بين صخور العُلا وقاعات ميونيخ… حوار يعيد صياغة أمن العالم

في رسالة تؤكد أن السعودية أصبحت شريكاً لا يمكن تجاوزه في صياغة النقاشات الأمنية الدولية

قادة دول الخليج خلال القمة الخليجية التي عقدت في العلا (واس)
قادة دول الخليج خلال القمة الخليجية التي عقدت في العلا (واس)
TT

بين صخور العُلا وقاعات ميونيخ… حوار يعيد صياغة أمن العالم

قادة دول الخليج خلال القمة الخليجية التي عقدت في العلا (واس)
قادة دول الخليج خلال القمة الخليجية التي عقدت في العلا (واس)

في خطوة رمزية تحمل دلالات أعمق من مجرد تغيير جغرافي، احتضنت العُلا السعودية هذا العام ولأول مرة اجتماعات «مؤتمر ميونيخ للأمن»، بعد أن ارتبط اسمه لعقود بمدينة ميونيخ الألمانية، حيث كانت عاصمة بافاريا منصة سنوية، يلتقي فيها قادة العالم وصنّاع القرار، لمناقشة أبرز التحديات السياسية والأمنية الدولية.

جانب من أعمال اجتماع قادة مؤتمر ميونيخ للأمن بمشاركة نحو 100 من كبار القادة الدوليين (الخارجية السعودية)

مشاركة نحو 100 من كبار القادة الدوليين وصنّاع القرار، في الاجتماعات عبر قاعات قاعة «مرايا» بدا وكأنه يربط بين مدينتين متباعدتين جغرافياً، متقاربتين في رمزياتهما؛ ميونيخ بتاريخها الأوروبي العريق، والعُلا بتاريخها العربي العتيق.

منذ قرون، وقفت ميونيخ شاهدة على تحولات أوروبا السياسية، ومسرحاً للثقافة والفن والفكر، فيما كانت العُلا، في قلب الجزيرة العربية، حاضنةً لحضارات ضاربة في عمق التاريخ؛ من اللحيانيين إلى الأنباط، شاهدةً على مرور القوافل، ومعبّرة عن هوية المكان عبر نقوش صخرية ما زالت تحاكي زائرها حتى اليوم.

وبحسب الرئيس التنفيذي لمؤتمر ميونيخ للأمن، بنديكت فرانك، فإن «السعودية اليوم واحدة من أكبر اللاعبين الإقليميين، بل إنها أصبحت واحدة من أهم الفاعلين في الدبلوماسية (الدولية)». على حد تعبيره.

ولفت فرانك، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إلى رمزية العلا التاريخية والثقافية، ولا سيما «صخرة الفيل التي تتوافق بشكل جيد مع شعارنا في المؤتمر (الفيل في الغرفة)». مشيداً بجهود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «الذي يعمل لخلق الاستقرار حتى تتمكن الحكومة من التركيز على خلق ازدهار طويل الأمد ومستدام».

قادة دول الخليج خلال القمة الخليجية التي عقدت في العلا (واس)

ورغم اختلاف المناخ والطبيعة؛ خضرة الألب وأنهارها في ميونيخ، وصخور العلا الذهبية وواحاتها في قلب الصحراء، فإن كليهما يقدّم صورة بديعة لالتقاء الإنسان بالتاريخ والطبيعة.

من جانبه، يؤكد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن مؤتمر ميونيخ يعدّ من أهم المؤتمرات الأمنية في العالم، ويحضره وزراء الخارجية وأجهزة الأمن والاستخبارات، ووزارات الدفاع، والمختصون بمراكز الفكر والدراسات التي لها علاقة بالدراسات الأمنية والسياسية.

وأضاف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر «يعقد سنوياً في شهر فبراير (شباط) في مدينة ميونيخ بألمانيا، وكان بادرة بعد الحرب العالمية الثانية، للتقارب بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وكان بحضور دولي متميز من رؤساء دول، وتكون بعض أنشطة هذا المؤتمر الدولي في دول مختلفة، وآخرها كان في أميركا».

