خطة ترمب لوقف «حرب غزة»... إحياء لمسار الوسطاء بعد جمود

وسط ترقب نتائج لقاء الرئيس الأميركي بنتنياهو

رجل وامرأة فلسطينيان يسيران فوق أنقاض مبنى تضرر جراء غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
رجل وامرأة فلسطينيان يسيران فوق أنقاض مبنى تضرر جراء غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
TT

خطة ترمب لوقف «حرب غزة»... إحياء لمسار الوسطاء بعد جمود

رجل وامرأة فلسطينيان يسيران فوق أنقاض مبنى تضرر جراء غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
رجل وامرأة فلسطينيان يسيران فوق أنقاض مبنى تضرر جراء غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

حرّك الحديث عن خطة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن إنهاء الحرب في قطاع غزة، المياه الراكدة في مسار الوسطاء منذ انسحاب واشنطن وإسرائيل في يوليو (تموز) الماضي من مفاوضات الدوحة اعتراضاً على موقف «حماس».

وراهنت دولتا الوساطة؛ مصر وقطر، بجانب تركيا، على مبادرة ترمب، بينما تتمسك إسرائيل بالمضي في الحرب، وهي تطورات يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تحمل فرصة لإحياء مسار الوسطاء من جديد بعد الجمود، لكن ذلك يتوقف على أمرين؛ لقاء الرئيس الأميركي، الأسبوع المقبل، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ومخرجاته، و«تفكيك ألغام بالخطة كاحتمال عودة الحرب وتهجير الفلسطينيين».

وقال مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن الخطة التي طرحها ترمب على (قادة الدول العربية والإسلامية الثلاثاء الماضي في نيويورك) «تتضمن 21 بنداً»، مضيفاً: «لدينا أمل، ويمكنني القول إننا واثقون بأننا سنتمكَّن في الأيام المقبلة من إعلان اختراق ما». وأوضح أن الخطة «تعالج هواجس إسرائيل، وكذلك هواجس كل الجيران في المنطقة».

وأكّد قادة دول عربية وإسلامية، في بيان مشترك أصدروه عقب الاجتماع، ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ورفض التهجير.

وتشتمل بنود المبادرة، بحسب «القناة 12» الإسرائيلية، على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين، ووقف دائم لإطلاق النار بغزة، وانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع بالكامل، وتشكيل إدارة لما بعد الحرب لا تضم « حماس»، وقوة أمنية تضم فلسطينيين وجنوداً من دول عربية وإسلامية.

ويعتزم ترمب عرض مبادئ خطته على نتنياهو، خلال اجتماع في البيت الأبيض الاثنين المقبل، بحسب القناة ذاتها، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، قبيل مغادرته «مطار بن غوريون»، الخميس، إنه لن يمنح دولة لفلسطين، وسيبحث مع الرئيس الأميركي «الحاجة إلى استكمال أهداف الحرب»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

فلسطيني يركب دراجة هوائية حاملاً أخشاباً مُستصلحة على طول الطريق الساحلي الذي يسلكه النازحون جنوباً من مدينة غزة (أ.ف.ب)

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، يرى «أن مبادرة ترمب من حيث المبدأ، تحيي مسار الوسطاء بعد الجمود الأخير»، موضحاً: «لكن هذا يتوقف على لقائه مع نتنياهو، ومدى إمكانية تجاوز البنود الملغمة، التي تحتاج إعادة صياغة».

ولفت إلى بند «استمرار وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات، ما يعطي الحق لإسرائيل في العودة للحرب، وسبق أن نفّذت ذلك في اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي، وبالتالي الأمر بحاجة لضمانات أكبر وتأكيد على وقف دائم»، منبهاً أيضاً، إلى بند يتحدث عن «إخراج الفلسطينيين إلى مكان أفضل مؤقتاً، باعتباره يشير لنية التهجير، وآخر يتحدث عن انسحاب تدريجي دون تفاصيل واضحة بشأنه». وأكد «أن التعامل مع تلك الألغام وغيرها مهم لمعرفة هل هذه مناورة أميركية أم مبادرة حقيقية وجادة؟».

في المقابل، يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أن «ترمب يماطل ويحاول كسب الوقت لصالح الاحتلال الإسرائيلي، مانحاً إياه مزيداً من الفرص لمواصلة عدوانه».

ويرى أن «الخطة المطروحة حتى الآن لم تُقدَّم بشكل رسمي، وأنه (ترمب) يتلاعب ويتهرب من الاستحقاق الأهم، وهو وقف الحرب فوراً، وهو المطلب الذي تتفق عليه الدول العربية، لكنه واجهه باستخدام الفيتو قبل أيام في مجلس الأمن ضد مقترح لوقف إطلاق النار».

