تشديد مصري على رفض «التحركات الأحادية» في النيل وسط نزاع «السد الإثيوبي»

عبد العاطي أكد لرئيس مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات كافة لحماية أمن بلاده المائي

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع رئيس مجلس الأمن (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع رئيس مجلس الأمن (الخارجية المصرية)
TT

تشديد مصري على رفض «التحركات الأحادية» في النيل وسط نزاع «السد الإثيوبي»

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع رئيس مجلس الأمن (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع رئيس مجلس الأمن (الخارجية المصرية)

شددت مصر مجدداً على رفضها «التحركات الأحادية» في حوض «النيل الشرقي»، في إشارة إلى نزاع «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى مصر من تأثيره على إمداداتها من المياه.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، إن «بلاده ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية أمنها المائي»، وأشار خلال لقائه وزير خارجية كوريا الجنوبية، رئيس مجلس الأمن الحالي، تشو هيون، إلى أن «مياه النيل قضية وجودية لمصر».

وهناك خلاف بين مصر وإثيوبيا حول مشروع «سد النهضة»، ودشنت أديس أبابا المشروع رسمياً، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري، وسط اعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان) للمطالبة باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «تشغيل السد»، بما لا يضر بمصالحهما المائية.

وعقب افتتاح الحكومة الإثيوبية مشروع «السد»، نددت القاهرة بتلك الخطوة، وأرسلت خطاباً إلى مجلس الأمن الدولي، أكدت فيه أنها «لن تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل».

وشدَّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع نظيره الرواندي بول كاغامي، في قصر الاتحادية (شرق القاهرة)، الأسبوع الماضي، على أن «ملف المياه يمثل قضية وجودية لمصر، خصوصاً في ظل الندرة المائية الشديدة التي تواجهها»، مؤكداً أن «مصر لن تقبل المساس بحقوقها المائية، وأن التعاون في منطقة حوض النيل يتطلب تغليب روح التفاهم لتحقيق المصلحة المشتركة».

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)

وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ناقش وزير الخارجية المصري، مع نظيره الكوري الجنوبي، ملف الأمن المائي، وشدد عبد العاطي على «رفض بلاده الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي»، مؤكداً أن «مصر ستتخذ الإجراءات اللازمة، اتساقاً مع القانون الدولي، لحماية أمنها المائي»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد، هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، وتحصل على حصة مياه سنوية تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات لوزارة الري المصرية.

وشدد وزير الخارجية المصري على «أهمية التعاون مع الدول الأفريقية، وفقاً لقواعد القانون الدولي، بما يحقق مصالح جميع دول حوض النيل».

ومنذ أن بدأت أديس أبابا في تنفيذ مشروع «السد» عام 2011، جرت عدة جولات تفاوض بين دولتي المصب، والجانب الإثيوبي، للتوصل إلى تفاهم بشأن ملء وتشغيل «السد»، لكن لم تنجح في الوصول إلى اتفاق. وأعلنت القاهرة توقف مسار التفاوض مع إثيوبيا في نهاية عام 2023 نتيجة لغياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي، وفق «الري المصرية».

وزير الخارجية المصري ورئيس مجلس الأمن الحالي تشو هيون (وزارة الخارجية المصرية)

وتقول مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية سابقاً، السفيرة منى عمر، إن «القاهرة تستهدف حشد رأي عام دولي متفهم لشواغلها وحقوقها المائية»، مضيفة أن «مناقشة ملف الأمن المائي مع رئيس مجلس الأمن الحالي، خطوة مهمة، مطلوبة في الوقت الحالي، نتيجة لإمعان الجانب الإثيوبي في التصرف (أحادياً) دون التعاطي مع مطالب دولتي المصب».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «التحركات المصرية تستهدف تعريف المجتمع الدولي بمخاطر السد الإثيوبي على مصالحها المائية، وعلى الأمن والسلام في المنطقة». واعتبرت أن تفهّم المجتمع الدولي لهذه الأبعاد «يُشكل ورقة ضغط على أديس أبابا لوقف تصرفاتها».

وفي خطابها لمجلس الأمن، أخيراً، أشارت القاهرة إلى أن «افتتاح السد الإثيوبي لا يعني منحه غطاءً شرعياً، بل يظل إجراءً أحادياً مخالفاً للقانون والأعراف الدولية»، وأكدت حينها أنها «لن تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل».

