«المنطقة المغلقة» على حدود مصر وإسرائيل... 3 أسباب و«لا صدام»

وسط رفض القاهرة أي وجود عسكري مخالف لمعاهدة السلام

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

«المنطقة المغلقة» على حدود مصر وإسرائيل... 3 أسباب و«لا صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

في تحرك جديد على الحدود مع مصر، أعلنت إسرائيل رسمياً عن تجهيز منطقة عسكرية مغلقة لمنع «تهريب الأسلحة»، ما أثار مخاوف جديدة من تفاقم التوتر بين البلدين، الذي بدأ مع حرب غزة وتصاعدت وتيرته مع احتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح والانتشار بمحور فيلادلفيا قبل نحو عام.

ذلك التوتر الذي خفت حدته مع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عاد وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» مع إعلان إسرائيل عن تلك المنطقة المغلقة.

ورجح الخبراء ثلاثة أسباب وراء اتخاذ إسرائيل تلك الخطوة: رسائل للداخل قبل الانتخابات، وفرض أمر واقع قبل تدخل القوات الدولية، والحيلولة دون رصد سلوكياتها العسكرية داخل القطاع أو تقييد تحركاتها؛ مستبعدين حدوث صدام مع القاهرة.

سياج أمني على الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد أعلن في بيان، الخميس، أنه أصدر تعليمات للجيش لتحويل المنطقة المتاخمة للحدود بين إسرائيل ومصر إلى منطقة عسكرية مغلقة، وتعديل قواعد الاشتباك تبعاً لذلك «من أجل التصدي لتهديد الطائرات المُسيّرة الذي يعرّض أمن الدولة للخطر الذي يهدف إلى تسليح أعدائنا، واستهدف كل من يقتحم تلك المنطقة».

ولم تعلق القاهرة على تلك المزاعم، لكنها نفت سابقاً صحتها عندما وردت أكثر من مرة على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

مزاعم الطائرات المسيّرة

وجاءت تصريحات كاتس بعد إعلانات من الجيش الإسرائيلي، يومي الأحد والثلاثاء، عن إحباط عمليات تهريب عقب اعتراض طائرات مسيّرة عبرت الحدود. وأيّد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير قرار كاتس، مشيداً عبر منصة «إكس» بإدراكه أن التهريب هناك «يخدم أهدافاً إرهابية».

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن تصريحات كاتس تأتي «للاستهلاك المحلي» قبل الانتخابات الإسرائيلية العام المقبل، وتخلق توتراً جديداً مع مصر التي قال إنها «تدرك ما وراءها، وستبقي حريصة كل الحرص على أمنها القومي وكذلك بقاء السلام خياراً استراتيجياً».

وأكد أن إسرائيل تخالف معاهدة السلام منذ حرب غزة بوجودها في محور فيلادلفيا قرب الحدود، وهو ما ترفضه مصر، مضيفاً: «المنطقة الجديدة المزعومة جزء من الاستفزازات ومحاولة فرض أمر واقع لا أكثر، خاصة أن مصر نفت أكثر من مرة صحة حدوث أي تهريب».

ويرى الدكتور طارق فهمي، الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، أن الإعلان الإسرائيلي «محاولة لتفادي ما هو قادم من تشكيل قوة دولية بشأن غزة خلال نحو أسبوعين، تخوفاً من تقييد الحركة الإسرائيلية في تلك المناطق، فضلاً عن الحيلولة دون رصد سلوكياتها العسكرية العدائية المتوقعة عندما يتم تسيير مسيّرات من القوات الدولية لرصد الوضع بالقطاع، بخلاف أنها نتاج خلافات عسكرية إسرائيلية داخلية حول التعامل مع المرحلة المقبلة».

معاهدة السلام

جاء الإعلان الإسرائيلي بشأن المنطقة المغلقة بعد ساعات من تأكيد الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، في حوار تلفزيوني، الأربعاء، أن التصريحات التي يطلقها مسؤولون إسرائيليون بشأن الجيش المصري تأتي في إطار ما وصفه بـ«التهرب السياسي»، مشيراً إلى أن إسرائيل «دأبت على تكرار تلك المزاعم خلال العامين الماضيين».

