قمة ثلاثية مصرية - أردنية - فلسطينية لبحث عملية السلام

تُعقد في مدينة العلمين بحضور السيسي وعبد الله الثاني وعباس

قادة مصر والأردن وفلسطين خلال لقائهم في القاهرة خلال يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
قادة مصر والأردن وفلسطين خلال لقائهم في القاهرة خلال يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

قمة ثلاثية مصرية - أردنية - فلسطينية لبحث عملية السلام

قادة مصر والأردن وفلسطين خلال لقائهم في القاهرة خلال يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
قادة مصر والأردن وفلسطين خلال لقائهم في القاهرة خلال يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

تستضيف مدينة العلمين الجديدة (شمال غربي مصر)، الاثنين، قمة ثلاثية مصرية - أردنية - فلسطينية، لبحث تنسيق المواقف بشأن الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في مدينة القدس، إضافة إلى بحث سبل إحياء عملية السلام.

 

وأفاد بيان للسفارة الفلسطينية في القاهرة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه (السبت) بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سيصل إلى مصر (الأحد) في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في أعمال القمة الثلاثية التي يشارك فيها أيضا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

 

وأكد السفير الفلسطيني لدى القاهرة، دياب اللوح، أن اللقاء «يأتي تجسيداً للتشاور والتعاون الدائم والمستمر تجاه القضايا المتعددة على المستويات العربية والإقليمية والدولية ولتوحيد الرؤى بين القادة الثلاثة للتعامل مع التحركات السياسية والإقليمية والدولية». وأضاف أن القمة «تستهدف أيضاً العمل على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإنجاز حقوقه الوطنية المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس».

 

وأعرب السفير الفلسطيني في البيان عن شكره لمصر وقيادتها لاستضافة القمة، كما ثمن «مساعيها المقدرة لدعم الشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته (العادلة)». كما أعرب عن التقدير لـ«الجهود الحثيثة التي تبذلها الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني دفاعاً عن القدس ومقدساتها».

 

وكانت مدينة العلمين الجديدة قد استضافت نهاية الشهر الماضي، اجتماعاً للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، برئاسة الرئيس الفلسطيني، وشارك فيه قيادات 11 فصيلاً، لمناقشة سبل مواجهة الإجراءات التصعيدية من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي في المناطق المحتلة، إضافة إلى بحث قضية المصالحة وإنهاء الانقسام.

 

وسبق أن استضافت القاهرة في منتصف يناير (كانون ثاني) الماضي، قمة ثلاثية بين قادة مصر والأردن وفلسطين. وأكد البيان الختامي للقمة حينها «ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة واستمرار جهودهم المشتركة لتحقيق السلام (الشامل والعادل والدائم) على أساس حل الدولتين». وشدد القادة خلال قمتهم بالقاهرة حينها على «ضرورة توفير المجتمع الدولي الحماية للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وتكاتف الجهود لإيجاد أفق سياسي حقيقي يعيد إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية».

 

وطالبوا حينها أيضاً بوقف جميع الإجراءات الإسرائيلية «(الأحادية اللاشرعية) التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام (العادل والشامل)، والتي تشمل الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، والاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للمدن الفلسطينية، وانتهاك الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها».

جانب من القمة الثلاثية بين السيسي وعبد الله الثاني وعباس في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وقال السياسي الفلسطيني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أسامة شعث، إن انعقاد القمة الثلاثية المصرية - الأردنية - الفلسطينية في الوقت الراهن تأتي في إطار استمرار التشاور والتنسيق المكثف بين القادة الثلاثة وعلى جميع المستويات وفق ما دأبت عليه القمم الثلاثية السابقة، مشبهاً مصر والأردن بـ«الرئتين للقضية الفلسطينية».

