كل الطرق تؤدي إلى غلاء جنوني في لبنان

مواد استهلاكية أساسية مفقودة... والقطاع التجاري يعاني شح السيولة الدولارية

TT

كل الطرق تؤدي إلى غلاء جنوني في لبنان

لم يشهد لبنان وصول نسبة التضخم إلى مستويات مرتفعة كما هي حالياً منذ سنوات، فأسعار السلع الاستهلاكية، لا سيما المواد الغذائية منها، لامست الخطوط الحمراء. وبين حقيقة إرخاء أزمة شح الدولار ظلالها على السوق المحلية، ومنع تحويل أو فتح اعتمادات مستندية للاستيراد من الخارج، اختلطت الأمور. لكن النتيجة واحدة؛ غلاء جنوني للأسعار بحيث تحول هَمّ اللبناني من الحصول على سلع ذات جودة أو مستوردة من الخارج، لا سيما الغذائية منها، إلى التفتيش عن سلع رخيصة السعر.
وتعددت العناصر الدافعة للتضخم إلى الارتفاع الهائل، بين كمّ السلع المفقودة من السوق المحلية، ووقف التحويلات إلى الخارج بهدف الاستيراد، وغياب نظام الحماية للصناعة المحلية، والمنتجات التي لا تصنع في لبنان... وحتى تلك التي تصنع منها، كانت تواجه إغراق السوق الاستهلاكية ببضاعة تنافس الصناعة محلية المنشأ نظراً لطبيعة «السوق الحرة في لبنان».
يدخل الاقتصاد القائم على استيراد 80 في المائة من حاجياته، والمدولر (المتعامل بالدولار) بنسبة وصلت في عام 2019 إلى 74 في المائة، اليوم مرحلة جديدة يفترض أن ترتكز على بناء نظام اقتصادي بعيد كل البعد عن الريعية، ويستند إلى دعم القطاعات الإنتاجية، لا سيما الصناعة والزراعة منها، وعلى التحوط لأي أزمة قد تحصل في المستقبل.
ومع مرحلة المخاض هذه، نقطة إيجابية واحدة، ظهرت للعيان، تمثلت في تراجع العجز في الميزان التجاري من 17 مليار دولار إلى نحو 15 ملياراً، وسط توقعات بتسجيل مزيد من التراجعات في هذا العجز قد تبلغ أكثر من النصف هذا العام، وذلك نتيجة فرض ضوابط على التحويل أو ما يعرف بـ«الكابيتال كنترول» والشحّ في سيولة الدولار الأميركي، وبدء اعتماد المواطن اللبناني على نظام استهلاكي مغاير لما كان سائداً قبلاً، حين كانت السوق اللبنانية متخمة بالحاجيات الأساسية وبالكماليات.
نقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد، شرح لـ«الشرق الأوسط» أن «أزمة الدولار هي العامل الأساسي والمحوري، وراء زيادة أسعار المواد الغذائية؛ إذ ارتفعت الأسعار بما بين 50 و60 في المائة، لا سيما في البضائع المستوردة أو حتى تلك التي بدأت تصبح غير متوافرة بالكمّ اللازم للزبون. فمثلاً، بلغت الزيادة نحو 60 في المائة على البضائع التي استوردت أخيراً على سعر صرف دولار يبلغ 2300 ليرة لبنانية في السوق الموازية، وفي ظل وقف التسهيلات والتحويلات المصرفية إلى الخارج إلا في حال إيداع (دولارات طازجة) ومن ثم تحويلها إلى الخارج لشراء الحاجيات الأساسية، كمثل استيراد الحبوب والسكر. كما تراجعت السلة الاستهلاكية للمواطن بحدود ما بين 20 و25 في المائة بسبب تراجع القدرة الشرائية، وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنحو 60 في المائة».
ولفت فهد إلى أن وقف التسهيلات الائتمانية، وحصر التعاطي والتعامل بين المصرف والتاجر، وحتى بين التاجر والمصدرين في المنشأ؛ «كل ذلك أدى إلى تباطؤ في دورة التموين، والتي تمتد بين التصنيع، وحتى تصدير البضاعة، حيث تتراوح هذه المدة بين شهر و4 أشهر أو أكثر من ذلك حسب نوعية كل منتج... فضلاً عن أن تآكل القدرة الشرائية لدى كثير من المواطنين، واقتصار شرائهم على المواد الاستهلاكية، دفع ببعض المستوردين إلى تقليص استيراد بعض المواد، خوفاً من انتهاء تاريخ صلاحياتها دون أن يتمكنوا من تصريفها».
ونفى فهد أن يكون هنالك أي ارتفاع جنوني للصناعة المحلية؛ «إذ لم تتجاوز الزيادة نسبة 5 في المائة، وهي طالت فقط المواد الغذائية كالحبوب والتي يتم تعليبها في لبنان».
بدوره، عرض باسم البواب، عضو مجلس إدارة «جمعية تجار بيروت»، معاناة القطاع التجاري، لا سيما «الانخفاض الدراماتيكي للمبيعات، والذي وصل إلى أكثر من 80 في المائة في بعض القطاعات، بسبب وقف التسهيلات المصرفية، ومنع التحويل إلى الخارج، مما أدى إلى إقفال كثير من خطوط الإنتاج محلياً»، وتعذر الاستيراد خارجياً. وأوضح أن كل ما سبق «كانت له تداعياته السلبية على العامل اللبناني. فإلى اليوم تم تسريح أكثر من 200 ألف عامل، وهو رقم مرشح للارتفاع في الأشهر المقبلة إلى ما بين 400 و500 ألف.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.