العلاقة بين عون وسلام: اختلافات لن تصل إلى حدود الأزمة

مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية اللبنانية تتحدث عن «تعاون وشراكة ومسؤولية»

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل رئيس الحكومة نواف سلام في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل رئيس الحكومة نواف سلام في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)
TT

العلاقة بين عون وسلام: اختلافات لن تصل إلى حدود الأزمة

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل رئيس الحكومة نواف سلام في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل رئيس الحكومة نواف سلام في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)

تتسم العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، بـ«المد والجزر». إذ منذ أن توليا السلطة يواجهان اختلافات في مقاربة عدد من الملفات، كان آخرها قضية «صخرة الروشة» التي أدت إلى «اشتباك غير مباشر» بينهما، بعدما كان تعيين حاكمٍ للمصرف المركزي قد مرّ بدوره بخلاف واضح انتهى في مارس (آذار) الماضي، لصالح الرئيس عون عبر تعيين مرشحّه كريم سعيد.

وبينما لا تزال تداعيات الاختلاف حول مقاربة «احتفالية حزب الله في الروشة»، واضحة على مسار العلاقة بينهما، كما على مجلس الوزراء الذي لم ينعقد هذا الأسبوع، تُبذل الجهود على أكثر من خط لإعادة ترميم العلاقة التي تصفها مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية بـ«علاقة تعاون وشراكة ومسؤولية»، وهي كانت حاضرة في الاجتماع الذي عقده نائب رئيس مجلس الوزراء، طارق متري، مع الرئيس عون، اليوم (الخميس)، حيث اكتفى بالقول بعد اللقاء: «تطرقنا إلى جلسة مجلس الوزراء المقبلة، حيث من المتوقع أن نستمع خلالها إلى قيادة الجيش حول التقرير الشهري المتعلق بحصرية السلاح، كما بحثنا في أجواء الثقة القائمة بين الحكومة ورئيس الجمهورية».

كذلك، لم ينفِ رئيس البرلمان نبيه بري حصول التوتر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهو ما كان أيضاً حاضراً في اللقاء الذي جمعه مع عون يوم الاثنين، بحيث قال رداً على سؤال عمّا إذا كانت الأمور تسير نحو الأفضل بين عون وسلام بالقول: «إن شاء الله خير».

اختلافات لن تصل إلى حدود الأزمة

ولا تنفي المصادر الوزارية أن هناك اختلافاً في وجهات النظر بين الطرفين، لكنها ترى أن «الأمور تُحلّ بالطريقة المناسبة بما لا ينعكس سلباً على هذا التعاون القائم بينهما وانتظام عمل المؤسسات»، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن التباين انتهى، وستتم الدعوة إلى جلسة للحكومة يوم الخميس المقبل في القصر الرئاسي، حيث سيترأسها عون. ومع قولها إن الاختلافات تُحل و«تمر» ولن تصل الأمور إلى حدود الأزمة، تضيف: «الرئيس عون أوضح لرئيس الحكومة وجهة نظره عندما زاره الثلاثاء، عبر رفضه زج الجيش في مواجهة المشاركين في احتفالية الروشة، حيث تمّت إضاءة الصخرة بصورتَي الأمينَين العامين السابقين لـ«حزب الله» حسن نصر الله وهاشم صفي الدين».

مناصرون لـ«حزب الله» يتجمعون في منطقة الروشة على الكورنيش البحري لبيروت إحياءً لذكرى اغتيال نصر الله وصفيّ الدين (أرشيفية - أ.ب)

تحقيقات مستمرة في «احتفالية الصخرة»

وبينما لفتت المصادر إلى أن التحقيقات تأخذ مجراها، انطلاقاً من المخالفة التي قامت بها الجمعية التي حصلت على ترخيص لإقامة الاحتفالية، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن التحقيقات في ملف مخالفة قرار رئيس الحكومة تواصلت، الخميس، وجرى استجواب شخصين، بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي أمر بترك أحدهما بسند إقامة، والآخر رهن التحقيق، وهذا الأخير هو صاحب جهاز الليزر الذي جرى عبره إضاءة الصخرة بالصورتين، مشيرةً كذلك إلى أنه «جرى استدعاء ثلاثة أشخاص آخرين لاستجوابهم في هذه القضية يوم غد الجمعة».

وكان لافتاً تقليد عون قائد الجيش، رودولف هيكل، يوم الاثنين الماضي، وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر؛ تقديراً لعطاءاته وللمهام القيادية التي يتولاها، في خضمّ «الاشتباك» مع رئيس الحكومة، وهو ما طرح علامة استفهام، بعدما كان سلام قد أعلن أنه «اتصل بوزراء الداخلية والعدل والدفاع وطلب منهم اتخاذ الإجراءات المناسبة بما فيها توقيف الفاعلين وإحالتهم إلى التحقيق لينالوا جزاءهم إنفاذاً للقوانين المرعيّة الإجراء». ليعود بعدها وزير الدفاع ميشال منسى، المحسوب على الرئيس عون، ويصدر بياناً، مؤكداً أنّ «كرامة الجيش اللبناني تأسف لإلقاء تبعات الشارع على حماة الشرعية» وأنّ «مهمة الجيش هي درء الفتنة»، رداً على الانتقادات التي وُجهت إلى الجيش حينها.

وتوضح المصادر أن «الوسام الذي قلّده عون لهيكل كان قد وقَّع عليه كل من رئيسَي الجمهورية والحكومة في 19 سبتمبر (أيلول)، قبل سفر الرئيس إلى نيويورك، وقّلده إياه بعد عودته».

ريفي: التضامن بين الرئاسات مطلوب

في غضون ذلك، ترتفع الأصوات المتضامنة مع رئيس الحكومة نواف سلام، الذي استقبل، الخميس، زواراً متضامنين ومؤيدين لمواقفه وتمسكه بالقانون وحمايته للمؤسسات.

وقال النائب أشرف ريفي، بعد لقائه سلام: «إن ما جرى في الروشة كان محاولة استعراضية فاشلة، لمواجهة الشرعية وإظهار فائض قوة وهمي. شاهدنا بأمّ العين كيف حاولت دويلة (حزب الله) فرض أمر واقع على بيروت، لكن فات الدويلة أنه لم يعد ينفع الهروب إلى الداخل بعد أن فشل (حزب الله) في معاركه أو مغامراته أو مقامراته الخارجية».

وأضاف ريفي: «أنا واثق بأن الرئيس سلام، ابن بيروت، خرج أقوى بتمسكه بالقانون، وهو لن يتراجع عن حماية المؤسسات. وكل اللبنانيين الأحرار معه».

وأكد: «أقول للدويلة المهزومة: لن يعود الزمن الذي يُرفع فيه الإصبع في وجه اللبنانيين. لقد انكسر هذا الإصبع إلى غير رجعة، وإرادتنا كلبنانيين أحرار أقوى وأصلب من أي مشروع فوضى أو وصاية».

وتوجه ريفي بـ«رسالة إلى أركان الدولة وجميع القوى الأمنية والعسكرية: كونوا يداً واحدة، ولا مكان للتردد أو المساومات. أنتم أمل اللبنانيين في حماية الدولة، وإعادة لبنان إلى رحاب القانون والمؤسسات».

واستطرد ريفي: «مسؤوليتكم جسيمة، والتاريخ لن يرحم أي تقاعس أو تردد»، مضيفاً: «التضامن بين الرئاسات والمؤسسات مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى، وهو واجب ينطلق من مسؤولية نزع السلاح غير الشرعي وتطبيق الدستور والقرارات الدولية».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

خاص كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» للتأكد من استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الراعي متوسطاً عدداً من النواب ورجال الدين في مدينة طرابلس (الوكالة الوطنية للإعلام)

الراعي من مدينة طرابلس: السلام هو الخيار الدائم والأفضل

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «السلام هو الخيار الدائم والأفضل»، مضيفاً أن «العيد لا يكتمل إلا بحضور المسلمين والمسيحيين معاً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

خاص سلام لـ«الشرق الأوسط»: «حصر السلاح» سيبدأ بين نهري الليطاني والأولي قريباً

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح باتت على بُعد أيام من الانتهاء، وان الدولة جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

خاص نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
حصاد الأسبوع جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني يوم 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

لبنان: تدابير سياسية ــ عسكرية لتجنب جولة جديدة من الحرب

نجح لبنان الرسمي، إلى حد كبير، نتيجة التدابير السياسية والعسكرية التي اتخذها في الفترة الماضية، في وقف، أو «فرملة»، التصعيد الإسرائيلي الذي كان مرتقباً قبل نهاية العام، رداً على ما تقول تل أبيب إنها محاولات من قبل «حزب الله» لإعادة ترميم قدراته العسكرية. وتلعب واشنطن، راهناً، دوراً أساسياً في الضغط على إسرائيل لإعطاء فرصة للمسار السياسي - الدبلوماسي الذي انطلق مؤخراً مع موافقة الدولة اللبنانية على تطعيم الوفد الذي يفاوض في إطار لجنة وقف النار (الميكانيزم) بشخصية مدنية.

بولا أسطيح (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يقتل فتى وشاباً في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون يحملون أسلحة في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون يحملون أسلحة في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يقتل فتى وشاباً في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون يحملون أسلحة في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون يحملون أسلحة في الضفة الغربية (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل فلسطينيين اثنين خلال عمليات للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية.

وفي منطقة قباطية، ألقى فتى حجراً على الجنود الذين «ردوا بإطلاق النار» حسب الجيش الإسرائيلي، وأردوه قتيلاً. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله إن المتوفى يبلغ من العمر 16 عاماً.

وفي عملية منفصلة بمنطقة سيلة الحارثية، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل فلسطينياً بعدما ألقى عبوة ناسفة على جنود. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الشاب البالغ من العمر 22 عاماً قتل برصاص في الصدر.

وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولطالما نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات واسعة النطاق في المنطقة ضد من يعتبرهم مسلحين فلسطينيين مشتبه بهم.

ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، قتل 1030 فلسطينياً في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين، من بينهم 235 في العام الحالي وحده.


إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

كشفت مصادرُ مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أنَّ مسؤولين عراقيين تسلّموا خلال الأيام الماضية قاعدة بيانات أمنية إسرائيلية شديدة التفصيل عن الفصائل المسلحة العراقية، نُقلت عبر جهاز استخبارات غربي، وتضمَّنت معلوماتٍ واسعة عن القيادات، والبنية العسكرية، والشبكات المالية، والواجهات الحكومية المرتبطة بهذه الجماعات.

وأفادت المصادر بأنَّ حجم البيانات ودقَّتها «أذهلا» المسؤولين، وشكّلا إنذاراً عملياً بقرب تحرك عسكري محتمل.

وجاء تسليم «ملف ضخم» من البيانات بعد تحذير من دولة عربية «صديقة» أبلغت بغدادَ بأنَّ إسرائيل تتحدَّث عن ضوء أخضر أميركي للتحرك منفردة في العراق، وسط تراجع صبر واشنطن حيال ملف السلاح خارج الدولة. وأكَّد مسؤول عراقي «وصول الرسائل إلى بغداد».

ووفق المعلومات، فإنَّ الضربات المحتملة كانت ستشمل معسكرات تدريب، ومخازن صواريخ ومسيّرات، إضافة إلى مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بالفصائل و«الحشد الشعبي».

وساهمت هذه التطورات في تسريع نقاشات داخل «الإطار التنسيقي» حول حصر السلاح بيد الدولة، مع طرح مراحل أولى لتسليم الأسلحة الثقيلة وتفكيك مواقع استراتيجية، رغم استمرار الخلافات حول الجهة المنفذة وآليات الضمان. ويتزامن ذلك مع ضغوط أميركية ربطت التعاون الأمني بجدول زمني قابل للتحقق لنزع القدرات العملياتية للفصائل.

إقليمياً، أفادت «إن بي سي نيوز» بأنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مخاطر توسع برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وخيارات توجيه ضربات جديدة.


سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

أكَّد رئيسُ الحكومة اللبنانية نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المرحلة الثانية من خطة الجيش لحصر السلاح والمفترض أن تبدأ قريباً، ستكون بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً ونهر الأولي شمالاً، فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقية المناطق.

ولفت سلام إلى أنَّ ما قامت به المؤسسة العسكرية اللبنانية أدَّى إلى بسط سلطة الدولة بالكامل على المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وصولاً إلى الحدود الجنوبية، ما عدا النقاط التي تحتلها إسرائيل، التي يجب أن تنسحبَ منها من دون إبطاء.

وفيما أشار الرئيس سلام إلى أنَّ مجلس الوزراء سوف ينعقد بدايات العام الجديد لتقييم المرحلة الأولى، مؤكداً ضرورة قيام إسرائيل بخطوات مقابلة، ووقف اعتداءاتها وخروقاتها لقرار وقف الأعمال العدائية، فإنَّه رأى أنَّ هذا لا يمنع لبنانَ من الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح التي تمتد من شمال نهر الليطاني إلى منطقة نهر الأولي، وهي منطقة كبيرة نسبياً.