محاولات للتوصل إلى موقف موحد حول الأزمة بين المغرب والأمم المتحدة

دعوة للتحرك لضمان منع وقوع أعمال مماثلة لطرد أعضاء «مينورسو»

محاولات للتوصل إلى موقف موحد حول الأزمة بين المغرب والأمم المتحدة
TT

محاولات للتوصل إلى موقف موحد حول الأزمة بين المغرب والأمم المتحدة

محاولات للتوصل إلى موقف موحد حول الأزمة بين المغرب والأمم المتحدة

قال سفير أنغولا لدى الأمم المتحدة إسماعيل مارتينز، رئيس مجلس الأمن لشهر مارس، إن أعضاء المجلس يحاولون التوصل إلى موقف واضح وموحد حول الأزمة بشأن قضية الصحراء بين المغرب والأمم المتحدة.
وقال مارتينز في تصريحات صحافية في الأمم المتحدة أمس إن مجلس الأمن كلف بعثة «مينورسو» بمهمة، ويجب أن تستمر في أداء مهمتها على نحو فعال، مضيفا أن «ترحيل أفراد العنصر المدني أثرت على أداء العنصر العسكري الذي لا يزال في الصحراء».
وأضاف مارتينز أن المجلس بحاجة لأن يرى بعثة «مينورسو» تتطور من أجل إيجاد حل سلمي لنزاع الصحراء، مشددا القول على أن «مسؤولية البعثة تقع على عاتق الأطراف والحكومات التي تفاوضت بشأن عملية السلام وإنشاء البعثة، ولكن عمل البعثة هو من مسؤولية مجلس الأمن». كما أعرب رئيس مجلس الأمن عن أمله في أن يتم التوصل بالطرق الدبلوماسية إلى حل للأزمة بين الأمم المتحدة والمغرب.
في غضون ذلك، قال مسؤول بالأمم المتحدة إن مجلس الأمن يجب أن يتحرك لضمان ألا يصبح قرار المغرب طرد عاملين من بعثة «مينورسو» سابقة سيئة للبعثات الأخرى.
ويعد الجدل المثار حول استخدام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لكلمة «احتلال»، خلال زيارة قام بها لمخيمات جبهة البوليساريو الانفصالية في الآونة الأخيرة، أسوأ خلاف يقع بين المغرب والأمم المتحدة منذ عام 1991، وذلك عندما توسطت المنظمة في وقف إطلاق النار لإنهاء حرب الصحراء، وأنشأت مهمة لحفظ السلام «مينورسو».
وأغلقت الأمم المتحدة مكتبها للاتصال العسكري، وسحبت عشرات من موظفيها الدوليين من بعثة «مينورسو»، حسبما طلب المغرب، ردا على تصريحات بان التي وصفتها الرباط بأنها «غير مقبولة». فيما قال مسؤولون بالأمم المتحدة إن خفض عدد العاملين أثر بقوة على البعثة في الصحراء.
وحتى الآن لم يقل مجلس الأمن، الذي أمر بنشر بعثة «مينورسو» قبل عقود ويجدد تفويضه لها كل عام، شيئا بشأن خلاف المغرب مع الأمم المتحدة رغم طرح الموضوع للنقاش بصورة يومية تقريبا. فيما يريد كي مون تحركا سريعا من المجلس لدعمه، ودعم «مينورسو» ببيان تأييد قوي.
وقال مسؤول بالأمم المتحدة على اطلاع بملف الصحراء للصحافيين أول من أمس، طلب عدم ذكر اسمه: «يريد الأمين العام بشدة أن يتحرك مجلس الأمن، لا للحفاظ على عمليات مينورسو وحسب، بل أيضا لمنع وقوع أعمال مماثلة في عمليات أخرى لحفظ السلام في العالم».
يذكر أن رئيسا جمهورية الكونجو الديمقراطية والسودان طالبا في وقت سابق برحيل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من المناطق التي يمزقها الصراع في بلديهما.
وقال مسؤول الأمم المتحدة إن وجود بعثة «مينورسو» ضروري لمنع حدوث «فراغ أمني»، مضيفا أن «هناك احتمالا للتصعيد» قد يتطور لصراع جديد.
واتهمت الرباط الأمين العام في وقت سابق هذا الشهر بأنه تخلى عن حياده في نزاع الصحراء، وذلك عندما استخدم كلمة «احتلال» في وصفه لوضعية المغرب في الصحراء، التي استرجعها عام 1975 من الاستعمار الإسباني عبر مسيرة خضراء سلمية، شارك فيها 350 ألف مغربي ومغربية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.