الأمم المتحدة: التغيرات المناخية أثرت بشدة في اليمن

إعادة تأهيل البنية التحتية في 47 منطقة زراعية

أحد مشروعات تعزيز الأمن الغذائي في اليمن (إعلام رسمي)
أحد مشروعات تعزيز الأمن الغذائي في اليمن (إعلام رسمي)
TT

الأمم المتحدة: التغيرات المناخية أثرت بشدة في اليمن

أحد مشروعات تعزيز الأمن الغذائي في اليمن (إعلام رسمي)
أحد مشروعات تعزيز الأمن الغذائي في اليمن (إعلام رسمي)

أكد البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن التغيرات المناخية أثرت بشدة في اليمن، وبشكل كبير على قطاع الزراعة، وهو القطاع الحيوي الذي يعمل فيه عدد كبير من الأفراد، ويعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج الغذاء المحلي في البلاد التي يعيش نحو 70 في المائة من سكانها في الأرياف.

وحسب البرنامج، فإن معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن: «تعد من بين أعلى المعدلات في العالم؛ حيث تحتاج 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع، و2.2 مليون طفل دون الخامسة، إلى العلاج من سوء التغذية الحاد».

طفل يمني يعاني المجاعة في الحديدة غرب اليمن (رويترز)

واستجابة لأزمة الغذاء في اليمن، قال البرنامج إنه يعمل بتمويل من «المؤسسة الدولية للتنمية» التابعة للبنك الدولي، مع «الصندوق الاجتماعي للتنمية»، ومشروع الأشغال العامة، لتنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي؛ حيث ستستفيد 47 منطقة زراعية، جميعها مصنفة بمستوى منخفض في مؤشر الأمن الغذائي، من التدخلات التي تهدف إلى إعادة تأهيل وحماية بنيتها التحتية الزراعية، وتعزيز الممارسات الزراعية المقاومة لتغيرات المناخ، لمساعدة المجتمعات على الحفاظ على استدامة إنتاج الغذاء مستقبلاً.

ووفق ما تؤكده الأمم المتحدة، فإن هذه التدخلات «ستساهم بشكل مباشر وغير مباشر، في تعزيز الأمن الغذائي للأسر، من خلال إعادة استصلاح الأراضي الزراعية المتدهورة، وتطوير أنظمة الري، وتحسين وصول المزارعين إلى الأسواق، من خلال إعادة تأهيل الطرق».

السدود والطرقات تضررت أيضاً (إعلام رسمي)

كما سيتيح المشروع للسكان المحليين الفرصة للحصول على أجور لقاء عملهم في تنفيذ هذه المشروعات، من خلال برنامج «النقد مقابل العمل»، إلى جانب أنهم «يساهمون في بناء أصول قيمة لمجتمعاتهم المحلية».

استعادة الأصول المتهالكة

البرنامج الأممي أفاد بأن «الصندوق الاجتماعي للتنمية ينفذ في محافظة حجة (شمال غرب) عدة مشروعات، في إطار مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، بما في ذلك إنشاء خزانات لحصاد مياه الأمطار، وإعادة تأهيل قنوات الري والمناسح؛ حيث يعمل على استعادة الأصول المجتمعية المتهالكة، بما فيها تلك المتضررة من السيول، للتخفيف من آثار التغير المناخي، وتحسين الظروف المعيشية لسكان المناطق الريفية».

ونتيجة لتدخلات المشروع الأممي، سوف يتمكن المزارعون عبر خزانات حصاد مياه الأمطار التكميلية، من الاستمرار في زراعة أراضيهم حتى بعد توقف المطر؛ حيث تلعب الأنشطة الزراعية في اليمن دوراً محورياً، في الحفاظ على سبل العيش وحمايتها، خصوصاً بعد 8 سنوات من النزاع.

ورغم الآثار الإيجابية الواضحة لهذا المشروع، يؤكد القائمون عليه أن كثيراً من المزارعين ما زالوا مترددين في استغلال مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة، إما بسبب شحّ مياه الري، وإما بسبب انجراف الأراضي نتيجة الفيضانات والسيول.

الأراضي الزراعية الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية (تويتر)

ويقول عدنان عبد الحميد، مستشار مشروع خزانات حصاد مياه الأمطار، المنفذ من قبل «الصندوق الاجتماعي للتنمية» في محافظة حجة، إن المشروع سوف يساعد في استعادة الأراضي الزراعية، وتوفير موارد مائية للري التكميلي، حتى يتمكن المزارعون من مواصلة العمل وكسب الرزق.

ويضيف: «يتضمن المشروع إنشاء 3 خزانات لحصاد مياه الأمطار، بسعة إجمالية تبلغ 900 متر مكعب، لتمكين أكثر من 156 أسرة في الشريج والجالة وشعب الحربي، من الحصول على مياه للري».

ويستعرض عبد الحميد منافع المشروع على المدى الطويل. ويقول إنه «قبل هذه التدخلات، كان المزارعون يتكبدون خسائر فادحة بسبب شح المياه وجفاف الآبار بعد نهاية موسم الأمطار. لكن المشروع الآن يتيح لهم الوصول المستدام إلى المياه، ويشجعهم على الاستمرار في إنتاج المحاصيل، ويساعد في معالجة آثار التغير المناخي على هذا القطاع».

تعزيز الأمن الغذائي

طبقاً لما جاء في التقرير الأممي، فإن تدخلات مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي «لا تساهم في دعم القطاع الزراعي فحسب؛ بل أيضاً في ردم الفجوة في الأمن الغذائي في اليمن، من خلال ضمان استمرار الإنتاج الزراعي في تلبية الاحتياج المحلي للغذاء».

وفي إحدى عُزل مديرية عبس بمحافظة حجة، تشمل تدخلات المشروع إعادة تأهيل قنوات الري وبناء المناسح، في قريتي القفرة والمناذر من أجل الحفاظ على الأراضي الصالحة للزراعة، حتى أصبحت هذه التدخلات أصولاً زراعية؛ حيث يشارك المزارعون المحليون في بنائها للحصول على الدخل من خلال برنامج «النقد مقابل العمل».

لم يعرف اليمن منذ عقود هذه السيول الجارفة (فيسبوك)

ويقول علي أفندي، وهو مزارع يبلغ من العمر 60 عاماً: «إن قنوات الري والمناسح تساعد في الحفاظ على الأراضي الزراعية المعرضة لخطر الانجراف بسبب الأمطار الغزيرة والسيول. كما أن المناسح تزيد من قدرة الأراضي الزراعية على الاحتفاظ بالمياه وتحميها من الانجراف، عدا أنها ترفع من مستوى الري، مما يعني زيادة في إنتاج المحاصيل».

ويؤكد أفندي أنه بات بالإمكان توفير تكاليف استئجار الجرارات الزراعية لإصلاح الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة: «لأن المزارعين كانوا يعيشون في خوف دائم من أن الأمطار الغزيرة ستجرف أراضيهم؛ لكن كل ذلك قد تغير، وهم الآن مستعدون للموسم الزراعي القادم باطمئنان».

تحتاج 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع و2.2 مليون طفل دون الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة


مقالات ذات صلة

اتّساع نطاق الحرائق في لوس أنجليس... وحصيلة القتلى ترتفع إلى 16

الولايات المتحدة​ عنصرا إطفاء يتابعان حريقاً في باليساديس بلوس أنجليس (رويترز)

اتّساع نطاق الحرائق في لوس أنجليس... وحصيلة القتلى ترتفع إلى 16

اتّسع نطاق الحرائق الكثيرة المستعرة في لوس أنجليس منذ 5 أيام، التي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 16 قتيلاً، السبت، لتطول مناطق كانت بمنأى من النيران.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ براندون رود يساعد زوجته على ارتداء قناع وجه خلال تفقُّدهم الدمار الذي لحق منزلهم جراء حرائق لوس أنجليس (رويترز)

الشرطة: أصدرنا أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص جراء حرائق لوس أنجليس

قال قائد شرطة لوس أنجليس، اليوم الجمعة، إن أوامر إخلاء صدرت لنحو 153 ألف شخص جراء الحرائق، و166 ألفاً آخرين تلقوا إنذارات للاستعداد.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».