 

وأوضح شعث لـ«الشرق الأوسط» أن هناك الكثير من المستجدات التي طرأت على المشهد الفلسطيني بشأن المصالحة الفلسطينية الداخلية والعقبات التي تعترضها، مشيراً إلى أن «الملف (الأكثر سخونة) أمام القمة الحالية يتمثل في مناقشة آخر التطورات بشأن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي واستمرار حكومة إسرائيل في عمليات الاستيطان والتهويد في القدس والضفة الغربية».

 

ورأى شعث أن حكومة الاحتلال «تعمل بوتيرة متسارعة لتهويد أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية المحتلة، لتصبح أمراً واقعاً، مستغلة وجود تراخٍ وانشغال دولي في قضايا أخرى»، مشيراً إلى أن القمة الثلاثية من المتوقع أن «تبحث هذه المستجدات من أجل العمل والتنسيق مع الأطراف العربية والشركاء الدوليين لإعادة إحياء عملية التسوية السياسية استناداً لحل الدولتين».

 

وأوضح أن هناك متغيرات دولية وإقليمية وصفها بـ«المهمة ولا يُمكن القفز عليها»، من بينها الانفتاح العربي الكبير على الصين وكذلك روسيا، بالإضافة إلى المصالحات العربية والإقليمية الأخيرة، وكذلك الأزمات الأوروبية والأميركية، لافتاً إلى «التأثير الكبير» لتلك المتغيرات على القضية الفلسطينية، منوهاً في الوقت ذاته بـ«أهمية التحرك لاستثمار اللحظة الراهنة بما يخدم القضية الفلسطينية والمصالح العربية المشتركة، خصوصاً قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل».


مقالات ذات صلة

هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

تمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحدة السودان، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية».

أحمد جمال (القاهرة )
تحليل إخباري محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية) play-circle

تحليل إخباري ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

أصدرت الرئاسة المصرية عقب زيارة البرهان للقاهرة بياناً تضمن خطوطاً حمراء للحرب في السودان، تنطلق من وحدة السودان ومؤسساته، ولوّحت بالدفاع المشترك لدعمه.

وجدان طلحة (بورتسودان)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره المصري على هامش اجتماع الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري ترمب يعطي إشارة تعزز فرص زيارة السيسي للولايات المتحدة

رحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب باستقبال نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الولايات المتحدة

محمد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال استقبال نظيره الروسي في القاهرة الجمعة (الخارجية المصرية)

توافق مصري - روسي على «توسيع التنسيق السياسي» في القضايا الإقليمية والدولية

لافروف أعرب عن تقدير بلاده لاستضافة مصر لـ«المنتدى الوزاري الثاني للشراكة الأفريقية - الروسية».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالقاهرة في فبراير 2024 (الرئاسة المصرية)

أبعاد أمنية واقتصادية تعزز التعاون في الصناعات الدفاعية بين مصر وتركيا

أعلنت شركة «أسيلسان التركية»، إحدى أبرز شركات الصناعات الدفاعية في العالم، أخيراً، افتتاح مكتب تمثيلي إقليمي لها في مصر.

هشام المياني (القاهرة )

روبيو: لا سلام في غزة من دون نزع سلاح «حماس»

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)
TT

روبيو: لا سلام في غزة من دون نزع سلاح «حماس»

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)

أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة، أنّه «لن يكون هناك سلام» ممكن في قطاع غزة من دون نزع سلاح حركة «حماس».

وقال للصحافيين؛ إذا كانت «(حماس) قادرة في المستقبل على تهديد إسرائيل أو مهاجمتها، فلن يكون هناك سلام، ولن يكون بالإمكان إقناع أحد باستثمار المال في غزة إذا اعتقدوا أنّ حرباً جديدة ستندلع في غضون عامين أو 3 أعوام... لهذا السبب، يعدّ نزع السلاح أمراً بالغ الأهمية».

