غابريال أوربونايت: فيلمي «ترميم» يعالج هشاشة الروابط العائلية

المخرجة الليتوانية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها حوّلت الصمت إلى دراما

يناقش الفيلم قضايا اجتماعية حول علاقة الفرد بالأسرة (الشركة المنتجة)
يناقش الفيلم قضايا اجتماعية حول علاقة الفرد بالأسرة (الشركة المنتجة)
TT

غابريال أوربونايت: فيلمي «ترميم» يعالج هشاشة الروابط العائلية

يناقش الفيلم قضايا اجتماعية حول علاقة الفرد بالأسرة (الشركة المنتجة)
يناقش الفيلم قضايا اجتماعية حول علاقة الفرد بالأسرة (الشركة المنتجة)

قالت المخرجة الليتوانية، غابريال أوربونايت، إن فيلمها «ترميم» وُلد من رغبتها في الغوص في العلاقات الإنسانية التي تكون على الحافة بين الفقد والتجدد، مؤكدة أن الفكرة الأساسية للفيلم انطلقت من ملاحظة شخصية عن هشاشة الروابط العائلية حين تتعرض للاختبار، وعن الكيفية التي يمكن أن تعيد بها الأزمات رسم حدود القرب والبعد بين أفراد العائلة.

وأضافت أوربونايت لـ«الشرق الأوسط»: «جذبني إلى هذه القصة التناقض بين الخراب الخارجي والترميم الداخلي، بين ما يُهدم في العالم المادي وما يمكن ترميمه في النفس»، مشيرة إلى أن عنوان الفيلم «ترميم» لا يشير فقط إلى عملية مادية، بل هو استعارة رمزية للحياة ذاتها، وللجهد الإنساني الذي يبذله الأفراد في محاولة إعادة ترتيب شظايا ذواتهم بعد صدمة أو خسارة.

غابريال أوربونايت (الشرق الأوسط)

وأوضحت: «هذه الثيمة لطالما كانت محور اهتمامي منذ بداياتي الفنية، سواء في أعمالي القصيرة السابقة أو في أعمالي الفوتوغرافية التي تناولت موضوعات العائلة والذاكرة والبيت»، مشيرة إلى أن الدافع الأساسي وراء الفيلم كان رغبتها في التقاط لحظة ما بعد الخسارة، «تلك المسافة الزمنية الهشة التي يمر فيها الإنسان بين الحزن ومحاولة النهوض»، على حد تعبيرها.

وتدور أحداث فيلم «ترميم» الذي يعرض للمرة الأولى ضمن المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» في دورته الـ46 الراهنة، حول قصة امرأة تُدعى «إيفا» تعود إلى منزل طفولتها بعد وفاة والدها، لتجد المكان غارقاً في الفوضى كما في ذكرياتها القديمة، وتحاول إعادة بناء البيت كنوع من الوفاء لوالدها.

لكن أثناء عملية الترميم تكتشف أن الجدران ليست ما يحتاج إلى الإصلاح فقط، بل العلاقات العائلية التي تصدعت بفعل الزمن والغياب. وبين محاولاتها لتنظيف المكان وإعادة ترتيبه، تنفتح دفاتر الماضي وتعود مشاعر ظنت أنها انتهت، فتجد نفسها في مواجهة ذاتها القديمة وأسئلتها المعلّقة.

وأكدت المخرجة الليتوانية أنها أرادت أن تصنع فيلماً صامتاً في روحه، مليئاً بالمساحات الفارغة، حيث يمكن للمشاهد أن يملأها بتجاربه الخاصة، مشيرة إلى أنها كانت تؤمن بأن الصمت أبلغ من الحوار في كثير من المواقف.

يشارك الفيلم بالمسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي (الشركة المنتجة)

وقالت إن «عملية الكتابة استغرقت أكثر من عامين، بدأت خلالها بتدوين ملاحظات حول ذكريات طفولتي وتجارب أصدقائي مع الفقد، ثم بدأت بدمج هذه الخيوط في نص متماسك»، لافتة إلى أنها لم تكن تسعى إلى فيلم عن الحزن بقدر ما كانت تريد فيلماً عن التعافي، عن تلك القدرة الخفية التي يمتلكها الإنسان للبدء من جديد.

ولفتت غابريال إلى أن اهتمامها بالعائلة لا ينبع من الحنين فقط، بل من كونها ترى فيها البنية الأولى للهوية، قائلة: «العلاقات الأسرية في أوروبا الشرقية تمر بتحولات عميقة في السنوات الأخيرة، حيث لم تعد العائلة تلك الوحدة المغلقة كما كانت، بل أصبحت ساحة لتقاطع الهويات الجديدة بين الأجيال».

وأوضحت أن اختيارها للممثلة الرئيسية كان من أهم المراحل في الإعداد للفيلم؛ إذ احتاجت إلى وجه قادر على التعبير بالصمت أكثر من الكلام، واختارت في النهاية الممثلة الليتوانية إينغا ميكوتي التي رأت فيها «مزيجاً من القوة والهشاشة في آن واحد»، على حد تعبيرها. مشيرة إلى أن «أداءها القائم على الاقتصاد في الحركة والنظرات منح الشخصية عمقها الحقيقي».

وأوضحت المخرجة الليتوانية أن العمل مع الممثلين تم بطريقة تقوم على الارتجال الموجَّه، حيث كانت تمنحهم المساحة للتعبير الحر ضمن إطار المشهد، دون أن تفرض عليهم تفاصيل دقيقة؛ لأن الفيلم يعتمد على الصدق العاطفي لا على الحوار النصي، لافتة إلى أنها كانت تطلب منهم أن يعيشوا داخل المكان كأنهم بالفعل يرممون بيتاً عاشوا فيه طيلة حياتهم، ليأتي الأداء حقيقياً.

وعن التحديات التقنية التي واجهتها أثناء التصوير، قالت إن «ضيق المساحة داخل المنزل (موقع التصوير الأساسي) جعل من تحريك الكاميرا عملية معقدة، لكنها في الوقت ذاته فرضت نوعاً من الحميمية البصرية؛ إذ أجبرتهم القيود على الاقتراب أكثر من الشخصيات ومن تفاصيل الوجوه والأيدي»، مشيرة إلى أن الطقس كان عاملاً حاسماً أيضاً؛ إذ أرادت ضوءاً شتوياً باهتاً يعبّر عن الحالة الداخلية للفيلم، فكان الفريق ينتظر ساعات محددة من النهار لتصوير المشاهد.

استغرق الفيلم كتابة لمدة عامين (الشركة المنتجة)

وأوضحت أن الفيلم تم تصويره في منطقة «كاوناس» التاريخية، وهي مدينة تحمل الكثير من الذاكرة الجماعية لليتوانيين، معتبرة أن اختيار المكان لم يكن مصادفة؛ لأن البيوت هناك ما زالت تحتفظ بآثار الماضي، تماماً كالشخصيات التي تحاول ترميم حاضرها، واتسق مع إرادتها في أن ينعكس عبر المكان أيضاً التناقض بين ما يرمم وما يُنسى، وبين التاريخ الشخصي والجماعي.

وقالت إن «الجانب البصري للفيلم كان له أهمية مركزية، فدراستي التصوير الفوتوغرافي قبل الإخراج جعلني أولي الصورة نفس الأهمية التي أوليها للسرد»، لافتة إلى أنها عملت عن قرب مع مدير التصوير ماريوس باكيس لبناء لغة بصرية تقوم على التفاصيل الصغيرة، مثل حركة الغبار في الضوء، وصوت الخشب المتشقق، وإيقاع التنفس، لتصبح هذه العناصر جزءاً من البنية الدرامية لا مجرد عناصر تقنية.

وأضافت أن الموسيقى في الفيلم كانت شبه غائبة، واكتفت باستخدام أصوات البيئة كأداة درامية، معتبرة أن غياب الموسيقى التقليدية ساعد المشاهد على التوغل في الحالة الشعورية للشخصيات دون توجيه عاطفي مباشر، فصوت المطرقة أو ارتطام الريح بالنوافذ كان - في نظرها - موسيقى من نوع آخر.

وأكدت غابريال أن «ترميم» ليس فيلماً عن امرأة واحدة، بل عن جيل كامل يعيش ما بعد انهيار الأحلام الجماعية، «جيل يحاول أن يجد توازنه بين الماضي والمستقبل، بين ما يمكن إصلاحه وما يجب تجاوزه»، وفق قولها. مؤكدة أن «هذا البعد الإنساني هو ما جعل الفيلم يجد صداه لدى الجمهور في العروض الأولى؛ إذ شعر كثيرون بأنه يتحدث عنهم شخصياً، حتى وإن كانت القصة في بلد بعيد».

وقالت المخرجة الليتوانية إن «العالم بعد الأزمات المتتالية، سواء كانت صحية أو اقتصادية أو اجتماعية، يحتاج إلى هذا النوع من السينما التي تعيدنا إلى الأسئلة الجوهرية: ماذا يمكن إنقاذه؟ وما الذي يستحق أن نبدأ بناءه من جديد؟».


مقالات ذات صلة

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

يوميات الشرق ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)

الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

بمشهد يعكس تحوّل السينما من فعل ثقافي إلى صناعة عابرة للحدود حضرت البعثة الأميركية لدى المملكة العربية السعودية على هامش «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي».

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق أمير المصري قام ببطولة فيلم «العملاق» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج البريطاني روان أثالي: أمير المصري أبهرني في «العملاق»

قال المخرج البريطاني روان أثالي إن اختيار المشهد الافتتاحي لفيلم «العملاق» لم يكن قراراً مفاجئاً، بل كان محدداً منذ المراحل الأولى للكتابة.

أحمد عدلي (جدة )

كيف صنعت الجبال والبرد تنوّع النباتات عبر ملايين السنين؟

جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)
جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)
TT

كيف صنعت الجبال والبرد تنوّع النباتات عبر ملايين السنين؟

جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)
جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)

تلعب الجبال ودرجة الحرارة المنخفضة دوراً أساسياً في نشوء النباتات وتنوّعها على الأرض، إذ تشكل الارتفاعات العالية بيئات جديدة وتربط التغيرات المناخية بين سلاسل جبلية منفصلة، مما يسمح للنباتات بالانتشار والتكيف على مدى ملايين السنين.

أظهرت دراسة حديثة أجراها شينغ ياو وو وزملاؤه، في حديقة شيشوانغباننا النباتية الاستوائية بالأكاديمية الصينية للعلوم، ونُشرت في مجلة «ساينس أدفانس (Science Advances)» أن ارتفاع الجبال وانخفاض درجات الحرارة العالمية لعبا دوراً محورياً في نشوء وتنوّع النباتات الجبلية في نصف الكرة الشمالي. إذ أسهمت الجبال في خلق بيئات جديدة على ارتفاعات شاهقة، في حين سمح التبريد العالمي بربط سلاسل جبلية منفصلة، مما مكّن النباتات من الانتشار والاختلاط عبر مساحات واسعة على مدى ملايين السنين.

ركزت الدراسة على 5 أنظمة جبلية رئيسية وحلَّلت 34 مجموعة من النباتات الزهرية تضم 8456 نوعاً، لإعادة بناء تاريخ انتشار هذه النباتات وتنوعها زمنياً ومكانياً. أظهرت النتائج أن تشكّل الجبال وفّر بيئات جديدة على ارتفاعات عالية، مما أتاح فرصاً للتكيّف والتنوع المحلي، في حين ساعد انخفاض درجات الحرارة على توسيع نطاق البيئات الباردة وربط سلاسل جبلية كانت معزولة سابقاً، مما سهّل امتزاج النباتات عبر مسافات شاسعة.

كما كشفت الدراسة عن اختلافات واضحة في الآليات التطورية بين الأنظمة الجبلية. فقد تبين أن منطقة «التبت - الهيمالايا - هنغدوان» مثّلت مركزاً رئيسياً لنشوء التنوع البيولوجي، حيث نشأ أكثر من نصف الأنواع الجديدة من تطور محلي. في المقابل، أظهرت الأنظمة الجبلية الأوروبية والإيرانية - التورانية نمطاً مختلفاً، إذ تشكّلت نباتاتها الجبلية أساساً من سلالات محلية متوسطة إلى منخفضة الارتفاع، ومن ثَمَّ تكيفت لاحقاً مع البيئات العالية.

تؤكد هذه النتائج أن تنوع النباتات الجبلية لا يعود إلى عامل منفرد، بل إلى تفاعل طويل الأمد بين العمليات الجيولوجية والتغيرات المناخية العالمية. كما توفر الدراسة إطاراً لفهم كيفية استجابة النظم البيئية الجبلية للتغيرات المناخية المستقبلية، وتُسهم في توضيح الأنماط العامة لتشكّل التنوع البيولوجي على سطح الأرض.


وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
TT

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)

شدد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، على عدم التسامح مع من يحاولون استخدام «حرية التعبير» لخلق فوضى في الفضاء الإعلامي، أو استخدام خطاب شعبوي زائف الهدف منه زيادة أعداد المتابعين، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الحكومي بالعاصمة الرياض.

وقال وزير الإعلام السعودي إن القوانين والأنظمة في السعودية تكفل حرية التعبير كحق أصيل، لكن في الوقت نفسه تميز بوضوح بين الرأي المسؤول والنقد البناء، وبين التحريض الذي يهدف إلى التضليل أو تأجيج الرأي العام.

وبيّن أن إجراءات هيئة تنظيم الإعلام لا تستهدف الآراء أو النقد البناء، بقدر ما تأتي في إطار تطبيق الأنظمة تجاه أي ممارسات تتجاوز المسؤولية الإعلامية وتمس السلم المجتمعي.

وكشف الوزير الدوسري خلال المؤتمر، الذي عقد للحديث عن تطورات مشروع مدينة القدية، أن العمل جارٍ لإطلاق مشروع «مدرسة الموهوبين الإعلاميين»، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، لاكتشاف ورعاية الموهوبين من مراحل مبكرة.

وأوضح أن مدينة القدية ستستضيف الملتقى الثاني لصناع التأثير إمباك 2026، لافتاً إلى أن العمل قائم مع الشركاء في القدية لإطلاق مشروع «بيت إمباك».

واستعرض وزير الإعلام السعودي مجموعة من الإنجازات التي حققتها السعودية خلال الفترة الماضية، ومن ذلك زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت 55.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ45.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2016. فيما ⁠«بلغت نسبة تملُّك الأسر السعودية للمنازل في نهاية العام الماضي 65.4 في المائة».

وتابع: ⁠«احتلّت المملكة المركز الأول عالمياً في عدد الجوائز التي نالتها في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب بـ26 جائزة، كأكبر دولة في العالم تنال هذا العدد من الجوائز في تاريخ المسابقة».

وأضاف الوزير الدوسري أن قطار الرياض استقبل 120 مليون راكب منذ بدء انطلاق المشروع وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وسجّل أعلى درجات الانضباط في التشغيل، بنسبة التزام بلغت 99.8 في المائة لعام 2025. مشيراً إلى أن السعودية تستهدف تنفيذ المرحلة السابعة من مشروع قطار الرياض خلال العام المقبل.

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، عبد الله الداود، أن القدية مدينة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 70 أصلاً في مكانٍ واحد، من بينها استاد الأمير محمد بن سلمان، ومجمع التنس الوطني، ومركز الفنون الأدائية، والعديد من الأصول النوعية الأخرى. ‏وأكد الداود أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤمن بالمشاريع النوعية التي تضيف لحياة الناس ولها القدرة على خلق اقتصادات وقطاعات جديدة، ولذلك كان كل العمل منصباً على تنفيذ أفكار الأمير محمد وتطلعاته، مشيراً إلى أن مشروع القدية يأتي من قلب «رؤية 2030»، وأن القدية تتبنى مفهوماً متكاملاً يندمج فيه الترفيه والرياضة والثقافة والسياحة بشكل متجانس.

وأعلن العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، خلال المؤتمر، أن تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو موعد افتتاح مدينة القدية لأول أصولها، منتزه «سيكس فلاغز»، مؤكداً أن الافتتاح سيشكل نقلة نوعية تحولية في مسيرة المدينة.

وأضاف الدواد أن منتزه «Six Flags» نجح في كسر عدد من الأرقام القياسية، وذلك من خلال 5 ألعاب في مكان واحد، من أبرزها لعبة أفعوانية الصقر التي تحطم 3 أرقام قياسية كأطول أفعوانية في العالم، وأسرع أفعوانية في العالم، وأعلى أفعوانية في العالم.

وكشف الداود أنه تم الانتهاء الكامل من منتزه «Six Flags» الذي صمم لاستقبال نحو 10 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يتجاوز أعداد زوار المنتزه مليوني زائر خلال 2026، فيما تم الانتهاء من أكثر من 95 في المائة من منتزه أكواريبيا المائي وسيفتتح خلال العام المقبل، إضافة إلى المرحلة الأولى للبنية التحتية في الطرق والكهرباء والاتصالات وخدمات الطوارئ.


«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.