هجوم مانشستر يذكي مخاوف تزايد العنف بين الطوائف الدينية في بريطانيا

شباب يهود يحضرون وقفة لتأبين ضحايا هجوم على كنيس يهودي في مانشستر (أ.ب)
شباب يهود يحضرون وقفة لتأبين ضحايا هجوم على كنيس يهودي في مانشستر (أ.ب)
TT

هجوم مانشستر يذكي مخاوف تزايد العنف بين الطوائف الدينية في بريطانيا

شباب يهود يحضرون وقفة لتأبين ضحايا هجوم على كنيس يهودي في مانشستر (أ.ب)
شباب يهود يحضرون وقفة لتأبين ضحايا هجوم على كنيس يهودي في مانشستر (أ.ب)

عبّر سكان يهود ومسلمون عن مخاوفهم من تصاعد أعمال العنف الانتقامية وتأجيج الانقسامات، في أعقاب هجوم أسفر عن سقوط قتلى قرب كنيس يهودي في مدينة مانشستر بشمال إنجلترا، الخميس.

ودهس جهاد الشامي، وهو بريطاني من أصل سوري (يبلغ من العمر 35 عاماً) أفراداً من المارة بسيارته، ثم بدأ طعن أشخاص في عيد الغفران اليهودي (يوم كيبور)، خارج كنيس «هيتون بارك» في مانشستر، مما أسفر عن مقتل رجلين.

وفي الوقت الذي عبّر فيه أفراد من المجتمع اليهودي عن حزنهم على فقدان الأرواح، وأثاروا التساؤلات عن مستقبلهم في بريطانيا، عبّر أيضاً السكان المسلمون عن قلقهم خشية استهدافهم ظلماً.

شعور بالعزلة المتزايدة

قال مارك ليفي، رئيس «مجلس قيادة اليهود» في مانشستر، لوكالة «رويترز»، «تحققت أمس أسوأ مخاوفنا».

سيدة تتحدث مع أحد عناصر الشرطة في مانشستر خلال حضور وقفة لتأبين ضحايا هجوم على كنيس يهودي (أ.ب)

وأضاف أن المجتمع اليهودي شعر بالعزلة خلال العامين الماضيين، بعد أن أثّرت التوترات المرتبطة بالحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة على شوارع بريطانيا.

ومضى قائلاً: «من الصعب جدّاً في هذه اللحظة التعبير عما يشعر به المجتمع اليهودي، إنهم يتساءلون بصورة دائمة حول مستقبلهم في المملكة المتحدة».

وسجّلت مؤسسة الأمن المجتمعي التي توفر الأمن للمنظمات اليهودية في أنحاء بريطانيا 1521 من حوادث معاداة السامية في النصف الأول من عام 2025، وهو ثاني أعلى رقم إجمالي خلال 6 أشهر. وارتبط أكثر من نصف هذه الحوادث بالصراع في غزة، الذي اندلع إثر هجمات شنتها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

من جهة أخرى، خلص استطلاع حديث أجراه «معهد أبحاث السياسة اليهودية» إلى أن أكثر من ثلث اليهود البريطانيين يصنفون الآن سلامتهم الشخصية عند الحد الأدنى من مقياس من 10 نقاط، في زيادة بنحو 3 أمثال عمّا كان عليه الحال قبل هجمات السابع من أكتوبر.

مخاوف من رد فعل عنيف

قال داود تاج، وهو مسلم بريطاني (يبلغ من العمر 28 عاماً) ويعيش في مانشستر، لوكالة «رويترز»، إن البلاد تمر بمرحلة يشوبها القلق العميق.

سيدة تعانق شرطية بريطانية خلال وقفة لتأبين ضحايا هجوم على كنيس يهودي في مانشستر (رويترز)

وأضاف: «أعلم ما يشعر به أفراد المجتمع اليهودي عند تعرضهم للهجوم في أثناء الذهاب إلى مكان العبادة... أعتقد أن هذا من أكثر الأشياء المرعبة التي يمكن أن تحدث». وعبّر تاج عن تعاطفه مع المجتمع اليهودي، لكنه يشعر الآن بالقلق على أفراد عائلته المسلمين.

وسجلت منظمة «تيل ماما»، التي تعني (أخبر أمي)، وترصد ظاهرة الخوف من الإسلام، 913 حالة بين يونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) 2025، بما في ذلك 17 هجوماً على مساجد ومؤسسات إسلامية.

وقالت المنظمة في وقت سابق من هذا العام إن حوادث الخوف من الإسلام ارتفعت بشكل حاد منذ عام 2022.

وقال تاج: «أخشى أن يلقي أحد عليهم (على أفراد أسرته) بالمسؤولية عما حدث ويهاجمهم. لا أعتقد أنني شعرت بالقلق مطلقاً، لكنني أشعر به الآن».

وأشارت الشرطة في لندن إلى أنها عززت من وجودها حول المعابد اليهودية والمساجد مطلع الأسبوع.


مقالات ذات صلة

القضاء السويدي يشتبه بضلوع شاب سوري في قتل عراقي أحرق نسخاً من القرآن

أوروبا عَلَم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)

القضاء السويدي يشتبه بضلوع شاب سوري في قتل عراقي أحرق نسخاً من القرآن

أمرت السلطات القضائية في السويد، الخميس، بتوقيف شاب سوري يُشتبه بأنه قتل سلوان موميكا، المسيحي العراقي الذي أضرم النار مراراً بنُسخ من القرآن عام 2023.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عناصر من الشرطة الصربية في وسط بلغراد (رويترز - أرشيفية)

صربيا توقف 11 شخصاً بعد العثور على رؤوس خنازير قرب مساجد فرنسية

اعتقلت الشرطة الصربية 11 شخصاً على خلفية أعمال كراهية في فرنسا، شملت تخريب مواقع يهودية، ووضع رؤوس خنازير قرب مساجد.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الولايات المتحدة​ صورة من الفيديو الذي نشرته فالنتينا غوميز المرشحة الجمهورية للكونغرس عن ولاية تكساس (إكس)

مرشحة للكونغرس تحرق القرآن وتتعهد بـ«القضاء على الإسلام»

أثارت فالنتينا غوميز، المرشحة الجمهورية للكونغرس عن ولاية تكساس الأميركية، موجة غضب عارمة بعد نشرها فيديو على موقع «إكس» وهي تحرق فيه نسخة من القرآن الكريم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا يحمل الناس لافتات ويلوحون بالأعلام خلال مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في شوارع ملبورن يوم 6 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

شرطة أستراليا تتهم رجلاً بإضرام النار في كنيس يهودي

اتهمت الشرطة الأسترالية رجلاً بإشعال حريق متعمد في كنيس يهودي في ملبورن، عاصمة ولاية فيكتوريا، خلال وجود مصلين بالمبنى، وهو الهجوم الأحدث في سلسلة من الوقائع.

«الشرق الأوسط» (ملبورن )
«مسجد الرحمة» في مدينة ليون الفرنسية (أ.ف.ب)

فرنسا: سرقة مصحف من داخل مسجد وحرقه

أعلن مسؤولون عن مسجد قرب مدينة ليون بوسط فرنسا، اليوم (الثلاثاء)، سرقة نسخة من القرآن وحرقها، وقد تقدَّموا بشكوى فُتح على أثرها تحقيق، وفق مصدر في الشرطة.

«الشرق الأوسط» (ليون (فرنسا))

زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أنه تحدّث هاتفياً مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، بعدما كشف، في اليوم السابق، عن تفاصيل الخطة الأميركية الجديدة لإنهاء الحرب مع روسيا.

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وقال زيلينسكي عبر «فيسبوك»: «لقد ناقشنا بعض التفاصيل المهمة للعمل الجاري. هناك أفكار جيدة يمكن أن تسهم في التوصل إلى نتيجة مشتركة وسلام دائم».

وأكد أنّه أجرى «محادثة جيدة جداً» مع المبعوثين الأميركيين اللذين شكرهما على «نهجهما البنّاء وعملهما المكثّف وكلماتهما الطيبة».

وقال: «آمل أن تكون التفاهمات التي تمّ التوصل إليها اليوم لمناسبة عيد الميلاد والأفكار التي ناقشناها مفيدة».

وكان الرئيس الأوكراني كشف الأربعاء عن النسخة الجديدة من الخطة الأميركية الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي تمّ التفاوض بشأنها لأسابيع بين واشنطن وكييف.

وتنص الخطة على وقف القتال على خطوط الجبهة الحالية من دون تسوية نهائية لمصير الأراضي التي تحتلها روسيا وتشكّل 19 في المائة من أوكرانيا.

وبخلاف النسخة السابقة من الخطة التي أعدّها الأميركيون، تحذف هذه النسخة مطلبين أساسيين لموسكو، وهما: انسحاب القوات الأوكرانية من المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها في إقليم دونباس، والتزام قانوني من قبل كييف بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ولهذا السبب، يبدو من غير المرجّح أن توافق موسكو على النسخة الجديدة من الخطة. ورداً على سؤال بهذا الشأن الأربعاء، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنّ روسيا «تقوم بصياغة موقفها»، رافضاً الإدلاء بأي تفاصيل بشأن مضمون الطرح.


الملك تشارلز يثمن «وحدة التنوع المجتمعي» في بريطانيا خلال رسالة أعياد الميلاد

الملك تشارلز الثالث (رويترز)
الملك تشارلز الثالث (رويترز)
TT

الملك تشارلز يثمن «وحدة التنوع المجتمعي» في بريطانيا خلال رسالة أعياد الميلاد

الملك تشارلز الثالث (رويترز)
الملك تشارلز الثالث (رويترز)

أكد الملك تشارلز، ملك بريطانيا، الخميس، على أهمية «الوحدة في التنوع»، وذلك خلال رسالته السنوية بمناسبة أعياد الميلاد، في ظل تصاعد التوترات والحروب التي وضعت المجتمعات في جميع أنحاء العالم تحت ضغوط كبيرة.

وقال الملك تشارلز (​77 عاماً)، في خطابه السنوي الرابع منذ توليه العرش: «بالتنوع الكبير في مجتمعاتنا، يمكننا أن نجد القوة لضمان انتصار الحق على الباطل». وتابع: «عندما ألتقي أشخاصاً من مختلف الأديان، أجد أن من المشجع للغاية أن أتعرف على مدى ما يجمعنا؛ شوق مشترك للسلام، واحترام عميق لجميع أشكال الحياة».

الملك البريطاني تشارلز (أ.ب)

وتحدث الملك تشارلز عن «الترحال» وأهمية إظهار اللطف للأشخاص المتنقلين... وهي موضوعات تلقى صدى في وقت يسود فيه قلق عام شديد بشأن الهجرة في جميع أنحاء العالم.

وجاءت رسالته، التي أُلقيت في «كنيسة ‌ويستمنستر» حيث يجري ‌تتويج الملوك منذ عهد «ويليام الفاتح» عام 1066، ‌في ⁠نهاية ​عام اتسم بالتوترات ‌داخل العائلة المالكة.

جوقة أوكرانية تبرز دعم الملك لكييف

أعقب كلمات الملك أداء من جوقة أوكرانية، مرتدية قمصان «فيشيفانكا» الأوكرانية التقليدية المطرزة، وجوقة الأوبرا الملكية التي تتخذ من لندن مقراً.

ويعبر الملك تشارلز باستمرار عن دعمه أوكرانيا، واستضاف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في «قلعة ويندسور» 3 مرات في عام 2025 وحده، كانت الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول).

ورغم أن الدستور يلزمه أن ينأى بنفسه عن السياسة، فإن الملك تحدث مراراً عن الأزمات العالمية، معبراً ⁠عن قلقه بشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في غزة، ومعبراً عن حزنه بعد أعمال العنف التي استهدفت جاليات يهودية، ‌ومنها الهجوم على كنيس يهودي في شمال إنجلترا خلال أكتوبر الماضي، وإطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني بأستراليا هذا الشهر.

وأشاد الملك تشارلز بالمحاربين القدامى وعمال الإغاثة في خطابه بمناسبة أعياد الميلاد، وهو تقليد يعود تاريخه إلى عام 1932؛ لشجاعتهم في مواجهة الشدائد، قائلاً إنهم منحوه الأمل.

وفي خطاب حافل بالإشارات إلى قصة الميلاد في الكتاب المقدس، استرجع أيضاً ذكرى زيارته الرسمية إلى الفاتيكان في أكتوبر، حيث صلى مع البابا ليو في أول ​صلاة مشتركة بين ملك بريطاني وبابا كاثوليكي منذ انفصال إنجلترا عن «كنيسة روما» عام 1534. وملك بريطانيا هو الحاكم الأعلى لـ«كنيسة إنجلترا».

التحديات ⁠الصحية والعائلية

بعد مرور نحو عامين على إعلان تشخيص إصابته بنوع غير محدد من السرطان، قال الملك تشارلز هذا الشهر إن من الممكن تخفيف علاجه في العام الجديد.

وأعلنت زوجة ابنه؛ الأميرة كيت أميرة ويلز، في يناير (كانون الثاني) الماضي أنها تعافت بعد إكمالها العلاج الكيميائي في سبتمبر (أيلول) من العام السابق، وهي إفصاحات نادرة من عائلة تحافظ عادة على خصوصيتها.

لم تكن الصحة التحدي الوحيد الذي يواجه النظام الملكي، فقد جرد الملك تشارلز شقيقه الأصغر آندرو من ألقابه بصفته «دوق يورك» و«أمير» بعد تجدد التدقيق في علاقته بجيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية.

وشهد العام أيضاً لحظة مصالحة نادرة عندما اجتمع الأمير هاري، الابن الأصغر للملك تشارلز، مع والده لتناول الشاي في سبتمبر، في أول لقاء بينهما منذ أقل ‌بقليل من عامين.

وصرح الأمير هاري، المقيم في الولايات المتحدة، في وقت لاحق بأنه يأمل التعافي للجميع، واصفاً الحياة بأنها «ثمينة»، ومقراً بضيق الوقت لإصلاح العلاقات.


روسيا تدين المحاولات الأوروبية لـ«نسف» تقدم محادثات السلام

طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)
طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

روسيا تدين المحاولات الأوروبية لـ«نسف» تقدم محادثات السلام

طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)
طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

بعد ساعات من كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطة محدثة من 20 بنداً لإنهاء الحرب مع روسيا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن ‌بلادها ترى ‌تقدماً ‌«بطيئاً ⁠ولكنه ​ثابت» ‌في محادثات السلام مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا.

وأضافت: «في عملية التفاوض ⁠حول تسوية ‌النزاع الأوكراني، أعني ‍في عملية التفاوض ‍مع الولايات المتحدة، هناك تقدم بطيء ولكنه ​ثابت».

وتابعت أن القوى الأوروبية الغربية ⁠تحاول نسف هذا التقدم، واقترحت أن تتصدى الولايات المتحدة لمثل هذه التحركات.

من جهته، قال المتحدث ‌باسم الكرملين، ‌ديمتري ‌بيسكوف، الخميس، ‌إن الكرملين يدرس الوثائق المتعلقة بإنهاء ⁠الحرب ‌في أوكرانيا ‍التي أحضرها المبعوث الروسي الخاص كيريل ​دميترييف إلى موسكو من ⁠الولايات المتحدة.

هجمات متبادلة

تزامنت المحادثات لإنهاء الحرب الروسية - لأوكرانية مع تبادل الجانبين هجمات عشية عيد الميلاد.

جانب من احتفالات الأوكرانيين بعيد الميلاد في كييف (إ.ب.أ)

وأفادت السلطات في عدة مناطق أوكرانية، الخميس، بوقوع هجمات جوية روسية أسفرت عن سقوط قتلى ودمار في أنحاء البلاد، في حين أعلنت السلطات الروسية عن هجمات أوكرانية مماثلة استهدفت أراضيها. وأعلنت السلطات الإقليمية مقتل شخص واحد وإصابة اثنين آخرين من جراء هجوم بطائرات مسيّرة روسية في منطقة أوديسا جنوب غربي أوكرانيا على البحر الأسود، إضافة إلى أضرار لحقت بالبنية التحتية للمواني والطاقة.

وفي منطقة خاركيف المتاخمة لروسيا شمال شرقي أوكرانيا، لقي شخص حتفه وأصيب 15 آخرون من جراء الهجمات.

وفي منطقة تشيرنيهيف شمال العاصمة كييف، لقي شخصان حتفهما من جراء هجوم بطائرات مسيّرة وقع الأربعاء. وقالت السلطات: «احتفلت منطقة تشيرنيهيف بعيد الميلاد تحت وطأة القصف. وللأسف، لقي شخصان حتفهما وأصيب اثنان آخران».

كما أعلنت وزارة الطاقة الأوكرانية عن انقطاعات وإغلاقات طارئة للكهرباء في أنحاء البلاد عقب الهجمات الروسية.

صواريخ «ستورم شادو»

في المقابل، قال مسؤولون عسكريون وأمنيون أوكرانيون، الخميس، إن أوكرانيا أطلقت صواريخ «ستورم شادو» البريطانية الصنع وطائرات مسيّرة بعيدة المدى من إنتاجها المحلي لاستهداف عدد من منشآت النفط والغاز الروسية.

سيدة تشارك في احتفالات عيد الميلاد قرب مسيّرة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

وكانت أوكرانيا قد استخدمت في السابق الصواريخ البريطانية الصنع لمهاجمة أهداف صناعية روسية، تقول إنها تدعم مجهود موسكو الحربي. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، وفق «رويترز»، إن سلاح الجو استخدم صواريخ «ستورم شادو» المجنحة لضرب مصفاة نوفوشاختينسك للنفط في منطقة روستوف الروسية. وأضافت الهيئة في بيان عبر تطبيق «تلغرام» الخميس: «تم تسجيل عدة انفجارات. تمت إصابة الهدف».

وأوضحت أن المصفاة تُعد واحدة من أكبر موردي المنتجات النفطية في جنوب روسيا، وكانت تزوّد القوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا بوقود الديزل ووقود الطائرات.

من جهته، قال جهاز الأمن الأوكراني (SBU) إن الطائرات المسيّرة البعيدة المدى المصنّعة محلياً أصابت خزانات لمنتجات نفطية في ميناء تمريوك الروسي في إقليم كراسنودار، إضافة إلى مصنع لمعالجة الغاز في أورينبورغ بجنوب غربي روسيا.

ويقع مصنع أورينبورغ لمعالجة الغاز، وهو أكبر منشأة من نوعها في العالم، على بُعد نحو 1400 كيلومتر (نحو 870 ميلاً) من الحدود الأوكرانية.

مواطن أوكراني يتفقد الدمار الذي خلفته ضربة روسية في زابوريجيا يوم 19 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وفي إقليم كراسنودار، قالت السلطات الإقليمية الروسية إن خزانين لمنتجات نفطية اشتعلا في ميناء تمريوك الجنوبي عقب هجوم بالطائرات المسيّرة. وأفادت السلطات في مقر العمليات بإقليم كراسنودار عبر تطبيق «تلغرام» بأن النيران امتدت على مساحة تُقدّر بنحو 2000 متر مربع.

ومع اقتراب الحرب الروسية على أوكرانيا من دخول عامها الرابع، وفشل الجهود الدبلوماسية حتى الآن في تحقيق أي نتائج ملموسة لإنهائها، تكثّف كل من كييف وموسكو هجماتهما بالطائرات المسيّرة والصواريخ على منشآت الطاقة. وقد زادت كييف من ضرباتها على مصافي النفط الروسية وغيرها من البنى التحتية للطاقة منذ أغسطس (آب)، في مسعى لخفض عائدات النفط الروسية، التي تُعد مصدراً رئيسياً لتمويل مجهودها الحربي.

كما قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الأوكرانية استهدفت أيضاً مطاراً عسكرياً في مدينة مايكوب الروسية في جمهورية أديغيا بمنطقة شمال القوقاز.

قضية الباحث الفرنسي

في سياق متصل، أعلنت موسكو، الخميس، أنها قدمت لباريس «اقتراحاً» بشأن الباحث الفرنسي، لوران فيناتييه، المسجون في روسيا منذ يونيو (حزيران) 2024، الذي يواجه احتمال المحاكمة بتهمة التجسس.

الباحث الفرنسي لوران فيناتييه خلال جلسة استماع في محكمة بموسكو يوم 16 سبتمبر (أ.ف.ب)

ويأتي الإعلان بشأن فيناتييه في وقت تتبادل روسيا وفرنسا تصريحات علنية بشأن الحاجة إلى حوار مباشر بين الرئيسين فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون، بعدما بلغت العلاقة بين البلدين أدنى مستوياتها عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في مؤتمره الصحافي: «جرت اتصالات ملائمة بيننا وبين الفرنسيين». وأضاف: «قدمنا لهم اقتراحاً بشأن فيناتييه... الكرة الآن في ملعب فرنسا»، ممتنعاً عن تقديم تفاصيل إضافية لأن «هذا مجال شديد الحساسية».

من جهتها، أعربت عائلة الباحث على لسان محاميها، عن أملها أن يُفرج عنه خلال فترة الأعياد التي تنتهي في السابع من يناير (كانون الثاني)، يوم تحيي الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي عيد الميلاد.

وقال المحامي فريدريك بولو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن العائلة «متفائلة بحذر»، مضيفاً: «لدينا ملء الثقة بالدبلوماسية الفرنسية التي تقوم بكل ما في وسعها». وأمل أن يُبحث مصير فيناتييه في أي اتصال قد يجري بين بوتين وماكرون.

تأمل أسرة الباحث الفرنسي لوران فيناتييه أن ينجح ماكرون في إعادته إلى فرنسا (أ.ف.ب)

وكان بوتين قال خلال مؤتمره الصحافي السنوي الأسبوع الماضي، إنه ليس مُطّلعاً على القضية ويسمع بها للمرة الأولى، وذلك رداً على سؤال من مراسل فرنسي. وأضاف: «أعدكم بأنني سأستوضح الأمر. وإذا توافرت أدنى فرصة لحل هذه المسألة إيجاباً، وإذا أجازت القوانين الروسية ذلك، فسنفعل ما في وسعنا».

وقضت محكمة روسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بسجن فيناتييه ثلاثة أعوام لعدم تسجيل نفسه بوصفه «عميلاً أجنبياً»، بينما كان يجمع «معلومات عسكرية» قد تستخدم ضد «أمن» روسيا. وأقر المتهم بالوقائع، لكنه دفع بجهله بما كان يتوجب عليه القيام به.

وفي أغسطس (آب)، مثل فيناتييه أمام محكمة روسية ليواجه تهم «تجسس» قد تؤدي في حال إدانته، إلى تشديد عقوبته. وقال في حينه إنه لا يتوقع «أي أمر جيد، لا، أي أمر إيجابي». وقال والداه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حينه إن نجلهما «سجين سياسي» تستخدمه روسيا بمثابة «بيدق» من أجل «الضغط».

وألقت روسيا القبض على عدد من الرعايا الأجانب لأسباب شتى منذ بدأت الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022، وأجرت خلال الأشهر الماضية عمليات تبادل أسرى مع الولايات المتحدة.

وفيناتييه البالغ 49 عاماً، باحث متخصص في ملف الفضاء ما بعد الحقبة السوفياتية، وكان يعمل على الأراضي الروسية مع مركز الحوار الإنساني، المنظمة السويسرية غير الحكومية التي تتوسط في النزاعات خارج الدوائر الدبلوماسية الرسمية.