هل يتحول الصراع إلى دولي - إسرائيلي بعد اعتراف العالم بفلسطين؟

فلسطينيون في مدينة رام الله يحملون لافتات عليها صور الرئيس عباس وعبارة «وعدت فأوفيت» احتفالاً بالاعترافات الأخيرة (أ.ب)
فلسطينيون في مدينة رام الله يحملون لافتات عليها صور الرئيس عباس وعبارة «وعدت فأوفيت» احتفالاً بالاعترافات الأخيرة (أ.ب)
TT

هل يتحول الصراع إلى دولي - إسرائيلي بعد اعتراف العالم بفلسطين؟

فلسطينيون في مدينة رام الله يحملون لافتات عليها صور الرئيس عباس وعبارة «وعدت فأوفيت» احتفالاً بالاعترافات الأخيرة (أ.ب)
فلسطينيون في مدينة رام الله يحملون لافتات عليها صور الرئيس عباس وعبارة «وعدت فأوفيت» احتفالاً بالاعترافات الأخيرة (أ.ب)

بعد ارتفاع عدد دول العالم المعترفة بالدولة الفلسطينية المستقلة من منبر الأمم المتحدة في نيويورك، في يوم تاريخي، الاثنين، بوصفها «حقاً لا مكافأة»، يتطلع الفلسطينيون إلى تحويل الأقوال إلى أفعال، على الرغم من أنهم يدركون أن المسألة صعبة ومعقدة وحتى «خطيرة»، وتحتاج إلى «مواجهة دولية» مع إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال التي تهدد بأن الدولة الفلسطينية لن تقوم أبداً.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن الفلسطينيين يبنون على هذه الاعترافات لتكون رافعة حقيقية لفرض الإرادة الدولية نحو وقف شامل ونهائي للحرب، وإطلاق عملية إعادة الإعمار، بما ينسجم مع الخطط التنفيذية التي تضمّنها إعلان نيويورك، الذي حدّد خطوات عملية، ومؤطرة زمنياً لتجسيد الدولة الفلسطينية.

وأضاف مصطفى، في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية، الثلاثاء، أن «أهمية الزخم الدولي الذي أحدثه اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين، وقبلها المؤتمر الدولي لحل الدولتين، وجملة الاعترافات الدولية المتواصلة بدولة فلسطين، وما سيتبع ذلك من اجتماع للتحالف الدولي لتجسيد حل الدولتين، وعقد مؤتمر المانحين، الخميس المقبل، تمثل التزاماً عملياً بحل الدولتين، ورفضاً واضحاً لممارسات الاحتلال الاستعمارية والانتهاكات الجسيمة في قطاع غزة والضفة الغربية، وتشكل حافزاً للدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على الإسراع في الاعتراف».

ويتحدث مصطفى عن الخطة التي وضعها المؤتمر الدولي للسلام، واعتمدت «إعلان نيويورك» الذي حظي بتأييد استثنائي من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 142 صوتاً، مؤكداً الالتزام الدولي الثابت بحل الدولتين، ويرسم مساراً لا رجعة فيه لبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين ولشعوب المنطقة كافة.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحضران قمة الأمم المتحدة بشأن «حل الدولتين» في مقر الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ف.ب)

وكانت المملكة السعودية وفرنسا بصفتهما رئيسي المؤتمر الدولي لحل الدولتين، أصدرتا، الثلاثاء، بياناً قالتا فيه إنه حان الوقت لينتقل المجتمع الدولي من الأقوال إلى الأفعال، ودعتا جميع الدول إلى الإسراع في تنفيذ إعلان نيويورك من خلال خطوات عملية وملموسة ولا رجعة فيها.

تحالف دولي

وقال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن العمل جارٍ من أجل اعتماد تحالف دولي لتنفيذ إعلان نيويورك الذي تم الإعلان عنه في 12 سبتمبر (أيلول). وأضاف: «سيكون هناك برنامج عمل يقوده هذا التحالف من أجل تجسيد الدولة». وأكد أن «الاعترافات هي أساس الحراك؛ لأنها تظهر التزام العالم بإقامة هذه الدولة، وكيف ضاق ذرعاً بالاحتلال».

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - أ.ب)

وكانت فرنسا، ومالطا، وموناكو، ولوكسمبورغ، وسان مارينو وبلجيكا وأندورا وبريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال اعترفت بدولة فلسطين في اليومين الماضيين، ليصل إجمالي عدد الدول التي اعترفت رسمياً بفلسطين إلى 153 دولة، وهذا يعني أن نحو 80 في المائة من إجمالي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والبالغ عددها 193 دولة، تعترف بها.

إسرائيل تهدد

لكن مقابل هذا التحالف الدولي، تقف إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، متعهدة بأن هذه الدولة لن تقوم، بل مهددة بقضم مزيد من الأرض الفلسطينية، رداً على الحراك الدولي لإقامتها، وتحظى بدعم أميركي هائل.

وحتى الآن لم ترد إسرائيل على الاعترافات، وينتظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأسبوع المقبل.

