إسرائيل تحاول دفع الفلسطينيين للنزوح إلى جنوب غزة... تمهيداً لعملية برية

السلطة تعلن القطاع منطقة منكوبة

إسرائيل وجهت إنذاراً بضرورة إخلاء شمال قطاع غزة قبل بدء عملية عسكرية محتملة (أ.ف.ب)
إسرائيل وجهت إنذاراً بضرورة إخلاء شمال قطاع غزة قبل بدء عملية عسكرية محتملة (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل تحاول دفع الفلسطينيين للنزوح إلى جنوب غزة... تمهيداً لعملية برية

إسرائيل وجهت إنذاراً بضرورة إخلاء شمال قطاع غزة قبل بدء عملية عسكرية محتملة (أ.ف.ب)
إسرائيل وجهت إنذاراً بضرورة إخلاء شمال قطاع غزة قبل بدء عملية عسكرية محتملة (أ.ف.ب)

حاولت إسرائيل (الجمعة) إجبار أكبر عدد من سكان قطاع غزة على الهجرة الجماعية إلى جنوب القطاع، مكثّفة القصف غير المسبوق على مناطق الشمال والوسط، ضمن خطة ردت عليها «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» بالتأكيد على أن الهجرة ليست واردة في القاموس الفلسطيني مرة أخرى، مكثّفة مستوى القصف الصاروخي ومداه.

وشن الجيش الإسرائيلي (الجمعة) هجوماً واسعاً ومكثفاً على شمال وغرب ووسط قطاع غزة، معلناً أنه قصف القطاع الصغير بأكثر من 4 آلاف طن من المتفجرات منذ يوم السبت، وألقى أكثر من 6 آلاف قنبلة.

وجاء الهجوم المركز على مناطق شمال ووسط القطاع مع دعوة واضحة وصريحة أطلقها الجيش للسكان هناك من أجل المغادرة إلى جنوب القطاع في توجه أكدت الأمم المتحدة أنه يطول 1.1 مليون شخص، وحذرت من تبعاته «المدمّرة»، مع دخول الحرب بين يومها السابع وازدياد احتمالات الاجتياح البري للقطاع المحاصر.

ودعا الجيش في بيان صباح الجمعة «كل سكان مدينة غزة إخلاء منازلهم والتوجه جنوباً من أجل حمايتهم والوجود جنوب وادي غزة». وقال إنه «لن يُسمح بالعودة إلى مدينة غزة إلا بعد صدور بيان حول بذلك».

وتستهدف إسرائيل وفق الأمم المتحدة نحو 1.1 مليون فلسطيني في غزة.

مواطنون ينزحون من مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
مواطنون ينزحون من مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك في بيان أن إسرائيل أخبرتهم بأن الفلسطينيين يجب أن ينتقلوا إلى جنوب القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة. وقال دوغاريك: «ترى الأمم المتحدة أنه من المستحيل تنفيذ مثل هذه الأمر دون عواقب إنسانية مدمرة». وأضاف: «الأمم المتحدة تناشد بقوة إلغاء أي أمر من هذا القبيل، إذا جرى تأكيده، لتجنب ما يمكن أن يحول ما هو بالفعل مأساة إلى وضع كارثي».

ويبدو أن إفراع شمال ووسط غزة، يسبق اجتياحاً برياً قال الجيش الإسرائيلي إنه ينتظر الأوامر لتنفيذه.

ولم تجد دعوة الجيش الإسرائيلي استجابة واسعة في الساعات الأولى من نهار الجمعة. وبينما غادر عدد قليل من العائلات، رفض كثيرون مغادرة منازلهم، وأعلنوا في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم لن يغادروا، مطلقين هاشتاغ «مش طالعين»، في ما بدا أنها حملة منظمة لتأكيد رفض الخضوع للإنذار الإسرائيلي.

وكانت وزارة الداخلية في قطاع غزة الخاضع لسيطرة «حماس» قد وجهت الفلسطينيين بعدم الاستجابة لـ «الدعاية الإسرائيلية» التي تأتي في إطار ما قالت إنه «حرب نفسية»، وتعهدت بدعم صمودهم، قبل أن تدخل «كتائب القسام» على الخط، وتعلن أن إسرائيل أضعف من أن تهجّر الفلسطينيين مرة أخرى.

جانب من حركة النزوح من شمال غزة الجمعة (رويترز)
جانب من حركة النزوح من شمال غزة الجمعة (رويترز)

وخرج الناطق باسم «القسّام» أبو عبيدة في تصريح متلفز قال فيه «إن العدو المجرم المستبد الجبان الذي استدعى قوى الظلم والطغيان لجواره ببوارجها ليشعر جمهوره بالأمان، أضعف وأجبن من أن يهجر شعبنا من بلاده مرتين». وأضاف: «نقول للعدو من جهة ونطمئن أبناء شعبنا من جهة أخرى إن الهجرة في قاموسنا ليست واردة سوى هجرة العودة إلى عسقلان والقدس وحيفا ويافا وكل فلسطين».

