سكان يتحدثون عن أهوال أحدث ضربة إسرائيلية على صنعاء

الغارات استهدفت مقار المخابرات ومنازل سرية للحوثيين

الغارات الإسرائيلية استهدفت مقار المخابرات الحوثية في صنعاء والبيوت السرية (أ.ف.ب)
الغارات الإسرائيلية استهدفت مقار المخابرات الحوثية في صنعاء والبيوت السرية (أ.ف.ب)
TT

سكان يتحدثون عن أهوال أحدث ضربة إسرائيلية على صنعاء

الغارات الإسرائيلية استهدفت مقار المخابرات الحوثية في صنعاء والبيوت السرية (أ.ف.ب)
الغارات الإسرائيلية استهدفت مقار المخابرات الحوثية في صنعاء والبيوت السرية (أ.ف.ب)

«البيوت دُفنت بالغبار والتراب، ورائحة البارود استنشقها سكان الحي بالكامل، وهي المرة الأولى التي نرى فيها مثل هذه الغارات». بهذه العبارة يصف إبراهيم الوضع عقب الموجة الثامنة عشرة من الضربات الإسرائيلية الانتقامية في صنعاء، بينما هو يبحث عن أحد أقاربه وسط ذعر السكان.

وفي تعليق له على الغارات التي شملت جنوب صنعاء وغربها وشمالها ووسطها، يقول الشاهد لـ«الشرق الأوسط»: ربما هي المرة الأولى التي نشهد مثل هذه الضربات العنيفة، حيث اهتزت أرجاء المدينة من قوتها وغطى غبارها أحد أكثر أحياء المدينة اكتظاظاً بالسكان. ويشير إلى أن رائحة البارود استنشقها معظم سكان الحي الذي كان بعيداً عن الضربات طوال الفترة السابقة.

ويضيف: «ما حدث شيء مرعب، القصف استهدف مكاناً قريباً من منزلنا في حي الرقاص المكتظ بالسكان، وخرجت أجري من دون وعي والغبار يغطي الحي بالكامل، وأثناء مروري في الشارع واجهت عشرات النساء والأطفال ملطخين بالدماء، الله وحده يعلم كم عدد الضحايا تحت أنقاض المباني التي تضررت أو في المبنى الذي استُهدف مباشرة».

ويقول ساكن آخر لـ«الشرق الأوسط»: إن إحدى الضربات استهدفت منزلاً ملاصقاً لمنزل أقارب له بجوار مدرسة للبنات في ذلك الحي، وكان هذا المنزل مُستأجراً قبل سنوات من أجانب قبل أن يغادروا اليمن، وإنهم لا يعرفون الآن من يستخدمه.

دمار غير مسبوق خلَّفته الضربات الإسرائيلية الأخيرة على صنعاء (إعلام محلي)

ويؤكد أن الضربات سوّت المنزل المستهدف بالأرض، لكن أسرة أقاربه لم يُصب أحد من أفرادها عدا حالة الانهيار التي عاشوها بفعل قوة الضربات، ولم يُعرف – وفق قوله - عدد قتلى البيت المستهدف؛ لأن الحوثيين أغلقوا الموقع بالكامل.

كما ذكرت مصادر طبية تعمل في «مستشفى الرباط» الخاص أنهم أطلقوا نداءً للسكان للتبرع بالدم بسبب الأعداد الكبيرة من المصابين، كما ناشدت الأطباء القدوم إلى المستشفى للمساعدة في تقديم الرعاية للمصابين بسبب عجز العاملين هناك عن تلبية كل الاحتياجات.

أهداف متعددة

وفق رواية السكان، فقد استهدفت غارات أخرى مبنى في منطقة حدة بالقرب من شارع إيران، حيث سُوي بالأرض، وقد أغلق الحوثيون المنطقة بالكامل وسُمعت سيارات الإسعاف تتجه إلى المكان لساعات عدة، ولكن أمكن رؤية آثار الدماء على الأسفلت في الشارع الذي يؤدي إلى المبنى المستهدف. ولا يُعرف لماذا كان يُستخدم ولا سبب استهدافه، كما استهدفت غارات مماثلة بوابة المجمع الرئاسي في منطقة ميدان السبعين.

المصادر ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن غارات أخرى استهدفت مبنى جهاز الأمن السياسي سابقاً (المخابرات حالياً) في الحي السياسي وسط صنعاء، وأنها دمرت مبانيه بشكل كامل كما تضررت مبانٍ عدة مجاورة، وقُتل طفلان وأصيب ثالث، لكن لم يُعرف مصير السجناء في المبنى الحصين الذي بُني في الثمانينات وشهد واقعة هروب قادة تنظيم «القاعدة» في عام 2006.

الحوثيون فرضوا طوقاً أمنياً على المواقع المستهدفة في صنعاء (إ.ب.أ)

المصادر تحدثت أيضاً عن استهداف المقاتلات الإسرائيلية سجناً آخر للمخابرات في حي الأعناب شمال صنعاء، لكن الحوثيين كانوا قد أخلوا في اليوم السابق السجن من النزلاء. ورجحت المصادر فرضية أن تكون الجماعة قد تلقت إنذاراً مسبقاً باستهداف المبنى الذي أُقيم بمساعدة أميركية إبان حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ليكون ملائماً للمعايير الدولية للسجناء وزيارات أسرهم.

وفي حين اكتفت وسائل إعلام الحوثيين بالحديث عن فشل مخطط لإخراج المعتقلين من خلال استهداف مقار لجهاز المخابرات، ذكر سكان في مدينة صنعاء القديمة أن الغارات طالت أيضاً مبنى جهاز الأمن القومي سابقاً قبل أن يقوم الحوثيون في منتصف عام 2019 بدمجه مع جهاز الأمن السياسي في جهاز واحد أطلقوا عليه اسم جهاز الأمن والمخابرات.

ولكن بسبب الطوق الأمني الذي يفرضه الحوثيون على الأماكن المستهدفة لم يتم التعرف على حجم الأضرار أو معرفة ما إذا كان هناك ضحايا أم لا.

وفي تحديث لاحق، قالت وزارة الصحة في حكومة الانقلاب الحوثية إن عدد القتلى وصل في حصيلة غير نهائية إلى تسعة أشخاص منهم أربعة أطفال وامرأتان، بينما بلغ عدد الجرحى 174، منهم 59 طفلاً و35 امرأة. وأن فرق الإنقاذ لا تزال تبحث عن ضحايا من تحت الركام والأنقاض والتعرف عليهم.

اعتقالات متزايدة

بالتزامن مع الغارات الإسرائيلية، نفذت أجهزة مخابرات الحوثيين المزيد من الاعتقالات التي تستهدف المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر»/أيلول التي أطاحت نظام حكم أسلاف الجماعة في شمال البلاد مطلع ستينات القرن الماضي.

وفي حين اقتيد المحامي عبد المجيد صبرة من مكتبه في صنعاء إلى مكان غير معلوم، بلغت الحملة ذروتها في مديرية السدة التابعة لمحافظة إب، حيث نفذت مخابرات الجماعة حملة دهم ومطاردة اعتقلت خلالها أكثر من 30 شخصاً، إلا أن السكان تحدّوا تلك الحملة والترهيب وواصلوا الاحتفال في المنطقة التي شهدت ميلاد قائد ثورة «26 سبتمبر» كما اعتادوا على ذلك منذ عقود.

ووفق مصادر حقوقية اعتقلت مخابرات الحوثيين ليث ملهي، أحد سكان قرية ميفع في مديرية بعدان التابعة للمحافظة ذاتها بسبب رفعه العلم الوطني.

احتفالات رسمية وشعبية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية في ذكرى الثورة (إعلام محلي)

وفي مدينة القاعدة التابعة أيضاً لمحافظة إب اعتقلت مخابرات الحوثيين معاذ الحسني وأحمد البريهي وتم اقتيادهما إلى مكان غير معلوم بسبب وضع العَلم الوطني أعلى الدكان الذي يعملان به، وذلك بعد يوم على اعتقال عيسى برعات، وقبله فهد بداح، ومحمد الكباري، ومحمد المناحي، وفواز النجار، ومختار إسكندر ومختار أبو راس.

وفي محافظة ذمار اعتقلت الجماعة الحوثية المسؤول الثاني في فرع الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظة عايض الصيادي والناشط محمد اليفاعي لنشرهما تهاني بمناسبة ذكرى «ثورة 26 سبتمبر»، كما استدعت الكاتب عبد الوهاب الحراسي بسبب رفعه عَلم البلاد في سطح منزله.


مقالات ذات صلة

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

فيما يواصل الحوثيون استهداف المنظمات الإغاثية الأممية والدولية والعاملين فيها، كشفت بيانات أممية حديثة عن تفاقم مقلق لأزمة الجوع في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مأرب تضم أكثر من 209 مخيمات مكتظة بالأسر النازحة (إعلام حكومي)

مأرب تشكو نقص المساعدات وضغط النزوح الإضافي من الشرق

تشهد محافظة مأرب اليمنية تصاعداً مقلقاً في موجات النزوح المقبلة من حضرموت والمهرة، في ظل التطورات الأمنية والعسكرية الأخيرة، ما فاقم من حدة الأزمة الإنسانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية

«الشرق الأوسط» (عدن)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».