيمات المتطرفة أن التيار الجديد من عناصر «الإخوان» يحاول استهداف «الجيل زد» (مواليد ما بين عامي 1996 و2013)، باستخدام محتوى جاذب، مثل الأفلام الوثائقية التي تحظى بمصداقية لدى هذا الجيل، الذي يقول إنه «لا يقبل على القراءة، ولا يميل إلى الاطلاع على تقارير متعمقة»، وهو ما يجعل، حسبه، ترويج الرواية الإخوانية لاعتصام رابعة، الذي يصفه بـ«المسلح»، عبر محتوى مرئي، «أكثر انتشاراً في أوساط هذا الجيل»، لافتاً في هذا الصدد إلى حرص «الإخوان» على تقديم تلك الأعمال عبر شركات ومنصات «تزعم الحيادية، وعدم التبعية الرسمية للتنظيم، ما يجعلها أكثر قبولاً لدى قطاعات أوسع من الجمهور».


مقالات ذات صلة

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

أكد عبد العاطي «أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الكونغو وزيادة حجم التبادل التجاري بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض.

يسرا سلامة (القاهرة)
تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)

تحليل إخباري القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى لبنان هدفها اقتصادي، لكنها تحمل هدفاً استراتيجياً وسياسياً يتعلق بدعم لبنان.

هشام المياني (القاهرة )
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

تمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحدة السودان، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية».

أحمد جمال (القاهرة )
تحليل إخباري محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية) play-circle

تحليل إخباري ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

أصدرت الرئاسة المصرية عقب زيارة البرهان للقاهرة بياناً تضمن خطوطاً حمراء للحرب في السودان، تنطلق من وحدة السودان ومؤسساته، ولوّحت بالدفاع المشترك لدعمه.

وجدان طلحة (بورتسودان)

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)

ضمن مساعٍ مصرية لتعزيز تعاونها الأفريقي، شددت مصر والكونغو على «تعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية». كما أكدت القاهرة وبرازافيل «استمرار التنسيق والتشاور إزاء القضايا الإقليمية والدولية».

جاء ذلك خلال محادثات وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع وزير خارجية جمهورية الكونغو، جون كلود جاكوسو، تناولت «سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب التنسيق والتشاور حول القضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أكد عبد العاطي «أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الكونغو وزيادة حجم التبادل التجاري بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة»، مشدداً على «مواصلة تطوير التعاون في مختلف المجالات، ولا سيما في مجال التدريب وبناء القدرات».

وأشار إلى «حرص مصر على دعم التعاون الاقتصادي مع جمهورية الكونغو، خصوصاً في مجالات الاستثمار والتجارة»، لافتاً إلى اهتمام الشركات المصرية ذات الخبرات الكبيرة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والنقل والتشييد بالمشاركة في المشروعات التنموية، مجدداً التأكيد على أهمية تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار وتذليل العقبات أمام حركة التبادل التجاري.

وتوافقت مصر والكونغو على «تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية»، وذلك خلال زيارة عبد العاطي إلى الكونغو ولقاء الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نجيسو، في مارس (آذار) الماضي.

الرئيس الكونغولي خلال استقبال وزير الخارجية المصري في الكونغو مارس الماضي (الخارجية المصرية)

وقدّم عبد العاطي حينها رسالة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى نظيره الكونغولي تناولت «التطورات الإيجابية التي تشهدها علاقات البلدين»، إلى جانب التأكيد على «اتخاذ مزيد من الخطوات لدفع مجالات التعاون الثنائي».

كما توافقت رؤى مصر والكونغو حينها في العديد من ملفات الأوضاع الإقليمية، لا سيما التطورات في مناطق «البحيرات العظمى والساحل والقرن الأفريقي»، وتوافق البلدان أيضاً على ضرورة «الحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان والصومال».

وفيما يتعلق بالتعاون الإقليمي ومتعدد الأطراف، أكد وزير الخارجية المصري، السبت، أهمية التنسيق والتشاور المشترك إزاء مختلف القضايا الأفريقية، ولا سيما ما يتعلق بملف الإصلاح المؤسسي لأجهزة الاتحاد الأفريقي، باعتباره ركيزة أساسية لتطوير كفاءة عمل تلك الأجهزة وتمكينها من الاضطلاع بمهامها على النحو الأمثل، مع التأكيد على «ضرورة أن تتم عملية الإصلاح بصورة منهجية وتدريجية وواضحة، وعلى أساس من الشمولية ومشاركة جميع الدول الأعضاء في مسار الإصلاح».