وحسب السفيرة منى عمر، «لا يعني افتتاح الجانب الإثيوبي لمشروع (السد) انتهاء فرص الوصول لاتفاق بشأن عملية تشغيله»، وترى أن «المهم أن تسعى دولتا المصب إلى تنفيذ بنود اتفاق (إعلان المبادئ)، الذي وقعت عليه الدول الثلاث في 2015، والذي ينص على ضرورة (الإدارة المشتركة) للمشروع».

ووقعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن «سد النهضة»، تضمن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «عدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».


مقالات ذات صلة

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

تعوّل مصر على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، بما يحافظ على وحدة وسلامة أراضيه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون في طابور أمام القنصلية المصرية بالرياض قبل الإدلاء بأصواتهم الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

«ضعف المشاركة» في الاقتراع يهدد إعادة الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

تُلاحق مخاوف «ضعف المشاركة» مجدداً الانتخابات البرلمانية المصرية مع انطلاق جولة إعادة التصويت في الدوائر الـ19 التي أُلغيت نتائجها بالمرحلة الأولى من «النواب».

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين المصري شريف فاروق أثناء تفقده أحد الأسواق بالقاهرة (وزارة التموين المصرية)

مصر: الفائدة تنخفض والتضخم يتراجع... ما تأثير ذلك على الأسعار؟

قررت «لجنة السياسة النقدية» بالبنك المركزي المصري، في اجتماعها، الخميس، خفض أسعار الفائدة بنسبة 1 في المائة.

أحمد جمال (القاهرة )
شمال افريقيا وزير التعليم المصري خلال تفقد مدرسة في محافظة كفر الشيخ الشهر الماضي (التربية والتعليم)

بين «الرواية الرسمية» وواقع «السناتر»... هل انكسرت شوكة «الدروس الخصوصية» بمصر؟

وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، قال إن «لغة الأرقام والمؤشرات الميدانية تعكس تراجعاً ملحوظاً في (بيزنس) الدروس الخصوصية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
أفريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يوقِّعان في يناير 2025 إعلاناً مشتركاً لترفيع العلاقات إلى «شراكة استراتيجية شاملة» (الرئاسة المصرية) play-circle

مصر والصومال وتركيا وجيبوتي ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

أكد وزراء خارجية مصر والصومال وتركيا وجيبوتي، اليوم الجمعة، إدانتهم ورفضهم التام اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال دولة مستقلة. 

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، اليوم (الجمعة)، أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان محمد الحداد ومرافقيه، لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الطائرات.

وأكدت الوزارة، في بيان على موقع «فيسبوك»، أنه تم الاتفاق مع تركيا على اختيار بريطانيا كجهة «محايدة» لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة بشأن الطائرة التي تحطمت يوم الثلاثاء، بعد نصف ساعة من إقلاعها من مطار أنقرة.

وقالت الوزارة إنه تقرر نقل جثامين القتلى صباح غد إلى مدينة طرابلس.

كانت الطائرة تقل رئيس الأركان محمد الحداد وعدداً من مرافقيه، وكانت قد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الاتفاق مع السلطات التركية على إرسال الصندوق الأسود للطائرة إلى ألمانيا لضمان التحليل الفني الدقيق.


ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

في خطوة لافتة تحمل أبعاداً تتجاوز بعدها الدبلوماسي، جاء اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«جمهورية أرض الصومال» دولة مستقلة وذات سيادة، ليُشعل تساؤلات واسعة حول توقيته ودلالاته، خاصة في ظل الصراع المحتدم بين إسرائيل وجماعة الحوثي، والتوتر المتصاعد في البحر الأحمر.

هذا الاعتراف، الأول من نوعه على هذا المستوى، عدّه محللون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة ضغط مباشرة وطوقاً دبلوماسياً على رقاب الحوثيين، ومحاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ قرب واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، وسط تباين في تقدير مآلاته بين من يحذّر من ترتيبات أمنية وعسكرية جديدة، ومن «يقلّل من فرص تحول الخطوة إلى مواجهة مفتوحة».

وأرض الصومال هو إقليم أعلن استقلاله من جانب واحد 1991، ولم تعترف به أي دولة، وتعارض الحكومة الصومالية مطلب استقلال أرض الصومال عنها، وعلى مدار عام 2024، نشبت أزمة بين أديس أبابا ومقديشو بسبب مساعي إثيوبيا لإبرام اتفاق للوجود على المنفذ البحري لأرض الصومال، وسط رفض مصري وعربي، وتدخلت تركيا بوساطة لإيقاف إثيوبيا عن هذا المسار.

تطويق للحوثيين

ويُعد أرض الصومال منطقة جوار لليمن، حيث تقع على الضفة المقابلة لخليج عدن، وتطل على مضيق باب المندب، وهو ممر مائي عالمي حيوي لعبور الملاحة الدولية بين آسيا وأوروبا، وهذا الممر شهد هجمات صاروخية وطائرات دون طيار من الحوثيين في السنوات الأخيرة، مما أثر على التجارة العالمية وأمن الملاحة، وفق ما يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، مؤكداً أن الاعتراف مهم وله دلالات.

ويعطي الاعتراف إسرائيل «طوقاً دبلوماسياً في موقع جغرافي يمكن أن يكون بديلاً أو مكملاً لعملياتها في البحر الأحمر، خصوصاً إذا زاد الحوثيون هجماتهم على سفن أو طرق الملاحة»، وفق تقدير بري، موضحاً أن «إسرائيل ترى ذلك ليس فقط فرصة دبلوماسية، بل ركيزة استراتيجية لمراقبة الممرات المائية والإسهام في أمنها، وتعزيز تموضعها ضد النفوذ الإيراني والحوثي والضغط عليهما وتقليل قدرة الحوثيين على تهديد المصالح البحرية الإسرائيلية».

ويؤكد الباحث اليمني، أشرف المنش، ذلك، موضحاً أن اعتراف نتنياهو يأتي في سياق بحث إسرائيل عن قاعدة عسكرية قبالة اليمن لمواجهة ميليشيات الحوثي واعتراض تهديداتها لخطوط الملاحة، وذلك نظراً إلى تمتع «أرض الصومال» بموقع استثنائي يمتد على ساحل بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، وموقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سيكون له تأثير على باب المندب، وقد يقيّد أي إمدادات تأتي إلى الحوثيين، لكن في المقام الأول سيهدد الملاحة والأمن في البحر الأحمر وسيزيد التوتر.

رئيس أرض الصومال يهاتف نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

وتسعى إسرائيل لخلق ما يشبه «كماشة» أمنية لمحاصرة النشاط العسكري الحوثي من جهة الشرق الأفريقي، وذلك بعد تحول السواحل الصومالية قبالة اليمن إلى نقاط تهريب نشطة للحوثيين ساعدهم في ذلك تحالفهم الوثيق مع «حركة الشباب الإرهابية» برعاية من «الحرس الثوري» الإيراني، وفق الخبير اليمني أشرف المنش.

ويعتقد رئيس مركز «جهود للدراسات» في اليمن، عبد الستار الشميري، أن الاعتراف من إسرائيل محاولة لوجود أكبر في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتموضع على ضفة القرن الأفريقي من خلال أرض الصومال وأيضاً الضفة اليمنية من خلال مهاجمة الحوثيين، وهذا سينعكس سلبياً على البحر الأحمر.

في المقابل، قلّل المحلل السياسي من أرض الصومال، عبد الكريم صالح، من المخاوف من العلاقات بين هرغيسا وتل أبيب، مؤكداً أن الاعتراف لن يؤثر على الصراع مع الحوثيين؛ إذ تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية بالعديد من الدول العربية والإسلامية والدولية ولم يحقق ذلك شيئاً، مؤكداً أن الاعتراف مهم في سلسلة الاعترافات الدولية ليس أكثر من ذلك.

ورغم أن الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين بدأت في يوليو (تموز) 2024، فإن عام 2025 شهد زخماً أكبر من الاستهداف في عام 2025، بـ14 استهدافاً على الأقل، وقصف متكرر لميناء الحديدة، قبل الهجوم الكبير الذي استهدف حكومة الحوثي وقيادات عسكرية بارزة لديها في أغسطس (آب) الماضي.

إنشاء القواعد

وفي ضوء ذلك الاعتراف وهذا التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، لا يستبعد بري أن يتم احتمالات تعاون أمني، وبحث أفكار حول قاعدة أو تعاون عسكري في المستقبل، وهو بمثابة جزء من استراتيجية مواجهة تهديدات الحوثيين.

ويخلص إلى أن وجود عسكري إسرائيلي طويل المدى في أرض الصومال ليس مؤكداً اليوم، لكن القاعدة قد تتوسع إلى تعاون أمني أقوى إذا رأى الطرفان فائدة استراتيجية من ذلك، خصوصًا في مواجهة الحوثيين مقابل زخم الاعترافات.

