محسن المحمدي
أخرج الدكتور أمين كنون للوجود، ترجمة لكتاب بعنوان «عبادة المشاعر» لصاحبه ميشال لاكروا عن دار أفريقيا الشرق. وهو الكتاب الذي صدر باللغة الفرنسية عام 2001 عن دار فلاماريون: Flammarion. وفي الحقيقة، وإن وقع تأخر في الترجمة، فإن الكتاب ما زال يحافظ على راهنيته وكأنه كتب اليوم، وهو يعالج قضية مثيرة وهي عودة المشاعر في زمننا المعاصر وبشكل مسرف، لكن ليست أي مشاعر، بل مشاعر بعينها، إنها مشاعر «الصدمة»، التي تشعل الذات كنار تشتعل، لكن ما تلبث أن تنطفئ، ليعاود المرء البحث عن أحاسيس أخرى هائجة مائجة، وذلك عبر دورة لا تنتهي.
صدر في بداية هذه السنة مؤلف طريف للفيلسوف ميشال حنا متياس بعنوان: «الصداقة... قيمة أخلاقية مركزية» عن سلسلة «عالم المعرفة» الكويتية، ونشير بداية إلى أن المؤلف هو أستاذ فلسفة متقاعد درس في كلية ميلسابس (ميسيسيبي) من 1967 إلى 1999 ثم التحق بجامعة الكويت إلى حدود سنة 2004، وهو مهتم بالأساس بفلسفة الفن والجمال والأخلاق. وأما الأصل في كتابه الذي نتناوله بالتعريف هنا فقد كان باللغة الإنجليزية، وصدر عام 2012، وترجمه صاحبه نفسه إلى اللغة العربية. وبصراحة نقول إنه مكتوب بحس جمالي مرهف وبتبسيط «بيداغوجي» هائل يرحم المتلقي، بل يشعره بالمتعة والتشويق.
حينما ينفجر مفهوم في لحظة تاريخية محددة وفي حقل معين، فإنه لا ينبثق فجأة وبشكل مباغت، بل يكون قد تم الإعداد له على نار هادئة. بمعنى آخر نقول إن المفهوم ليس شيئاً يسقط كوحي على عقل عبقري نحته وأطلقه للوجود، بل هو يتشكل في مرجل التاريخ، بحيث نجد له جذوراً وأصولاً مهدت له وأسهمت في إخراجه إلى حيز الوجود، أو لنقل بكلمة أوضح، إن كل مفهوم هو بالضرورة كائن تاريخي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن انطلاق المفهوم وتشكل دلالته واحتلاله موقعاً وحيزاً في عقول المفكرين، لا يعني أن الأمر انتهى وتم إغلاقه. بل العكس هو الذي يحدث، إذ يأخذ الأمر مساراً آخر.
بعد إصداره لكتابه «دين الحياء» بأجزائه الثلاثة، صدر للدكتور طه عبد الرحمن، عن المؤسسة العربية للفكر والإبداع في بيروت، كتاب جديد بعنوان «سؤال العنف». ميزة هذا المنجز الجديد المخصص لدراسة «العنف»، تكمن في أن قسمه الأكبر جاء في شكل حوار أجرته معه المؤسسة الناشرة، ما أعطاه حيوية، بالإضافة إلى ما فيه من تشويق ومتعة. فالحوار كما نعلم، قد يفضح بعضا من نيات الكاتب، نظرا لما تنطوي عليه الأسئلة من عنصر المفاجأة، التي تجعل الباحث يطرق مواضيع، قد لا يعيرها اهتماما، إن كان يكتب في غياب محاور. ينطلق طه عبد الرحمن في تمهيد كتابه، من ذكر حيرته الدائمة من عنف الإنسان وقسوته تجاه أخيه الإنسان، وهو العاقل.
لا تجد الفكرة الثورية قبولاً سريعاً عند الناس إلا بعد نضال طويل. فدائماً تكون الفكرة السابقة عليها مهيمنة ومتغلغلة في نسيج الذهن، إلى درجة أن اقتلاعها أو تغييرها يكون عسيراً جداً. ومن جهة أخرى، يكون ثمن ميلاد الأفكار الجديدة باهظاً على حامليها؛ إذ إن الجماعة العلمية المتشبثة بالأفكار القديمة، لها من السلطة والقوة بحيث تهاجم كل من يقول بعكس ما هو مألوف. لأن الأمر، أحيانا، يهدد مصالحها التي اكتسبتها عبر الزمن. لهذا نجدها تجيش الجمهور ضد كل من يقول بالجديد المشوش على السير المعتاد للأمور.
يتقدم الإنسان في السن وتتضخم معه ذاكرته تدريجيا، إلى درجة يحس معها بثقل يجره إلى الخلف، مما يعوق أحيانا فعله في الحاضر، وبالتالي عرقلة تطوره إلى الأمام، الأمر الذي يجعل النصيحة جاهزة بضرورة نسيان الماضي لكي يعطي المرء نفسه فرصة لاستثمار الحاضر، واستغلاله بوصفه قوة دافعة نحو التقدم وتطوير ملكات أخرى لوضعيات جديدة. لكن، هل يمكن نسيان الماضي حقا؟ ألسنا بحاجة إلى نقط ارتكاز وإلى معالم منه لفهم الحاضر؟
صدر أخيراً، عن المؤسسة العربية للفكر والإبداع ببيروت، كتاب جديد للدكتورة يمنى طريف الخولي، بعنوان رئيسي: «نحو منهجية علمية إسلامية»، وعنوان فرعي: «توطين العلم في ثقافتنا». والكتاب جاء تتويجاً لمسار الباحثة في مجال «الابستمولوجيا»، مستجيباً هذه المرة، لهموم عالمنا العربي - الإسلامي.
يعد الطب من أقدم المعارف الإنسانية، نظرًا لتعلقه بالألم الذي ما هو إلا إنذار بالموت. لهذا فالطب اتخذ من الجسد موضوعًا له، من أجل تخفيف آلامه، وتأجيل حالة الموت عنه ما أمكن. كما أن الطب هو علاقة بين منفعل هو المريض العليل، والفاعل الذي هو الطبيب الذي يسعى إلى تقديم العلاج المناسب. وفي الحقيقة إذا كان المنفعل لم يتغير كثيرًا، فإن الفعل الطبي قد تعرضت طرقه إلى التحول مع مر العصور. وما وصل إليه الطب في زماننا شاهد على ذلك، فإنجازاته أصبحت مذهلة كمًا وكيفًا. إلا أن الأمر لم ينشأ دفعة واحدة. فلا شيء من لا شيء.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة