«الطوفان»... بدأ بـ70 من «نخبة النخبة» و5 مسؤولين خططوا له

«الشرق الأوسط» تكشف عن تفاصيل هجوم 7 أكتوبر

فلسطينيون في خان يونس أعلى مركبة عسكرية إسرائيلية تم الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» (د.ب.أ)
فلسطينيون في خان يونس أعلى مركبة عسكرية إسرائيلية تم الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» (د.ب.أ)
TT

«الطوفان»... بدأ بـ70 من «نخبة النخبة» و5 مسؤولين خططوا له

فلسطينيون في خان يونس أعلى مركبة عسكرية إسرائيلية تم الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» (د.ب.أ)
فلسطينيون في خان يونس أعلى مركبة عسكرية إسرائيلية تم الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» (د.ب.أ)

كشفت مصادر فلسطينية قريبة من قيادة «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، عن تفاصيل جديدة عن هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي غيّر وجه المنطقة، وطوى حقبة وفتح حقبة أخرى على احتمالات لا تنتهي.

وأدى الهجوم المفاجئ الذي شنته «حماس» إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي واختطاف أكثر من 200 آخرين في مستوطنات وكيبوتزات ومواقع عسكرية في منطقة غلاف غزة. في المقابل، تقول إسرائيل إنها قتلت كثيراً من منفذي عملية «الطوفان» (ما لا يقل عن 1500 عنصر من «حماس»). وإضافة إلى هؤلاء، قتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في حربها الانتقامية المتواصلة على قطاع غزة.

تقول المصادر الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن «الطوفان» بدأ بـ70 مقاتلاً فقط نفذوا هجوماً مباغتاً انطلاقاً من عدة مناطق على طول حدود القطاع من شماله إلى جنوبه. وهؤلاء هم الذين تجاوزوا العائق الحدودي الإسرائيلي في اللحظات الأولى عبر تفجير عبوات ناسفة أعدت خصيصاً لتفجير فتحات في جدار سميك بعد تحديد نقاط الضعف فيه، وعبر استخدام طائرات شراعية ومظلات أسقطت مقاتلين وراء المواقع الإسرائيلية وفوقها وحولها.

دبابة ميركافا إسرائيلية قرب الحاجز الفاصل بين جنوب إسرائيل وقطاع غزة... حركة «حماس» اخترقت السياج خلال عملية «طوفان الأقصى» (رويترز)

وقالت المصادر إن هؤلاء تم اختيارهم من مختلف مناطق القطاع من بين مئات من عناصر «وحدة النخبة»، وقد تلقوا تدريبات مكثفة على مدار سنوات، وكانت تجري اختبارات خاصة لهم كل فترة لتحديد قدراتهم وتطوير مهاراتهم القتالية.

وأكدت المصادر أن خطة اقتحام مستوطنات غلاف غزة ليست بجديدة، بل تم التفكير فيها وبدء الإعداد لها قبل حرب عام 2014. وعندما اندلعت تلك الحرب تم تجميد الخطة، قبل أن تتجدد المساعي بعد عام. وما إن وقعت معركة «سيف القدس» عام 2021، حتى تقرر في الجناح العسكري لـ«حماس» الاستعداد لها وتنفيذها حين تحين الظروف.

بعد قليل من بدء تدريبات غير معروفة السبب بالنسبة للمشاركين فيها، أدى عناصر النخبة الأكثر تميزاً والذين تم اختيارهم للعملية، قسَماً خاصاً أمام قادتهم على عدم إفشاء أي سر عن تدريباتهم، وعدم الحديث عن أي خطط تتعلق بتلك التدريبات، وذلك على الرغم من أن هؤلاء العناصر لم يكونوا على علم بوجود مخطط واضح وقريب لتنفيذ أي هجوم، وإنما تلقّوا فقط تدريبات خاصة حول اقتحام المستوطنات.

جانب من احتجاج نظمه ذوو إسرائيليين خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي (رويترز)

وأكدت المصادر أن العديد من قادة الكتائب في مناطق قطاع غزة، لم يكونوا على علم بأي تفاصيل، أو حتى على علم بوجود نيات عن هجوم قريب، بينما اطلع بعضهم على معلومات محدودة تتعلق بمهامهم.

وقالت المصادر إن ذلك كان جزءاً من خطة أمنية تم وضعها لمنع تسريب أي معلومات قد تصل إلى المخابرات الإسرائيلية التي اعترفت لاحقاً بفشلها في منع وقوع ما حصل في السابع من أكتوبر.

أما قرار تنفيذ الهجوم وتوقيته، بحسب ما تقول المصادر ذاتها، فقد اتخذ من قبل 5 أشخاص فقط، هم: قائد حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار، وقائد «كتائب القسّام» محمد الضيف، وأحد أهم مساعديه وأبرز المطلوبين لإسرائيل، محمد السنوار (شقيق يحيى)، والقيادي في الحركة روحي مشتهى، وهو المقرب من السنوار، إلى جانب أيمن نوفل أحد المقربين من الضيف والمسؤول السابق عن «استخبارات القسّام» وقائد «لواء الوسطى» في الكتائب والمسؤول عن غرفة العمليات المشتركة للمقاومة، واغتالته إسرائيل خلال الحرب الحالية.

قيادي «حماس» يحيى السنوار الذي يُعتقد أنه وراء عملية «طوفان الأقصى» (رويترز)

وتابعت المصادر أن المسؤولين عن التحضير للعملية أعلموا لاحقاً قادة ألوية «كتائب القسّام» بالتجهيزات التي تم وضعها وبمخطط الهجوم ولكن ليس توقيته، وتم إخطارهم قبل 3 أيام بالاستعداد النهائي، ثم اجتمعوا مع قادة كتائب المناطق وأعطوا كل قيادي مهام محددة من دون تحديد «نقطة الصفر». وقام قادة الكتائب بدورهم في تجهيز قواتهم المختارة للمهمة، فيما تلقى أيمن صيام، قائد الوحدة الصاروخية على مستوى قطاع غزة (اغتيل أيضاً خلال هذه الحرب)، تعليمات خاصة بالتجهز لإطلاق مئات الصواريخ تزامناً مع بدء الهجوم.

وشرحت المصادر كيف تم تحديد يوم السابع من أكتوبر، إثر تقارير ميدانية من وحدات الرصد أكدت وجود حالة سكون تام على الحدود، ثم قرر المسؤولون الخمسة، يوم الجمعة، أن أنسب وقت هو صباح يوم السبت (العطلة الرسمية في إسرائيل)، وانتظروا دخول منتصف الليل (عشية يوم السابع من أكتوبر) وأعطوا الأمر بالتجهز، فتلقى القادة الميدانيون ومقاتلو «قوات النخبة» التعليمات وبدأوا بالتحرك حتى ساعات الفجر، ثم انطلقت العملية.

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي في 17 ديسمبر الماضي لمحمد السنوار، شقيق يحيى، في سيارة داخل أحد أنفاق «حماس» قرب معبر إيرز شمال قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وطال غطاء السريّة التي عمل بها مسؤولو «القسام» المسؤولين السياسيين في «حماس»، كما يبدو. فقد قالت المصادر ذاتها إن قادة «حماس» في داخل القطاع وخارجه تلقوا إحاطة قبل ساعات من العملية، وطُلب منهم الاختفاء الكامل، وفق الخطوات الأمنية المتبعة عند الطوارئ.

وأضافت المصادر أن قادة الحركة الكبار وبينهم رئيسها إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، أحيطوا علماً بوجود خطة لهجوم استثنائي، ولكن من دون تفاصيل دقيقة أو موعد ذلك، وعلموا بالتوقيت قبل ساعات قليلة ومحدودة، مثل البقية.

وشددت على أن هدف الخطة الأساسي كان تنفيذ «هجوم نوعي كبير» وأسر مجموعة من الجنود الإسرائيليين، ولكن حدثت مفاجآت جعلت الهجوم أوسع. وقالت إن المقاتلين فوجئوا بسهولة سقوط خطوط دفاع القوات الإسرائيلية، ما أدى إلى قتل وإصابة وأسر عدد كبير من الجنود فوراً. وبعد مرور ساعة ونصف على الهجوم الأوّلي، تقرر استنفار بقية أفراد «وحدات النخبة» في «القسّام» ووصلت رسائل لهم بالتجمع في نقاط مختلفة، والانطلاق كقوات إسناد للعناصر الموجودة داخل مستوطنات الغلاف. وفي وقت لاحق، أبلغ منسق الأجنحة العسكرية في «كتائب القسام» بقية الأجنحة المسلحة للفصائل بإمكانية مشاركتها في العملية، وحدد لكل فصيل مهام معينة، ثم توسع الهجوم ونجح المئات من المسلحين والمواطنين، وحتى الصحافيين، بالدخول إلى مستوطنات الغلاف بعد انهيار القوات الإسرائيلية.

وأكدت المصادر أنه بعد أسر عشرات الإسرائيليين ووسط فوضى كبيرة، طلبت قيادة «القسّام» من المقاتلين في المستوطنات إشغال القوات الإسرائيلية قدر الإمكان، مستغلة ذلك للتركيز على عملية جمع المختطفين وإخفائهم.

أحد مؤيدي «حماس» يضع قناعاً عليه صورة أبو عبيدة الناطق باسم «كتائب القسام» (إ.ب.أ)

ونجحت «حماس» وفصائل فلسطينية وجماعات وعائلات في نقل نحو 240 مختطفاً إسرائيلياً وغير إسرائيلي (مثل العمال التايلانديين) إلى داخل قطاع غزة. وتبقى منهم الآن نحو 136 بعد إجراء عمليات تبادل أسرى ومحتجزين في وقت سابق. كما عثر الجيش الإسرائيلي على جثث بعض المخطوفين ونقلهم إلى داخل إسرائيل خلال العمليات البرية الجارية في القطاع.


مقالات ذات صلة

«أوراق بالية وضرائب على التدخين»... كيف تدفع «حماس» رواتب عناصرها؟

خاص فلسطينيون يتسوقون وسط الدمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة فبراير الماضي (د.ب.أ)

«أوراق بالية وضرائب على التدخين»... كيف تدفع «حماس» رواتب عناصرها؟

بعد أكثر من شهرين على بدء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل و«حماس»، استعادت الحركة سيطرتها النسبية في بعض المناطق، لكن كيف تعالج الأزمات الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

«لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام»

ناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير العدل ياريف ليفين، إمكانية إنشاء محكمة عسكرية مخصصة لمحاكمة عناصر وحدة «النخبة» التابعة لـ«كتائب القسام».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من تشييع رائد سعد في قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ) play-circle

«حماس» تعتبر اغتيال رائد سعد تهديداً لوقف النار مع إسرائيل

قال خليل الحية رئيس حركة «حماس» في غزة إن اغتيال إسرائيل للقيادي العسكري رائد سعد يهدد «بقاء الاتفاق (وقف إطلاق النار) صامداً» في القطاع.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

«حماس» تؤكد مقتل القيادي البارز رائد سعد في غارة إسرائيلية

 أكد خليل الحية رئيس حركة (حماس) في قطاع غزة اليوم الأحد مقتل القيادي البارز رائد سعد خلال غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي القيادي في حركة «حماس» رائد سعد (وسائل التواصل الاجتماعي) play-circle

من هو رائد سعد قيادي «القسام» الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟

بعد ملاحقة استمرت عقوداً، أعلنت إسرائيل اليوم (السبت)، اغتيال رائد سعد القيادي البارز في حركة "حماس" الفلسطينية في قصف على مدينة غزة. فمن هو؟

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

يسعى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى إقرار مشروع قانون يضع آلية للتعامل مع الودائع المصرفية العالقة منذ عام 2019، المعروف بقانون «الفجوة المالية»، تقوم على صرف الودائع التي تقل قيمتها عن 100 ألف دولار، بالكامل، مقسطة على أربع سنوات، أما المبالغ التي تتخطى هذا الرقم، فسيتم صرفها على شكل سندات دين مالية مؤجلة إلى 15 عاماً، وتلتزم الحكومة خلال هذه الفترة بصرف 2 في المائة منها سنوياً نقداً، حسبما قال مصدر حكومي بارز لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت مصادر حكومية لبنانية أن سلام يأمل بإقرار المشروع الأسبوع المقبل قبل دخول البلاد في عطلة نهاية العام، بعدما تم تأمين التوافق السياسي بالخطوط العريضة عليها، وتذليل بعض الاعتراضات من داخل «البيت الحكومي»؛ ليتمكن فريق عمل الدولة من الدفاع عن هذه الخطة في مجلس النواب كما في مواجهة المعترضين من المصرفيين وبعض أصحاب الودائع. ورغم أن الخطة «ليست مثالية» من وجهة نظر سلام وغيره من المسؤولين، فإنها تعدّ «أفضل الممكن»، خصوصاً أن سلام يرى - حسبما نقلت المصادر عنه - أن كل يوم تأخير يفاقم الأزمة أكثر. وأن هذا القانون لو صدر مع بدايات الأزمة في عام 2019 لكانت الأمور أفضل بكثير من اليوم.

