البكتيريا الصديقة... أبحاث علمية حديثة لفهم تأثيراتها الصحية

قد تصبح وسيلة سهلة وغير مكلفة لتخفيف أعراض عدد من الأمراض

البكتيريا الصديقة... أبحاث علمية حديثة لفهم تأثيراتها الصحية
TT

البكتيريا الصديقة... أبحاث علمية حديثة لفهم تأثيراتها الصحية

البكتيريا الصديقة... أبحاث علمية حديثة لفهم تأثيراتها الصحية

رغم عدم حسم الخلاف بين أبي نواس وابن الرومي حول القائل الحقيقي لشطر البيت «وداوني بالتي كانت هي الداء»، إلا أن الباحثين الطبيين لا يزالون منهمكين في ورشة عمل مستمرة مع البكتيريا، التي هي بالأصل المتسبب الأول في الأمراض الميكروبية المعدية، لتوظيفها في عملية الاستثمار الطبي بغية الاستفادة منها في معالجة أنواع شتى من الأمراض والاضطرابات الصحية.

بكتيريا صديقة
والمتابع للمجلات والدوريات الطبية العلمية يلحظ أن ماكينات البحث العلمي لا تتوقف عن إصدار مزيد من الدراسات الطبية الحديثة حول نتائج طرح الاستفادة من البكتيريا بصفتها صديقا من الممكن أن يسهم بصفته وسيلة طبية لمعالجة الأمراض والاضطرابات الصحية.
وضمن عدد الأول من مايو (أيار) لمجلة «الدماغ والسلوك والمناعة» Brain، Behavior، and Immunity، نشر الباحثون من كلية جونز هوبكنز للطب نتائج دراستهم العلاقة بين حالة مرضى انفصام الشخصية، أو الشيزوفرينيا Schizophrenia، وبين إضافة البكتيريا الصديقة للطعام، كما في لبن الزبادي، في معالجة الالتهابات الفطرية Yeast Infections واضطرابات الجهاز الهضمي Bowel Problems لديهم.
ولاحظ الباحثون أن ذلك السلوك الغذائي لم يخفف فقط من تلك الاضطرابات في عمل الجهاز الهضمي والتهابات الفطريات، بل تجاوزه إلى خفض وتيرة حصول الهلوسات والأوهام، وبخاصة لدى من لا يعانون منهم الالتهابات الفطرية. وهو ما علق عليه الباحثون بالقول: إنه يُعزز الأدلة المتنامية التي تربط بين العقل وبكتيريا الأمعاء، وإن تناول تلك الأطعمة المحتوية على البكتيريا الصديقة قد يكون وسيلة سهلة وغير مكلفة لتخفيف أعراض مرضى انفصام الشخصية.
وطرح الباحثون من جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة ضمن عدد 26 أبريل (نيسان) الماضي من مجلة «مايكروبيوم» العلمية Microbiome، نتائج دراستهم للتأثيرات الإيجابية للبكتيريا التي تستوطن الأمعاء بشكل سلمي في تخفيف حدة المعاناة لدى المرضى المصابين بمرض «متلازمة التعب المزمن» Chronic Fatigue Syndrome.
وفي عدد 22 فبراير (شباط) الماضي لـ«المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية» American Journal of Clinical Nutrition طرح الباحثون من جامعة فلوريدا الدور الإيجابي لتناول مجموعة من بروبيوتيك Probiotic، وهي المتممات الغذائية المحتوية على البكتيريا الحية، في تخفيف أعراض الحساسية، وبخاصة أنواع الحساسية الموسمية Seasonal Allergy لأنواع شتى من مثيرات الحساسية المنتشرة في البيئة المحيطة خلال فصل الربيع.
وكان الباحثون من جامعة فيرجينيا للنظام الصحي في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا قد عرضوا ضمن عدد 19 سبتمبر (أيلول) الماضي من مجلة «ساينتفك ريبورتس» Scientific Reports، عزمهم تطوير النتائج الإيجابية المشجعة لتأثيرات تناول البكتيريا الصديقة من نوع لاكتوباسيليس Lactobacillus الموجودة في اللبن الزبادي Yogurt من أجل تحقيق تعديل وخفض شدة أعراض حالة الاكتئاب لدى المرضى؛ وذلك بعد ملاحظتهم فاعلية ذلك على سلوكيات أنواع من الحيوانات.
كما طرح الباحثون من قسم أمراض القلب بجامعة تزهاو بالصين نتائج مراجعتهم العلمية التحليلية Meta - Analysis لخمس وعشرين دراسة طبية حول البكتيريا الصديقة، وعلاقتها بوزن الجسم وبـ«مؤشر كتلة الجسم» BMI. ووفق ما تم نشره ضمن عدد يوليو (تموز) الماضي من «المجلة الدولية لعلوم الطعام والتغذية» International Journal of Food Sciences and Nutrition، أفادوا في نتائجهم بأن كثرة تناول الأطعمة المحتوية على البكتيريا الصديقة يحسن من فرص خفض وزن الجسم وتعديل مؤشر كتلة الجسم نحو المستويات الطبيعية. وأضافوا: إن النتائج الإيجابية تلك تظهر في وقت قصير نسبياً، وتحديداً خلال ثمانية أسابيع من الحرص على تناول لبن الزبادي وغيره من الأطعمة المحتوية على البكتيريا الصديقة.

نبيت جرثومي
ومصطلح مايكروبيوم Microbiome العلمي يقصد به مجموع البكتيريا المتعايشة مع الإنسان بشكل سلمي، إما على سطح الجسم أو في داخل الأمعاء وأجزاء أخرى من مناطق الجسم المختلفة كالفم والأعضاء التناسلية وغيره، وهي التي تُسمى بالترجمة العربية «النبيت الجرثومي المعوي»، وتسمى التي تعيش على جلده بـ«النبيت الجرثومي الجلدي». والحقيقة أن مصطلح «ميكروبيوم» هو مصطلح حديث طرحه لأول مرة العالم يوشوا ليدربيرغ من خلال مشروع الجينيوم، وبعدما انتهاء تعيين الجينيوم البشري اقترح البدء في تحديد مجموع جينات «النبيت الجرثومي» الذي يتعايش مع الإنسان في جسمه، ذلك أنه يشترك مع الإنسان العائل له في عملية التمثيل الغذائي ويُؤثر على صحة الإنسان البدنية والنفسية بشكل مباشر.
وضمن الدراسة المتقدمة الذكر للباحثين من جامعة فيرجينيا للنظام الصحي، لاحظ الباحثون في نتائجهم حصول تأثيرات إيجابية لتناول البكتيريا الصديقة من نوع لاكتوباسيليس الموجودة في اللبن الزبادي على خفض مستوى شدة أعراض حالة الاكتئاب، كما توصل الباحثون في دراستهم إلى فهم آلية تأثيرات تناول تلك الأنواع من الأطعمة المحتوية على البكتيريا الصديقة في تحسين حالة المزاج، وهو ما يعطي صورة أوضح حول العلاقة بين البكتيريا الصديقة في الأمعاء، ومستوى الصحة العقلية والنفسية.
وعلق الدكتور ألبان غولتييه، الباحث الرئيس في الدراسة من مركز العلوم العصبية بجامعة فرجينيا، بالقول: «حينما نستخدم البكتيريا الصديقة، فإن الأمل الكبير في هذا النوع من الأبحاث هو أننا لا نحتاج إلى أن نقلق حول الأدوية المعقدة التركيب والآثار الجانبية المحتملة لها في معالجة الاكتئاب. وسيكون تغير النظام الغذائي وتغير نوعية البكتيريا التي نتناولها له تأثير كالسحر»، على حد قوله. وأضاف: إن الاكتئاب أحد أكثر أنواع الاضطرابات النفسية شيوعاً بين الناس، وإن الإحصائيات الطبية في الولايات المتحدة تشير إلى أن أكثر من 7 في المائة من الناس لديهم حالة الاكتئاب، أي أكثر شيوعاً من أمراض القلب، وهي مشكلة صحية كبيرة، ومعالجتها تأتي بآثار جانبية واسعة. وقال الباحثون: إن البكتيريا الصديقة لها علاقة بالاكتئاب، وتحديداً لاحظوا أن البكتيريا الصديقة من نوع لاكتوباسيليس ينخفض وجودها في الأمعاء مع بدء حصول حالة الاكتئاب، وتعويض ذلك بتناول لبن الزبادي المحتوي عليها يُعيد الحالة المزاجية إلى المستويات الطبيعية، ويُزيل ظهور أعراض وعلامات وجود الاكتئاب.
وتعمق الباحثون في دراستهم عبر تتبع نسبة احتواء الدم على المركبات الكيميائية من نوع كاينيرينين kynurenine التي يثير ارتفاعها الإصابة بحالات الاكتئاب، وأن عند انخفاض نسبة تواجد البكتيريا الصديقة من نوع لاكتوباسيليس ترتفع نسبة تلك المركبات الكيميائية الضارة بالمزاج.

استيطان الأمعاء
في دراسة الباحثين من جامعة كولومبيا حول التأثيرات الإيجابية للبكتيريا التي تستوطن الأمعاء بشكل سلمي في تخفيف حدة المعاناة لدى المرضى المصابين بمرض «متلازمة التعب المزمن»، لاحظ الباحثون أن نوعية تركيب مستعمرات البكتيريا الصديقة التي تستوطن أمعاء الشخص السليم تختلف عن تلك التي لدى المرضى المصابين بحالة متلازمة التعب المزمن. وتعتبر هذه الدراسة الحديثة أول دراسة ربطت بين مكونات «التركيبية السكانية» للبكتيريا الصديقة في الأمعاء وحالة المرض الغامض والمضعف المعروف بمتلازمة التعب المزمن. وعلق الدكتور إيان ليبكن، الباحث الرئيس في الدراسة ومدير مركز العدوى والمناعة بكلية ميلمان للطب في جامعة كولومبيا، بالقول: «ليس من الواضح هل هذا الاختلاف في وجود البكتيريا الصديقة سبب أم نتيجة لوجود حالة التعب المزمن، ولكن له علاقة بشدة المعاناة منها». ووفق ما تشير إليه الإحصائيات الحديثة للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها بالولايات المتحدة U.S. Centers for Disease Control and Prevention، يعاني فيها هذه الحالة المرضية أكثر من مليون إنسان، والناس الذين يعانون هذه المتلازمة المرضية يشكون عادة من التعب الشديد بعد بذل المجهود البدني وآلام في المفاصل والعضلات، كما يعانون صعوبات في التفكير وصعوبات أخرى في الخلود إلى النوم المريح.
وتضيف المراكز المذكورة: إن من المثير للاهتمام أن فقط نحو 20 في المائة من المصابين بمتلازمة التعب المزمن يتم تشخيصهم طبياً، ويعلمون أن لديهم تلك الحالة، بينما الـ80 في المائة من المصابين فعلياً بها لا يعلمون ذلك، ويتأخر تشخيص إصابتهم بها، ويطول أمد معاناتهم منها. وتشير كثير من المصادر الطبية إلى أن ثمة أسبابا عدة لتأخير التشخيص، لعل من أهمها أن تشخيص الإصابة هو أمر صعب، ويحتاج إلى حس توقع عال لدى الطبيب بإمكانية وجود الإصابة بتلك الحالة لدى المريض، إضافة إلى ظن الكثير من الناس أن ما يعانونه أعراض التعب وغيره ربما ناتجة من أسباب ليست مرضية.
وقال الدكتور ليبكن: «هذه البكتيريا تؤثر في كيفية شعورنا، وكيف يتفاعل جهاز مناعة الجسم لدينا ومدى مقاومة أجسامنا للإصابة بالأمراض»، وفي الدراسة، قام الباحثون بتحليل مكونات عينات من البراز للمشاركين في الدراسة بغية معرفة علاقة عدم التوازن البكتيري في بيئة الأمعاء ومتلازمة التعب المزمن، وذلك لدى مجموعة من المرضى، وأخرى من الأصحاء المشاركين في الدراسة. وتم إجراء التحليل الجيني لتحديد كمية ونوعية البكتيريا في عينات البراز تلك، كما تم إجراء تحاليل للدم، وتبين للباحثين أن التركيبة البكتيرية للمصابين بمتلازمة التعب المزمن تختلف عن تلك لدى الأصحاء، وأن هناك ارتفاعا في وجود نوعيات من البكتيريا وانخفاض في نوعيات أخرى لدى المرضى، وأنه كلما زادت شدة أعراض متلازمة التعب المزمن زاد ذلك الاضطراب في التركيبة السكانية للبكتيريا بالأمعاء. كما لاحظ الباحثون أن متلازمة التعب المزمن تسير جنباً إلى جنب مع حالات متلازمة القولون العصبي Irritable Bowel Syndrome. وهو ما علق عليه الباحثون بالقول: «نتائج الدراسة خطوة مهمة في فهم التركيبة الصحية للبكتيريا في الأمعاء، وقد تُسهم في مساعدة التشخيص وتحديد نقطة انطلاق للمعالجة في حالات متلازمة التعب المزمن».

* استشارية في الباطنية



10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل
TT

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب. ولم أحصل على نتائج مُرضية في غالب الأحيان. ما تنصح؟»

وللإجابة فإني أفترض بداية أن تناوله فياغرا كان بعد استشارة الطبيب وإجرائه الفحص الإكلينيكي والفحوصات اللازمة لهذه الحالة، وأنه تناول الحبة حسب توجيهات الطبيب.

مفعول فياغرا

ولكن سواء كان الأمر كذلك أو لم يكن، فإن الأمر يتطلب متابعة عرض النقاط التالية بشكل سردي متسلسل لفهم أسباب فشل أو توقف مفعول فياغرا، أو غيره من أدوية تنشيط الانتصاب، عن العمل:

1. فياغرا دواء مصمم لمساعدة الشخص للحصول على الانتصاب والحفاظ عليه، إذا كان يعاني من ضعف الانتصاب. والدواء النشط هو «سيلدينافيل»، والذي يصنف على أنه من فئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5». وهناك أدوية أخرى من نفس الفئة، ولديها مميزات قد لا تتوفر في فياغرا، مثل سيالس (تادالافيل)، وليفيترا (فاردينافيل)، وستيندرا (أفانافيل).

وهذه الفئة من الأدوية هي خط العلاج الأول لضعف الانتصاب. ومع ذلك، قد تجد أن أياً منها لا يعمل أبداً أو يتوقف تدريجياً عن العمل، بعد استخدامه بنجاح لفترة.

وإذا حدث هذا، فأنت لست وحدك، حيث تشير المصادر الطبية إلى أن ما يصل إلى 40 في المائة من المرضى قد لا يستجيبون بشكل مرضٍ لهذه الأدوية ولا يجدون الرضا بتناولها. كما أنه، ووفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل 56 في المائة إلى 81 في المائة من حالات فشل العلاج.

2. يحدث الانتصاب عندما تكون هناك زيادة في تدفق الدم إلى القضيب. وإذا كان تدفق الدم هذا محدوداً، يعاني الشخص من ضعف الانتصاب. وأثناء الإثارة الجنسية، يتم إطلاق بروتين يسمى «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري». وهذا يزيد من تدفق الدم إلى القضيب للحصول على الانتصاب أو الحفاظ عليه. ولكن بمجرد إطلاقه، يقوم بروتين آخر يسمى «فوسفوديستيراز - 5» بتكسير بروتين «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري»، مما يحد من تدفق الدم إلى القضيب، وبالتالي يتلاشى الانتصاب (أي نتيجة تفاعل بين نوعين من البروتينات).

ويعمل دواء فياغرا وغيره من مجموعة أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز - 5. عن طريق تثبيط وإعاقة عملية التكسير هذه مؤقتاً، بغية الحفاظ على زيادة تدفق الدم إلى القضيب واستمرار انتصابه بهيئة أقوى أثناء الجماع. وبهذا يستفيد منْ لديه ضعف في الانتصاب بشكل مُرضٍ، وكذلك يستفيد بشكل أقوى منْ ليس لديه ضعف في الانتصاب بالأصل، ولكن لديه عوامل نفسية وذهنية تشتت رغبته الجنسية في أن تترجم بطريقة طبيعية عبر تكوين انتصاب العضو الذكري.

حالات ضعف الانتصاب

3. عملية الانتصاب هي عملية معقدة تتطلب نجاح أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي والأوعية الدموية والغدد الصماء والجهاز التناسلي والصحة النفسية، في تكوين الانتصاب. وتُعرّف الأوساط الطبية ضعف الانتصاب بأنه: عدم القدرة على تكوين الانتصاب والحفاظ عليه لإتمام ممارسة العملية الجنسية لفترة معتادة. ويحدد الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي DSM – 5 أن تستمر المشكلة لمدة لا تقل عن 6 أشهر كأحد عناصر تشخيص الإصابة به.

وتؤكد المصادر الطبية على أنه من الضروري إتمام عملية تشخيص الإصابة بضعف الانتصاب بطريقة طبية صحيحة، وليس الاعتماد فقط على ملاحظة الرجل أن لديه «عدم رضا واكتفاء» بدرجة الانتصاب للعضو الذكري. والطريقة الطبية الأكثر استخداماً هي «الفهرس الدولي لوظيفة الانتصاب» International Index of Erectile Function، وهو استبيان مكون من 15 عنصراً، ويعتبر المعيار الذهبي لتقييم المرضى بالنسبة لمشكلة ضعف الانتصاب.

4. تجدر ملاحظة أن هناك حالتين من ضعف الانتصاب، الحالة الأولى ضعف الانتصاب الذي قد يُعاني منه الرجل من آن لآخر أو أن الانتصاب الذي تكوّن لديه لا يستمر حتى إتمام العملية الجنسية. والحالة الثانية هي الضعف التام عن الانتصاب بشكل دائم. ولذا يقول أطباء كليفليلاند كلينك: «ثمة العديد من الدراسات التي حاولت معرفة مدى انتشار هذه المشكلة. وأفادت دراسة شيخوخة الذكور في ولاية ماساتشوستس أن المعاناة منها في أوقات دون أخرى ترتفع بشكل متزايد مع تقدم العمر، ونحو 40 في المائة من الرجال يتأثرون به بعد بلوغ سن 40 سنة، ونحو 70 في المائة من الرجال يتأثرون به في سن 70 سنة. أما حالة الضعف التام في الانتصاب فتصيب نحو 5 في المائة من الرجال في عمر 40 سنة، و15 في المائة منهم في عمر 70 سنة».

رصد عوامل الخطر والأسباب

5. قبل بدء تجربة العلاج الطبي لضعف الانتصاب، من الضروري معالجة عوامل الخطر القابلة للتعديل والتي تتسبب بضعف الانتصاب. ومعلوم أن عوامل الخطر لضعف الانتصاب تشمل التدخين، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الكولسترول، وعدم انضباط مرض السكري، والاكتئاب، وجراحة البروستاتا، واضطرابات النوم، والتوتر النفسي، ومرض انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، واضطرابات الغدة الدرقية، ونقص هرمون التستوستيرون.

وكل هذه حالات تتسبب بضعف الانتصاب، والتغلب على هذه المشكلة لديهم، يكون بضبط هذه العوامل ومعالجتها أولاً للتغلب على ضعف الانتصاب. كما يجب أن يستكشف التاريخ الدقيق للعوامل النفسية والاجتماعية والعلاقاتية مع شريكة الحياة والممارسات الجنسية، التي قد تؤثر على الأداء الجنسي. وقد يجدر النظر في الإحالة إلى معالج جنسي.

6. أولى خطوات معالجة ضعف الانتصاب، هي تحديد السبب أو الأسباب وراء نشوء حالة ضعف الانتصاب. وتوضح إرشادات علاج ضعف الانتصاب الصادرة عن الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، أن تعديل نمط عيش الحياة اليومية بطريقة صحية يحسن وظيفة الانتصاب ويقلل من معدل انخفاضه الوظيفي مع تقدم العمر.

وهذه نقطة مهمة يغفل عنها كثير من الرجال الذين يواجهون مشكلة ضعف الانتصاب ويتجهون تلقائياً نحو طلب تلقي أحد فئة أدوية مثبطات الفوسفوديستيراز من النوع 5 بأنواعها المختلفة في الصيدليات. ولا يلتفتون بشكل كامل نحو نصح الطبيب للمرضى بشأن تعديلات سلوكيات نمط الحياة اليومية.

وعلى سبيل المثال، تذكر الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية أن بعد سنة واحدة من التوقف عن التدخين، وُجد أن المرضى لديهم تحسن بنسبة 25 في المائة في جودة الانتصاب. وكذلك الحال مع حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية والحفاظ على ممارسة الرياضة البدنية ومعالجة انقطاع التنفس أثناء النوم وغيرها من الأسباب.

7. ضعف الانتصاب قد يظهر نتيجة الآثار الجانبية للأدوية التي يتناولها الشخص، وقد يُساهم في نشوء هذه المشكلة. وهنا قد يكون من الصعب على أدوية ضعف الانتصاب التغلب على تلك الآثار الجانبية. وعندما يشتبه الطبيب في أن «بعض» أدوية علاج الاكتئاب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو الحساسية، أو إدرار البول، أو الأدوية الهرمونية، أو غيرها من أنواع الأدوية المستخدمة بشكل شائع في أوساط المرضى، قد تكون هناك ضرورية للبحث عن أدوية بديلة ذات آثار جانبية أفضل.

وللتوضيح على سبيل المثال، يرتبط تناول أدوية «حاصرات بيتا» بضعف الانتصاب، رغم عدم تحديد السبب بشكل جيد. وقد تساهم معرفة المريض بأن ضعف الانتصاب أحد الآثار الجانبية المحتملة لحاصرات بيتا، في عدم رضاه عن الوظيفة الانتصابية لديه بعد بدء تناوله حاصرات بيتا. ويمكن للطبيب النظر في تجربة دواء بديل للمرضى الذين يتناولون حاصرات بيتا من الجيل الأول (مثل بروبرانولول، أتينولول) إلى أدوية الجيل الثاني (ميتوبرولول، نيبيفولول) من حاصرات بيتا الأقل تسبباً بضعف الانتصاب. كما أن وصف أدوية أخرى لعلاج ارتفاع ضغط الدم، قد يكون أقل تسبباً في ضعف الانتصاب. ومع ذلك، يجب أن يظل علاج ارتفاع ضغط الدم هو الأولوية، لأن مرض ارتفاع ضغط الدم وعدم انضباط الارتفاعات فيه، سبب قوي في ضعف الانتصاب بحد ذاته. وكثيراً ما تتحسن قدرات الانتصاب بضبط ارتفاع ضغط الدم إلى المستويات المُستهدفة علاجياً.

أسباب عدم عمل «فياغرا»

8. السبب الأول لعدم عمل فياغرا أو غيره من أدوية فئة مثبط للفوسفوديستيراز - 5 هو أن مشكلة ضعف الانتصاب ليست ناجمة عن مشكلة في الأوعية الدموية التي تعمل على احتباس الدم في العضو الذكري. وهذا يعني أن عمل هذه الأدوية على زيادة تدفق الدم لا يُساعد في تنشيط الانتصاب. ويمكن أن يحدث هذا بسبب اعتلال الأعصاب أو مشاكل أخرى. وقد تشمل بعض الحالات العصبية التي قد تؤثر على فعالية الفياغرا ما يلي:

- اعتلال الأعصاب بسبب عدم انضباط نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري.

- مرض التصلب المتعدد.

- مرض باركنسون.

- جراحة سابقة في البروستاتا.

- السكتة الدماغية السابقة.

- إصابة مباشرة في أعصاب الحبل الشوكي.

9. الارتباط بين أمراض شرايين القلب وضعف الانتصاب قوي. ووجود مرض تضيق شرايين القلب قد يعني عدم عمل فياغرا نتيجة وجود عائق كبير أمام تدفق الدم في الشريان القضيبي. أي قد يكون هذا أحد أعراض تضيقات الشرايين المغذية للقضيب، وهو عامل خطر للإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وفي هذه الحالة، لن تستجيب الشرايين للفياغرا لأنه مجرد موسع للأوعية الدموية. كما أن وجود تسريب وريدي، أي وجود صمامات لا تعمل بكفاءة في الأوردة التي تُصرّف تجمع الدم في القضيب، يعيق تماسك الانتصاب.

وبعد تناول فياغرا، قد يتدفق الدم بمعدل متزايد إلى القضيب، لكنه سيتسرب بالكامل ولن يبقى طويلاً بما يكفي للتسبب في الانتصاب. ووجود المشاكل النفسية بدرجة إكلينيكية مُؤثرة، قد يعيق عمل الفياغرا لدى البعض ممنْ لديهم القلق والاكتئاب والإجهاد المزمن، أو ضغوط في العلاقة مع شريكة الحياة أو لديهم قلق من كفاءة الأداء الجنسي.

الاستخدام غير الصحيح يمثل 56 - 81 % من حالات فشل العلاج

الجرعة ووقت تناول الدواء

10. وفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية AUA، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل نسبة عالية من حالات فشل العلاج. وعدم تناول فياغرا، أو غيرها من أدوية تنشيط الانتصاب، بطريقة صحيحة، قد يُؤدي إلى عدم الاستفادة. وللتوضيح، هذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها رغم أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها نتيجة لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة. الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل مدى سرعة ظهور مفعول الدواء وسرعة اختفاء مفعوله والآثار الجانبية المحتملة. ويعمل عقار سيلدينافيل (فياغرا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله على معدة فارغة قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، ويدوم مفعوله لما يُقارب 6 ساعات. ولذا تجنب تناول الفياغرا مع وجبة كبيرة أو وجبة عالية الدهون، كما لا تتوقع أن تعمل الفياغرا قبل دقائق فقط من ممارسة الجنس. بينما يعمل عقار فاردينافيل (لفيترا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، على معدة خالية أو ممتلئة. ويدوم مفعوله قرابة 7 ساعات. وبالمقابل، عقار تادالافيل (سيياليس) يُمكن تناوله مع الأكل أو من دونه قبل الممارسة الجنسية بمدة ساعة واحدة إلى اثنتين، ويدوم مفعوله لمدة 36 ساعة. وقد تكون الجرعة غير مناسبة.

ولذا فإن أول شيء يجب التحقق منه إذا لم يكن الفياغرا يعمل هو الجرعة المناسبة. والجرعة الأكثر شيوعاً من الفياغرا لعلاج ضعف الانتصاب هي 50 ملليغراما، والتي يتم تناولها قبل ساعة واحدة من النشاط الجنسي. ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لبعض الأشخاص. ويمكن للطبيب مساعدتك في تحديد ما إذا كانت الجرعة الأعلى من 100 ملليغرام تناسبك.

والمهم في كل ما تقدم ملاحظة أن فياغرا هو نوع من الأدوية المثبطة للفوسفوديستيراز 5. وتُستخدم أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5 كعلاج أولي لضعف الانتصاب. ورغم أن مثبطات الفوسفوديستيراز 5 تميل إلى العمل بشكل جيد، فإنها قد لا تكون فعالة للجميع. وقد يكون هذا بسبب الظروف الصحية الأساسية وعوامل نمط الحياة، من بين أمور أخرى. وإذا لم يعمل أحد أنواع أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5، قد يعمل نوع آخر من أدوية هذه الفئة. ولذا يجب التفكير في التحدث مع الطبيب إذا لم يساعد الفياغرا في علاج أعراض ضعف الانتصاب لديك. وقد يوصى بعلاج بديل بما سيكون هو الأفضل لك.