وأوضح أن «خطة ترمب قد تبدو في ظاهرها قابلة للنقاش، إلا أنها عملياً تمنح الاحتلال مساحة إضافية لمواصلة احتلال غزة وتدميرها والسيطرة عليها وتهجير أهلها. وهذا السلوك الأميركي، وسلوك ترمب تحديداً، يثير الريبة».

ويرجح تأخير عرضها إلى أن «يسعى أولاً لضمان موافقة الاحتلال الإسرائيلي عليها»، لافتاً إلى أن «نتنياهو يدرك أن إنهاء الحرب ليس ضمن خياراته، إذ يصرّ على المضي في مشروع تهجير غزة بالكامل، ولذلك سيطالب بمزيد من الوقت».

فلسطينيون من مدينة غزة يتجهون جنوباً مع أمتعتهم على الطريق الساحلي قرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال ردود فعل الوسطاء والمقربين منهم إيجابية، ووصف الرئيس التركي الاجتماع بأنه «مثمر»، وذلك في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، فيما أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بجهود ترمب، معتبراً ما طرحه «أساساً هاماً يمكن البناء عليه لتحقيق السلام خلال الفترة المقبلة»، وفق بيان للرئاسة المصرية، مساء الأربعاء.

ورحّب الرئيس المصري، في بيان للرئاسة، الخميس، بمبادرة ترمب لوقف الحرب في قطاع غزة، وأعرب عن تطلعه إلى تنفيذها في أقرب وقت ممكن، وذلك عقب اجتماع مع مصطفى مدبولي، الذي شارك في اجتماع الرئيس الأميركي. وكان أمير قطر قد وجّه حديثه للرئيس الأميركي، قائلاً: «نعول عليك من أجل وقف الحرب».

ولم تعلق «حماس» رسمياً، غير أن مصادر بالحركة أكدت لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، «أنها ستتعامل بقدر كبير من الإيجابية مع المقترحات التي ستعرض عليها في إطار التواصل الجاري لمحاولة الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وكذلك بشأن مستقبل قطاع غزة واليوم التالي للحرب»، مرجحة أن «الأيام المقبلة قد تشهد انفراجة».

حسن يرى أن هذه الترحيبات «تسعى لدفع السلام من حيث المبدأ للأمام، لتحقيق انفراجة تحتاجها المنطقة وغزة تحديداً»، مشيراً إلى أن «الخطوة التالية لطرح تلك المبادرة هي موقف نتنياهو الذي سيعلنه بشأنها، وهو ما سيحدد إمكانية الذهاب لاتفاق حقيقي أم لا»، داعياً واشنطن للمضي بجدية فيها. فيما يرى المدهون «أن الحراك العربي والإقليمي المتصاعد يفرض ضغطاً متزايداً على ترمب، وقد يقوده في النهاية إلى طرح خطة أكثر قبولاً من جانب الدول العربية أو من الإقليم ككل».

وأكد أن أي «خطة تتضمن وقفاً للحرب ستجد قبولاً من حركة (حماس)، إذ أبدت استعدادها للإفراج عن جميع الأسرى لديها مقابل وقف الإبادة وإنهاء العدوان»، مشدداً على أن «(حماس) لا تسعى للمشاركة في أي حكومة قادمة في غزة، بل تعمل لتكون جزءاً من الحل، لا جزءاً من المشكلة».


مقالات ذات صلة

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

شمال افريقيا منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

تسريبات إسرائيلية جديدة تتضمن توسيع وجود قواتها بقطاع غزة من 53 إلى 75 في المائة، وسط جهود للوسطاء من أجل الدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

محمد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي مركبات للشرطة الإسرائيلية تعمل أثناء مداهمة في الضفة الغربية... 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

قالت السلطات الإسرائيلية ​اليوم الجمعة إن شخصين قتلا في هجوم نفذه فلسطيني بالطعن والدهس في ‌شمال ‌إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

رفضت الجامعة العربية اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي بالصومال، ما يسمى «إقليم أرض الصومال»، مشددة على الوقوف ضد «أي إجراءات تترتب على هذا الاعتراف الباطل بغية تسهيل مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني أو استباحة موانئ شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية فيها».

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أمس (الأحد)، دورةً غير عادية، أكد فيها «الموقف العربي الثابت والواضح بشأن عدّ إقليم الشمال الغربي بالصومال جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي محاولة للاعتراف بانفصاله بشكل مباشر أو غير مباشر».

وطالب البيان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بـ«وضع خطة عمل عربية - أفريقية مشتركة تحُول دون إحداث أي تغيير في الوضع الأمني والجيوسياسي القائم، ومنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية في هذه المنطقة الحيوية».


«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
TT

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)

نقلت تسريبات إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين كبار أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، معتمداً على «سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة»، خاصة فيما يتعلق بتسليح الجيش المصري في سيناء، وهو ما اعتبره دبلوماسيون وعسكريون سابقون بمصر «دعماً للموقف المصري»، مؤكدين أن «تجاهل نتنياهو كان متعمداً في إطار خطة تكتيكية لخدمة مصالحه الشخصية، ولو على حساب علاقات إسرائيل بمصر».

