القوات العراقية تفتح ممرات آمنة في الموصل القديمة

مجلس المدينة يقرر طرد عائلات مسلحي «داعش»

عراقي يحمل جريحاً وهما يحاولان الهرب من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
عراقي يحمل جريحاً وهما يحاولان الهرب من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تفتح ممرات آمنة في الموصل القديمة

عراقي يحمل جريحاً وهما يحاولان الهرب من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
عراقي يحمل جريحاً وهما يحاولان الهرب من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)

رغم فتح القوات العراقية عدة ممرات في الموصل القديمة لخروج المدنيين المحاصرين من قبل مسلحي «داعش»، فإنه وبعد مرور 3 أيام على انطلاقة عملية تحرير آخر معاقل التنظيم في الموصل، لم تشهد المدينة خروج أي مدني إلا بمساعدة القوات الأمنية. في غضون ذلك، قرر مجلس قضاء الموصل وبالإجماع طرد عوائل مسلحي التنظيم من أحياء ومناطق المدينة المحررة وإيواءهم في مخيمات.
وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «وصلت قطعات من المحور الشمالي للمدينة القديمة إلى حافة نهر دجلة، وهي تحاصر حالياً مستشفى الجمهوري في حي الشفاء»، لافتاً إلى أن قواته تواصل التقدم في المدينة القديمة باتجاه الأهداف المرسومة لها وبإسناد من الأسلحة المتوسطة والقاذفات المحمولة. وبحسب إحصائيات الشرطة الاتحادية، فإنها قتلت خلال اليومين الماضيين أكثر من 27 مسلحاً من التنظيم ودمرت 3 عجلات مفخخة و6 دراجات نارية. وكشف الفريق جودت، أن وحدات خاصة تُطلق عليها «كتيبة القتال الليلي» أوكلت إليها مهمة تحرير منطقة السرجخانة، التي تعد مركز القيادة والسيطرة لتنظيم داعش في المدينة القديمة.
ومع كل تقدم تحرزه القوات الأمنية العراقية في معارك المدينة القديمة، تفتح ممراً جديداً لخروج المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات والذين يتخذهم مسلحو «داعش» دروعاً بشرية، حيث يحبسونهم داخل منازلهم ويعتلي قناصة من التنظيم تلك المنازل ويشتبك منها مع القوات الأمنية. وقال مسؤول إعلام قوات الشرطة الاتحادية العقيد عبد الرحمن الخزعلي، لـ«الشرق الأوسط»: «في قاطع قواتنا فقط هناك أكثر من 6 ممرات آمنة لخروج المدنيين منتشرة في أحياء باب الطوب وباب جديد وباب البيض». وتزامناً مع استمرار القوات العراقية في عملية تحرير مدينة الموصل من مسلحي «داعش»، أصدر مجلس قضاء الموصل قراراً ينص على طرد جميع عوائل مسلحي «داعش» من المدينة إلى خارجها. وأوضحت عضوة مجلس قضاء الموصل، رشا علي، لـ«الشرق الأوسط»: «إصدار هذا القرار كان ضرورياً جداً، لأن عوائل إرهابيي (داعش) يشكلون خطراً على المدينة، ولا يمكنهم في الوقت الحالي الانسجام مع الناس الذين لم ينتموا إلى التنظيم»، مشيرة إلى أن المجلس يعتمد في تنفيذ القرار على الإحصائيات والأسماء الموجودة لدى الأجهزة الأمنية وقوات الجيش العراقي.
وأردفت بالقول: «نحن أصدرنا هذا القرار لمصلحة وفائدة المجتمع الموصل، ومجلس المحافظة سينظر فيه كسلطة تشريعية، وننتظر قرار مجلس المحافظة للمباشرة بتنفيذ القرار». وأوضحت أن القرار «ينص على عزل عوائل مسلحي (داعش) عن المجتمع الموصلي في مخيمات خاصة خارج الموصل». وشددت بالقول: «في حال تهيئتهم فكرياً ونفسياً وعقلياً، وإذا تمكنوا من محو التنظيم وأفكاره المتشددة من فكرهم، حينها من الممكن أن نفكر في إعادتهم إلى المدينة».
إلى ذلك، كشفت خلية الإعلام الحربي العراقية في بيان لها، أمس، أن قوات الفرقة السادسة عشرة من الجيش العراقي ألقت القبض على المذيع ومقدم البرامج في إذاعة البيان (إذاعة تنظيم داعش) المدعو علاء سامي الخطيب في منطقة النبي يونس في الجانب الأيسر من الموصل بعد إبلاغ المواطنين عن مكان وجوده. وأول من أمس، أصيب 3 صحافيين فرنسيين بجروح وقتل صحافي كردي عراقي يدعى بختيار حداد يعمل معهم منسقاً ومترجماً، لدى انفجار لغم أثناء مرافقتهم القوات العراقية في الموصل. وأعلنت إدارة قنوات التلفزة الفرنسية الحكومية فجر أمس، أن الصحافي الفرنسي ستيفان فيلنوف توفي متأثراً بإصابته، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.