وأعلن أبو عبيدة قصف «القسام» لمطار بن غوريون وعسقلان وسديروت، وتعهد بالمزيد رداً على «استهداف المدنيين» في غزة.

ورد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري بالقول إنه «إذا منعت (حماس) سكان شمال القطاع من مغادرة المنازل إلى الجنوب، فإن مسؤولية ما يترتب عن ذلك ستقع على عاتقهم».

وفي تطور لاحق، أطلقت «القسام» أبعد صاروخ منذ بداية الحرب طال منطقة الشمال في إسرائيل. وقالت «القسام» إنها استهدفت مقر قيادة المنطقة الشمالية الإسرائيلية في صفد بصاروخ «عياش 250». وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الصاروخ هو أبعد صاروخ يطلق من غزة على الإطلاق بما في ذلك خلال الحروب السابقة. وقصفت «القسام» كذلك تل أبيب، وسقط صاروخ على بيت في جنوب المدينة في «رحوفوت» محدثاً إصابات. كما استهدف القصف «سديروت» و«كفار سعد» وقاعدة «حتسريم» الجوية.

وتصعيد «القسّام» جاء بعد ارتفاع كبير في عدد الضحايا في قطاع غزة خلال أقل من 24 ساعة، خلّف نحو 2000 ضحية ونصف مليون مهجر.

وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بضرورة وقف العدوان الإسرائيلي بشكل فوري، مؤكداً الرفض الكامل لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؛ لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية.

وبينما حذر عباس من حدوث كارثة إنسانية في قطاع غزة، اتهم رئيس الوزراء محمد أشتية، إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في القطاع. وأعلن أشتية غزة «منطقة منكوبة».

ومع مساء الجمعة، أصدرت وزارة الصحة بياناً قالت فيه إن «حصيلة الشهداء في قطاع غزة ارتفعت إلى 1799 شهيداً، و6388 مصاباً». والارتفاع الكبير في أعداد الضحايا، جاء في وقت أصبحت معه أعداد الضحايا تفوق القدرة الاستيعابية للنظام الصحي.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية طارق ياساريفيتش في مؤتمر صحافي للأمم المتحدة في جنيف، إن النظام الصحي في قطاع غزة «بلغ نقطة الانهيار».

ووفق المنظمة، فإن 6 من المستشفيات السبعة الكبرى في القطاع لم تعد تعمل إلا في شكل جزئي. ولفت إلى أن المستشفيات لا تحصل على الكهرباء إلا لبضع ساعات في اليوم لادخار الوقود الذي بات على وشك النفاد.

وإضافة إلى الفلسطينيين، قتل 13 أسيراً لدى «حماس» بالقصف المكثف الذي طال محافظتي الشمال وغزة. وقالت «كتائب القسام» إن من بين القتلى أجانب كذلك. ويقول الإسرائيليون إن «حماس» تحتجز ما بين 100 و150 شخصاً أسروا خلال عملية «طوفان الأقصى» على غلاف قطاع غزة السبت الماضي.


مقالات ذات صلة

بعد اعتقاله في غزة... الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية يظهر للمرة الأولى

المشرق العربي د. حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)

بعد اعتقاله في غزة... الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية يظهر للمرة الأولى

أظهر مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، وتناقله مستخدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية وهو يسير مكبل اليدين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي 4 نعوش سوداء على منصة في خان يونس قبيل تسليمها إلى الصليب الأحمر (رويترز)

«حماس» تسلّم إسرائيل جثث 4 رهائن في غزة

سلّمت «حماس»، اليوم (الخميس)، إسرائيل جثث 4 رهائن، بينهم الطفلان أرييل وكفير بيباس، ووالدتهما شيري، الذين أصبحوا رمزاً للرعب الذي انتاب الدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «حركة الجهاد الإسلامي» يرافقون رهينة قبل تسليمه إلى فريق الصليب الأحمر بخان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

«حماس» تطرح تبادل «الكل مقابل الكل»

عشية تسليمها المرتقب لجثامين 4 إسرائيليين اليوم (الخميس)، طرحت حركة «حماس»، أمس، صيغة «الكل مقابل الكل» لتبادل إطلاق سراح الأسرى بين الطرفين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - واشنطن)
شمال افريقيا معدات ثقيلة دخلت قطاع غزة من معبر رفح الثلاثاء (الشرق الأوسط)

دفعة ثانية من المعدات الثقيلة إلى غزة... والمنازل المتنقلة تنتظر جثامين الرهائن

شهد معبر رفح المصري، الأربعاء، دخول دفعة ثانية من المعدات الثقيلة المخصصة لرفع الأنقاض في قطاع غزة، وتكونت من جرافتين بحسب مصدر مسؤول في محافظة شمال سيناء.