وعن توقعاته لردود فعل الحوثيين، يعتقد بري أن التهديدات والهجمات من الحوثيين قد تتصاعد بوصفها رد فعل على أي شكل من أشكال وجود عسكري أو تعاون أمني مع إسرائيل قرب السواحل اليمنية، مستدركاً: «لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية من الحوثيين على كيفية ردهم مباشرة على الاعتراف الصوري فقط الذي لم يشمل التوسيع العسكري بإقليم مثل أرض الصومال».

بنيامين نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

ولا يستبعد أشرف المنش أيضاً -في ضوء التقاء المصالح بين إقليم أرض الصومال الساعي للحصول على اعتراف دولي وإسرائيل- أن تتجه المصالح الإسرائيلية إلى بناء منشأة عسكرية واستخباراتية لـ«تعزيز العمق الاستراتيجي» في القرن الأفريقي.

بينما يؤكد مراقبون أن وجود إسرائيل في الإقليم الانفصالي سيترتب عليه وجود عسكري لا محالة، لأن أي علاقات تسمح بمذكرات تفاهم تشمل نشر قواعد عسكرية وما شابه.

في المقابل، يرى عبد الكريم صالح أن المحادثات والوثائق المتبادلة بين الجانبين لم تتطرق إلى أي مسائل عسكرية. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم سيتعاونون بشكل مكثف مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، دون أي حديث عن تعاون عسكري أو استخباراتي.

وبعد شائعات نفاها إقليم أرض الصومال في 2025، بشأن أن يكون الإقليم إحدى البقاع التي تستقبل الفلسطينيين من غزة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في حسابه على منصة «إكس»، الجمعة، إنه خلال العام الماضي، وعلى أساس حوار شامل ومتواصل تشكّلت العلاقات بين إسرائيل وأرض الصومال. وأضاف: «عقب قرار رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس جمهورية أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله، وقّعنا على اعتراف متبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل أيضاً تعيين سفراء وافتتاح سفارات»، مؤكداً أن إسرائيل ستكثّف التعاون مع أرض الصومال في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والزراعة والصحة.


مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة. كما عبّرت عن رفضها «أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية».

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الجمعة، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزراء «الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته»، إلى جانب «دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية».

الرفض المصري المدعوم بمواقف دول أخرى، جاء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل رسمياً بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة، وهي أول دولة تعترف بـ«الإقليم الانفصالي» في الصومال دولة مستقلة.

وقال بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الجمعة، إن الوزير عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه: الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على «الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل»، إلى جانب «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، يعتقد أن دعم إسرائيل «أرض الصومال» «سيفتح الباب لدول أخرى للاعتراف بهذا الإقليم». ورجح أن «تلجأ إثيوبيا إلى تفعيل اتفاقها مع (أرض الصومال)، للحصول على منفذ بحري لها، مقابل الاعتراف الرسمي به دولة».

وسيؤثر الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» استراتيجياً على مصالح الدولة المصرية في جنوب البحر الأحمر، وفق حليمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود إسرائيل في هذه المنطقة سيعني حصولها على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر وشماله في إيلات»، مشيراً إلى أن هذا التحرك «سيلقى معارضة شديدة من الدول العربية والأفريقية؛ لأن من مبادئ الاتحاد الأفريقي احترام حدود الدول وعدم المساس بها».

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع «إقليم أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي بعد توقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وأكد عبد العاطي، الجمعة، أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول «سابقة خطيرة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين ولمبادئ القانون الدولي»، وقال إن «احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثّل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي».

كما شدد على «الرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه»، وقال إن «هذا المخطط ترفضه الغالبية العظمى لدول العالم بشكل قاطع».

ولن يغيّر الاعتراف الإسرائيلي الوضعية القانونية لـ«إقليم أرض الصومال» بعدّه جزءاً من أرض الصومال، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عصام هلال، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما اتخذته إسرائيل خطوة أحادية تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».

ويرى هلال أن الدعم الإسرائيلي للإقليم الصومالي «يعدّ تحولاً دبلوماسياً، سينعكس على توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي». وأكد ضرورة «تكثيف الجهود الدبلوماسية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة».

ودائماً ما تؤكد مصر أن «أمن البحر الأحمر قاصر فقط على الدول المتشاطئة وليس مقبولاً أي وجود عسكري به»، وتكررت هذه التصريحات بعد أن أعلنت إثيوبيا طموحها لإيجاد منفذ بحري على ساحل البحر الأحمر.

و«إقليم أرض الصومال»، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، يحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ورئيس «إقليم أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلاناً مشتركاً، وقال إن «إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع الإقليم من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد».