يتعامل النحات التونسي حمادي بن نية مع قطع الحديد وبقية أنواع المعادن من نحاس وألمنيوم مثلما نتعامل مع قطع الصلصال، يطوعها ويوظفها مثلما يريد لتعبر عن أحاسيس ومشاعر إنسانية عميقة، لذلك أطلق على المعرض الذي يقيمه حاليًا في منطقة المرسى بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية اسم «الحديد يرقص»، وهو بالفعل كذلك، إذ إن الزائر للمعرض الذي انطلق يوم 17 أبريل (نيسان) الحالي ويتواصل إلى يوم 30 من نفس الشهر، تغمره نشوة انتصار الإنسان على الحديد على الرغم من قوته الظاهرة للعيان.
بن نية طوع في أعماله الفنية الحديد وحوله من مادة صلبة حادة إلى مادة تشكيلية مرنة، واستحضر في تطويعه للحديد المرأة بشكل مكثف يوحي بالمشاعر الرقيقة المختلفة تمامًا مع طبيعة الحديد إلا إذا كان عرضة للنار.
وللمفارقة فإنه وظف المواد والتجهيزات المهملة من المزابل وما لا ننتبه إليه ليقدم لنا مكامن الجمال ويجعلها - تلك المواد - منطلقًا لأعمال نحتية مبهرة. وفي معرضه تحضر الموسيقى والعصافير والمرأة، وتنتشر الألوان الزاهية بما يوحي للزائرين أنهم ليسوا في معرض للحديد بل معرض للجمال بكل أشكاله.
وقدم المعرض نحو 40 تنصيبة قُدت بإبداع من الحديد، وهي تعرض حركات منسجمة لجسد المرأة وقد استوحى معظم أعماله الفنية من أغانٍ شرقية وأخرى غربية ليجعل قطع الحديد تتراقص كأنها تحت لهيب النار. عن قصته مع الحديد، قال النحات التونسي حمادي بن نية إنه لم يكن يتصور في يوم من الأيام أن يصبح نحاتًا، ولكن عمله في مجال الخردوات هو الذي قاده إلى هذا العالم العجيب، على حد تعبيره. وأشار إلى أن رحلته بدأت من خلال اكتشافه عدة أشكال غريبة عند جمعه بقايا الحديد والمواد المعدنية، وأنه كان يحتفظ بالبعض منها لغرابة أشكالها لا غير. وذكر أن أول عمل من أعماله كان منحوتة صغيرة اتخذت شكل ذبابة لتتواصل الرحلة وينظم أول معرض شخصي له منذ 4 سنوات. ولا يخجل النحات حمادي بن نية من تعامله مع الخردوات، ويقول إنه «يرسكل» النفايات ويحولها من مواد مهملة مضرة للناس والطبيعة إلى أعمال فنية تؤثث الفضاءات العامة والخاصة وتنفع الناس.
وبشأن وضعية قطاع النحت في تونس كشكل من أشكال التعبير الفني، يعتبر بن نية أن الوضعية صعبة للغاية بالنظر إلى التكلفة العالية للأعمال الفنية من ناحية ولضعف اهتمام الدوائر الحكومية بهذا النوع من الفنون التشكيلية الذي يحتاج إلى ورشات كبيرة لتشكيل الحديد، وإلى فضاءات عرض واسعة قادرة على استيعاب الكمية الهائلة من الحديد والمعادن المختلفة. وهذا الأمر يجعل معظم النحاتين الشبان يتوجهون إلى الرسم بدل منازلة الحديد، على حد تعبيره.
«الحديد يرقص».. معرض للنحات حمادي بن نية في العاصمة التونسية
40 عملاً تعبر عن أحاسيس عميقة لفنان عمل في مجال الخردوات
«الحديد يرقص».. معرض للنحات حمادي بن نية في العاصمة التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة