هال براندز

هال براندز
كاتب رأي من خدمة «بلومبيرغ» وأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة «جونز هوبكنز» الأميركية

أميركا وروسيا... أيتهما لها اليد الطولى؟

أخذ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، يتشدق عام 2014 بأن روسيا «قوة إقليمية»، وبلد قادر على إثارة المشكلات في دول الجوار، لكنه ليس قادراً على كسب نفوذ على مستوى العالم. لن يكون من المستغرب رؤية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسخر خلال الأسبوعين الماضيين من ذكرى تلك التصريحات. وتحتل القوات الروسية حالياً مواقع في سوريا كانت تحت سيطرة القوات الأميركية منذ بضعة أيام، فقط، وهو ما يرمز إلى انهيار مكانة أميركا في المنطقة، وصعود موسكو كوسيط رئيسي ذي نفوذ في الحرب الأهلية السورية. النفوذ الروسي في الشرق الأوسط حالياً أكبر من أي وقت مضى منذ أوج مجد حكم الاتحاد السوفياتي في الستينات.

موقع أوروبا في التنافس الأميركي ـ الصيني

شكّلت أوروبا عنصراً محورياً في معظم المنافسات التي اشتعلت بين قوى كبرى على مدار الـ500 عام الأخيرة، سواء أكانت موطناً لأحد طرفي الصراع أو لكليهما أم مسرحاً حاسماً لجهود المقاومة، والدليل على ذلك الحربان العالميتان اللتان اشتعلتا في القرن الماضي. لكن الحال لم تعد كذلك اليوم. ومع ذلك، ما زالت الدول الأوروبية قادرة على الاضطلاع بدور محوري في الصراع الأكبر في القرن الحالي، بين الصين وأميركا، وإلا ستتراجع مكانة القارة الأوروبية، لتصبح مجرد منطقة ضعيفة ومنقسمة على نفسها، تناضل من أجل ممارسة بعض النفوذ. من جانبها، تأمل الصين في تحقيق السيناريو الأخير، ولديها بالفعل استراتيجية لإنجاز ذلك.

حول المواجهة العسكرية بين العمالقة

من المؤكد أن اندلاع حرب أميركية ضد الصين أو روسيا سيكون أمراً مروعاً. وحتى إذا خرجت أميركا منتصرة - أمر غير مؤكد - فإنها قد تتكبد تكاليف فادحة وأعدادا ضخمة من الضحايا على نحو تتضاءل بجانبه حربا أفغانستان والعراق بشدة. إذن، هل من سبيل يمكن لواشنطن من خلاله إعاقة شن الصين هجوماً في المحيط الهادي أو إقدام روسيا على السيطرة على منطقة في شرق أوروبا، دون الحاجة لإنزال هزيمة مباشرة بقوات معادية؟

الحكومات الأوروبية ليس بإمكانها الالتفاف على الدولار

يمكن للأزمات أن تثير قدراً بالغاً من الدخان والاضطراب؛ لكنها قد تكشف كذلك بوضوح شديد الديناميكيات الأعمق المحركة للأحداث العالمية. ومن هذا المنظور يمكن القول بأن الأزمة القائمة بين الولايات المتحدة وإيران، تكشف النقاب عن معضلة كبرى: أن إدارة الرئيس ترمب تطلق العنان للقوة الأميركية، وفي الوقت ذاته تقلل منها. من ناحية، ذكَّرت أزمة إيران العالم بحجم القوة الحقيقية التي تملكها الولايات المتحدة في الواقع.

أميركا و«الحرب المزدوجة»

خلال العام ونصف العام الماضي، كانت وزارة الدفاع الأميركية تواصل إجراء التغييرات الجذرية في استراتيجية الدفاع الأميركية. وظلت وزارة الدفاع الأميركية تباشر إصلاح استراتيجية «الحرب المزدوجة» الدفاعية خلال الربع الأخير من القرن الماضي، لصالح الاستراتيجية الأخرى التي تركز على الفوز في معركة واحدة عالية المخاطر ضد الصين أو روسيا. وترتكز استراتيجية الحرب الواحدة على تقدير صحيح تماماً يفيد بأن هزيمة خصم القوى العظمى عسكرياً سوف يكون أصعب من أي شيء آخر اضطلع به الجيش الأميركي منذ عقود.

«صراع الحضارات» لا مكان له في سياسية أميركا الخارجية

لا نستطيع القول إن كبار المسؤولين الأميركيين غالبا ما يتذرعون بأفكار أكاديمية بحتة بالحكم على الأشياء من خلال أبراج عاجية عالية. لكن بداية الأسبوع الحالي استخدمت كيرون سكينر، مديرة إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأميركية، مفهوماً مثيراً للجدل ابتدعه صامويل هنتنغتون، الأستاذ بجامعة هارفارد، في وصف التنافس الأميركي الذي اتضحت ملامحه مع الصين. ففي الكلمة التي ألقتها بمركز بحثي بواشنطن، قالت سكينر إن نهوض الصين يشكل تحدياً للأجيال المقبلة وهو ما يتطلب استجابة واعية منهم.

السياسة الخارجية الأميركية والاستراتيجيات الكبرى

تعمّ حالة من الجدل العميق أوساط السياسة الخارجية في الولايات المتحدة بشأن الاستراتيجية الكبرى التي ينبغي على حكومة البلاد اعتمادها، في عصر التنافس الدولي المتسارع والمحتدم. ولكن ماذا لو أن الولايات المتحدة، المنقسمة على ذاتها داخلياً بسبب النزعات الشعبوية، والاستقطاب السياسي الشديد، وخيبة الأمل المتفشية، قد فقدت المقدرة الحقيقية على اعتماد أي استراتيجية على الإطلاق؟ تحوم أمارات هذا التكهن القاتم في آفاق السياسة الخارجية الأميركية مع تصارع راهن بين الأكاديميين ومحللي السياسات حول منطلقات رئاسة السيد دونالد ترمب لحكومة البلاد.

أميركا والهيكل الديموغرافي

على الرغم من أن أميركا تحصر تركيزها في الإنفاق العسكري وإجمالي الناتج الداخلي، باعتبارهما مؤشرين على وضع أميركا في مواجهة الصين وروسيا، تظل الحقيقة أن الصورة الديموغرافية العامة للولايات المتحدة تبدو واعدة للغاية، ما دامت البلاد قادرة على اجتياز الأخطار الديموغرافية التي يحملها المستقبل العالمي. ولأسباب عدة، يمكن القول بأن أبناء البلاد هم أصل قوتها. على سبيل المثال، فإن وجود سكان تنتمي نسبة كبيرة منهم إلى سن العمل يشكل مصدراً لقوة عسكرية.

أميركا الجنوبية ساحة الحرب الباردة الجديدة

أسفرت الأزمة السياسية الراهنة في فنزويلا عن حالة صدام شبه محتملة بين الولايات المتحدة والرئيس الفنزويلي الذي يقاتل لئلا يغادر منصبه. بيد أن الأزمة هناك تحمل قدراً أكبر من الأهمية؛ إذ إنها تعكس أن أميركا اللاتينية قد تحولت مجدداً إلى ساحة المجالدة التي تناضل فيها مختلف القوى الدولية العظمى من أجل بسط النفوذ واكتساب المنفعة.

«البريكست» يدمر استراتيجية بريطانيا العالمية

مع الاستعداد لإجراء تصويت برلماني «حقيقي» وحاسم، الثلاثاء، يبدو أن لحظة الحقيقة، المتعلقة باتفاق «البريكست» الذي تفاوضت بخصوصه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قد حانت هذا الأسبوع (تقرر تأجيل التصويت في مجلس العموم - المحرر). ومن الواضح أن الاتفاق سيخلف تداعيات كبرى على مستقبل المملكة المتحدة.