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الكونغولي في القاهرة السبت لبحث تعزيز التعاون الثنائي (الخارجية المصرية)

وحسب «الخارجية المصرية»، السبت، شهد لقاء الوزير عبد العاطي ونظيره الكونغولي تبادلاً للرؤى حول أبرز القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأوضاع في منطقتي الساحل والبحيرات العظمى، حيث أكد الجانبان «التزامهما بمواصلة التنسيق والتشاور إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون في مجالات التنمية والأمن، بما يدعم جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة».

وكانت القاهرة وبرازافيل قد توافقتا خلال محادثات الرئيس الكونغولي مع وزير الخارجية المصري في مارس الماضي على أهمية «تعزيز التعاون في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والتنموية»، وأشارت وزارة الخارجية المصرية حينها إلى «تطلع الشركات المصرية لزيادة استثماراتها بالسوق الكونغولية في مجالات البنية التحتية والطاقة والموارد المائية والزراعة والدواء».


تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
TT

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين في هذا البلد بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

وأشارت تيتيه خلال تقديم إحاطتها، أمس، أمام أعضاء مجلس الأمن، إلى أنَّ الجهود مع الجهات الليبية المعنية بخصوص تنفيذ «خريطة الطريق» تمثل «تحدياً كبيراً»، لا سيما لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات. كما أكدت أنَّ الجهود المتواصلة مع لجنتَي المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «لم تُفضِ حتى الآن إلى إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات». ورأت تيتيه أنَّ «التأخيرات دليل على انعدام الثقة بين المؤسستين».


سودانيون يحيون ذكرى 19 ديسمبر ويطالبون بوقف الحرب

حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

سودانيون يحيون ذكرى 19 ديسمبر ويطالبون بوقف الحرب

حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

أحيا مدنيون سودانيون ذكرى ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أسقطت نظام التيار الإسلامي، بوقفات احتجاجية في عدد من مدن البلاد، وإسفيرية (عبر الفضاء الإلكتروني/ الإنترنت)، طالبوا خلالها بوقف الحرب وعودة الحكم المدني، وفي غضون ذلك، أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على بلدة «برنو» القريبة من مدينة «كادوقلي» عاصمة ولاية جنوب كردفان، وعززت انتشارها في المنطقة التي كان الجيش قد استعاد سيطرته عليها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي وقت تضيق فيه الحرب المجال العام، أحيا ناشطون سودانيون ذكرى انطلاق ثورة ديسمبر، بدعوات لمواكب ووقفات احتجاجية، و«تظاهرات إسفيرية» على منصات التواصل، جددوا خلالها دعوتهم لوقف الحرب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي. وعلى الأرض، تداول ناشطون وتنسيقيات مرتبطة بـ«لجان المقاومة» منشورات تعبئة وتوثيق رمزي للذكرى.

بوستر نشر على موقع «فيسبوك» احتفالاً بذكرى ثورة 19 ديسمبر

وفي مدينة أم درمان، فرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع مئات الشباب الذين تجمعوا في بعض ميادين المدينة، وهتفوا بشعارات ديسمبر «حرية وسلام وعدالة»، و«العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، وطالبوا بوقف الحرب وعودة الحكم المدني.

وقال شاهد تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن العشرات من لجان المقاومة تجمعوا في «ميدان الخليفة» بوسط أم درمان، وهتفوا بشعار الثورة «سلمية... سلمية... حرية وسلام وعدالة... الثورة خيار الشعب»، وطالبوا بوقف الحرب وعودة الحكم المدني، وإن الشرطة تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع والهراوات، فيما طاردت الشرطة مجموعات أخرى بساحة «الأزهري» قرب جسر شمبات.

تظاهرات في بورتسودان

وفي بورتسودان خرج العشرات من المحتجين ورفعوا لافتات طالبوا فيها بوقف الحرب، فيما ألقت الشرطة القبض على عدد من المحتجين في ولاية القضارف طالبوا بوقف الحرب. وبالتوازي مع ذلك، حضرت الذكرى على الإنترنت، وروجت مجموعات وصفحات متعددة لـ«تظاهرة إسفيرية»، وسط دعوات للنشر بالوسوم والشعارات، تؤكد أن الحرب استهدفت مكتسبات الثورة، واعتبرت إحياء ذكراها، تجديداً للتمسك بخيار الدولة المدنية وعودة العسكر للثكنات.

واعتبرت الاحتجاجات تحدياً لحملات القمع والتخوين التي يشنها أنصار النظام السابق والإسلاميون، وقال نشطاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الوقفات الاحتجاجية المحدودة التي خرجت في بعض أنحاء البلاد، تعتبر تحدياً مباشراً لمناخ القمع والترهيب الذي يستهدف الرافضين للحرب والأصوات المدنية، وحملات التخوين والتنمر، والاتهامات بالتعاون مع «قوات الدعم السريع».

نموذج للدعوات للتظاهر والاحتجاج لإحياء ذكرى 19 ديسمبر

ويوافق يوم 19 ديسمبر تاريخ انطلاق موجة احتجاجات ديسمبر التي بدأت في 19 ديسمبر 2018 بمدينة عطبرة باحتجاجات طلابية على الغلاء وارتفاع أسعار الخبز، ثم تحولت لثورة شاملة في أنحاء البلاد كافة، انتهت بسقوط نظام عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، وأصبحت بعد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ذكرى سنوية تستحضر مطالب السودانيين: «حرية، وسلام، وعدالة، الثورة خيار الشعب».

معارك كردفان

قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن قواتها حققت الجمعة، انتصارات ميدانية مهمة، في بلدة «برنو» التابعة لمحلية الريف الشمالي الشرقي بولاية جنوب كردفان، بعد معارك شرسة. وأوضحت أن الجيش هاجم مواقعها القريبة من بلدة «برنو» بالمدفعية الثقيلة والمدرعات، فتصدت له قواتها المرابطة قريباً من البلدة، وألحقت به هزيمة كبيرة، وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ثم تقدمت وبسطت سيطرتها الكاملة على المنطقة ودخلت وسط «برنو»، وارتكزت في محيطها، معززة انتشارها وتأمين مواقعها الحيوية.

وتقع منطقة «برنو» بولاية جنوب كردفان السودانية، وهي منطقة زراعية مهمة تبعد عن عاصمة الولاية بنحو 30 كيلومتراً، وكان الجيش قد سيطر على البلدة بعد اشتباكات عنيفة مع «قوات الدعم السريع» وحليفته الحركة الشعبية - الشمال، 17 نوفمبر الماضي.

حصار مدن كردفان

وتحاصر «قوات الدعم السريع» وحليفتها الحركة الشعبية لتحرير السودان تيار عبد العزيز الحلو، معظم مدن ولاية جنوب كردفان المهمة، بما فيها العاصمة «كادوقلي» والمدينة الثانية في الولاية «الدلنج»، فيما تسيطر الحركة الشعبية على منطقة «كاودا» جنوب شرقي العاصمة كادوقلي، وتبعد عنها بنحو 96 كيلومتراً في جهة الجنوب الشرقي.

ومنذ استيلاء «قوات الدعم السريع» على الفرقة 22 بابنوسة (ولاية غرب كردفان)، كثفت «قوات الدعم السريع» حصارها على ولاية جنوب كردفان، ودأبت على قصف مدنها الرئيسية المحاصرة، بالمدفعية الثقيلة والمسيّرات، خاصة مدينتي كادوقلي والدلنج، ويرد الجيش هو الآخر بقصف مدفعي وقصف المسيّرات على تمركزات «قوات الدعم السريع».

وخلال هذا الأسبوع، واصلت «قوات الدعم السريع» شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على عدة مدن وبلدات في ولايتي شمال وجنوب كردفان، خاصة مدن كادوقلي والدلنج والأبيض، لقي خلالها العشرات مصرعهم، من بينهم 6 من جنود قوات الأمم المتحدة في بعثة حفظ السلام «يونيسفا». وقصفت مسيّرات «الدعم السريع»، الخميس، مدينة «عطبرة» بشمال السودان، بأعداد كبيرة من المسيّرات الانتحارية، أودت بحياة خمسة أشخاص على الأقل، واستهدفت محطة الكهرباء بالمدينة، ما أدى لانقطاع التيار من عدد من ولايات البلاد.