وأعرب عن ثقته بأن دولاً سترسل قوات للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية، المزمع تشكيلها في قطاع غزة الذي دمرته الحرب بين إسرائيل و«حماس». وقال: «لديّ ثقة كبيرة بأن لدينا عدداً من الدول المقبولة لدى جميع الأطراف في هذا الأمر، وهي مستعدة للمشاركة في قوة الاستقرار».

من ناحية أخرى، عبّر روبيو ‌عن أمل ‌واشنطن ‌في ⁠أن ​تؤدي ‌المحادثات بين السلطات اللبنانية وإسرائيل إلى تشكيل حكومة لبنانية ⁠قوية ونزع ‌سلاح ‍«حزب الله».

وقال: «نأمل أن تفضي ​المحادثات بين السلطات اللبنانية والإسرائيليين إلى ⁠وضع خطوط عريضة وطريقة للمضي قدماً تحول دون تفاقم الصراع».


قراءة فرنسية في نتائج اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

دخان
دخان
TT

قراءة فرنسية في نتائج اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

دخان
دخان

تعدّ باريس أن الاجتماعات الثلاثة التي حصلت في العاصمة الفرنسية، ما بين مساء الأربعاء وصباح الخميس، في وزارة الدفاع (بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ورئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال فابيان ماندون)، ثم بين المندوبين الخاصين للدول الثلاث (فرنسا، والولايات المتحدة، والمملكة السعودية)، وبين الثلاثة والعماد هيكل في الإليزيه، كانت ناجحة، وأن أهم ما جاءت به هو الدعم الجماعي والكامل للدول الثلاث لما تقوم به السلطات اللبنانية والجيش اللبناني. وبما أن العواصم المعنية الثلاث (باريس، وواشنطن، والرياض) تعتبر أن أداء الجيش والتزامه بالانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح بيد الدولة مع نهاية العام الحالي، وبالنظر للنتائج التي حققها، والتي تراها مرضية، فإنه قد تم الاتفاق على عقد المؤتمر الدولي الموعود لدعم الجيش اللبناني في شهر فبراير (شباط) المقبل، وتؤكد باريس أن تشكيل لجنة ثلاثية للتحضير للمؤتمر يعكس الجدية بما تقوم به القوات المسلحة اللبنانية والثقة بالسلطات اللبنانية.

وتريد الأطراف الثلاثة، بحسب باريس، توفير الظروف ليلاقي المؤتمر الموعود النجاح المرتقب بحيث يساعد الدولة اللبنانية على استعادة سيادتها، ويوفر لها الدعم السياسي والمادي ويكون مؤشراً على الثقة بالجيش وبها، وللأهداف التي تسعى لتحقيقها في ما خص تنفيذ القرار 1701.

بيد أن العواصم الثلاث، بمبادرة فرنسية، توافقت على ما تدعو إليه باريس لجهة تسليط الأضواء على ما تقوم به وحدات الجيش اللبناني وتوثيقها وإبرازها بالوسائل المتاحة كافة، بما فيها الاستعانة بقوة اليونيفيل، لتحقيق هذا الهدف ولتبيان أن الجيش يقوم بالمهمات التي كلف بها لجهة حصر السلاح، بدءاً من المرحلة الأولى جنوب الليطاني، التي يجب أن تليها المراحل الأخرى في إطار الخطة الموضوعة.

وكان لافتاً أن العماد هيكل أكّد في باريس أن 95 في المائة من أهداف المرحلة الأولى قد تحقق، وأنه لم يدع إلى تمديد المهلة الموضوعة. لكن العواصم الثلاث لا ترى سبباً يحول دون تمديدها لأسابيع قليلة إذا كان ذلك ضرورياً. وتجدر الإشارة إلى أن العماد هيكل شرح بالتفصيل وبالأرقام ما حققته قواته، كذلك أشار إلى حاجتها للدعم التسليحي والمادي ربطاً بالمهمات الإضافية التي سيكون عليه تحملها، خصوصاً مع بدء انسحاب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان. كذلك ترى باريس أن الدعم الذي سيقدم للبنان في إطار المؤتمر الدولي لن يكون محصوراً بالجيش، بل سيتناول القوى الأمنية الأخرى، بما يسمح للجيش الاضطلاع بمهامه الرئيسية وترك المحافظة على الأمن الداخلي للأجهزة الأمنية الداخلية.

