المغرب: انطلاق التنسيق بين حزبين معارضين قبل الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة

قيادة «القوات الشعبية» نفت التحالف.. وتحدثت عن حوار مفتوح مع الأحزاب

المغرب: انطلاق التنسيق بين حزبين معارضين قبل الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة
TT

المغرب: انطلاق التنسيق بين حزبين معارضين قبل الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة

المغرب: انطلاق التنسيق بين حزبين معارضين قبل الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة

أثار انعقاد اجتماع تنسيقي في أفق الإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة بين قيادتي حزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربيين المعارضين، أول من أمس، في الرباط، جدلاً حول اتجاه الحزبين إلى إنشاء تحالف انتخابي جديد في المغرب، في مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة (مرجعية إسلامية)، اعتبارًا لموقعهما الحالي في المعارضة.
غير أن قيادة الاتحاد الاشتراكي سارعت إلى نفي مسألة التحالف، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بحوار سياسي مفتوح أمام جميع الأحزاب المغربية في أفق إعداد القوانين والأرضية التنظيمية، التي ستجري على أساسها الانتخابات التشريعية المقبلة، والمقرر تنظيمها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأوضح يونس مجاهد، عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الاجتماع، الذي عقدته قيادة حزبه، أول من أمس، مع قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، جاء في سياق إرسال الاتحاد الاشتراكي لمذكرة حول إصلاح المنظومة الانتخابية إلى جميع الأحزاب المغربية، التي تضمنت ملاحظات الحزب واقتراحاته في هذا الشأن، مضيفًا أن حزب الأصالة والمعاصرة كان الحزب الوحيد الذي تفاعل مع هذه المذكرة، وبعث رده عليها، وعلى أساس ذلك ارتأت قيادة الاتحاد الاشتراكي عقد اجتماع مع قيادة «الأصالة والمعاصرة» لتعميق النقاش والتنسيق حول المطالب الإصلاحية التي تضمنتها المذكرة.
بدوره، أكد أحمد العراقي الوزير السابق وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مسألة التحالف لم تكن ضمن جدول أعمال الاجتماع أو نتائجه، وقال بهذا الخصوص: «حتى هذه الساعة على الأقل ليس هناك أي حديث عن تحالف بين الحزبين أو اندماج أو غيره. والاجتماع بين المكتبين السياسيين كان الهدف منه ربط الصلة بين القيادة الجديدة لحزب الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي». غير أن العراقي لم يستبعد حدوث تطورات في هذا الموضوع.
وكان حزب الأصالة والمعاصرة قد عقد مؤتمره الثالث قبل شهر، قدم خلاله وثيقة مذهبية ذات ميول اجتماعية ديمقراطية، وانتخب يساريًا راديكاليًا سابقًا (إلياس العماري) على رأس أمانته العامة. وتميز المؤتمر بحضور وازن للأحزاب الاشتراكية الأوروبية.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول موقف الاتحاد الاشتراكي من هذا التطور، قال العراقي: «صحيح أن توجه حزب الأصالة والمعاصرة في مؤتمره الأخير هو بكل موضوعية توجه أقرب لليسار منه لليمين. والمكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي تقبل بصدر رحب هذا التطور الذي سار فيه حزب الأصالة والمعاصرة». غير أن العراقي قال إنه لا يجب إعطاء اجتماع أول من أمس بين قيادتي الحزبين أكثر مما يستحق.
وحول ما جرى خلال الاجتماع، أشار العراقي إلى أن الموضوع الرئيس تمحور حول دعوة الاتحاد الاشتراكي لإصلاح المنظومة الانتخابية، والاقتراحات التي تضمنتها مذكراته التي وجهها لجميع الأحزاب في هذا الشأن، مضيفًا أن حزب الأصالة والمعاصر تحدث خلال الاجتماع عن نتائج مؤتمره، خصوصًا منها ما يتعلق بتدقيق هويته كحزب حداثي ديمقراطي، وأكد العزم على العمل المشترك مع جميع الأحزاب لما فيه مصلحة الوطن. كما نوقشت خلال الاجتماع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المغرب.
وصدر عن الاجتماع بيان مشترك أكد على «ضرورة مواصلة الحوار حول إصلاح القوانين الانتخابية، على ضوء الاقتراحات المهمة، التي وردت في مذكرة الاتحاد الاشتراكي، وإغنائها باقتراحات أخرى بهدف التوصل إلى منظومة انتخابية، تعكس الصورة الحقيقية للخريطة السياسية»، ومضاعفة الجهود وتطوير التنسيق البرلماني إلى جانب فرق المعارضة. كما تم الاتفاق على عقد اجتماعات للتدقيق في مختلف المقترحات، والانفتاح على كل القوى الوطنية والديمقراطية حيث تقاسم الحزبان قناعتهما في هذا الملف، والاستمرار في التشاور والحوار في مختلف القضايا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.