مؤشرات على استمرار «المركزي الصيني» في سياساته الحذرة

قوة الدولار تضغط على اليوان

مؤشرات على استمرار «المركزي الصيني» في سياساته الحذرة
TT

مؤشرات على استمرار «المركزي الصيني» في سياساته الحذرة

مؤشرات على استمرار «المركزي الصيني» في سياساته الحذرة

ينتهج البنك المركزي الصيني سياسة حريصة وحذرة في استخدام أدواته النقدية، التي يستطيع من خلالها تحريك سعر الصرف، وزيادة المعروض النقدي من اليوان في البلاد.
وخفضت الصين عملتها المستقرة والموجهة في المعتاد بنسبة 5 في المائة، الصيف الماضي، واليوم بات مسموحا لليوان بالتذبذب أمام الدولار ضمن هامش 2 في المائة من السعر المرجعي الذي يحدده بنك الصين.
وأثار قرار تخفيض قيمة اليوان، الصيف الماضي، القلق على سلامة أداء الاقتصاد الصيني – ثاني أكبر اقتصاد في العالم - ومن «حرب عملات» بين الدول المتنافسة. وتتوقع السوق إجراء المزيد من التخفيضات بعد أن وفر التضخم المعتدل في أسعار المستهلك مساحة كافية لتلك المناورات، وبخاصة بعد أن خفض بنك إنجلترا أسعار فائدته لتصل لمستوى منخفض قياسي الأسبوع الماضي. لكن وكالة الأنباء الصينية علقت في مقال تحليلي نشرته الخميس الماضي، بأن «الذين يأملون بإجراء الصين تخفيضات نقدية سيواجهون إحباطا لا محال؛ لأن البنك المركزي الصيني من غير المحتمل أن يلجأ للتخفيض المتكرر لنسبة الاحتياطي المركزي ولأسعار الفائدة في النصف الثاني من العام»، حيث يؤكد باستمرار الحاجة إلى سياسة نقدية حكيمة لخلق بيئة نقدية محايدة.
ويدرك البنك المركزي الصيني تماما الآثار السلبية لمثل تلك الخطوات، حيث يصاحبها تخفيض متكرر لنسب الاحتياطي المركزي، وتخفيف السياسة النقدية وتراجع أسعار الفائدة وضغوط لتخفيض قيمة الرنمينبي (العملة الصينية). وقد تراجع سعر التعادل المركزي أمام الدولار الأميركي بأكثر من 2 في المائة هذا العام، وما زالت هناك ضغوط لتخفيض القيمة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قوة الدولار بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبدلاً من زيادة السيولة مباشرة، عدل البنك المركزي الصيني السيولة عبر عمليات السوق المفتوحة واستخدام أدوات، منها اتفاقيات إعادة الشراء العكسي والكثير من أنواع تسهيلات القروض.
وأثبتت تلك الإجراءات - حتى الآن - مدى فاعلياتها في ضمان كفاية عرض النقود والحفاظ على ثبات أسعار الفائدة، واستدامة النمو الاقتصادي السليم. كما أسهم مزيج السياسة المالية الاستباقية والسياسة النقدية الحالية في نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.7 في المائة في الربع الثاني، وهو أقل مستوى نمو منذ أوائل عام 2009.
وتشهد جودة النمو الاقتصادي الصيني تحسنًا، ويحقق قطاع الخدمات نموًا سريعًا، بالإضافة إلى نمو الاستهلاك وبيانات مشجعة بشأن تسجيل الشركات الجديدة وازدهار قطاع التكنولوجيا المتقدمة.
وفي ظل التغيرات الجديدة، يمكن القول إن سياسات الاقتصاد الكلي الصينية تركت الأثر المرجو، ويبدو أن البنك المركزي سيضمن استمرار تلك السياسة واستقرارها. ولن يتسبب التخفيف الشديد في نسبة الاحتياطي النقدي وتخفيض أسعار الفائدة في سيولة مفرطة فحسب، وإنما سيبطئ أيضًا جهود الصين الرامية لتقليل الإنتاج الزائد وسيضغط على الفقاعات العقارية.
وترى الصين - حاليًا - أنه لا يوجد سبب يجعل البنك المركزي يغير مساره في ظل ثبات فاعلية الممارسات الحالية؛ لذلك فمن غير المحتمل أن تلجأ الصين إلى أي تخفيف شديد لسياستها النقدية لحين حدوث تغيرات جوهرية في اقتصادها.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.