وتابع: «هذه السنة عقد في العلا، وهو ما يؤكد على الدور الذي تلعبه السعودية سياسياً وأمنياً ودولياً على مختلف الأصعدة، ما جعل السعودية هي المحطة المهمة بعد الولايات المتحدة التي يعقد فيها مؤتمر القادة الخاص بمؤتمر ميونيخ للأمن».

في قاعات مؤتمر ميونيخ الشهيرة، كان النقاش يدور على مدار سنوات طويلة حول مستقبل الأمن الأوروبي والدولي، بينما في مدرجات «مرايا» العُلا الزجاجية، التي تتماهى مع تكوينات الجبال، تردد صدى كلمات القادة والمسؤولين هذا العام، في مشهد لم يخلُ من الرمزية؛ الأمن والسلام أصبحا يحتاجان إلى منظور عالمي أكثر شمولية، يربط الشرق بالغرب، والصحراء بالخضرة، والتاريخ بالمستقبل.

يضيف الدكتور بن صقر، الذي شارك في جلسات المؤتمر بالعلا، أن «مؤتمر ميونيخ تطور ليصبح مختبراً لصناعة القرار الاستراتيجي في السياسة الدولية، لذا فإن انعقاده في المملكة يعدّ تقديراً كبيراً لمكانة المملكة في السياسة الدولية».

الميزة التي جعلت ميونيخ عاصمة غير معلنة للنقاشات الأمنية هي ذاتها التي منحت العُلا اليوم مكانتها الجديدة؛ القدرة على أن تكون جسراً بين الثقافات، والقارات، وبين رؤى متباينة تبحث عن قاسم مشترك يضمن استقرار العالم.

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في افتتاح اجتماع قادة مؤتمر ميونيخ للأمن (الخارجية السعودية)

وإذا كان مهرجان «أكتوبرفست» الشعبي يجمع ملايين الزوار في ميونيخ، فإن «شتاء طنطورة» ومهرجانات العُلا باتت تجمع العالم أيضاً، لكن في إطار ثقافي وفني يتكامل مع مكانتها السياسية الجديدة، فالمدينة باتت في السنوات الأخيرة وجهة دبلوماسية بارزة استضافت قمماً إقليمية ودولية مهمة، من بينها قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي شكّلت علامة فارقة في مسار العمل الخليجي المشترك، إلى جانب اجتماعات سياسية وثقافية رفيعة المستوى.

إن انتقال الحدث من ميونيخ إلى العُلا لم يكن مجرد اختيار لوجهة سياحية آسرة، بل رسالة في حد ذاتها تؤكد أن السعودية، بما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي، أصبحت شريكاً لا يمكن تجاوزه في صياغة النقاشات الأمنية الدولية.

وكما خرجت ميونيخ من حدودها المحلية لتصبح منصّة عالمية للأمن، تخرج العُلا من حدودها التاريخية لتصبح فضاءً جديداً يلتقي فيه الماضي بالحاضر، والتاريخ بالسياسة، والفن بالدبلوماسية.

مسرح مرايا العلا الذي احتضن اجتماعات مؤتمر ميونيخ للأمن لأول مرة (الشرق الأوسط)

هكذا، وجد العالم نفسه هذا العام أمام مشهد مختلف، فالقادة الذين اعتادوا الجلوس في قاعات بافارية عتيقة، يناقشون القضايا ذاتها، لكن بين صخور صامتة في العُلا، وكأن التاريخ يقول إن الحوار لا يُحَدّ بمكان، بل بروح المدن التي تمنح النقاشات بعداً إنسانياً وحضارياً، وبين ميونيخ والعُلا، يمتد خيط خفي من التشابه؛ كلاهما مدينة تتجاوز حجمها لتصبح منصّة عالمية، تحتضن حوار الأمن والسلام، وتعيد صياغة ملامح العالم.

تحكي العُلا، تلك الواحة المستلقية وسط الصحراء الغنية بالحضارة الإنسانية الخالدة، قصصاً تعود لأكثر من 200 ألف عام، وتكشف النقاب عن أسرار كما لو أنها تروى للوهلة الأولى.

ومنذُ أن كانت طريقاً لتجارة البخور، تتردد حكايات العلا بين المسافرين والتجار والحجاج، وتتجسّد ملامح رواياتها بين جبالها ورمالها، لتتمازج مع ابتكارات الفنانين والمصممين والحالمين بالمستقبل، حيث جبل عكمة الذي يعد مكتبة مفتوحة، تضم مئات النقوش بلغات عدة، وقصص متاهة تضم أكثر من 900 منزل من الطين، بالإضافة إلى قصص لورنس العرب وفتوحاته.


مقالات ذات صلة

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

الخليج تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح الحدودي)
الاقتصاد مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

وقّعت «أكوا باور» اتفاقية للاستحواذ على كامل حصة «بديل» في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق في قلب العلا تمثل «مدرسة الديرة» نافذة جديدة على الفنون (واس)

«الديرة»... من أول مدرسة للبنات إلى مركز للفنون والتصميم

من أول «مدرسة للبنات في العلا» إلى «أول مركز للفنون والتصميم»، تُجسّد مدرسة الديرة رحلة تراث وإبداع مستمرة عمادها حرفيات مبدعات يحولن القطع الجامدة تحفاً فريدة.

عمر البدوي (الرياض)
الاقتصاد مقر «لاب 7» ذراع «أرامكو» لبناء الشركات التقنية الناشئة (الشرق الأوسط)

استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة

أعلنت «هالايد إنرجي» إتمام الإغلاق الأول لجولة استثمارية بقيادة «بي إس في فنتشرز» وبمشاركة «لاب 7» لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة على مستوى الشبكات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الأديب محمد بن عبد الله الحمدان

رحيل محمد الحمدان الباحث عن صبا نجد على وقع السامري والهجيني

ودّعت السعودية، أمس، الأديب محمد بن عبد الله الحمدان، بعد حياة حافلة بالعطاء الأدبي والثقافي، والكفاح طيلة ثمانية عقود، وعاش حياة اليتم في سن مبكرة.

بدر الخريف (الرياض)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
TT

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، تمهيداً لدخولها إلى القطاع بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

تضمنت المساعدات كمية كبيرة من السلال الغذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ضمن الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتأتي هذه المساعدات بالتزامن مع إقامة مخيمات سعودية بمنطقة القرارة جنوب قطاع غزة ومنطقة المواصي بخان يونس لإيواء النازحين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم مع دخول فصل الشتاء.

وتعد امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة؛ للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة الذي يواجه ظروفاً إنسانية تهدد الأطفال والنساء في ظل البرد، وصعوبة الظروف المعيشية.


48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
TT

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)

سجلت الساعات الماضية تصاعداً في مستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين السعودية وعمان على الصعيدَين السياسي والدفاعي، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، وذلك وسط انعقاد الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي - العُماني، في مسقط، وما صدر عنه من نتائج بيّنت التقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية.

في التفاصيل، وصل، الاثنين، الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة العُمانية مسقط، واستقبله نظيره العماني بدر البوسعيدي، وعقد الوزيران لقاء استعرضا خلاله «العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها»، قبل أن يترأسا الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق (السعودي - العُماني)، وبمشاركة رؤساء اللجان المنبثقة ورئيسي فريق الأمانة العامة للمجلس، وحضره من الجانب السعودي عدد من كبار المسؤولين من وزارات «الخارجية، والداخلية، والاستثمار، والاقتصاد والتخطيط، والثقافة».

مجلس التنسيق واستقبال السلطان

الاجتماع شهد تأكيد وزير الخارجية السعودي أنه يأتي امتداداً للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق بين البلدين الشقيقين الذي عُقِد في مدينة العلا الشهر نفسه من العام الماضي، و«نتائجه الإيجابية المثمرة في إطار ما تم اعتماده من توصيات ومبادرات»، بينما أشاد الوزير العماني، بـ«التقدم النوعي في العلاقات بين البلدين الشقيقين وما شهدته من تطور ملحوظ في العديد من القطاعات».

الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي العماني (واس)

واستمر الزخم عبر استقبال سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق، الثلاثاء، وزير الخارجية السعودي في قصر البركة، وجرى استعراض آفاق التّعاون بين البلدين وجهود تعزيز متانة العلاقات الثّنائية وترسيخ المصالح المُشتركة، والتّطورات الجارية على السّاحتين الإقليميّة والدوليّة ومرئيّات السعودية تجاهها، ورؤية سلطان عمان في هذا الشأن، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية.

تعاون في تبادل الأسرى اليمنيين

في موازاة ذلك، كان التعاون بين البلدين يتواصل، وتوصّلت الاجتماعات الجارية في عُمان، بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، إلى توقيع الاتفاق الثلاثاء، لتبادل «الكل مقابل الكل»، وثمّنت السعودية «الجهود الصادقة والمساعي الكريمة التي بذلتها سلطنة عمان في استضافة ورعاية المباحثات ودعم الجهود التفاوضية خلال الفترة من 9 إلى 23 ديسمبر (كانون الأول)».

وعلى الصعيد الدفاعي والعسكري، استقبل اللواء الركن طيار خميس الغافري، قائد سلاح الجو السلطاني العُماني، الفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، والوفد العسكري المرافق له، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول عدد من الموضوعات في المجالات العسكرية ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية، قبل أن يستقبل الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني في عمان، الأربعاء، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، وجرى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب استعراض مجالات التعاون العسكري القائمة بين البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، كما أعرب الجانبان عن اعتزازهما بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع سلطنة عُمان بالمملكة العربية السعودية، وتطلعهما إلى مزيد من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.

«وسام عُمان» لقائد القوات الجوية الملكية السعودية

والأربعاء، منح سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية، تقديراً لجهوده وإسهاماته في توثيق أواصر التعاون العسكري القائم بين البلدين، وسلّم الوسام نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع في عُمان.

منح «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية (وكالة أنباء عُمان)

بالتزامن.. شراكة اقتصادية

وفي جانب الشراكة الاقتصادية، احتفلت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عُمان، الأربعاء، بافتتاح مشروعين جديدين في شبكة الطرق بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وخلال الاحتفال جرى الكشف عن أن المشروع تم تمويله من قِبَل «الصندوق السعودي للتنمية»، ونُفّذ من قِبَل ائتلاف عُماني - سعودي يضم شركة «ستراباك عُمان» وشركة «الروسان للمقاولات».

افتتاح مشروع اقتصادي في عُمان بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية (وكالة أنباء عمان)

حول هذه التحرّكات اللافتة خلال 48 ساعة، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد العريمي، الكاتب والباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية والمتخصص أيضاً في الدراسات الخليجية، إنه في محصّلة ما يجري بين مسقط والرياض اليوم «لا يمكن قراءته بوصفه تنسيقاً ظرفياً فحسب، بل إعادة تموضع هادئة تهدف إلى بناء استقرار طويل الأمد، يكون فيه الحوار والتكامل الأمني ركيزتين أساسيتين لصياغة مستقبل المنطقة»، أما فيما يتعلق بتوقيت كثافة المباحثات هذه خلال فترة قصيرة جداً، فيعتبر العريمي أنه يعكس إدراكاً مشتركاً لدى القيادتين بأن منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج خصوصاً، تمر بلحظة مفصلية تتطلب أعلى درجات التنسيق السياسي والأمني خصوصاً بين عُمان والسعودية.

«التوقيت ليس عابراً»

العريمي يرى أن التوقيت «ليس عابراً، بل يأتي في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية، وتبدل خرائط النفوذ، وعودة منسوب القلق المرتبط بأمن الملاحة والطاقة، إضافةً إلى استمرار الأزمات المفتوحة وفي مقدمتها أزمة اليمن بالنسبة للجانبين»، وأردف في هذا السياق: «تبدو مسقط والرياض كأنهما تنتقلان من مرحلة إدارة التباينات الإقليمية إلى مرحلة الشراكة الاستباقية في إدارة المخاطر، خصوصاً في الملف اليمني»، ورأى أن الاجتماعات السياسية، واللقاءات على أعلى مستوى قيادي، والتنسيق العسكري الجوي، والإعلان عن اتفاق إنساني كبير في اليمن من مسقط، كلها حلقات في رسالة واحدة مفادها بأن البلدين يتحركان ضمن رؤية متقاربة ترى أن الاستقرار لا يُدار بردود الفعل، بل ببناء تفاهمات عميقة ومتراكمة. على حد وصفه.

تابع العريمي أن عُمان بدورها التقليدي بوصفها وسيطاً موثوقاً، والسعودية بثقلها السياسي والأمني، تقدمان نموذجاً لتكامل الأدوار في المنطقة، مرجّحاً أن تنعكس نتائج هذه المشاورات على مسار الأزمة اليمنية بصورة أوضح، سواء عبر تثبيت قنوات التفاوض، أو عبر ضمانات أمنية إقليمية تقلل من احتمالات الانفجار العسكري في هذا البلد، إلى جانب أن يمتد هذا التنسيق إلى أمن الخليج والبحر العربي، وحماية خطوط الملاحة والطاقة، في ظل تصاعد التحديات العابرة للحدود، أما بصورة أوسع فيعتقد العريمي أن هذا التقارب قد يسهم في توحيد المقاربات تجاه الملفات الإقليمية الكبرى، بما فيها العلاقة مع القوى الدولية، وإدارة التوازن مع إيران، وتعزيز العمل الخليجي المشترك بصيغة أكثر مرونة وواقعية.

جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

المحلل السياسي منيف الحربي، يتفق إلى حد كبير مع العريمي، ويزيد أنه منذ وصول السلطان هيثم بن طارق إلى مقاليد الحكم في سلطنة عمان، وقيامه بأول زيارة خارجية لجلالته إلى السعودية، تشكّلت حقبة جديدة من العلاقة الاستراتيجية بين الرياض ومسقط بأطرها المتعددة؛ السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستثمارية والطاقة والثقافة والرياضة والسياحة.

الملف اليمني والأمن المشترك

الملف اليمني يبرز بوصفه ملفاً مهماً جداً للطرفين نظراً لأن السعودية متاخمة حدودياً لليمن، وينسحب ذلك على عمان، وبالنسبة للحربي فإن استقرار اليمن وخروجه من أزمته الحالية «يتماسّ بشكل مباشر مع الأمن الوطني للبلدين»، لكن رغم أن هذا الملف يأخذ الكثير من الوقت والجهد من جهود البلدين الدبلوماسية، فإن هذا أيضاً ينسحب على التوافق بين الرياض ومسقط في ملف غزة، ومسار حل الدولتين، والسودان، وأزمة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبحر العرب، وأهمية الحفاظ على الأمن القومي الخليجي والأمن القومي العربي.


بأمر خادم الحرمين... تقليد السفير الإماراتي السابق وشاح المؤسس من الطبقة الثانية

السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
TT

بأمر خادم الحرمين... تقليد السفير الإماراتي السابق وشاح المؤسس من الطبقة الثانية

السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)

قلّد السفير السعودي لدى دولة الإمارات سلطان اللويحان العنقري، السفير الإماراتي السابق لدى المملكة الشيخ نهيان بن سيف آل نهيان، وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الثانية؛ نظير ما قام به من جهود في تطوير وتعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين خلال فترة عمله في السعودية، وذلك إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

السفير السعودي لدى الإمارات خلال استقباله السفير الإماراتي السابق لدى المملكة في مقر السفارة السعودية بأبوظبي (واس)

وعبّر السفير العنقري، خلال استقباله بمقر السفارة الشيخ نهيان آل نهيان، عن تمنياته له بالتوفيق والسداد في مهامه الجديدة نائباً لوزير الدولة في وزارة الخارجية بدولة الإمارات.

حضر الاستقبال الوكيل المساعد لشؤون المراسم بوزارة الخارجية الإماراتية سيف الشامسي، ومدير إدارة مجلس التعاون لدول الخليج العربية السفير أحمد البلوشي، وعددٌ من سفراء الدول الخليجية والعربية.