وأضاف أن نتنياهو «زعم وجود أنفاق بين مصر وقطاع غزة تمر عبرها الأسلحة ويخرج منها المحتجزون، وتلك ادعاءات لا تستند إلى أي حقائق ميدانية؛ فضلاً عن وجود وزراء متطرفين في الحكومة الإسرائيلية يطلقون تهديدات متكررة ضمن نهج يعتمد على سياسة إلقاء المسؤولية على الآخرين».

وقال إن إسرائيل تحاول تعبئة المجتمع الإسرائيلي الداخلي بعد أن فقدت حكومة نتنياهو «دعاية الانتصار المطلق التي روّجت لها عقب بدء اتفاق غزة»؛ مؤكداً أنه على الرغم من أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية تشهد قدراً من التوتر، فإن القاهرة «تعاملت مع الموقف بحكمة واتزان، عبر تمسكها باتفاقيات السلام من جهة، وصون السيادة والأمن القومي المصري والقضية الفلسطينية من جهة أخرى».

واتهم الإعلام الإسرائيلي مصر مرات عديدة بخرق معاهدة السلام الموقعة بين البلدين؛ وذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، الشهر الماضي، أن نتنياهو طلب من إدارة ترمب الضغط على مصر لتقليص «الحشد العسكري الحالي» في سيناء.

وردت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية سريعاً، مؤكدة أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في حوار تلفزيوني، مساء الثلاثاء: «مصر دائماً دولة كبرى وتحترم التزاماتها، ولو أبرمت معاهدة سلام مع أي دولة، بما فيها إسرائيل، فلا يمكن أن تخرق المعاهدة طالما التزم الطرف الآخر»، مؤكداً أن العلاقة مع إسرائيل «شهدت احتقاناً شديداً بسبب حرب غزة، وترك ذلك انعكاسات على التواصل».

ويؤكد فرج أن مصر ملتزمة باستراتيجية السلام ولم تخالف أي بند فيها ولا تسعى لأي أزمات، «لكن إسرائيل هي من تفتعل تلك الأمور، وعليها أن تراجع نفسها فوراً». ورجح ألا يدفع الإعلان عن تلك المنطقة المغلقة المحتملة لنقطة صدام بينهما، كما استبعد أن تصدر مصر بياناً عن تصريحات إسرائيلية محتملة «معروف ما وراؤها من أسباب».

واتفق فهمي مع الرأي الذي يستبعد أن يصل الأمر لنقطة صدام.


مقالات ذات صلة

السويداء: اعتقالات لإفشال تشكيل «تيار موازٍ» لزعامة الهجري

المشرق العربي 
«الهلال الأحمر السوري» يرعى تسليم موقوفين من أهالي السويداء (سانا)

السويداء: اعتقالات لإفشال تشكيل «تيار موازٍ» لزعامة الهجري

كشفت مصادر درزية مطلعة في مدينة السويداء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حملة الاعتقالات التي نفذها «الحرس الوطني» بحق نحو 10 أشخاص، جاءت بتهمة محاولتهم تنفيذ «انقلاب»

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية القوات الاسرائيلية في بيت بريف دمشق الجمعة الماضية (الجيش الإسرائيلي)

واشنطن تتدخل للتهدئة بين إسرائيل وسوريا وقد ترسل مبعوثين

واشنطن تطلب من إسرائيل التهدئة مع سوريا وترسل مبعوثين قريباً. التحقيقات مع المعتقلين من سوريا تشير إلى تورطهم مع «حماس» و«حزب الله» وإيران

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قذيفة إسرائيلية تظهر في بلدة بيت جن بجنوب سوريا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في أعقاب عملية عسكرية (أ.ف.ب) play-circle

وزير الإعلام السوري: لا نستطيع مجاراة إسرائيل في استفزازاتها

قال وزير الإعلام السوري، الجمعة، إن سوريا ليست في موقع يسمح لها «بالذهاب إلى ما تريده إسرائيل من خلال استفزازاتها» مؤكدا أن الاستفزاز يتم عبر التوغلات العسكرية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد إثر غارة جوية إسرائيلية على منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 26 نوفمبر 2024(إ.ب.أ) play-circle

كاتس: لبنان لن ينعم بالهدوء دون ضمان أمن إسرائيل

حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، من أن لبنان لن ينعم بالهدوء، في حال عدم ضمان أمن إسرائيل، وذلك في وقت يشهد تصعيداً، بعد عام من وقف إطلاق الن

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».