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا نازحون من غزة يتجمعون في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)

مشاورات مصرية لصياغة خطة عربية لإعمار غزة

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، التأكيد على رفض بلاده «تهجير» الفلسطينيين، مشيداً بموقف إسبانيا الداعم للقضية الفلسطينية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

بعد اعتقاله في غزة... الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية يظهر للمرة الأولى

د. حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)
د. حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)
TT
20

بعد اعتقاله في غزة... الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية يظهر للمرة الأولى

د. حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)
د. حسام أبو صفية خلال علاج مصاب فلسطيني في مستشفى كمال عدوان (أ.ف.ب)

أظهر مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، وتناقله مستخدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية وهو يسير مكبل اليدين، للمرة الأولى منذ اعتقاله.

وكانت إسرائيل قد اعتقلت مدير مستشفى كمال عدوان خلال اقتحامها المركز الطبي في غزة، في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وظهر أبو صفية وهو يمشي ببطء، بينما يقتاده جنود إسرائيليون، وتبدو معالم التعب على وجهه، الأمر الذي لفت أنظار رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وتوقَّعت بعض التقارير الإعلامية أن تفرج السلطات الإسرائيلية عن أبو صفية ضمن صفقة التبادل.

وأصبح مدير مستشفى كمال عدوان، الذي اعتقلته إسرائيل للاشتباه بانتمائه إلى حركة «حماس» الفلسطينية، رمزاً لنظام صحي دمَّرته الحرب في شمال قطاع غزة.

وكان الدكتور أبو صفية قد حضَّ المجتمع الدولي على التدخل «قبل فوات الأوان»، مع تكثيف الغارات الإسرائيلية حول المستشفى في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة.

ورغم توجيه أبو صفية نداءات للمساعدة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، فإن الجيش الإسرائيلي شنَّ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مستشفى كمال عدوان قائلاً إنه يضم «مركز قيادة تابعاً لـ(حماس)».

وخرج المستشفى عن الخدمة بعدما كان آخر مرفق صحي كبير عامل في شمال القطاع المحاصر والمدمَّر جراء الحرب بين إسرائيل و«حماس».

واعتقل الجيش الإسرائيلي أكثر من 240 شخصاً خلال العملية، بينهم أبو صفية.

د. حسام أبو صفية يتلقى العلاج في مستشفى كمال عدوان بعد إصابته نتيجة غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
د. حسام أبو صفية يتلقى العلاج في مستشفى كمال عدوان بعد إصابته نتيجة غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

«بطل برداء أبيض»

لم تُعرَف أي معلومات عن الطبيب أبو صفية (51 عاماً) منذ اعتقاله. وتعتقد عائلته أنه محتجز في معسكر «سديه تيمان»، الواقع في صحراء النقب في جنوب إسرائيل على مقربة من غزة.

وقال نجله إدريس أبو صفية في مقطع فيديو إن الطبيب «في معتقل سديه تيمان الإسرائيلي المعروف بإجرامه بحق الأسرى المسجونين فيه».

ويُعرَف عن أبو صفية بأنه «بطل برداء أبيض» واصل تأدية مهامه، بينما كثّف الجيش الإسرائيلي هجومه البري والجوي على شمال قطاع غزة في مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، قائلاً إن الهدف هو منع «حماس» من إعادة تنظيم صفوفها في المنطقة.

وأكدت منظمة «ميد غلوبال» الأميركية، غير الحكومية التي توظف أبو صفية، أن الطبيب فقد أحد أبنائه، إبراهيم، البالغ نحو 15 عاماً، في هجوم إسرائيلي نهاية أكتوبر، وأُصيب هو نفسه في ساقه في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه أكد في مقطع فيديو تم تصويره وهو على سريره في المستشفى أن ذلك لن يمنعه من إنجاز مهمته «مهما كلف الأمر».

مطالبات لإطلاق سراحه

ناشدت عائلة أبو صفية المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل؛ بهدف إطلاق سراحه في أسرع وقت ممكن. وردَّت منظمة الصحة العالمية على لسان مديرها العام، تيدروس دهانوم غيبريسوس، طالبة «الإفراج الفوري» عن مدير مستشفى كمال عدوان.

كذلك دعت منظمة العفو الدولية إلى جانب كثير من العاملين في مجال الصحة حول العالم إلى الإفراج عن أبو صفية، وأُطلق وسم «FreeDrHussamAbuSafiya#» على وسائل التواصل الاجتماعي.