ترمب يدرس «مقاربات جديدة»... وأوروبا تفعّل «استخباراتها» ضد موسكو

زيلينسكي رحّب باقتراح «تجميد» خطوط القتال

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

ترمب يدرس «مقاربات جديدة»... وأوروبا تفعّل «استخباراتها» ضد موسكو

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس (أ.ف.ب)

بعد أسبوع من التوقعات الدبلوماسية العالية باحتمال حصول اختراق في الأزمة الأوكرانية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان مقرراً عقده في بودابست، قائلاً إنه «لا يرغب في إجراء محادثات بلا جدوى». ورغم مسارعة المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى القول إن «التحضيرات مستمرة»، وبأن أحداً «لا يريد هدر الوقت، لا الرئيس ترمب ولا الرئيس بوتين»، فلم يصدر أي موقف أميركي يؤكد مواصلة تلك التحضيرات.

في الواقع، لم يكن إعلان ترمب مفاجئاً؛ فالتباين العلني بين الجانبين عكس مرة أخرى نمط العلاقة المتقلبة بين واشنطن وموسكو، حيث يعلن ترمب عن «اختراق محتمل»، ثم يتراجع بعد أن يصطدم بحجم الفجوة بين الجانبين الأوكراني والروسي. فالتصريحات الروسية كانت ولا تزال واضحة في أن «اتفاق السلام يجب أن يسبق وقف إطلاق النار». وهو المبدأ الذي يتيح للكرملين مواصلة القتال من دون سقف زمني واضح. ومع إحباطه المتكرر من بوتين، تطرح التساؤلات عمّا إذا كان ترمب سيغير موقفه جذرياً من هذا الصراع، وعن خياراته السياسية.

وتقول آنا بورشيفسكايا، كبيرة الباحثين في الشأن الروسي في معهد واشنطن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا يُعدّ تحولاً حقيقياً؛ فالرئيس الروسي بوتين نفسه لم يبدُ متحمساً للقاء في بودابست سابقاً. لكن المؤكد هو أن الحرب في أوكرانيا مستمرة.

خيارات البيت الأبيض

يلتزم البيت الأبيض الصمت حيال الخطوات المقبلة بعد إلغاء القمة، لكن مساعدي ترمب يقولون إنه يدرس «مقاربة جديدة» لإدارة الملف الأوكراني، تجمع بين الضغط العسكري والاقتصادي على موسكو، ومحاولة إشراك الأوروبيين في تمويل أي تسوية محتملة.

ويقول مايكل روبين، الباحث في معهد «أميركان إنتربرايز»، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن ترمب «يُحب إبقاء الجميع في حيرة. إذا كانت لديه استراتيجية، فهي ليست استراتيجيةً تتسم بالتحولات الدائمة، بل برغبةٍ مُتعمدةٍ في زعزعة ثقة الجميع، بهدف تسهيل إبرام الصفقات المستقبلية».

غير أن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن دانيال فريد، الدبلوماسي الأميركي السابق، قوله إن المشكلة الأساسية هي أن «ترمب لا يزال يتردد بين الضغط على بوتين ومهادنته. بوتين يلعب به، في كل مرة يوهمه بأنه يريد السلام، ثم ينسحب حين تقترب الأمور من التنفيذ». وفعلاً، في الوقت الذي يؤكد فيه ترمب أنه «ما زال يرى فرصة لوقف النار»، تشير تجارب الأشهر الماضية إلى أن موسكو لا تنوي تقديم تنازلات حقيقية، وأنها تفضّل انتظار تبدل المزاج الأميركي أو الأوروبي قبل الانخراط في مفاوضات جدّية.

زيلينسكي يدعم اقتراح ترمب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي التقى ترمب قبل أيام في واشنطن، وصف اقتراح الرئيس الأميركي بتجميد الحرب على خطوط القتال الحالية بأنه «حل وسط جيد»، مع إقراره في الوقت نفسه بأنه يشك في إمكانية قبول بوتين بهذا الطرح.

وقال زيلينسكي خلال زيارة إلى أوسلو، الأربعاء: «اقترح الرئيس الأميركي أن نثبت على خطوط القتال الحالية ونبدأ الحوار، وهذا مقبول من حيث المبدأ. لكنني لست متأكداً من أن بوتين سيدعمه». وبحسب مصادر أوروبية، فقد حاول ترمب خلال لقائه بزيلينسكي إقناعه بالتنازل عن أجزاء من دونباس، مقابل وقف شامل للقتال، وهو ما رفضه الأخير، قبل أن يعلن الأوروبيون في بيان مشترك أن «أوكرانيا هي الطرف الوحيد الجاد في السعي إلى السلام».

ورقة «توماهوك»

تزامن قرار واشنطن تعليق القمة مع عودة التلويح في واشنطن بإمكانية تزويد كييف بصواريخ «توماهوك» البعيدة المدى، وهو خيار أصبح جزءاً من أدوات الضغط الأميركية على موسكو.

ويقول السفير الأميركي السابق في كييف، ويليام تايلور، إن «الحديث عن احتمال تسليم توماهوك هو بحد ذاته ورقة ضغط فعالة، وبوتين يدرك ذلك جيداً». وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن الكرملين كثّف اتصالاته مع البيت الأبيض بعدما أبدت واشنطن استعداداً لمناقشة هذا الخيار، وهو ما فُسّر في الأوساط الغربية بأنه دليل على أن «الضغط يعمل».

في المقابل، واصلت روسيا عملياتها العسكرية، فيما أعلنت أوكرانيا هذا الأسبوع أنها استهدفت منشأة كيماوية رئيسية في منطقة بريانسك داخل الأراضي الروسية بصواريخ «ستورم شادو» الفرنسية - البريطانية، في إشارة إلى أن الحرب لم تدخل بعد مرحلة الجمود.

أوروبا تبحث عن «سلام واقعي»

بموازاة ذلك، كشفت وكالة «بلومبرغ» عن أن كييف وعدداً من العواصم الأوروبية، منها برلين وباريس وبروكسل، تعمل على إعداد خطة سلام من 12 بنداً لإنهاء الحرب، تقوم على تجميد خطوط القتال الحالية كأساس لوقف النار، مع ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا وتمويل إعادة الإعمار، ومنح كييف مساراً سريعاً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتتضمن المسودة أيضاً آلية مراقبة دولية يشرف عليها الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة، ورفعاً تدريجياً للعقوبات على روسيا في مقابل التزامها بتنفيذ الاتفاق. لكن الدبلوماسيين الأوروبيين يعترفون بصعوبة تسويق هذه الخطة في ظل تصلب المواقف، وانعدام الثقة بين موسكو وكييف، وتردّد واشنطن في تقديم ضمانات أمنية واضحة.

زيارة طارئة لأمين عام «الناتو»

في ظل هذا الغموض، يصل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، إلى واشنطن للقاء الرئيس ترمب في زيارة وُصفت بأنها «استثنائية وتقررت في اللحظة الأخيرة». وتأتي الزيارة بعد أيام من الانتقادات الأوروبية لسياسات ترمب المتقلبة تجاه أوكرانيا وروسيا؛ إذ بدا أن بعض العواصم الغربية تخشى أن يكون الرئيس الأميركي قد اقترب أكثر من الموقف الروسي خلال محادثاته الأخيرة مع بوتين.

ترمب وزيلينسكي خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم 17 أكتوبر (رويترز)

ويقول دبلوماسي أوروبي في بروكسل إن روته «يسعى إلى إعادة ضبط العلاقة مع واشنطن، وإقناع ترمب بعدم تقديم تنازلات مجانية لبوتين، خصوصاً فيما يتعلق بتجميد الحرب دون اتفاق سلام حقيقي».

تنسيق استخباري أوروبي

على المستوى الأمني، تشهد أوروبا تحولاً لافتاً في بنية التعاون الاستخباري بين دولها، بعد أن علّقت إدارة ترمب مشاركة المعلومات الحساسة مع كييف في مارس (آذار) الماضي.

وذكرت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية أن أجهزة الاستخبارات الأوروبية «تدفن عقوداً من انعدام الثقة»، وتبني شبكات تعاون جديدة ضد روسيا، وصلت إلى حد بحث إنشاء جهاز استخباري أوروبي موحد، على غرار وكالة الـ«سي آي إيه».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي قوله إن «ترمب يستحق جائزة نوبل لأنه جعل أجهزة الاستخبارات الأوروبية تتعاون فعلاً».

اجتماع وزراء دفاع «الناتو» في بروكسل يوم 15 أكتوبر 2025 لبحث حرب أوكرانيا واختراق أجواء أوروبا (رويترز)

ويشير تقرير الصحيفة إلى أن العواصم الأوروبية الكبرى، برلين وباريس ولندن ووارسو وأمستردام، باتت تشارك بياناتها الميدانية مع أوكرانيا بشكل مباشر، من دون المرور عبر قنوات «الناتو» أو واشنطن.

هذه الديناميكية الجديدة، التي وُصفت بأنها «غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد الأوروبي»، تكرّس من جهة تنامي نزعة الاستقلال الأمني الأوروبي، لكنها في الوقت نفسه تُظهر تراجع الثقة بالالتزام الأميركي الدائم بالدفاع عن القارة.

وتبدو أوروبا اليوم أمام معادلة مزدوجة: من جهة تخشى عودة الفوضى إلى العلاقات عبر الأطلسي إذا واصل ترمب سياساته الأحادية، ومن جهة أخرى تدرك أن بناء قدرات دفاعية واستخبارية ذاتية أصبح ضرورة استراتيجية.

وقد عبّر مسؤول أوروبي سابق في «الناتو» عن هذه المفارقة بقوله: «كلما ازداد التذبذب في واشنطن، ازدادت الحاجة إلى وحدة القرار في بروكسل». ويُتوقع أن تكون زيارة روته إلى البيت الأبيض هذا الأسبوع اختباراً حقيقياً لمستقبل العلاقة بين الحلف والأميركيين، ولما إذا كانت الولايات المتحدة ستعود إلى موقع القيادة، أم ستواصل إدارة الأزمة الأوكرانية بمنطق «الصفقات المؤقتة».

ومع غياب قمة بودابست، يجد المشهد الدولي نفسه أمام فراغ دبلوماسي خطير؛ فلا موسكو مستعدة لتقديم تنازلات، ولا واشنطن راغبة في الانخراط العسكري أو المالي العميق، فيما تحاول أوروبا أن تمسك العصا من الوسط بين دعم كييف وتجنب حرب استنزاف طويلة. لكن المؤشرات الميدانية، من هجمات كييف داخل الأراضي الروسية إلى القصف المتبادل فوق البحر الأسود، توحي بأن الحرب لا تزال بعيدة عن التجميد الفعلي، وأن «الحل الوسط» الذي تحدّث عنه ترمب قد يبقى حبراً على ورق، ما لم تتوافر إرادة دولية حقيقية لتغيير المعادلة القائمة.


مقالات ذات صلة

خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

آسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز) play-circle

خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

قمة بوتين مودي تنتهي برزمة اتفاقات وتعاون بعيد الأمد وخريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي عنصر من القوات السورية الجديدة بالقرب من صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر في مقر الفرقة الرابعة بدمشق يناير الماضي (رويترز)

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

كشف تحقيق عن أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرَّا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (د.ب.أ)

تحقيق: بوتين أعطى الإذن بتسميم الجاسوس الروسي السابق سكريبال في بريطانيا

خلص تحقيق عام في بريطانيا، اليوم (الخميس)، إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا بد أنه أمر بالهجوم باستخدام غاز الأعصاب «نوفيتشوك» على العميل الروسي المزدوج.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدثان في برلين بألمانيا يوم 23 يوليو 2025 (إ.ب.أ)

ماكرون وميرتس قلقان من النهج الأميركي للسلام في أوكرانيا

كشفت مجلة «شبيغل» الألمانية أن الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني عبّرا عن تشككهما في الاتجاه الذي تسلكه أميركا للتفاوض على السلام بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

أعلنت الولايات المتحدة تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أظهرت وثيقة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسعى إلى منع حدوث صراع مع الصين بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي، عبر تكثيف بناء قوة عسكرية للولايات المتحدة وحلفائها، وفق ما نشرت «رويترز».

وحدّدت إدارة ترمب نهجها تجاه واحدة من أكثر القضايا الدبلوماسية حساسية في العالم في وثيقة تتعلق باستراتيجية الأمن القومي تتألف من 29 صفحة، ومؤرخة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، ولكن لم تُنشر على الإنترنت إلا في الآونة الأخيرة.

وجاء في الوثيقة أن «منع الصراع بشأن تايوان، من خلال الحفاظ على التفوق العسكري، يُمثل أولوية».

وتعدّ الصين أن تايوان، التي تنعم بحكم ديمقراطي، جزءاً لا يتجزأ منها، ولم تتراجع بكين مطلقاً عن فكرة استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها. كما أن للصين مطالبات بالسيادة على مناطق شاسعة، تشمل بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، وهو بحر متنازع عليه مع عدد من جيرانها الأصغر.

وليس للولايات المتحدة، شأن معظم الدول، علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان. لكن واشنطن هي أهم داعم دولي للجزيرة، وهي ملزمة بحكم القانون بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها.

وتوضح الوثيقة أن إدارة ترمب ترى أن عدم الاستقرار قرب تايوان يُشكل خطراً بسبب هيمنة الجزيرة على تصنيع أشباه الموصلات، ولأن حصة كبيرة من التجارة العالمية تمر عبر المياه القريبة.

ودائماً ما كانت هذه القضية مصدر إزعاج في العلاقات الأميركية الصينية.

وتجنّب الرئيس الجمهوري إلى حد بعيد التصريح مباشرة بالطريقة التي يمكن أن يرد بها على تصاعد التوتر بشأن الجزيرة، وقال إنه يتطلع إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وحضّ كذلك اليابان وكوريا الجنوبية، وهما حليفتان إقليميتان رئيسيتان، على زيادة الإنفاق الدفاعي.

وورد في أحدث وثيقة «سنكّون جيشاً قادراً على صد العدوان في أي مكان، في سلسلة الجزر الممتدة من اليابان إلى جنوب شرق آسيا... لكن الجيش الأميركي لا يستطيع القيام بذلك بمفرده، وينبغي ألا يضطر إلى ذلك».


روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
TT

روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الجمعة)، أن قرار الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة مالية كبيرة على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي هو اعتداء على الشعب الأميركي من قبل حكومات أجنبية، كما يعد هجوماً على جميع شركات التكنولوجيا الأميركية.

وأضاف روبيو في منشور على «إكس»: «أيام فرض الرقابة على الأميركيين عبر الإنترنت قد ولت».

وقررت الجهات المنظمة لقطاع التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اليوم تغريم «إكس»، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، 120 مليون يورو بسبب «انتهاكات» تتعلق بالمحتوى على الإنترنت بعد تحقيق استمر لعامين، وأمهلت المنصة 60 يوماً لتقديم حلول و90 يوماً للتنفيذ.

وانتقد رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية الأميركية بريندان كار قرار المفوضية الأوروبية، قائلاً إن أوروبا تغرم شركات التكنولوجيا الأميركية لأنها ناجحة، وتسعى للحصول على أموال غير مستحقة.

وحذر نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الاتحاد الأوروبي، أمس (الخميس)، من فرض عقوبات على «إكس»، قائلاً إن على أوروبا «دعم حرية التعبير بدلاً من مهاجمة الشركات الأميركية بسبب أمور تافهة».

وقالت المفوضية الأوروبية في وقت سابق اليوم رداً على فانس إن قوانين المحتوى الرقمي «ليست رقابة».


أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
TT

أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)

قُتل أربعة أشخاص في ضربة جوية أميركية ضد قارب يُشتبه في تهريبه مخدرات شرق المحيط الهادئ، في خضم مساءلات في الكونغرس حيال ما إذا كانت الولايات المتحدة ارتكبت جريمة حرب خلال هجوم في سبتمبر (أيلول) الماضي بجنوب البحر الكاريبي لاستهدافها شخصين نجوا من الضربة الأولى.

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

وأعلنت القيادة العسكرية الجنوبية في الجيش الأميركي وقوع الضربة الـ22 ضد «قوارب المخدرات» الخميس، وسط انتقادات متزايدة من المعارضة الديمقراطية للضربات التي بدأت في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 87 شخصاً حتى الآن، من دون تقديم أي دليل على صلاتهم بتهريب المخدرات. وأفادت عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنها استهدفت «قارباً في المياه الدولية تديره منظمة مصنفة إرهابية»، مضيفة أن «معلومات استخبارية أكدت أن القارب كان يحمل مخدرات غير مشروعة، ويعبر طريقاً معروفاً لتهريب المخدرات في شرق المحيط الهادئ». وأكدت «مقتل أربعة رجال من إرهابيي المخدرات كانوا على متن القارب».

ووقعت الضربة في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث انتقادات، بسبب عملية وجهت خلالها القوات الأميركية ضربة ثانية على قارب سبق أن قُصف في البحر الكاريبي، مما أدى إلى مقتل ناجيَين اثنين من الضربة الأولى. وقُتل 11 شخصاً في الضربتَين الأولى والثانية.

السيناتور مارك كيلي (أ.ب)

واحتدم الجدال الأسبوع الماضي عندما أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن اثنين من الناجين من الضربة الأولى كانا متشبثين بقاربهما المشتعل، قُتلا في ضربة ثانية أذن بها هيغسيث.

وبعد مشاهدة مقطع فيديو قدمته وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى أعضاء من الكونغرس، وعُرض خلال جلسة مغلقة مع المسؤول عن العمليات الخاصة في القوات المسلحة الأميركية الأميرال فرنك برادلي، أكد كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب جيم هايمز، أن الضربة أدت إلى مقتل «بحّارَين غارقين»، موضحاً أن الفيديو يُظهر «شخصين من الواضح أنهما في حالة حرجة، من دون وسيلة تنقل، قتلتهما الولايات المتحدة»، ومشيراً إلى أن الأميرال برادلي قدّم «عناصر سياقية» في شأن قراره. وأضاف: «نعم، كان في حوزتهما مخدرات»، لكنهما «لم يكونا في وضع يسمح لهما بمواصلة مهمتهما بأي شكل من الأشكال».

صورة مجمّعة للرئيسين الأميركي ترمب والفنزويلي مادورو (أ.ف.ب)

ودافع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري توم كوتون عن القرار، واصفاً إياه بأنه «عادل». وأكد على غرار هايمز، أن الأميرال نفى تلقيه أمراً من وزير الدفاع بالقضاء على جميع البحارة على متن السفينة.

تأتي هذه الحملة العسكرية الأميركية في إطار تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا. ويتهم ترمب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأنه زعيم كارتل لتهريب المخدرات. أما مادورو فينفي ذلك بشدة، مندداً بمحاولة الولايات المتحدة إطاحة حكومته بذريعة مكافحة تهريب المخدرات.

ومع استمرار هذا التوتر، تواجه فنزويلا عزلة جوية بعدما أعلن الرئيس ترمب إغلاق المجال الجوي لهذا البلد في أميركا الجنوبية، وبعدما علّقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها حرصاً على سلامة طائراتها وركابها.

أنصار المعارضة الفنزويلية يشاركون في وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين الفنزويليين في بوغوتا بكولومبيا (رويترز)

ونشر ترمب تحذيراً جاء فيه: «كل شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والبشر، يُرجى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا وحولها مغلقاً تماماً».

وألغت شركتا «بوليفانا دي أفياسيون» و«ساتينا» الكولومبيتان رحلاتهما إلى كاراكاس الخميس، فيما مدّدت شركة «كوبا إيرلاينز» البنمية تعليق رحلاتها حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وسبق أن علقت شركات «إيبيريا» و«تي إيه بي» و«أفيانكا» و«غول» و«لاتام» و«إير أوروبا» والخطوط الجوية التركية و«بلاس ألترا» رحلاتها إلى فنزويلا. واتهمت كاراكاس هذه الشركات بـ«الانخراط في أعمال إرهاب الدولة» التي تمارسها واشنطن، وألغت تراخيص تشغيلها.

ولا يؤثر إغلاق المجال الجوي الذي أشار إليه ترمب على الرحلات التي تقل مهاجرين رحّلتهم الولايات المتحدة إلى فنزويلا. ووصلت، الأربعاء، طائرة تقل عدداً من هؤلاء، وكان من المتوقع وصول طائرة أخرى الجمعة.