تسود الساحة الليبية حالة من الضبابية والترقب، لما ستسفر عنه الأيام المقبلة. فاللجنة المشتركة «6+6» توافقت خلال اجتماعاتها بالمغرب على قانونَي الانتخابات، لكن من دون التوقيع عليهما حتى الآن، من قِبل رئيسي مجلسَي النواب و«الدولة» عقيلة صالح وخالد المشري.
إزاء ذلك، يتوقع سياسيون ونشطاء ليبيون، سيناريوهات عدة، قد تشهدها البلاد، وسط تحذيرات من تأخر الموافقة على مخرجات هذه الاجتماعات.
بداية، رجّح البعض استجابة مجلس النواب لدعوة اللجنة بإصدار ما توصلت إليه من دون تعديل، بما يستوجب على الأطراف كافة بما فيها البعثة الأممية برئاسة عبد الله باتيلي، الالتزام بذلك، في حين رأى آخرون، أن البعثة ستضطلع بمفردها بمهمة إطلاق مشاورات حول القوانين المطلوبة، وهو المسار الذي يحذر البعض من أنه، قد ينتهي بإجراء انتخابات برلمانية فقط.
![جانب من الاجتماعات السابقة للجنة الليبية المشتركة (6+6) في المغرب (أ.ف.ب)](https://static.srpcdigital.com/2023-06/210975.jpeg)
وقال عضو مجلس النواب الليبي، سالم قنيدي، إن «كل الاحتماليات قائمة، ما بين شروع باتيلي، في إطلاق مشاورات موسعة مع الأطراف الليبية، عبر تدشين آليته التي وصفها باللجنة الرفيعة المستوى، أو أن البرلمان يبدأ في مناقشة مخرجات لجنة (6+6)».
ورفض قنيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما أوردته اللجنة، بأن ما توصلت إليه من مشاريع قوانين «هو عمل نهائي وملزم لمجلس النواب لإصداره دون تعديل»، وقال: «لا يوجد شيء ملزم، وإذا تحدثنا عن الالتزام، فالأولى أن يتم طرح مشروع الدستور الليبي الذي تم التوصل إليه عام 2017 للاستفتاء، بخاصة وأنه تم وضعه من قِبل هيئة منتخبة من الليبيين، وليس لجنة اختير أعضاؤها مناصفة بين مجلسَي النواب والدولة».
وأشار إلى وجود قائمة تضم أكثر من 60 برلمانياً أعلنوا مبكراً رفضهم مخرجات تلك اللجنة.
أما توفيق الشهيبي، رئيس الهيئة العليا لحزب «تحالف القوى الوطنية»، فحذر من أن «أي تأخر في إصدار هذه القوانين بعد بيان اللجنة، قد يؤدي فعلياً إلى تجاوز دور المجلسين بالعملية الانتخابية إلى غير رجعة»، لافتاً إلى تعرض صالح والمشري، لضغوط طيلة فترة اجتماعات اللجنة في المغرب، دفعتهما بالنهاية «للتغيب عن جلستها الختامية وعدم التوقيع على الاتفاق النهائي للقوانين».
![عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (رويترز)](https://static.srpcdigital.com/2023-06/210996.jpeg)
ورأى الشهيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المبعوث الأممي، ربما يعدّ التأخر في إصدار القوانين، خاصة إذا وصلنا لموعد منتصف يونيو (حزيران) الحالي، «فرصة ثمينة، ولن يتردد في اقتناصها وإعلان تشكيل لجنة أو آلية بالتعاون مع بعض المؤسسات الليبية، للاضطلاع بإطلاق المشاورات حول القوانين الانتخابية وبهذا يتم تجاوز دور المجلسين».
وكانت البعثة قالت عقب الإعلان عن مخرجات اللجنة، إنها ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، بما في ذلك المجلس الرئاسي، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة لمعالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وتأمين الاتفاق السياسي اللازم لوضع البلاد على طريق الانتخابات، وتوفير بيئة متكافئة للتنافس الانتخابي بين جميع المترشحين.
ويرى الشهيبي، أن حرص اللجنة، والمجلسين، على «ربط إنجاز القوانين الانتخابية بتشكيل حكومة جديدة بالبلاد، أفقد مخرجات اجتماعات المغرب الكثير من الدعم من قِبل دول معنية بالأزمة الليبية».
وانتهى، إلى أنه حتى لو استطاع مجلسَي النواب و«الدولة» التوافق - ربما عبر إمكانية إقناع أعضاء اللجنة بالعودة لتعديل بعض النقاط بقانون انتخاب -، «فإن هذا لن يمثل نهاية مسلسل أزمات القوانين الانتخابية في ليبيا».
![خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المكتب الإعلامي للمجلس)](https://static.srpcdigital.com/2023-06/210990.jpeg)
وتوقع الشهيبي، رفض عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، مجدداً، مغادرة موقعه وتسليم السلطة. ووفقاً لوجهة نظر البعض؛ فقد تطالب القيادة العامة للجيش الوطني بشروط أفضل بشأن الترشح للرئاسة.
كما أشار إلى «تخوف ورفض بعض القوى المسلحة، بل وبعض النواب وأعضاء بالأعلى للدولة، من حدوث التغيير عبر الانتخابات؛ كونه لا يصبّ في صالحهم».
من جانبه، عبّر الناشط السياسي، حسام القماطي، عن قناعته بأن البعثة، ومن يدعمها من الدول الغربية، «عازمة على إطلاق مشاورات موسعة مع القوى والمؤسسات الليبية، تستهدف ظاهرياً معالجة أي اعتراضات أو ملاحظات لم تتضمنها مشاريع القوانين التي أعدتها لجنة (6+6)».
ويعتقد القماطي، أن تلك المشاورات، التي يتوقع أن تستغرق الكثير من الوقت إذا ما أجريت، «لن تخرج عن استبعاد خيار إجراء الانتخابات الرئاسية لاستحالة التوافق حول شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، والاكتفاء بالبرلمانية في الوقت الراهن، ويتم بهذا ترسيخ بقاء حكومة الدبيبة، عبر تفاهمات يمكن للأخير عقدها مع النواب الجدد».
![المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية الليبية للانتخابات (البعثة)](https://static.srpcdigital.com/2023-06/210997.jpeg)
ويلفت القماطي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نجاح الدبيبة، في ضم كل التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية للجهاز الوطني للقوى المساندة، الذي أعلن أخيراً عن تشكيله، سيعزز كثيراً من موقفه التفاوضي مع قائد الجيش الوطني، خليفة حفتر، إذا صدقت الأنباء الواردة عن وجود صفقة لتقاسم السلطة بينهما؛ نظراً لتوافر قوة مسلحة حينذاك تحت سلطته إلى جوار سيطرته على خزينة الدولة».