وبحسب ما نشرته صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

في سبتمبر الماضي أعلن نتنياهو مخاوفه من حشد مصر قواتها العسكرية في سيناء (رويترز)

يقول السفير حسين هريدي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، إن «التجاهل من جانب نتنياهو لم يكن صدفة، لكنه تجاهل تكتيكي في إطار خطته وسعيه لخدمة نفسه ومصالحه، وتصوير أن هناك خطراً داهماً ودائماً يهدد إسرائيل».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تصوير الخطر على الحدود من جانب مصر مسألة تجعل الرأي العام في إسرائيل يحتشد خلفه تحت تأثير الخوف».

ونوّه هريدي بأن «نتنياهو نفسه وهو يردد الاتهامات ضد مصر يعلم تماماً أنها زائفة، لكنه ينظر لما يجنيه من جراء تلك الأكاذيب من مصالح تصرف النظر عن أي اتهامات توجّه له في ملفات الحرب على غزة، أو غيرها من اتهامات بالفساد، كما أنه يستغل ذلك في إطار الضغوط على مصر التي تقف حجر عثرة أمام مخططاته لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة».

هريدي أشار كذلك إلى أن «ظهور مثل هذه التسريبات التي تكشف تجاهل نتنياهو للتحذيرات الأمنية من الاتهامات الزائفة لمصر، قد يكون مقصوداً بغرض محاولة تهدئة الأجواء مع القاهرة قبيل لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وغير مستبعد أن يعود نتنياهو مرة أخرى لترديد اتهاماته عن الحشد العسكري المصري في سيناء، وغيرها من الاتهامات، ما دام ذلك يخدمه سياسياً في الداخل الإسرائيلي وفي تحركاته الإقليمية الأخرى».

وتثار حالياً خلافات بين مصر وإسرائيل تتعلق بالأوضاع في قطاع غزة، وتحميل مصر لإسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية في أن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا»، والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر قواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».

مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق في الجيش المصري، اللواء سمير فرج، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كل يوم يتأكد للجميع زيف ما يردده نتنياهو وإعلامه، وصدق الرواية المصرية، وأن ما يقوله ما هو إلا خطة من أجل خدمة نفسه انتخابياً في الفترة المقبلة، وتصوير أن مصر العدو الرئيسي ولا بد من الاستعداد لها ونسيان أي أمور أخرى تتعلق بالاتهامات الموجهة له».

وأشار إلى أن «تحذيرات الأجهزة الأمنية في إسرائيل لنتنياهو من مغبة هذه الادعاءات ضد مصر؛ لأن تلك الأجهزة تعلم، وكذلك نتنياهو نفسه يعلم، أن مصر قضت تماماً على الأنفاق التي كانت تهدد الأمن القومي المصري، كما أن التحركات المصرية في سيناء تتم من أجل حفظ الأمن وليست لتهديد أحد».

بدوره، قال وكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «طريقة الإسرائيليين هي إطلاق تصريحات مستفزة للتغطية على خروقاتهم، ومصر تعي ذلك جيداً، ولن تنجر إليه؛ فهم يريدون صرف الأنظار عن مخالفتهم لاتفاق غزة في شرم الشيخ، ورغبتهم في عدم الالتزام به».

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، أوضح: «كل ما تطلقه إسرائيل من اتهامات يعتبر استمراراً لتشويه سمعة مصر؛ لأنها الحاجز القوي لأطماعها في الضفة الغربية وغزة وسوريا ولبنان، وهذا ليس جديداً. وستستمر هذه الاتهامات الزائفة، والتقارير الإسرائيلية المنشورة حديثاً تؤكد ذلك».

وشدد رشاد على أن «الأجهزة المصرية تعلم جيداً أغراض نتنياهو وما يردده ضد القاهرة؛ لذلك لا تنجر إلى الأرض التي يريد جرها إليها، وتتعامل بحكمة وقوة وحزم، والأيام تثبت صحة وعقلانية الموقف المصري».


احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
TT

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

عاشت العاصمة الليبية، طرابلس، ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة، بالتزامن مع انضمام ما تُعرف بـ«كتائب وسرايا الثوار بمدينة مصراتة» إلى مطالب المحتجين التي تجاوزت الدعوة لإقالة الحكومة إلى المطالبة بإسقاط جميع «الأجسام السياسية» الحاكمة، في بلد يرزح منذ سنوات تحت وطأة الانقسام السياسي والأمني.

وحسب شهود عيان ووسائل إعلام محلية، شهدت طرابلس، مساء السبت، إغلاق الطريق السريع وطريق الشط من قبل محتجين على حكومة عبد الحميد الدبيبة، مع إشعال إطارات في وسط العاصمة، وخروج مظاهرات ليلية بعدة أحياء، احتجاجاً على ما وُصف بتفشي الفساد وتدهور الخدمات والأوضاع المعيشية.

ونقل الدبلوماسي الليبي محمد خليفة العكروت مشهداً اتسم بقطع طرق وحرق إطارات وارتباك في حركة المرور، وازدحام خانق أسفر عن اصطدام عدد من السيارات.

إطارات محترقة في أحد شوارع العاصمة طرابلس (لقطة مثبتة)

ودخلت الاحتجاجات يومها الثاني بعد تظاهرات مماثلة يوم الجمعة في طرابلس، ترافقت مع مظاهرات أخرى في مدينتي مصراتة والزاوية؛ حيث ندد المحتجون بتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية والأمنية، مطالبين بإنهاء المرحلة الانتقالية.

وأعلن قادة «كتائب وسرايا الثوار بمدينة مصراتة» تأييدهم الكامل لما وصفوه بـ«انتفاضة شعبية»، مطالبين بـ«إسقاط كل الأجسام السياسية المسؤولة عن معاناة الوطن»، ودعوا الليبيين إلى الخروج للشوارع، كما وجَّهوا نداءً للأجهزة الأمنية والعسكرية في مصراتة للوقوف إلى جانب المحتجين.

ويبدو أن إشارة البيان إلى «الأجسام السياسية» تشمل مجلسَي النواب والأعلى للدولة، إضافة إلى حكومة الوحدة في طرابلس، والحكومة المكلفة من البرلمان في شرق البلاد.

وتبرأ قادة «الكتائب» في بيان لهم من وكيل وزارة الدفاع عبد السلام زوبي، معتبرين أنه «لا يمثلهم»، وأنه لم يقم بأي دور يُذكَر «في الدفاع عن حقوق الثوار»، أو في التعاطي مع حادثة وفاة رئيس الأركان محمد الحداد، إثر سقوط طائرة كانت تقله وقادة عسكريين بعد قليل من إقلاعها من العاصمة التركية أنقرة، الثلاثاء الماضي، منتقدين صمته حيالها.

كما استنكروا ما وصفوه بالموقف «الهزيل» لحكومة الوحدة، بسبب غياب بيان نعي رسمي متلفز أو مؤتمر صحافي يوضح ملابسات تحطم الطائرة، عادِّين ذلك «إهانة للمؤسسة العسكرية وتضحيات الثوار».

وتُعتبر «كتائب ثوار مصراتة» أكبر وأقوى القوى العسكرية المنظمة في غرب ليبيا، ولعبت منذ بروزها خلال ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، دوراً محورياً في العمليات العسكرية التي أسهمت في إسقاط نظام الرئيس السابق معمر القذافي؛ خصوصاً في جبهات مصراتة وسرت وطرابلس.

جانب من إحدى جلسات مجلس النواب الليبي في بنغازي (مكتب إعلام المجلس)

وعلى مدى السنوات اللاحقة، احتفظت هذه التشكيلات بنفوذ عسكري ملحوظ داخل مصراتة وخارجها، مستندة إلى تنظيمها القتالي وتسليحها وقاعدتها الاجتماعية الواسعة، إضافة إلى حضورها في عدد من المفاصل الأمنية والعسكرية للدولة.

في هذه الأثناء، تجددت الحرائق الغامضة في مدينة الأصابعة بغرب البلاد؛ حيث اندلعت نحو 3 حرائق متزامنة، ما أعاد تسليط الضوء على سلسلة الحرائق التي شهدتها المدينة في 19 فبراير الماضي، وأسفرت عن احتراق عشرات -وربما مئات- المنازل.

وناشد المجلس البلدي لمدينة الأصابعة الجهات المعنية توفير سيارة إطفاء إضافية وأخرى للإسعاف، لتعزيز قدرات فرق السلامة الوطنية في ظل محدودية الإمكانات، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الليبية (وال) نقلاً عن مدير مكتب الإعلام بالمجلس، الصديق المقطف.

وأكد المقطف أن أسباب الحرائق «لا تزال مجهولة»، ودعا إلى «تكثيف المتابعة واتخاذ تدابير لحماية السكان؛ خصوصاً مع تكرار الحوادث منذ فبراير الماضي، بعد توقف مؤقت في مايو (أيار)».

أما في شرق البلاد، فيسود تكتم حول جدول أعمال جلسة مجلس النواب المقررة في بنغازي يومي الاثنين والثلاثاء، وسط ترجيحات بمناقشة 3 ملفات رئيسية، تشمل اعتماد ترشيحات رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح لتعيينات إدارية، وتعديل جدول مرتبات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، إضافة إلى إعادة انتخاب هيكل قيادي جديد للمجلس.