واطلعت «الشرق الأوسط» على الخطة المعروفة باسم «مشروع قانون الفجوة المالية» التي وُزّعت على الوزراء بعد ظهر الجمعة. وأنجزت الحكومة مشروع القانون الذي يفترض أن يحدد نسب الخسائر الناتجة من الأزمة وتوزيعها بين الدولة اللبنانية، والمصرف المركزي، والمصارف التجارية، والمودعين، ويتوقع أن يقرّ مشروع القانون تمهيداً لإحالته إلى البرلمان لدراسته وإقراره، كجزء أساسي من الإصلاحات المالية المطلوبة من «صندوق النقد الدولي».

ويؤكد المصدر أنه «كل يوم يتم تأخير إقرار القانون ستتآكل الودائع أكثر»، متعهداً بـ«محاسبة المسؤولين عن منع اللبنانيين من سحب ودائعهم وإغرائهم برفع الفوائد في مقابل تحويلهم لأموالهم الشخصية». وأوضح أنّ «هذا الملف لم يعد يحتمل التأجيل؛ لأننا كلما أرجأنا القرار، نكون عملياً نفاقم حجم الفجوة بدل أن نحدّ منها».

تلازم السلاح والإصلاحات المالية

وتمضي الحكومة بالإصلاحات المالية إلى جانب تطبيق حصرية السلاح، ويقول المصدر إن «السلاح والإصلاحات يرتبطان ببعضهما بعضاً»، مضيفاً: «اتخذنا قرارنا بحصر السلاح، ومستعدون لتوفير الإنماء والأمن، وهذا ما ستقدمه الدولة اللبنانية». ويتابع: «لا يمكن انتظار السياسة الإقليمية وتطوراتها لحل مشكلاتنا الداخلية، الأساس هو تطبيق الدستور و(الطائف)، ونحن رؤيتنا واضحة، لا بد من معرفة رؤية (حزب الله) لمرحلة ما بعد السلاح وكيفية الدخول في مشروع الدولة والبناء».

وتنظر الحكومة إلى «قانون الفجوة المالية»، على أنه «المدخل الأساسي للحفاظ على ودائع الناس»، وتشدد على وجوب «إنجازه سريعاً مع توفير أفضل الظروف لإعادة أموال الودائع». ويقول المصدر: «هناك جزء من المودعين الكبار يجب أن يتحملوا مسؤولية لأنهم لم يكونوا بريئين عن الكثير من التجاوزات والمخالفات»، أما المبدأ الحكومي الثالث، فهو «مسؤولية الدولة التي ستتحملها».

آلية صرف الودائع

وتقوم المقاربة على مجموعة مبادئ أساسية، «سواء اتفقنا عليها من أول مرة أو احتاج النقاش إلى وقت أطول، فهي تبقى الأساس في التطبيق، ونعمل ضمن الإمكانات المتوافرة»، حسبما يقول، مضيفاً: «هذه المبادئ ليست شعارات، بل قواعد تنفيذية، وأي حل لا ينطلق منها لا يمكن أن يكون عادلاً أو قابلاً للاستمرار». ويوضح أنّ «إعادة الودائع دفعة واحدة غير ممكنة بسبب حجم الفجوة».

ويشرح المصدر الخطة، قائلاً إنه جرى تقسيم الودائع وفق تصنيفين، الأول تحت الـ100 ألف دولار، والآخر هو المبلغ الأعلى من هذا السقف، مشيراً إلى أن صرف الودائع سيتم بالتقسيط على أربع سنوات؛ وذلك انطلاقاً من أنّ «صغار المودعين هم فعلياً الناس الذين تضرروا أكثر من غيرهم»، وأنهم «ليسوا أصحاب هندسات مالية، ولا أصحاب فوائد مفرطة، بل أموالهم هي تعب عمر، ولا يجوز المسّ بها».

