غزة... عامانِ من الحرب دمّرا 4000 عام من التاريخ لكنّ الثقافة تخترق الركام

طفل ينتشل كتبه المدرسية من بين ركام منزله في غزة (أ.ف.ب)
طفل ينتشل كتبه المدرسية من بين ركام منزله في غزة (أ.ف.ب)
TT

غزة... عامانِ من الحرب دمّرا 4000 عام من التاريخ لكنّ الثقافة تخترق الركام

طفل ينتشل كتبه المدرسية من بين ركام منزله في غزة (أ.ف.ب)
طفل ينتشل كتبه المدرسية من بين ركام منزله في غزة (أ.ف.ب)

عمرُ غزّة 4000 عام. وعمرُ أشرس الحروب عليها عامان. عامانِ كانا كفيلَين بالقضاء على 4 ألفيّات من الحضارة.

آلة التدمير الإسرائيلية التي قطعت رؤوس الأطفال، لم تكترث لمئذنة مسجدٍ تاريخيّ ولا لقبّة كنيسةٍ أثريّة. ووفق إحصاءٍ أجرته وزارة الثقافة الفلسطينية، فإنّ أكثر من 200 موقع ذات قيمة ثقافية دُمرّ بالكامل أو تضرر جزئياً بسبب القصف الإسرائيلي. أما منظّمة «القلم الأميركي» الثقافية فقد رصدت مقتل أكثر من 150 مثقفاً فلسطينياً منذ اندلاع الحرب.

آثار على طريق الاندثار

أقدَمُ المعالم الأثريّة الدينية التي استهدفتها الغارات الجويّة، المسجد العمري وسط مدينة غزة. شُيّد في القرن السابع للميلاد فوق بقايا معبد يعود لألف عام ما قبل الميلاد. وقد تهدّم الجزء الأكبر منه، فلم تبقَ سوى المئذنة المتضرّرة لتشهد على 1300 عام من التاريخ.

في بداية الحرب استُهدف المسجد العمري الكبير في مدينة غزة (أ.ف.ب)

من بين المواقع الدينية المستهدَفة كذلك مسجد السيد هاشم، والعائد إلى حقبة المماليك، ومسجد عثمان قشقار الذي شُيّد عام 1223، وكنيسة القديس بورفيريوس المَبنيّة عام 407 والتي أعاد الصليبيّون ترميمها في القرن الحادي عشر، ودير القديس هيلاريون الذي تأسس عام 340. ورغم منح منظّمة «اليونيسكو» شارة الحماية المعززة لهذا الموقع الأثري، فإن إسرائيل استهدفته متسببةً بأضرار جسيمة فيه.

آثار الدمار في كنيسة القديس بورفيريوس التاريخية في غزة (أ.ف.ب)

في غزة التي لا يسمع عنها الرأي العام العالمي سوى أخبار الموت والمجاعة والدمار، حجارةٌ تحكي قصصاً من عمر التاريخ. بيوتٌ أثريّة كبيت السقا وبيت الغصين، وحمّامات من العصر العثماني، وأسواقٌ عريقة تعود لمئات السنين، ومتاحف كانت تؤرّخ لِما تَعاقبَ على القطاع من حضارات. حتى حي الرمال والمستشفى المعمداني اللذان يرِدان في أخبار الموت العاجلة، يُعدّان من المعالم الأثريّة. في غزة كذلك، مكتباتٌ عامة ومطابع ودُور نشر تبعثرت الحروف فيها وتمزّقت الأوراق، لأنّ إسرائيل أطلقت على التاريخ والثقافة حُكم الإعدام.

مكتبة بلديّة غزّة التي دمّرت بالكامل خلال الحرب (بلدية غزة)

سينما تحت القصف

مقابل هذا الدمار الثقافي الشامل، وُلدت من رحم المأساة أعمالٌ فنية وإنجازاتٌ أدبية وسينمائية كثيرة حملت توقيع أبناء غزة وحكاياتهم.

تلك الأفلام والكتب والأغنيات التي روَت فظاعة ما يجري على طريقتها، استطاع معظمها أن يصل إلى العالمية. وليس فيلم «صوت هند رجب» الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان البندقية السينمائي الشهر الماضي، سوى نموذجٍ من تلك النجاحات.

اهتزّ العالم أسبوعاً على وقع نداءات استغاثة الطفلة هند العالقة في السيارة وسط جثث أقربائها من جهة، وفوهة الدبابة الإسرائيلية الموجّهة إليها من جهة ثانية.

الفيلم التوثيقي الذي حصد، إلى جانب الجائزة العالمية، أطوَل مدّة تصفيق في تاريخ المهرجان، ذاهبٌ إلى الأوسكار حاملاً معه جراح غزة لينافس مرةً جديدة على التصفيق والدموع والجوائز العالمية.

إنجازٌ سينمائي عالمي آخر طالع من غزة للأخوَين طرزان وعرب ناصر الفائزين بجائزة أفضل إخراج في مهرجان كان السينمائي الدولي عن فيلمهما «كان يا ما كان في غزة». صحيح أن الفيلم لا يتطرّق إلى الحرب، بل تدور أحداثه عام 2007، غير أنه شكّل صرخةً مدويّة عبّرت عن آلام الغزيين الذين أمضوا أعمارهم تحت الحصار. وقد صوّره المخرجان اللذان غادرا غزة منذ 2012، في الأردن، بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فريق عمل فيلم «كان يا ما كان في غزة» في مهرجان كان السينمائي 2025 (الشركة المنتجة)

يبقى مشروع «من المسافة صفر» أبرز الإنجازات السينمائية الطالعة من غزة خلال سنتَي الحرب. هو عبارة عن مجموعة من الأفلام القصيرة التي جرى تصويرها تحت القصف ووسط الدمار، من قِبَل محترفي سينما وهواة على حدٍ سواء. نقلت تلك الأفلام الواقع بالعين المجرّدة وروَت حكايات الضحايا والنازحين والأطفال والمسنّين الواقفين في طوابير المياه والخبز. وثّقت الأفلام الـ22 لجحيم غزّة كما لم يفعل أي عملٍ فنيٍ آخر، ورغم المخاطر الجسيمة التي تعرّض لها صنّاع تلك الأفلام، فإنّ موادّهم وصلت إلى عروضٍ عالمية على رأسها مهرجانا تورونتو وعمّان السينمائيان الدوليان.

أوركسترا المسيّرات تعزف لأطفال غزة

أعلى من دويّ القذائف وهدير الطيران الحربي، ارتفعت نغمات من قلب غزة لتقول إن الموسيقى ما زالت ممكنة. هي حكاياتٌ اخترقت بإنسانيّتها جدار الصمت، كحكاية أحمد أبو عمشة الذي حوّل أزيز المسيّرات المتواصل إلى خلفيّة موسيقية للأغاني وجعل من أطفال خيام النزوح عازفين ومغنّين.

أستاذ الموسيقى هذا زرع آلات الغيتار، والعود، والناي، والطبلة في أيادي النازحين كباراً وصغاراً. شغلهم عن الذعر اليوميّ بدراسة النغم والإيقاع، وبإطلاق العنان لأصواتهم الجميلة.

تجارب موسيقية أخرى خرجت من خيام النزوح ومن حناجر أطفال غزة، مثل تجربة فرقة «صول» التي صبّت اهتمامها على علاج صدمات الحرب بالموسيقى.

ومن خارج الحدود ارتفعت أصوات نيابةً عن أهالي غزة، لغناء مأساتهم ومشاركتها مع البشريّة جمعاء. عندما أصدر المغنّي الفلسطيني مروان عبد الحميد المعروف بـ«سانت ليفانت» ومغنّي الراب عبد الرحمن الشنطي المعروف بـMC Abdul أغنيتهما «ديرة» مطلع 2024، تحوّل العمل إلى ظاهرة تصدّرت القوائم الموسيقية وجالت على مسامع البشر أينما حلّوا. صارت لازمة «سلّملي ع أريحا وسلّم عالديرة يا طير الطاير» أنشودة على كل لسان عربي.

الشاب الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة أمضى جزءاً من طفولته في منزل جدّيه في غزة. وهناك، شيّد والده فندقاً في حيّ الرمال أطلق عليه اسم «الديرة»، غير أن العدوان الإسرائيلي سوّاه بالأرض فجاءت تلك الأغنية كتحيّة إلى ذاك المكان وإلى غزة عموماً.

إنجازات أدبيّة من غزة

من قلب غزة المدمّرة طلعت كذلك تجارب أدبية حققت إنجازات عالمية. الكاتب والشاعر مصعب أبو توهة هو أول فلسطيني يفوز بجائزة بوليتزر العريقة عن توثيقه رحلة الخروج من غزة ويومياته تحت القصف وفي الاعتقال.

أبو توهة الذي استطاع الانتقال وعائلته من غزة إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر مصر، نشر مجموعة كبيرة من المقالات في الصحافة العالمية، في طليعتها مجلة «نيويوركر». وتُمنح جائزة بوليتزر لـ23 شخصاً سنوياً عن فئات الصحافة والأدب والفنون.

مقال مصعب أبو توهة أول فلسطيني يفوز بجائزة بوليتزر عن فئة الصحافة (نيويوركر)

لا شيء سيعوّض سمير منصور عن دمار مكتبته العريقة التي كانت تحوي أكثر من 300 ألف كتاب. لكنه أصرّ على إعادة افتتاحها فوق الركام وبما تبقّى فيها من كتب. وكتحيةٍ لنضاله الثقافي المستمر رغم الغارات الإسرائيلية التي لم توفّر مكتبته، نال منصور «جائزة فولتير لحرية التعبير» عام 2024.

بقايا مكتبة سمير منصور في غزة بعد سلسلة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

بتول أبو عاقلين هي شاعرة ومترجمة من غزة. فازت قصيدتها «بارود» من مجموعتها الشعرية الناطقة بالعربية والإنجليزية، والتي ألّفتها تحت القصف، بالمرتبة الثالثة في مسابقة مجلّة لندن الشعريّة.

أما المؤثّرة والصحافية بليستيا العقّاد والتي واكبت المأساة ساعةً بساعة عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد نشرت يومياتها ضمن كتاب «عيون غزة» وهي انضمّت إلى قائمة «بي بي سي» لأكثر 100 سيّدة مؤثرة لسنة 2024.


مقالات ذات صلة

كاتس يتراجع عن تصريحات احتلال غزة بعد «ضغوط أميركية»

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل (رويترز) play-circle 00:38

كاتس يتراجع عن تصريحات احتلال غزة بعد «ضغوط أميركية»

تراجع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، عن تصريحاته بشأن بقاء جيشه في غزة، وقال في بيان إن ⁠الحكومة الإسرائيلية ​لا ‌تنوي إقامة مستوطنات في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
الخليج حملت الطائرة الإغاثية على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى المتضررين من الشعب الفلسطيني داخل غزة (واس)

وصول الطائرة السعودية الـ76 لإغاثة أهالي غزة

وصلت إلى مطار العريش بمصر، الاثنين، الطائرة السعودية الإغاثية الـ76، حاملة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى المتضررين في غزة.

«الشرق الأوسط» (العريش)
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

قُتل مواطن فلسطيني، اليوم الاثنين، برصاص القوات الإسرائيلية على أثر استهدافه في شرق مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

مقتل ضابط مخابرات سوري سابق بظروف غامضة

متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن
متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن
TT

مقتل ضابط مخابرات سوري سابق بظروف غامضة

متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن
متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن

عثرت الأجهزة الأمنية اللبنانية في الساعات الماضية، على جثة المواطن السوري غسان نعسان السخني، قرب المنزل الذي كان يقيم فيه في منطقة كسروان، في حادثة أثارت تساؤلات واسعة حول خلفياتها ودلالاتها.

وباشرت السلطات تحقيقات مكثفة لتحديد ملابسات الجريمة وما إذا كانت تنطوي على جريمة جنائية بحتة، أم تنطوي على أبعاد سياسية.

وأفادت المعلومات الأمنية الأولية المستقاة من التحقيق، أن السخني «كان ضابطاً في أجهزة المخابرات السورية خلال فترة حكم بشار الأسد، وارتبط بعلاقات وثيقة مع العميد سهيل الحسن، الملقب بـ(النمر)، أحد أبرز قادة المخابرات الجوية السورية، وارتبط اسمه بعمليات عسكرية دامية، لا سيما في الغوطة الشرقية».

أسرة سورية تفرّ من قصف النظام على بلدة حمورية بالغوطة الشرقية المحاصرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت المعلومات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن السخني «لجأ إلى لبنان عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع العشرات ممن فروا إثر هروب الأسد إلى روسيا».

ويشرف النائب العام الاستئنافي في جنوب لبنان، القاضي سامي صادر، على التحقيقات الجارية، وقد كلّف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإجراء التحقيق الأولي، بعد أن باشرت فصيلة طبرجا الإجراءات الميدانية.

وتركز التحقيقات وفق مصدر قضائي مطلع على «جمع وتحليل تسجيلات كاميرات المراقبة في محيط مكان الجريمة وكذلك الاتصالات، إضافة إلى الاستماع إلى إفادات أشخاص كانوا على صلة بالسخني، ورصد حركة المترددين إلى مكان إقامته».

صورة متداولة للواء جميل الحسن رئيس المخابرات الجوية السابق (الثالث من اليسار) المطلوب لفرنسا وجهات دولية أخرى

وتبيّن التحقيقات الأمنية أن السخني كان يقيم في شاليه على ساحل طبرجا قبل أن ينتقل إلى شقة سكنية في المنطقة نفسها، كما كشفت المعلومات أنه «ترأس في السابق مجموعة عسكرية تُعرف بـ(الطراميح) كانت تنشط في ريف حماة تحت إمرة الفرقة 25 في الجيش السوري السابق».

وتعزز هذه الحادثة المخاوف من تحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات مرتبطة بمرحلة ما بعد سقوط النظام السوري، خصوصاً في ظل ورود معلومات عن فرار عدد من الضباط والمسؤولين الأمنيين السابقين المتورطين في انتهاكات جسيمة منذ اندلاع الانتفاضة السورية عام 2011.

ولا يخفي المصدر القضائي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن وقوع الجريمة في منطقة كسروان، المصنفة خارج البيئات التقليدية الحاضنة لرموز النظام السوري السابق «أثار تساؤلات إضافية؛ إذ كان يُفترض أن يلجأ هؤلاء إلى مناطق أخرى كالبقاع أو الضاحية الجنوبية لبيروت».

وفي سياق متصل، ترددت في الآونة الأخيرة معلومات عن طلب تقدمت به السلطات السورية الجديدة إلى لبنان لتسليم نحو 200 شخصية أمنية وعسكرية من رموز النظام السابق. غير أن المصدر القضائي نفى تلقي أي طلب رسمي من الجانب السوري بهذا الشأن، مؤكداً أن القضاء اللبناني «لم يتسلم مراسلات سورية تتعلق بمسؤولين سابقين»، مذكراً بأن لبنان «تلقى مراسلتين دوليتين، الأولى من الولايات المتحدة تطالب بتوقيف اللواء جميل الحسن، الرئيس السابق للمخابرات الجوية، واللواء علي مملوك، مدير مكتب الأمن القومي السابق، والثانية استنابة قضائية فرنسية للتحري عن الحسن ومملوك واللواء عبد السلام محمود، على خلفية شبهات بتورطهم في قضايا قتل مواطنين فرنسيين»، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية «لا تزال في مرحلة جمع المعلومات، من دون اتخاذ إجراءات قضائية نهائية حتى الآن».


قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
TT

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)

جدد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، التأكيد على أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح (في جنوب الليطاني)، وأنه يجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، مشيراً إلى أن أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة.

جاء حديث هيكل خلال ترؤسه اجتماعاً استثنائيًاً، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية وعدد من الضباط، تناول فيه آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية، وسط استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية.

نهضة الوطن

واستُهل الاجتماع بدقيقة صمت استذكاراً لأرواح شهداء الجيش والوطن، وآخرهم العسكري الذي استشهد جراء غارة إسرائيلية مساء الاثنين على طريق القنيطرة - المعمرية في قضاء صيدا.

وخلال الاجتماع، هنّأ العماد هيكل الحاضرين والعسكريين جميعاً بمناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة، وأكد أنه «في ظلّ المرحلة الحساسة والتحديات الكبيرة التي يمر بها لبنان، فإنّ تضحيات العسكريين وجهودهم المتواصلة، على اختلاف رتبهم ووظائفهم، هي ركن أساسي في نهضة الوطن ومستقبله»، عادّاً «أنّهم يُشاركون في صنع تاريخ لبنان، انطلاقاً من المبادئ الثابتة للمؤسسة العسكرية، وأن هذه المبادئ لن تتغير مهما كانت الضغوط».

من جهة أخرى، تطرّق العماد هيكل إلى زيارته الأخيرة إلى فرنسا، لافتاً إلى «الإيجابية التي لمسها خلال اجتماعاته حيال الأداء المحترف للجيش»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأداء أصبح محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة، رغم اتهامات تطلَق بين حين وآخر، ومحاولات تضليل إسرائيلية تهدف إلى التشكيك في أداء الجيش وعقيدته».

مؤتمر دعم الجيش

وتحدث هيكل بشأن المؤتمر المرتقَب لدعم الجيش بداية العام المقبل، قائلاً: «أحد أهم أسباب الثقة والدعم للجيش هو وفاؤه بالتزاماته وواجباته في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في الجنوب، رغم الإمكانات المتواضعة، وهذا أمر أثبتته التجربة»، مؤكداً أنّ «عناصرنا يُظهِرون أقصى درجات الإخلاص والتفاني إيماناً برسالتهم، وهذا ما رأيناه خلال مهام عدة نفذتْها الوحدات العسكرية في المرحلة الماضية، وتعرّضت خلالها لأخطار كبيرة، من دون أن يؤثر ذلك في معنوياتها وعزيمتها، وسط تضامن من جانب الأهالي، وتعاون فاعل بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية وقوات الـ(يونيفيل)».

وأضاف: «نطمح إلى تعزيز قدرات الجيش كي يصبح الحامي والضامن لأمن اللبنانيين، ويملك القدرة للدفاع عن أهلنا على امتداد الأراضي اللبنانية، فإيماننا بالجيش هو إيمانٌ بهذا الدور الأساسي المنوط به. يتطلب ذلك دعماً وازناً ونوعيًاً، وهو ما تدركه الدول الشقيقة والصديقة التي تتوجه إلى توفير هذا الدعم للجيش وسائر المؤسسات الأمنية».

حصرية السلاح

وجدد هيكل التأكيد على أن «الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته»، في إشارة إلى المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وأنه «يُجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان»، مشيداً بـ«نجاح الوحدات في مختلف المهام، بما في ذلك حفظ الأمن ومراقبة الحدود وحمايتها في ظل التنسيق القائم مع السلطات السورية».


نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأضاف عبر منصة «إكس»: «أكدنا خلال اجتماعنا في عمّان ضرورة أولوية وقف إطلاق النار في غزة والالتزام بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار والتقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وربط جهود تحقيق الاستقرار بأفق سياسي واضح لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين».

وشدد الجانبان على أن مستقبل قطاع غزة يجب أن يستند إلى وحدته وارتباطه بالضفة الغربية، وأن تتولى السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية القطاع وفق قرار مجلس الأمن رقم 2803.

وذكر نائب الرئيس الفلسطيني أنه ناقش مع الصفدي أيضاً «التدهور الخطير في الضفة الغربية المحتلة»، وأكدا ضرورة تكاتف كل الجهود الإقليمية والدولية «لوقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تدفع نحو تفجر الأوضاع وتقوض فرص تحقيق السلام العادل والدائم على أساس حل الدولتين».

في غضون ذلك، أدانت السلطة الفلسطينية، الثلاثاء، خطة إسرائيل لإنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واصفة إياها بأنها «خطوة خطيرة» تهدف إلى «إحكام السيطرة الاستعمارية على الأرض الفلسطينية بأكملها».

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إنّ هذه الخطة هي «امتداد مباشر لسياسات الأبارتهايد والاستيطان والضمّ، بما يقوّض حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ويدمّر أي أفق حقيقي للاستقرار».

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت الأحد موافقتها على إنشاء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وهو إجراء تقول إنه يهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».