لجنة بالكنيست تمهد لاستخدام عقوبة «الإعدام» مع أسرى فلسطينيين

الخطوة تثير غضب عائلات المحتجزين خشية انتقام «حماس» من أبنائها

متظاهرون في احتجاج داخل تل أبيب نظمته عائلات الرهائن الإسرائيلية للمطالبة بوقف الحرب واستعادة المحتجزين مساء السبت (أ.ف.ب)
متظاهرون في احتجاج داخل تل أبيب نظمته عائلات الرهائن الإسرائيلية للمطالبة بوقف الحرب واستعادة المحتجزين مساء السبت (أ.ف.ب)
TT

لجنة بالكنيست تمهد لاستخدام عقوبة «الإعدام» مع أسرى فلسطينيين

متظاهرون في احتجاج داخل تل أبيب نظمته عائلات الرهائن الإسرائيلية للمطالبة بوقف الحرب واستعادة المحتجزين مساء السبت (أ.ف.ب)
متظاهرون في احتجاج داخل تل أبيب نظمته عائلات الرهائن الإسرائيلية للمطالبة بوقف الحرب واستعادة المحتجزين مساء السبت (أ.ف.ب)

في إطار مواصلة الإجراءات الانتقامية ضد الفلسطينيين عموماً والأسرى منهم خصوصاً، أقدم حزب «عوتسما يهوديت» الذي يتزعمه وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، على طرح مشروع قانون يلزم قضاة المحاكم الإسرائيلية بإصدار حكم الإعدام على الفلسطينيين المدانين بقتل إسرائيليين أو يهود.

وينص المشروع الجديد، وفقاً للتفسير الذي قدمته سون هار ميليخ، عضو الكنيست عن حزب «عوتسما يهوديت» والتي بادرت بطرحه، على أن «الإرهابي الذي يُدان بالقتل بدوافع عنصرية أو معادية للجماهير، وفي ظروف تُبين أن القتل تم بهدف المساس بدولة إسرائيل ونهضة الشعب اليهودي في بلاده، يُفرض عليه حكم الإعدام لزاماً».

ويتضمن مشروع القانون بنداً ينص على تغيير القاعدة في القوانين الشبيهة التي تُسقط الإعدام في حال وجود معارضة في هيئة القضاة، ويؤكد أن حكم الإعدام يكون سارياً حتى لو صدر بأكثرية الأصوات. وفي بند آخر يقول إنه لا يجوز تخفيف حكم الإعدام أو استبداله بحكم آخر بعد صدوره.

إيتمار بن غفير يهدد مروان البرغوثي في زنزانته بلقطة مأخوذة من مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي (رويترز)

وتجيء هذه الخطوة بعد شهر من زيارة وُصفت بـ«الاستفزازية» قام بها بن غفير للقيادي الفلسطيني مروان البرغوثي في محبسه.

حبر على ورق

المعروف أن إصدار حكم الإعدام هو موضوع نقاش طويل في إسرائيل. فمؤيدو الفكرة انطلقوا من تراث ديني؛ إذ يشير رجال الدين إلى أن التوراة تنص على فرض عقوبة الإعدام في 36 جريمة، من القتل والزنا إلى عبادة الأصنام وتدنيس يوم السبت. ولكن الحكام يمتنعون عن تنفيذ هذه العقوبة، حتى في التاريخ القديم، لتفادي إعدام أبرياء بالخطأ.

وعندما تأسست إسرائيل في عام 1948، ورثت النظام القانوني للانتداب البريطاني مع بعض التعديلات، وبالتالي ظلت عقوبة الإعدام قائمة، لكنها بقيت حبراً على ورق، ولم تُنفذ إلا فيما ندر. والسبب في ذلك هو أن أول من صدر بحقه حكم الإعدام، كان مئير توبيانسكي، وهو ضابط في الجيش أدين بتهمة التجسس، ولكن تبين بعد وفاته أن الحكم كان جائراً، وبُرئت ساحته لاحقاً بعد فوات الأوان. وعلى إثر ذلك، قررت الحكومة، في شهر ديسمبر (كانون الأول) 1948، الامتناع عن إصدار مزيد من أحكام الإعدام.

وكان الاستثناء الوحيد هو الجرائم ضد الإنسانية التي تُوجه ضد قادة نازيين سابقين.

ففي سنة 1962، أُعدم أدولف أيخمان، الذي أدين قبل سنة بالمشاركة في جرائم الحرب المتعلقة بالمحارق النازية (الهولوكوست). وطوال العقود التالية، صدرت أحكام بالإعدام من حين لآخر على المدانين بارتكاب جرائم إرهابية، لكن هذه الأحكام كانت تُخفف دائماً.

وفي عام 1988، أدين جون ديميانيوك، الحارس في معسكر نازي في أثناء الحرب العالمية الثانية، والذي أطلق عليه السجناء «إيفان الرهيب» بسبب وحشيته، وحُكم عليه بالإعدام، ولكن أُلغيت إدانته عند الاستئناف.

نتنياهو... ومواقف متباينة

ومع وصول بنيامين نتنياهو إلى سدة رئاسة الوزراء في سنة 2009، تعالت مجدداً الأصوات التي تنادي بفرض حكم الإعدام على الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات مسلحة ضد مدنيين.

في البداية، اعتمد نتنياهو على نواب صغار يطرحون الفكرة، ثم طرحها بنفسه في 2010، وجعلها وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان مطلباً أساسياً في انتخابات 2015.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

وفي شهر يناير (كانون الثاني) 2018، وافق الكنيست على مشروع قانون يسهل على المحاكم العسكرية إصدار أحكام الإعدام في تصويت أولي بأغلبية 52 صوتاً مقابل 49. كما صوّت رئيس الوزراء نتنياهو لصالحه، لكنه قال لاحقاً إن مشروع القانون يتطلب «مناقشة أعمق» بين الوزراء قبل التصويت عليه مرة أخرى.

وصرَّح نتنياهو بأنه سيدعم مشروع قانون من شأنه أن يجعل عقوبة الإعدام عقوبة عامة، لكنه لم يُفلح، وبقي الوضع على ما هو عليه.

غير أن مكتب نتنياهو حاول، الأحد، منع بحث الأمر في لجنة الأمن القومي في الكنيست، وأوفد إليها مسؤولاً كبيراً بالمكتب، هو منسق شؤون الأسرى والمفقودين في ديوان رئيس الحكومة، غال هيرش، كما أرسلت المخابرات والجهاز القضائي والجيش مندوبين عنهم لإقناع نواب اليمين وعلى رأسهم بن غفير بأن هذا القانون غير ضروري، بل يمكنه أن يدفع «حماس» للانتقام من المحتجزين الإسرائيليين لديها.

جدل وخلاف

وقال بن غفير خلال الجلسة: «توجّه إليَّ مقربون من رئيس الحكومة، نتنياهو، لتأجيل النقاش لأن الوقت غير مناسب. الجواب هو (لا) قاطعة. هذا القانون هو أمر الساعة، حتى يكون الردع قوياً».

وتابع: «برأيي، العكس هو الصحيح. في هذا التوقيت تحديداً يجب أن يعرفوا (في إشارة إلى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة) أنه إذا سقطت شعرة من رأس أي مختطف فسيصدر حكم إعدام بحق أسرى فلسطينيين في سجوننا».

وردّ هيرش قائلاً: «لم نطلب عبثاً عدم عقد النقاش هذا. أنا أختلف مع تقدير موقفك اختلافاً كلياً، خصوصاً في ظل وجود منظومة متكاملة عسكرية وسياسية لإعادة المختطفين. هذا النقاش لا يساعدنا». فعقّب عليه بن غفير قائلاً: «أنت لا تمثل كل عائلات المختطفين، مع الاحترام. أنت تمثل موقف رئيس الحكومة».

وصوتت اللجنة ضد إرادة نتنياهو والأجهزة الأمنية، وحظي المشروع بتأييد 4 نواب مقابل معارض واحد. ويفترض طرحه لاحقاً على الكنيست لتمريره في القراءة التمهيدية ثم القراءات الأولى والثانية والثالثة حتى يصبح قانوناً. وحذّر القسم القانوني للَّجنة من أن التصويت على مشروع قانون إعدام الأسرى «باطل»، موضحاً أن المستشارة القانونية للجنة والمستشارة القانونية للكنيست اتفقتا على عدم إجراء التصويت خلال عطلة الكنيست، وعلى وجوب استماع أعضاء اللجنة لموقف الجهات الأمنية والمهنية قبل التصويت، وهما شرطان لم يتم استيفاؤهما. وأكد تسفيكا فوغل، رئيس اللجنة وعضو الكنيست عن حزب «عوتسما يهوديت»، أن المستشارة القانونية للكنيست طلبت منه عدم إجراء التصويت، مضيفاً: «قلت إنني سأدرس الأمر، واليوم أفهم أكثر من أي وقت مضى أنني ملزم بالتصويت».

وفي أعقاب القرار، كتب هيرش في منشور على منصة «إكس» أنه طلب من رئيس الحكومة ألا يُطرح على الهيئة العامة للكنيست قبل أن يُعقد نقاش أساسي في مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، حيث يمكن عرض صورة الوضع وتقديره للموقف.

«إعدام بطيء»

وكتبت زوجة أحد الأسرى الإسرائيليين في غزة عبر حسابها على منصة «إكس»: «الناجون من الأسر قالوا لنا بوضوح إن أي استعراض إعلامي حول عقوبة الإعدام للأسرى يؤدي إلى تشديد الظروف وزيادة العنف ضد الأسرى. نتنياهو يعرف ذلك. غال هيرش يعرف ذلك. بن غفير يعرف ذلك. لكن بن غفير أراد أن يظهر على التلفاز اليوم. لو أنه في دولة طبيعية، لأقاله رئيس الحكومة هذا الصباح».

أما رئيس اللجنة، فوغل، فقال: «استمعت إلى كل الجهات الأمنية ولم أقبل تقدير موقفهم. سئمت كل هذه التقديرات والمعلومات. لا يمكن أن نستمر في العيش ونحن في التصور نفسه الذي قادنا إلى ما نحن عليه. النقاش جاء ليضيف إلى العمود الفقري اليهودي ما يلزم من شجاعة للحفاظ على العدالة ومنح سكان إسرائيل الأمن. ستؤدي الخطوات التي تُتخذ اليوم، وهذا الضغط كله، إلى الإفراج عن الرهائن بشكل أسرع».

من جانبها قالت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير: «منظومة الاحتلال الإسرائيلي مارست على مدار عقود طويلة سياسات إعدام بطيء بحق مئات الأسرى داخل السجون، عبر أدوات وأساليب ممنهجة أفضت إلى استشهاد العشرات منهم، فيما شهدت هذه السياسات تصعيداً غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة، لتجعل من المرحلة الراهنة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة».


مقالات ذات صلة

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

شمال افريقيا الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

نقلت تسريبات إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين كبار أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك).

هشام المياني (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

تقرير: نتنياهو تجاهل التحذيرات بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) بشأن تقارير كاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)

هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

أكد مصدر مصري مُطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات المصرية في سيناء موجودة من أجل حفظ الأمن القومي المصري، وهو أمر لا تقبل فيه القاهرة مساومة أو إغراءً».

هشام المياني (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
TT

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

قدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع موازنة العام الجديد بأولويات تتمحور حول الأمن القومي، معتبراً أن الانضباط المالي بات شرطاً أساسياً للصمود في مواجهة الضغوط الخارجية بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل وتشديد العقوبات.

وبعد خمسة أيام من تقديم مسودة الموازنة للبرلمان، دافع بزشكيان أمام المشرعين عن إعداد موازنة بنمو لا يتجاوز 2 في المائة، واصفاً إياها بأنها الخيار «الأصعب» لكنه الأكثر واقعية لتفادي العجز وكبح التضخم في ظل تراجع عائدات النفط وشح الموارد.

وتتخطى الموازنة 100 مليار دولار بحسب صرف السعر المتقلب جداً هذه الأيام.