تركز الأوساط الفرنسية على الأهمية القصوى لإبعاد شبح عودة الحرب إلى لبنان. من هنا، التركيز على ضرورة أن تكون السلطات اللبنانية قادرة مع انتهاء المرحلة الأولى من خطة «درع الوطن» على تأكيد إعادة سيطرتها الكاملة على المنطقة جنوب الليطاني بحيث يفتح الباب أمام انطلاق المرحلة الثانية منها. وينظر إلى أن توفر أمر كهذا سيعدّ تجاوباً مع ما تريده الأسرة الدولية من جهة، وسبباً رئيسياً في دفعها لمساندة لبنان في المؤتمر الموعود. وهذه الميكانيكية تندرج في إطار أن الأسرة الدولية تفضل التعاطي مع النتائج، وليس التعبير عن النوايا فقط.

وما يخص الدعم للجيش اللبناني ينطبق أيضاً على الدعم الاقتصادي ومؤتمر إعادة الإعمار المربوط بالإصلاحات المطلوبة من لبنان.

كثيرة الأسئلة المطروحة داخل وخارج لبنان حول آلية التحقق (الإضافية) مما يقوم به الجيش. ولكن بينها سؤالين مهمين: الأول، هل ستشمل عملية التحقق تفتيش المنازل الفردية؟ والثاني، هل ستقوم وحدات من اليونيفيل بمواكبة وحدات الجيش اللبناني بشكل منهجي وشامل؟ تسارع باريس إلى التأكيد على أن تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة كافة جنوب الليطاني ليس مطروحاً إطلاقاً، وأنه سيعمل بها عندما تكون آلية «الميكانيزم» متأكدة من وجود تهديد قائم، وانتهاك لاتفاق نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، الخاص بوقف إطلاق النار. وعندها سيطلب من الجيش القيام بعملية التفتيش. وهذا القول من شأنه تهدئة روع الجنوبيين.

من جانب آخر، تحرص باريس على نفي الرغبة بإيجاد «آلية جديدة» إلى جانب الآلية القائمة، بل عكس ذلك، ترى أنه من الضروري الاستفادة من الآلية المعمول بها حتى اليوم، بحيث تعدّ رافداً يدعم عمل الوحدات العسكرية اللبنانية بالوسائل المتاحة. أما بالنسبة لمشاركة اليونيفيل بعمليات الجيش اللبناني، فإن باريس تذكر بأن هذا قائم بالفعل، وأن وحدات اليونيفيل يمكن أن تكون رافداً أو شاهداً على أداء الجيش المذكور، ما شأنه أن يخدم الهدف الأول، وهو إبراز أن الجيش يقوم بما أنيط به، ومن أجل هدم السردية، وغالباً الإسرائيلية، التي تؤكد عكس ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن المصادر الفرنسية حرصت على تأكيد أن العواصم الثلاث متوافقة حول هذا الأمر، ما سهل من تعيين شهر فبراير (شباط) موعداً لمؤتمر دعم الجيش. أما لماذا لم يحدد الموعد بدقة، فإن باريس ترجع ذلك لتعدد المواعيد والأحداث التي ستجرى في الشهر المذكور، وبالتالي ثمة حرص على اختيار الموعد المناسب الذي يوفر أكبر وأعلى مشاركة في المؤتمر المذكور. والحرص الفرنسي مردّه إلى الشكوك بخصوص التقويم الأميركي لمدى التزام السلطات اللبنانية بتنفيذ القرار 1701 والخطة التي وضعها الجيش لذلك بشكل جدي.