ويقول: «المعيار هو المودع الواحد، وليس عدد الحسابات». ويشرح: «إذا كان لدى شخص حساب بقيمة 40 ألف دولار في مصرف، وحساب آخر بقيمة 40 ألف دولار في مصرف آخر، فهذان الحسابان يُجمعان ويُحتسبان وديعةً واحدة بقيمة 80 ألف دولار». وأكد أنّ «هذا المبدأ أساسي لمنع التحايل ولتحقيق العدالة بين المودعين».

أشخاص يسيرون أمام مقر مصرف لبنان المركزي في منطقة الحمراء ببيروت (رويترز)

سندات معززة بأصول حقيقية

أما بالنسبة إلى الودائع التي تفوق 100 ألف دولار، فأوضح المصدر أنّ أمر هؤلاء المودعين «يُعالَج عبر سندات معززة بأصول حقيقية». وأضاف: «نحن لا نتحدث عن سندات وهمية، بل عن سندات مسنودة بأصول فعلية تملكها الدولة أو مصرف لبنان، من أراضٍ، ومرافق، ومؤسسات منتجة». وأوضح أنّ «مصرف لبنان يملك أصولاً تُقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، من الكازينو إلى الأراضي إلى مؤسسات مختلفة، وهذه تشكّل قاعدة حقيقية لهذه السندات».

وقال إنّ «هذه السندات تكون طويلة الأجل، بين 10 و15 سنة، لكن الخطة تتضمن، خلال هذه الفترة، صرف 2 في المائة من قيمتها نقداً سنوياً». وأوضح بالمثال: «إذا كان لدى مودع سند بقيمة مليوني دولار، يحصل سنوياً على نسبة منها 40 ألف دولار، ومع مرور السنوات ينخفض أصل الدين، وفي نهاية المدة يكون قد استعاد كامل أصل الوديعة». وتكمن أهمية السندات المعززة، في كونها تستند إلى ضمانات بأصول مصرف لبنان وممتلكات الدولة؛ ما يتيح للمودع أن يبيع السندات في السوق المحلية والدولية لمستثمرين آخرين، في حال كان يعتزم استرداد قيمة وديعته فوراً.

تقييم المرحلة السابقة

ولا تخلو الخطة من تقييم لأرباح السنوات الماضية. وتوقف المصدر عند مرحلة ما قبل الأزمة، قائلاً: «منذ عام 2016، ومع ما سُمّي الهندسات المالية، جرى إعطاء فوائد غير طبيعية، استفاد منها كبار المودعين وكبار المستثمرين». وأضاف: «هناك من حقق أرباحاً بعشرات ملايين الدولارات، ولا يمكن مساواة هؤلاء بصغار المودعين الذين لم يستفيدوا من أي فوائد استثنائية». وشدد على «أننا لن نمس بالودائع الأصلية، بل تصحيح ما نتج من الهندسات المالية بفعل رفع الفوائد».

ويقول: «من سددوا ديونهم على سعر 1500 ليرة للدولار، فمن هم استحصلوا على القروض وهم من أصحاب الدخل المحدود لقاء شراء شقة أو سيارة فهؤلاء أمورهم طبيعية، أما من يظهر من معاملاتهم الاستحصال على قروض للدخول في مشاريع كبرى واستثمارات ومقاولات فهؤلاء ستتم دراسة ملفاتهم وفق سعر الصرف يوم تسديد الديون المتوجبة عليهم»، ويتابع: «من عمل على تحقيق أرباح بفعل تحويل الأموال من الليرة إلى الدولار، سيتم تغريمهم وتحويل الغرامات لصالح صندوق استرداد أموال للمودعين».

بالنتيجة، شدّد على أنّ «الخسائر لا يمكن أن تُحمَّل للمودعين وحدهم»، موضحاً أنّ «هناك تراتبية واضحة: أولاً المساهمون في المصارف، ثم المصارف نفسها، ثم مصرف لبنان، وبعد ذلك الدولة». وأضاف: «هذا هو المعيار المعتمد عالمياً، ولا يمكن القفز فوقه أو قلبه».