وشدد بزشكيان على أنها أُعدت في «ظروف استثنائية وضاغطة» فرضتها العقوبات، والحرب مع إسرائيل، قائلاً إن الحكومة اختارت نهجاً منضبطاً لتفادي العجز وكبح التضخم، حتى وإن جاء ذلك على حساب قرارات صعبة تمس بنية الإنفاق والدعم.


الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
TT

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)

تسلم الجيش الإسرائيلي منظومة اعتراض بالليزر عالية القدرة تُعرف باسم «الشعاع الحديدي»، حيث سيتم دمجها ضمن منظوماته الصاروخية الدفاعية متعددة الطبقات الحالية.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، إن منظومة الليزر تم تسليمها للجيش الإسرائيلي بعد تطويرها من جانب شركتي الدفاع الإسرائيليتين «إلبيت سيستمز» و«رافائيل».

وتم تصميم منظومة «الشعاع الحديدي» لتعمل بالتوازي مع منظومات دفاع: «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» و«آرو»، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وأفادت الوزارة بأن الاختبارات أظهرت أن هذه المنظومة قادرة على اعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل موثوق، مضيفة أنها أقل تكلفة بكثير من حيث التشغيل مقارنة بالمنظومات التقليدية القائمة على الصواريخ.

منظومة «الشعاع الحديدي» الاعتراضية التي تعمل بالليزر (د.ب.أ)

ووفقاً لتقديرات أميركية، يمكن لسلاح الليزر تحييد الطائرات المسيّرة بتكلفة تبلغ نحو 4 دولارات لكل اعتراض، مقارنة بالتكلفة الأعلى بكثير لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية الحالية.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر المنظومة بأنه «لحظة تاريخية» تغيّر بشكل جذري مشهد التهديدات. وأكد كاتس أن المنظومة أصبحت جاهزة للعمل بشكل كامل، وأنها توجه رسالة واضحة إلى خصوم إسرائيل: «لا تتحدونا».

وقال أمير بارام، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تسليم المنظومة يمثل «بداية ثورة تكنولوجية» في مجال الدفاع الجوي.


نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

وسط زخم من التقديرات والتقارير والتسريبات الإسرائيلية عن حقيقة ما جرى إعداده في تل أبيب للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في منتجع مار آلاغو في ميامي، المقرر يوم الاثنين، اعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية أن اللقاء بمثابة «معركة مصيرية أخرى»، يُبنى عليها مستقبل نتنياهو السياسي، ولكنها تنطوي على تمادٍ يجعله يحاول إقناع ساكن البيت الأبيض بلجم اندفاعه نحو تطبيق خطته السلمية في غزة.

وتبرز أزمة تباين في الأولويات بين طرفي اللقاء؛ إذ تقول مصادر سياسية إسرائيلية لموقع «والا» إن «الإدارة الأميركية منزعجة من نتنياهو وتتهمه بعرقلة خطة ترمب، لكن ترمب نفسه ما زال يؤمن به ويحتضنه وسيسعى إلى التفاهم معه وليس تأنيبه، وهو يضع قضية غزة في رأس أجندة اللقاء، رغم أن نتنياهو يحاول تغيير سلم الأولويات، ليبدأ بإيران».

وينقل المسؤولون الإسرائيليون عن نتنياهو أنه يعتقد أن «توجيه ضربة أخرى إلى إيران، خصوصاً إذا كانت ضربة إسرائيلية - أميركية مشتركة، ستفضي إلى نتائج أفضل في الاتفاق النووي المستقبلي وربما تضعضع النظام في طهران».

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن إيران توظف استثمارات هائلة في «حزب الله» و«حماس» حتى تجهض خطى ترمب. وتقول إن امتناعهما عن نزع السلاح يتم بتشجيع «الحرس الثوري».

استبدال خطة غزة

ووفق المصادر نفسها، سيقترح نتنياهو خريطة طريق تبرد ملف غزة، وتوقف «الاندفاع الظاهر لترمب نحو تطبيق خطته، وإبطاء وتيرة المسار، وحتى استبدال خريطة الطريق التي رسمت في البيت الأبيض بخريطة إسرائيلية تغير سلم الأولويات وتعدل الحدود». وحسب صحيفة «معاريف»، تقترح الخطة الإسرائيلية التي ستعرض على ترمب: سيطرة إسرائيلية، حتى 75 في المائة من أراضي القطاع (هي تسيطر حالياً حسب الاتفاق على 53 في المائة ومددتها إلى 58 بالمائة في الشهر الأخير)، إلى حين تتخلى (حماس) بشكل فعلي عن سلاحها.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

بيد أن الرئيس ترمب يرى الأمور بشكل مختلف؛ فهو يرى أن التقدم في خطته في غزة سيعزل إيران ويشجعها على التقدم في الجهود الدبلوماسية.

وفي التقديرات الإسرائيلية، يعتبر ترمب أن قضية نزع السلاح مسارٌ يتم التقدم فيه رويداً رويداً، ويريد الانتقال فوراً إلى المرحلة الثانية مع التركيز على إعادة الإعمار، ويطلب من إسرائيل ألا تضع عراقيل في طريقه، والاستعداد لانسحاب آخر في غزة.

لهذا، تقول «يديعوت أحرونوت»، جند نتنياهو الجيش الإسرائيلي، الذي يخشى من أن تؤدي الاستجابة لمطالب ترمب إلى تآكل إنجازات الحرب. وسوف يصر على أن يوضع في رأس الاهتمام تثبيت الأمن الإسرائيلي القائم على «مفهوم جديد، يتضمن إضافة إلى المبادئ القديمة، دفاعاً متقدماً ووقائياً أيضاً. وسيطلب من الأميركيين إبداء تفهم وتأييد سياسي وعسكري في تنفيذ هذه المبادئ في كل الساحات». كما سيُحاول نتنياهو، وفق الصحيفة، أن يُلطف في محيط ترمب حدة نفوذ تركيا وقطر اللتين لهما ولزعيميهما مكانة مفضلة ونفوذ في البيت الأبيض.

حذر وقلق من المواجهة

ويدرك نتنياهو أن هذه الطروحات ستثير جدالاً بل وربما مواجهة بين نتنياهو وترمب وفريقه. ويكتب مراسل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رون بن يشاي، إنهم في القيادة الإسرائيلية يتذكرون المواجهة المهينة بين ترمب وبين رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض ويتحسبون من سيناريو محتمل «ينقلب» فيه ترمب على نتنياهو، ويتهم إسرائيل بنكران الجميل.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في ختام مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 29 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتواصل الصحيفة: «يدركون أن الحاجة تتطلب حذراً شديداً في طرح المواقف الإسرائيلية، خصوصاً أن نتنياهو يحمل مطالب عدة في مجال العلاقات الثنائية، ومنها ضمان مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في إطار خطة المساعدات الأمنية المتعددة للسنوات المقبلة، والتي تجري حولها مفاوضات بين الدولتين، وعبر فرض قيود مختلفة على توريد أسلحة حديثة لدول المنطقة».

وفي الشأن الإقليمي، يرى الإسرائيليون أنه «ما من شك في أن الموضوع التركي هو الآخر سيُطرح على النقاش في مار آلاغو. وفي حين سيقول نتنياهو إن هناك إجماعاً في إسرائيل على رفض أي تواجد عسكري تركي في غزة، وكذا في وسط وجنوب سوريا؛ لأن هذا التواجد يقيّد حرية العمل الإسرائيلية لإحباط التهديدات، فسيكون عليه أن يتوقع موقفاً معاكساً من ترمب. ويكون جاهزاً لتخفيف معارضته».

ويقدر الإسرائيليون أنه في لقاء القمة في مار آلاغو، سيطلب ترمب من نتنياهو تنازلات؛ بما في ذلك تنازلات من شأنها في سنة الانتخابات أن تغيظ «قاعدته الشعبية اليمينية». وعليه فمعقول الافتراض أن نتنياهو سيقاتل على كل نقطة. هذه لن تكون بالنسبة له نزهة على شاطئ البحر في فلوريدا.