وتعي باريس أن الانتقال المطلوب من المرحلة الأولى من خطة «درع الوطن»، إلى المرحلة الثانية، سيواجه صعوبات جمة، أولاها رفض «حزب الله» تسليم سلاحه واعتباره أن وقف إطلاق النار، الذي تم التوافق عليه، لا يشمل سوى جنوب الليطاني. من هنا، فإن انعقاد مؤتمر دعم الجيش بعد شهرين سيوفر دفعة قوية للسلطات اللبنانية للانطلاق إلى المرحلة الثانية.

في المحصلة، يمكن النظر إلى اجتماعات باريس أنها حققت المبتغى منها لجهة الإجماع حول ما يقوم به الجيش والاستعداد لتوفير مزيد من الدعم له، مع انعقاد المؤتمر الدولي الموعود، كما وفّر دعماً للسلطات اللبنانية التي تجد نفسها محشورة بين المطرقة الإسرائيلية وسندان «حزب الله».


رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين
TT

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

نقل رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، رسالة دعم للجهود التي يقوم بها المسؤولون في لبنان لتحقيق الاستقرار، فيما كان هناك تأكيد وتعويل لبناني على دور القاهرة الأساسي في المنطقة.

وفي زيارة حملت بعداً سياسياً اقتصادياً، التقى مدبولي المسؤولين اللبنانيين في بيروت، حيث أعلن أن «مصر تنظر إلى لبنان باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في المشرق العربي، ونعمل ليكون بمنأى عن أي تصعيد».

الرئيس عون: لبنان يعول على دور مصر

وأكد رئيس الجمهورية جوزيف عون خلال لقائه مدبولي، أن «لبنان يعول على الدور السياسي الأساسي لمصر في المنطقة العربية، وعلى مساعدتها في هذه المرحلة الصعبة». ورأى أن «تفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين أمر ضروري لمصلحتيهما»، معرباً عن تمنياته بـ«نجاح الجهود في تثبيت الاستقرار بلبنان وإحلال السلام بالمنطقة».

والتقى مدبولي كذلك رئيس البرلمان نبيه بري، «حيث تم عرض لتطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين لبنان وجمهورية مصر العربية»، بحسب ما جاء في بيان صادر عن رئاسة البرلمان.

وفيما أشارت مصادر مطلعة على الزيارة إلى أن مدبولي لم يحمل مبادرة سياسية محددة، لفت رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقائه عون، إلى أن «هدف الزيارة هو نقل رسالة دعم مصر الكامل في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها، ولكل الخطوات التي يقوم بها الرئيس عون والحكومة اللبنانية لتحقيق الاستقرار فيه، وفرض الجيش والمؤسسات اللبنانية السيطرة على كامل الأراضي اللبنانية وبسط السيادة عليها».

وشدد على أن «مصر تدين بشكل كامل كل الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الجنوب اللبناني، وتؤكد دعمها الكامل لتحقيق استقرار لبنان وبسط سيادته على كامل أراضيه من دون انتقاء وتفعيل القرار الأممي 1701».

سلام: تقدير للدور المصري في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي

وفي ختام المباحثات اللبنانية - المصرية، قال رئيس الحكومة نواف سلام في مؤتمر مشترك مع نظيره المصري، إن «هذه الزيارة تأكيد على عمق العلاقة الأخوية بين لبنان ومصر، وتجسيدٌ لإرادةٍ مشتركة في بناء شراكةٍ فعلية مسؤولة ومنتجة، وتحمل في طيّاتها أكثر من بُعد سياسي أو اقتصادي».

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام مستقبلاً رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي (رويترز)

وفي مؤتمر مشترك بين الطرفين، أكد سلام «التقدير العميق للدور المصري في دعم لبنان في عمله على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من جنوبه الغالي، ولوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية المستمرة، والإفراج عن أسرانا، وكذلك تقديرنا لمواكبة مصر الدائمة للبنان في مسيرته الإصلاحية، وتمسّكها الدائم بوحدته وسيادته، في كل الظروف».

تعاون اقتصادي في قطاعات حيوية

وتحدث سلام عن «الاجتماع الثنائي البناء» الذي جمعه بنظيره المصري، إضافة إلى الاجتماع الموسع بين الوفدين الوزاريين، وقال: «ما بدأناه معاً قبل أسابيع في القاهرة في إطار اللجنة العليا اللبنانية - المصرية، نتابعه اليوم بخطى عملية في بيروت».

وأوضح: «ناقشنا اليوم أولويات التعاون في عدد من القطاعات الحيوية: من الطاقة إلى النقل، ومن الصناعة إلى الاقتصاد الرقمي، ومن البنى التحتية إلى التعليم والري، وشددنا على ضرورة المتابعة الدقيقة لما اتُّفق عليه، بروح الشراكة لا المجاملة، وبمنهج التخطيط لا الارتجال».

لقاء بين رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي ورئيس الحكومة اللبناني نواف سلام في السراي الحكومي ببيروت (أ.ف.ب)

وفيما كان للجانب الاقتصادي حيّز في المباحثات التي قام بها مدبولي ببيروت، ثمّن سلام اهتمام نظيره المصري بلقاء الهيئات الاقتصادية، «سعياً لتعميق الشراكة بين القطاعين الخاصين اللبناني والمصري، واستكشاف فرص الاستثمار المشترك في إطار من الشفافية والمنافع المتبادلة».

مدبولي: زيارة تعكس عمق العلاقات بين البلدين

من ناحيته، قال مدبولي إن زيارته إلى بيروت «تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتأتي انعكاساً للتنامي المُطَّرد في وتيرة التواصل السياسي بين بلدينا في ظل العهد اللبناني الجديد، منذ استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس جوزيف عون، في مايو (أيار) 2025، وما تلا ذلك من زيارات مُتبادلة جَسَّدت خصوصية ومتانة العلاقات المصرية - اللبنانية».

وأشاد مدبولي بـ«النتائج الإيجابية والزخم الكبير الذي تَمخَّض عن الزيارات التي قام بها سلام سابقاً إلى القاهرة، وتوجت بانعقاد الدورة العاشرة للجنة المصرية - اللبنانية العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين بالقاهرة لأول مرة منذ 6 سنوات، وما شهدته من توقيع ما يقرب من 15 اتفاقية في مجالات اقتصادية وثقافية وإعلامية ودبلوماسية».

رئيسا الحكومة اللبناني نواف سلام والمصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي مشترك (أ.ب)

تعاون ثنائي وتقدير لعمل السلطات اللبنانية

وتحدث مدبولي من جهته، عما وصفه بـ«اجتماع موسع وبناء»، الذي عقد الجمعة، بحضور وزراء في مختلف القطاعات من البلدين، تناول مختلف أوجه التعاون الثنائي، إلى جانب مناقشة التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة، وأثنى بذلك على جهود رئيسي الجمهورية والحكومة، وثمّن الجُهود المضنية التي يبذلها الجيش اللبناني في إطار نهج مُتدرج ورؤية وطنية شاملة، استناداً إلى اتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة، إيماناً بأن الدولة القوية هي الضمانة، وأن الشرعية الجامعة هي الملاذ.

لبنان ركيزة للاستقرار

وجدد مدبولي التأكيد على «حرص مصر على مساندة لبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يواجه فيها تحديات استثنائية على المستويات كافة»، مشيراً إلى أن «مِصْر تنظر إلى لبنان باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في المشرق العربي، وهي لا تألو جهداً في مواصلة مساعيها للنأي بلبنان عن أي تصعيد»، مشدداً على «أنَّ مصر تُؤكد أن استقرار لبنان ووحدته الوطنية هما جُزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة العربية بأسرها».