محاسن مرسل
فَقَدَ القطاع المصرفي اللبناني أداة أساسية كانت لتؤمِّن له الاستمرار والنمو، تتمثل في ثقة المودعين والمتعاملين معه. كانت أواخر عام 2019 فترة السقوط الكبير للقطاع المصرفي، بوصف المتابعين والمحللين لتسارع الأحداث والتطورات المالية والنقدية والاقتصادية، وحتى السياسية.
أقدمت الدولة اللبنانية على قرار تعليق دفع استحقاق 9 مارس (آذار) لسندات اليوروبوندز، في إجراء سيحتم استحقاق الإصدارات الـ29 للبنان... منها ثلاثة استحقاقات، كان على لبنان أن يواجهها هذا العام مجموعها 4.6 مليار دولار ما بين أصل وفائدة. وبالتالي، فإن قرار الحكومة هذا، جمّد نحو مليار دولار و800 مليون دولار، خدمة دين للعام 2020، كانت تثقل الخزينة المنهكة أصلا. ولكن ماذا بعد؟ قد تسير المفاوضات مع الدائنين حاملي السندات اللبنانية، والتي يتولاها الاستشاري المالي «لازارد»، بالتوازي مع رفع الدائنين دعاوى على الدولة اللبنانية.
فتحت الأزمة اللبنانية المتشعبة باب المقارنة مع أزمات سابقة حصلت في دول أخرى، بحثا عن النقاط المشتركة التي وجدت لها المراكز الدولية حلولا ناجعة، ما قد يسهل عملية استدراج برامج الإنقاذ لا سيما التقنية منها. وفي خلال عمليات المقارنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت وحدة الأبحاث والدراسات «ميريل لينش» التابعة لـ«بنك أوف أميركا»، في العام الماضي، بإعداد دراسة لها علاقة بإعادة هيكلة الديون التي فرضها صندوق النقد، وتأثير ذلك على القطاع المصرفي.
لم يشهد لبنان وصول نسبة التضخم إلى مستويات مرتفعة كما هي حالياً منذ سنوات، فأسعار السلع الاستهلاكية، لا سيما المواد الغذائية منها، لامست الخطوط الحمراء. وبين حقيقة إرخاء أزمة شح الدولار ظلالها على السوق المحلية، ومنع تحويل أو فتح اعتمادات مستندية للاستيراد من الخارج، اختلطت الأمور.
مائة وخمسة وتسعون ألف عامل مهددون بخسارة وظائفهم، على الرغم من الجودة التي تتميز بها الصناعة اللبنانية في كافة منتجاتها، إلا أنها تعاني من مشاكل وأعباء، تتراكم سنة بعد أخرى؛ وسعى القائمون على القطاع الصناعي لإيجاد حلول والحفاظ على استمرارية هذا القطاع. وفي ظل صمت مطبق من الحكومات المتعاقبة، والتي غيبت أي خطط لدعم القطاع الصناعي، الذي يبلغ إجماليه 13 مليار دولار، موزعة بين 10 مليارات دولار لصناعات تباع داخليا، و3 مليارات دولار تصدر إلى الخارج، وبحسب وزارة الصناعة، يعمل في مجال الصناعة 195000 عامل، في 5500 مصنع. وفاقمت مؤخرا أزمة سعر الصرف المزدوج للدولار، ومنع التحويلات إلى الخارج لشراء المواد
أدت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في لبنان إلى تراجع القدرة الشرائية بمعدل 25 إلى 30 في المائة، وإلى زيادة معدلات التضخم إلى أكثر من 9 في المائة، وإلى غلاء المواد الاستهلاكية ما بين 10 و30 في المائة، وتأثر بها المواطن اللبناني بما يتخطى النازح السوري في لبنان، رغم أن العامل السوري المقيم في لبنان تأثرت تحويلاته إلى بلاده أيضاً بالعملة الصعبة. ويوضح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب لـ«الشرق الأوسط» أن انفجار الأزمة الاقتصادية والمالية هذا العام، والشح في السيولة، لا سيما الدولار، واتخاذ المصارف إجراءات صارمة، من خلال تحديد سقف للمسحوبات بالليرة اللبنانية، ومنع سحب الدولار إلا بمبلغ يتراوح بين 3
ما من حديث عن الأزمة المالية والاقتصادية والنقدية الحالية في لبنان إلا وتتربع فيه المصارف اللبنانية على رأس النقاش.
لا تزال الورقة الاقتصادية التي عرضها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، بالتزامن مع إحالة مشروع قانون موازنة العام المقبل إلى المجلس النيابي، موضع نقاشات خافتة في الأوساط الاقتصادية، في ظل تواصل التحركات الاحتجاجية التي تشمل كل المناطق اللبنانية، وتطالب بتغيير سياسي واقتصادي يتجاوز مضمون الإصلاحات التي تعرضها الحكومة. ويعتبر أمين سر الجمعية الاقتصادية اللبنانية الدكتور بيار الخوري، أن الرئيس الحريري يحاول القول إن الحكومة قادرة على إنتاج موازنة مع أقل نسبة عجز، يلامس الصفر في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وفتح الطريق أمام استقطاب الاستثمارات الخارجية، وبالأخص بدء انسياب أموال مؤتمر «سيدر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة