ضغوط وانتقادات تلاحق ألمانيا بسبب دعمها لإسرائيل

أعلام فلسطينية وسط مظاهرات مؤيدة لفلسطين في برلين أول من أمس السبت (د.ب.أ)
أعلام فلسطينية وسط مظاهرات مؤيدة لفلسطين في برلين أول من أمس السبت (د.ب.أ)
TT

ضغوط وانتقادات تلاحق ألمانيا بسبب دعمها لإسرائيل

أعلام فلسطينية وسط مظاهرات مؤيدة لفلسطين في برلين أول من أمس السبت (د.ب.أ)
أعلام فلسطينية وسط مظاهرات مؤيدة لفلسطين في برلين أول من أمس السبت (د.ب.أ)

تتزايد الضغوط على ألمانيا للانضمام إلى الجهود الرامية إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب حربها في قطاع غزة، ما أثار نقاشاً محموماً في بلد يطارده شعور بالذنب بسبب المحرقة.

وتجد برلين، الداعم الراسخ لإسرائيل في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، نفسها معزولة بشكل متزايد بعد اعتراف العديد من حلفائها الغربيين بدولة فلسطين.

ففي حين أدين الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بالإجماع في الغرب، واعتبر الفتيل الذي أشعل الحرب في القطاع الفلسطيني، يعتقد كثر اليوم أن الرد العسكري الإسرائيلي كان غير متناسب تماماً نظراً إلى عدد الضحايا المدنيين.

وهذا الأسبوع، تتّجه الأنظار إلى برلين التي سيتعين عليها اتخاذ موقف بشأن مقترحات الاتحاد الأوروبي لمعاقبة إسرائيل. ومن المقرر عقد قمة في الأول من أكتوبر في كوبنهاغن حيث سيكون على المستشار الألماني فريدريش ميرتس إعلان موقف بلاده من ذلك.

وفي الشارع الألماني، أصبحت المظاهرات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة حدثاً أسبوعياً.

جانب من مظاهرات مؤيدة لفلسطين في برلين (د.ب.أ)

وقالت مريم صالحي، الباحثة في السياسة الدولية في جامعة برلين الحرة إن «ألمانيا ترزح تحت ضغوط متزايدة من اتجاهات عدة... من شركاء داخل الاتحاد الأوروبي... لكن أيضاً من المجتمع المدني داخل ألمانيا، وعلى الصعيد الدولي»، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتبقى مسألة الدعم الراسخ لإسرائيل من المحرمات في ألمانيا مع مقتل ستة ملايين يهودي في المحرقة النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وكانت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل رفعت تصنيف الأمن القومي الإسرائيلي إلى مرتبة «مصلحة الدولة»، أي أنه مبدأ أساسي يتجاوز كل الاعتبارات الأخرى. لكنّ تصريحاً لمستشارها بشأن الدبلوماسية والسفير السابق لدى الأمم المتحدة كريستوف هوسغن تسبب في صدمة كبيرة. ففي أغسطس (آب)، اعتبر أن إسرائيل تخاطر بأن تتحول إلى «دولة فصل عنصري»، ودعا برلين إلى الاعتراف بدولة فلسطين.

«عدم تكرار ذلك مرة أخرى»

كانت ذكرى الفظائع التي ارتكبها النازيون ومبدأ «عدم تكرار ذلك مرة أخرى» من السمات المركزية للسياسة الألمانية منذ فترة طويلة، لكن العديد من المنتقدين يعتبرون أن الوقت حان لإعادة تقييم ما تعنيه هذه العبارة فعلاً.

وقالت صالحي: «كما يفسّر حالياً، فإن هذا المبدأ ينطوي على مسؤولية تجاه دولة إسرائيل. لكن يمكن اعتباره أيضاً مسؤولية تجاه القانون الدولي (...)، ووعداً بعدم السماح بوقوع إبادة جماعية مرة أخرى».

وفي مواجهة الوضع الإنساني في غزة، شددت برلين لهجتها. ففي أغسطس، أعلن ميرتس فرض قيود على مبيعات الأسلحة لإسرائيل. ولاقت هذه الخطوة ترحيباً من اليسار، لكنها في الوقت نفسه أثارت احتجاجات من اليمين، لا سيما من جانب حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري»، حليف حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي».

جانب من مظاهرات مؤيدة لفلسطين بعنوان «كل العيون على غزة» في برلين (د.ب.أ)

وقال خبير السياسة الخارجية ستيفان ماير في الاتحاد الاجتماعي المسيحي: «نحن نقدم رواية عن دور معكوس للجاني والضحية في إسرائيل، وهو ما لا ينصف الوضع العام في رأيي».

من جهتها، اعتبرت الجمعية الألمانية الإسرائيلية النافذة أن ذلك يمثل «انتصاراً لـ(حماس) في الحرب الدعائية العالمية».

«جحيم على الأرض»

تجنّبت ألمانيا وصف الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها «إبادة جماعية»، حتى بعدما استخدم تحقيق للأمم المتحدة هذا المصطلح.

كذلك، أوضحت برلين أن ألمانيا لا تنوي حالياً الاعتراف بدولة فلسطينية، خلافاً لفرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا، وحلفاء غربيين آخرين.

وبينما يدرس الاتحاد الأوروبي الحد من العلاقات التجارية مع إسرائيل، وفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين، يقول منتقدون إن الوقت حان لاتخاذ إجراءات ملموسة.

وقال المؤرخ رونيه فيلدانغل إن وزير الخارجية يوهان فاديفول أشار في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن غزة هي «جحيم على الأرض»، لكن «ألمانيا لا تفعل سوى القليل لإنهاء هذا الجحيم»، مطالباً بأن تتوقف برلين عن «غض الطرف عن هذا الأمر».

يتّفق العديد من الألمان مع هذا الرأي، وقد أصبحت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين أكبر وأكثر جرأة في الأشهر الأخيرة، ما يعكس تحولاً في الرأي العام.

والسبت، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص في شوارع برلين، مطالبين إسرائيل بإنهاء حربها في غزة.

وأظهر استطلاع أجرته شبكة «ZDF» العامة، أن 76 في المائة من الناخبين الألمان يعتقدون أن الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة غير مبررة. كذلك، أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة «يوغوف» ونشرت نتائجه هذا الأسبوع أن 62 في المائة من الناخبين الألمان يعتقدون أن ما تفعله إسرائيل في غزة يشكل إبادة جماعية.


مقالات ذات صلة

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

الخليج صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

أعلنت وفود دولية رفيعة المستوى من جدة، دعمها لفلسطين ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، مؤكدة ضرورة «حل الدولتين»، وإنهاء الاحتلال، وحماية الحقوق الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

وفّر مجلس الأمن غطاء دولياً واسعاً لخريطة الطريق الأميركية بشأن غزة، فيما يمثل اختراقاً مهماً يعطي بعداً قانونياً يتجاوز مجرد وقف النار وإطلاق الرهائن.

علي بردى (واشنطن)
العالم رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

للمرة الأولى... العلم الفلسطيني يرفرف على مبنى بلدية تورونتو الكندية

رُفع العلم الفلسطيني على مبنى بلدية تورونتو، الاثنين، للمرة الأولى منذ اعتراف الحكومة الفيدرالية بدولة فلسطين في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (تورونتو)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب) play-circle

تحليل إخباري إقناع الإسرائيليين بدولة فلسطينية ممكن... ولكن بشروط

اليمين الإسرائيلي يهبّ ضد قرار مجلس الأمن المستند إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ لأنه يتضمن مساراً لإحقاق حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز) play-circle

مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

يصوت مجلس الأمن بعد ظهر الاثنين على مشروع قرار أميركي بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خطة الرئيس دونالد ترمب في شأن غزة، فيما ظهر شبح استخدام روسيا «الفيتو».

علي بردى (واشنطن)

بوتين يؤكد رفض أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بوتين يؤكد رفض أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

أوردت وكالة «سانا» السورية للأنباء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «جدد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».

واستقبل بوتين وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، في موسكو، في اجتماع تناول مختلف القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية ذات الأهمية المشتركة، «مع تركيز خاص على التعاون الاستراتيجي في مجال الصناعات العسكرية»، وفق الوكالة.

كما ناقش الطرفان «مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية»، وأكدا أهمية التنسيق السياسي والدبلوماسي بين دمشق وموسكو في المحافل الدولية، وشددا على «ضرورة احترام مبادئ القانون الدولي ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية».


زيلينسكي: نشعر أن أميركا ترغب في التوصل لاتفاق نهائي لإنهاء الحرب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي: نشعر أن أميركا ترغب في التوصل لاتفاق نهائي لإنهاء الحرب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، إن بلاده تشعر أن الولايات المتحدة ترغب في التوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب مع روسيا، مضيفاً أن الجانب الأوكراني يتعاون معها بشكل كامل.

وأضاف زيلينسكي في كلمة نشرها على حسابه على منصة «إكس»: «أوكرانيا لم تكن، ولن تكون أبداً، عقبة في طريق السلام. نعمل بنشاط ونبذل كل ما هو ضروري لضمان إنجاز الوثائق وأن تكون واقعية».

وأشار الرئيس الأوكراني إلى أنه من الضروري «أن تمتنع روسيا عن تخريب هذه الجهود الدبلوماسية، وأن تتعامل مع إنهاء الحرب بجدية تامة، وإذا لم تفعل ذلك، فلا بد من ممارسة ضغوط إضافية عليها».

كان زيلينسكي قد قال في وقت سابق اليوم إن المفاوضات الجارية حالياً بشأن الحرب يمكن أن تُحدث تغييراً جذرياً في الوضع، مؤكداً ضرورة ضمان ممارسة الضغط المناسب على روسيا من أجل السلام.

وعبر زيلينسكي عن امتنانه للدعم الذي تقدمه أوروبا لأوكرانيا في اتصال هاتفي مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قائلاً إن قرار المجلس الأوروبي الأسبوع الماضي بتقديم مساعدات مالية لأوكرانيا بقيمة 90 مليار يورو «أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا».


بريطانيا: إدانة رجلين بالتآمر لقتل مئات اليهود مع تصاعد المخاوف من «داعش»

صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)
صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)
TT

بريطانيا: إدانة رجلين بالتآمر لقتل مئات اليهود مع تصاعد المخاوف من «داعش»

صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)
صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)

أُدين رجلان، اليوم (الثلاثاء)، بالتآمر لقتل المئات من أفراد الجالية اليهودية في إنجلترا بهجوم مسلح مستوحى من ​هجمات تنظيم «داعش»، ويقول محققون إنه هجوم مخطط ويُظهر الخطر المتجدد الذي يمثله التنظيم المسلح.

وقالت الشرطة والمدعون العامون إن وليد سعداوي (38 عاماً) وعمار حسين (52 عاماً) متطرفان أرادا استخدام أسلحة نارية آلية لقتل أكبر عدد ممكن من اليهود في محيط مدينة مانشستر.

وقال روبرت بوتس، مساعد رئيس الشرطة والمسؤول عن شرطة مكافحة الإرهاب في شمال غربي إنجلترا، إنه لو نُفذت خططهما لكان الهجوم «من أكثر الهجمات الإرهابية المميتة في تاريخ بريطانيا إن لم يكن أكثرها فتكاً».

تأتي إدانتهما ⁠بعد أيام من إطلاق نار جماعي خلال احتفال بعيد الحانوكا ‌على شاطئ بونداي في سيدني ‍والذي أودى بحياة ‍15 شخصاً.

وقال تنظيم «داعش» إن الهجوم ‍الأسترالي «مصدر فخر». وعلى الرغم من أن التنظيم المتشدد لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم، فقد أثار تعليقه هذا مخاوف من زيادة العنف الذي ينفذه متطرفون.

أسلحة ضُبطت لدى وليد سعداوي (رويترز)

ورغم أن ​«داعش» لم يعد يشكل التهديد نفسه الذي كان يمثله قبل عقد حين سيطر ⁠على مناطق واسعة في العراق وسوريا، فإن مسؤولي الأمن الأوروبيين يحذرون من أن التنظيم والجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» تسعى مجدداً لتصدير العنف إلى الدول الأخرى وتحريض مهاجمين محتملين عبر الإنترنت.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، الأسبوع الماضي: «يمكنك أن ترى مؤشرات على أن بعض تلك التهديدات الإرهابية بدأت تنمو من جديد وتزداد».

وقال المدعون العامون البريطانيون لهيئة المحلفين إن سعداوي وحسين «اعتنقا آراء» تنظيم «داعش» وكانا على استعداد للمخاطرة بحياتهما من أجل أن يصبحا «شهيدين».