رسلمة المصارف

وقال المصدر: «إننا في الخطة، نعطي فرصة للمصارف لإعادة رسملة نفسها خلال خمس سنوات. أما الدولة، فستتحمل مسؤولياتها في زيادة رساميل المصرف المركزي». إلى أنّ «إعادة هيكلة المصارف أمر لا مفر منه»، موضحاً أنّ «زيادة الرساميل مسؤولية المساهمين أولاً».

وقال: «لا يمكن الاستمرار بنظام مصرفي من دون تحميل من استفاد من الأرباح مسؤولية الخسائر». وأضاف: «هذا ليس استهدافاً للمصارف، بل شرط أساسي لإعادة بناء نظام مصرفي سليم».

ويشدد المصدر على أنّ القرار صعب وسيواجه اعتراضات من قوى مالية وسياسية»، لكنه أكد أنّ «عدم اتخاذ القرار أصعب».

وقال: «إذا لم نفعل ذلك الآن، فلن نفعله لاحقاً، وكل تأخير إضافي يعني خسارة أكبر».


«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
TT

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

قال قيادي في حركة «حماس»، إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» باسم نعيم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وضع حد للعربدة الإسرائيلية المستمرة ووقف الخروق والانتهاكات كافة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

تستضيف الولايات المتحدة هذه المباحثات في ولاية فلوريدا، حيث من المتوقع أن يلتقي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً.


الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
TT

الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن عماد أمهز، الذي يعد من أهم عناصر وحدة الصواريخ الساحلية (7900) في «حزب الله» اللبناني، الذي نقلته للتحقيق في إسرائيل قبل نحو عام، كشف خلال التحقيقات أسرار الملف البحري السري لحزب الله.

ووفقا لتغريدة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس، فقد "نفذ مقاتلو وحدة 13 للكوماندوز البحري الإسرائيلي عملية "وراء الظهر" في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد حوالي 140 كم عن الحدود الشمالية، قبل نحو عام وذلك بتوجيه من شعبة الاستخبارات البحرية، للقبض على عماد أمهز ونقل للتحقيق في إسرائيل».

وأضاف أن «أمهز تلقى تدريبات عسكرية في إيران ولبنان واكتسب خبرات وتجربة بحرية واسعة في إطار وظيفته في وحدة الصواريخ الساحلية بهدف تنفيذ عمليات إرهابية بحرية، هذا وتم تدريبه أيضًا في المعهد البحري المدني اللبناني "مارستي"، مما يعتبر مثالاً آخر على استغلال «حزب الله السخري للمؤسسات المدنية اللبنانية في سبيل تطوير نشاطاته الإرهابية».

وذكر أدرعي أن «أمهز كشف أثناء التحقيق معه أنه كان يشغل منصبًا مركزيًا في الملف البحري السري، وأدلى بمعلومات استخبارية حساسة عن الملف، الذي يعد من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله، والذي يتمحور حول تشكيل بنية تحتية منظمة للأنشطة الأرهابية البحرية بستار مدني لغرض ضرب أهداف إسرائيلية ودولية».

ولفت المتحدث الإسرائيلي إلى أن «المشروع البحري السري يعتبر من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله وتم توجيهه مباشرة من قبل حسن نصرالله الأمين العام السابق، وفؤاد شكر، القائد العسكري الأبرز في حزب الله اللذين تم القضاء عليهما خلال الحرب، بالإضافة إلى علي عبد الحسن نور الدين، مسؤول الملف البحري السري».

وأضاف أنه «في أعقاب إحباط المستوى القيادي الذي أشرف على الملف البحري السري بالإضافة إلى المعلومات التي أدلى بها أمهز في التحقيق معه، تمكن الجيش الإسرائيلي من عرقلة تقدم الملف البحري السري في نقطة زمنية حرجة، منعًا لترسخه ونضوجه داخل الحزب».

وذكر أن «حزب الله يعمل على تطوير الملف البحري السري وعلى باقي الوحدات البحرية بفضل الدعم الفكري والمادي الإيراني حيث وبدلاً من استثمار تلك الكمية الهائلة من الأموال في بناء لبنان ومؤسساته، يتم تخصيص هذه الأموال في نشاطات حزب الله الإرهابية».

وشدد على أن «الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل في كافة الجبهات بمختلف الطرق والسبل على إزالة تهديدات موجة ضد مواطني دولة إسرائيل».