توتر في مناطق خفض التصعيد بإدلب وحلب عشية لقاء إردوغان وبوتين

روسيا قد تطرح إحياء «اتفاقية أضنة» لدفع مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق

يتفقدون منزلاً مدمراً بعد هجوم صاروخي على بلدة سرمين قرب إدلب (د.ب.أ)
يتفقدون منزلاً مدمراً بعد هجوم صاروخي على بلدة سرمين قرب إدلب (د.ب.أ)
TT

توتر في مناطق خفض التصعيد بإدلب وحلب عشية لقاء إردوغان وبوتين

يتفقدون منزلاً مدمراً بعد هجوم صاروخي على بلدة سرمين قرب إدلب (د.ب.أ)
يتفقدون منزلاً مدمراً بعد هجوم صاروخي على بلدة سرمين قرب إدلب (د.ب.أ)

ساد هدوء حذر في دير الزور بعد أسبوع من القتال بين «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» وعناصر «المجلس العسكري» والعشائر العربية الداعمة. كما ساد هدوء في محاور القتال في منبج بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» الموالي لأنقرة.

وفي المقابل، تصاعد التوتر بين «قسد» والقوات التركية والفصائل الموالية في شمال غربي الحسكة، لا سيما في ريف تل تمر ودفع الجيش التركي بتعزيزات إلى مواقعه في منطقة نبع السلام، شمال شرقي سوريا. وصعدت القوات التركية والسورية من استهدافاتها في منطقة خفض التصعيد في إدلب.

جاءت تلك التطورات عشية اللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي والروسي رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في سوتشي جنوب روسيا، الاثنين، الذي يشكل فيه الملف السوري واحداً من الملفات المهمة المطروحة عليه، لا سيما فيما يتعلق بمسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، الذي ترعاه روسيا وتشارك فيه إيران، وسط حديث روسي عن العودة إلى تفعيل اتفاقية أضنة لعام 1998 لحل إشكالية بقاء القوات التركية في شمال سوريا التي تعترض مسار التطبيع.

اشتباكات بالحسكة وإدلب

ونفَّذت عناصر من «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، صباح الأحد، عملية تسلل على قرية تل طويل بريف تل تمر شمال غربي الحسكة. ودارت اشتباكات عنيفة مع عناصر «مجلس تل تمر العسكري» التابع لـ«قسد»، في القرية إلى جانب قريتي الطويلة وخمسينة بريف تل تمر، ما أجبر فصائل الجيش الوطني (الموالي لتركيا) على التراجع.

واستمرت الاشتباكات بين الجانبين، وسط تحليق لطيران مسير تابع للقوات التركية. وقتل قيادي وعنصر في «الجيش الوطني» في الهجوم المعاكس لـ«مجلس تل تمر العسكري»، في قريتي الطويلة وتل طويل.

كما قُتل ضابط برتبة ملازم وجنديين في الجيش السوري، وأُصيب ووقع في الأسر آخرون، في قصف لفصائل «الجيش الوطني» على نقطة للجيش السوري في ريف تل تمر، بينما أُصيب 9 عناصر من الفصائل في قصف مدفعي نفذته القوات السورية على مواقع في الجهة المقابلة لقرى طويل وتل طويل، ضمن منطقة نبع السلام الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل في ريف الحسكة، حيث جرى نقلهم إلى مستشفى في رأس العين لتلقي العلاج.

وتوجهت عربات روسية رفقة سيارات تابعة لمكتب العلاقات في «قسد»، إلى خطوط التماس بين الطرفين بريف الحسكة، لنقل القتلى والجرحى من القوات السورية.

القوات التركية والفصائل الموالية تقصفان قرى خط الساجور بمنبج (المرصد السوري)

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن مناطق في شمال شرقي سوريا تشهد تصعيداً لافتاً من قبل الفصائل الموالية لأنقرة، من خلال تنفيذ عمليات تسلل، فضلاً عن التصعيد من قبل المدفعية التركية والطيران المسيَّر.

ودفع الجيش التركي، ليل السبت - الأحد، بتعزيزات عسكرية دخلت في رتل مؤلف من شاحنات تحمل مجنزرات ووحدات مدفعية من معبر تل أبيض باتجاه عين عيسى شمال محافظة الرقة، بالتزامن مع قصف تركي مكثف ومحاولات تقدم بري لفصائل الجيش الوطني في منبج وعين عيسى وتل تمر خلال الأيام الأخيرة.

وسبق أن دفع الجيش التركي بستة أرتال من التعزيزات، خلال أغسطس (آب) الماضي. وتتزامن التعزيزات الأخيرة مع حملة «قسد» في دير الزور.

في السياق ذاته، انسحبت مجموعات تابعة لـ«الجيش الوطني» من قرية صكيرو قرب طريق حلب - اللاذقية الدولية (إم 4) بريف الرقة على مقربة من الحدود الإدارية مع ريف تل تمر، بعد أن سبق ودخلت إلى نقاط متقدمة تابعة لـ«قسد» في القرية، حيث شنت قوات «قسد» هجوماً مضاداً بعد تقدم الفصائل ودارت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ما أجبرها على الانسحاب.

وعاد الهدوء النسبي لمناطق ريف منبج، بعد انسحاب فصائل «الجيش الوطني» من نقاط ومزارع تقدموا إليها قرب خط الساجور، بينما لا تزال بعض المناطق تشهد عمليات قصف من قبل القوات التركية والفصائل. وأسفرت الاشتباكات عن وقوع قتلى وجرحى من الفصائل، وتم نقل الجرحى إلى مستشفى جرابلس.

قوات «مكافحة الإرهاب» التابعة لقوات «قسد» في عمليات أمنية سابقة بريف دير الزور

وفي إدلب، قصفت القوات التركية المتمركزة في منطقة خفض التصعيد، المعروفة باسم «منطقة بوتين إردوغان» تمركزات للقوات السورية في معرة النعمان وكفرنبل، بعد سقوط قذائف أطلقتها على منطقة سرمين وآفس ومحيط المسطومة، التي تُعد أكبر تمركز للقوات التركية في إدلب.

وجاء القصف التركي بالتزامن مع اشتباكات بين «هيئة تحرير الشام» والقوات السورية، التي حاولت التقدم على محور الملاجة. كما قصفت «الهيئة» مدينة سراقب، التي تتمركز بها القوات السورية.

لقاء إردوغن – بوتين

جاءت هذه التطورات عشية لقاء إردوغان وبوتين في سوتشي، الاثنين، حيث يُتوقع أن يكون الملف السوري حاضراً بقوة، لا سيما فيها يتعلق بمسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

وقام وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بزيارة تحضيرية إلى موسكو يومي الخميس والجمعة، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو، وتناولت المباحثات الملف السوري ضمن قضايا إقليمية ودولية أخرى.

وجدد لافروف الحديث عن أن موسكو اقترحت على أنقرة العودة إلى اتفاقية أضنة، التي تم التوصل إليها عام 1998 وتمنح القوات التركية حق التوغل في الأراضي السورية لمسافة 5 كيلومترات، لتعقب مسلحي «حزب العمال الكردستاني» بالاتفاق مع الحكومة السورية.

مؤتمر صحافي مشترك بين وزيري الخارجية التركي والروسي في موسكو الخميس الماضي (رويترز)

وقال لافروف، الجمعة: «هذا الاتفاق لا يزال سارياً، ولم يندد به أحد... جميع وثائق أستانا تقول إننا جميعاً، بمن في ذلك إيران وتركيا وروسيا، نحترم سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتركيا تؤيد دائماً هذه الوثائق».

وعدّ لافروف، بحسب ما نقلت وكالة «تاس» الروسية، أن «مشكلات التطبيع بين دمشق وأنقرة لها سبب آخر، وهو الأنشطة غير القانونية للولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا». واتهم واشنطن بأنها «تغذي إلى حد حاسم النزعة الانفصالية للمنظمات الكردية المتطرفة، التي يصنفها الأتراك على أنها تهديد لأمنهم، وبالتالي فإن هذه العمليات مرتبطة ببعضها بعضاً».

وسبق أن طرحت روسيا العودة للاتفاقية، لكن تركيا طالبت بتطويرها ليكون لديها الحق في توغل قواتها إلى مسافة تمتد من 30 إلى 40 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، لتعقب عناصر الوحدات الكردية، أكبر مكونات «قسد»، المدعومة أميركيا، التي تعدّها أنقرة ذراعاً لـ«حزب العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية، في سوريا.


مقالات ذات صلة

قائد «قسد»: المقاتلون الأكراد غير السوريين سيغادرون عند إبرام هدنة مع تركيا

المشرق العربي القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (رويترز)

قائد «قسد»: المقاتلون الأكراد غير السوريين سيغادرون عند إبرام هدنة مع تركيا

قال قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، الخميس، إن المقاتلين الأكراد الذين قدموا لدعم القوات الكردية السورية سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بشمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري يلوح كرد بأعلام قوات «قسد» والنظام الجديد في سوريا خلال احتفال بمدينة القامشلي شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «صمت التفاوض» الكردي يمهد «لاقتتال» في سوريا

تواجه قوات «قسد» الكردية ضغوطاً لنزع سلاحها وفكّ الارتباط مع «العمال الكردستاني»، بينما تتصاعد بوادر معارك في الشمال الشرقي من البلاد.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي التأهّب التركي - الكردي على أشده في شمال شرقي سوريا

التأهّب التركي - الكردي على أشده في شمال شرقي سوريا

نفت تركيا ما أعلنته أميركا بشأن اتفاق هدنة أو وقف لإطلاق النار مع «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في منبج معتبرة أن ذلك قد يكون «زلة لسان» من جانب واشنطن.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تدريبات مشتركة بين قوات أميركية و«قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

تركيا: لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار بين أنقرة و«قسد»

قال مسؤول بوزارة الدفاع التركية إنه لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار بين تركيا و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة )
العالم العربي عناصر من قوات «قسد» في عين العرب (كوباني) بعد إعلان تمديد وقف إطلاق النار (رويترز)

مقتل 21 من الفصائل الموالية لتركيا في هجوم على ريف حلب

كشفت محافظة حلب عن مقتل ما لا يقل عن 21 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا وجرح آخرين بنيران قوات مجلس منبج العسكري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الأمم المتحدة: لبنان بدأت «رحلة التعافي الشاقة» وإعادة البناء

رجل ينصب شجرة عيد الميلاد وسط أنقاض كنيسة ضربتها غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجل ينصب شجرة عيد الميلاد وسط أنقاض كنيسة ضربتها غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: لبنان بدأت «رحلة التعافي الشاقة» وإعادة البناء

رجل ينصب شجرة عيد الميلاد وسط أنقاض كنيسة ضربتها غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجل ينصب شجرة عيد الميلاد وسط أنقاض كنيسة ضربتها غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس - بلاسخارت، اليوم الجمعة، إن رحلة التعافي الشاقة وإعادة البناء في لبنان قد بدأت، مشيرة إلى استمرار وقوف الأمم المتحدة إلى جانب لبنان.

وقالت بلاسخارت، في رسالة بمناسبة نهاية العام، نشرتها الأمم المتحدة على منصة «إكس»: «كان عام 2024 بالنسبة للبنان، لنقل أقل ما يمكن قوله، عاماً متخماً بالمعاناة الهائلة، خلاله زهقت العديد من الأرواح وحياة الكثيرين فجعت أو تعثرت».

وأضافت أن «النزاع الذي تسبب في معاناة تفوق الوصف خلف وراءه جراحاً عميقة وصدمة، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. وبالتأكيد، فإن رحلة التعافي الشاقة، ولملمة الجراح، وإعادة البناء قد بدأت للتو»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وتابعت بلاسخارت: «لطالما كانت الأمم المتحدة إلى جانب لبنان وشعبه في الأوقات العصيبة، وهي تواصل ذلك الآن».

وأشارت إلى أنه «فيما لا يزال هناك الكثير من العمل المتبقي لضمان استدامة ترتيبات وقف إطلاق النار وتحقيق الأمن والاستقرار الذي يستحقه الشعب اللبناني، فإن عام 2025 يحمل في طياته وعداً بفرص جديدة وأسباباً للأمل».

وقالت: «بالنيابة عن أسرة الأمم المتحدة بأكملها، أتمنى لجميع اللبنانيين السلام والصحة وازدهاراً متزايداً في العام الجديد».

يذكر أن لبنان شهد خلال عام 2024 حرباً بين إسرائيل و«حزب الله»، طالت خلالها الغارات الإسرائيلية منازل المواطنين والمنشآت المدنية والصحية والطرقات. وأسفرت عن مقتل وجرح الآلاف، وتدمير آلاف الوحدات السكنية والصحية.