وسيصل نتنياهو إلى البيت الأبيض، الاثنين المقبل، للقاء الرئيس الأميركي، وهو اللقاء الرابع منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال مؤتمر حل الدولتين في نيويورك الاثنين (رويترز)

وكان نتنياهو قال إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يُمثل «مكافأة كبيرة للإرهاب»، مضيفاً: «لن تقوم دولة فلسطينية. لسنوات، منعت قيام هذه الدولة الإرهابية تحت ضغط هائل من الداخل والخارج. علاوة على ذلك، ضاعفنا الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة، وسنواصل هذا النهج. سأرد على آخر محاولة لفرض دولة إرهابية علينا في قلب بلادنا بعد عودتي من الولايات المتحدة».

وقال موقع «واللا» الإسرائيلي إن نتنياهو سيوضح موقفه مبدئياً، الجمعة، في خطابه في الأمم المتحدة.

وبحسب الموقع: «تراقب إسرائيل التطورات عن كثب. وتتحضر لرد فعل سياسي حاد، بدءاً من إجراءات ضد فرنسا، مثل إغلاق قنصليتها في القدس الشرقية، وصولاً إلى خطوات أحادية الجانب من جانب إسرائيل على الأرض، بما في ذلك فرض السيادة على أجزاء من الضفة الغربية».

والتوقعات أن يعلن نتنياهو إذا حصل على ضوء من أخضر من ترمب، ضم منطقة الأغوار الحدودية مع الأردن، وربما نقل أراضٍ من مناطق «ب» إلى «ج».

مواجهة العالم

لكن الردود الإسرائيلية المتوقعة لا تلغي حقيقة أن تل أبيب ستكون في مواجهة غير مألوفة مع العالم، وليس الفلسطينيين وحدهم.

وكتبت أنا بارسكي، المراسلة السياسية في «معاريف»، أن «ما حدث من اعترافات يختلف تماماً عما حدث في السابق؛ لأن هذه العواصم ليست هامشية على الساحة، بل هم شركاء مقربون من واشنطن، ويعتبرون منذ فترة طويلة حلفاء لإسرائيل».

واعتبرت بارسكي أن «الاعترافات تشكّل زلزالاً سياسياً، وتآكلاً ناعماً للحصانة الدبلوماسية لها في العالم، وتضعها في مواجهة واقع جديد».

وقالت: «لم تُقم دولة فلسطينية اليوم. لا أعلام جديدة، ولا حدود جديدة، ولا آليات حكم. ولن تُقام بعد أسبوع أيضاً، بسبب حفل الاعتراف الكبير في الأمم المتحدة، بقيادة فرنسية - سعودية مشتركة. ومع ذلك، تمثل الاعترافات زلزالاً سياسياً».

ووصفت بارسكي الاعترافات بأنها رسالة إلى تل أبيب بأن قواعد اللعبة تغيرت، والساعة بدأت تدق.

وتابعت: «الرسالة بأنه يجب أن يعود حل الدولتين إلى الواجهة، حتى لو أدى ذلك إلى صدامٍ مباشر مع إسرائيل، وإلى تخفيف العلاقات مع واشنطن».

وقالت: «هنا تبدأ المعركة الفكرية والقانونية. هذه الاعترافات لا تُنشئ دولةً بين ليلة وضحاها، لكن كل ديمقراطية غربية تنضم إلى هذه العملية تُضفي شرعيةً على المطلب الفلسطيني بدولة ذات سيادة، وقد يُشكل هذا في المستقبل أساساً للإجراءات والآراء القانونية والضغط في المجالس والمحاكم، وهي متوفرة بكثرة. يكمن الفرق بين الرمزية الفارغة والرمزية ذات المغزى، في طريقة استخدامها».

وفيما يضغط العالم لإطلاق قطار الدولة، يضغط حلفاء نتنياهو من اليمين الإسرائيلي للرد بشطب السلطة الفلسطينية وتحطيمها، وضم كل الضفة، في صراع يتحول من فلسطيني - إسرائيلي إلى دولي - إسرائيلي.


مقالات ذات صلة

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

الخليج صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

أعلنت وفود دولية رفيعة المستوى من جدة، دعمها لفلسطين ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، مؤكدة ضرورة «حل الدولتين»، وإنهاء الاحتلال، وحماية الحقوق الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر نصيب مع الأردن 6 يناير (رويترز)

مشاريع «مركز الملك سلمان» في سوريا تتضاعف أكثر من 100 % خلال 2025

أظهرت تحديثات جديدة كشفت عنها المنصة الإلكترونية لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» تسجيل أرقام جديدة حول مشاريع المركز المنجزة.

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يستعرض خريطة لتوسيع مستوطنة «معاليه أدوميم» في الضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

تقرير أممي: الاستيطان في الضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ 2017

بلغ التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة مستوى قياسياً هذا العام منذ بدء مراقبة الأمم المتحدة في 2017، وفق تقرير صادر عن الأمين العام للمنظمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الخليج مقر وكالة «الأونروا» في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز) play-circle

دول عربية وإسلامية: دور «الأونروا» لا غنى عنه ولا يمكن استبداله

أكدت السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، على الدور الذي «لا غنى عنه» لوكالة «الأونروا» في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج شاحنات محمَّلة بالمساعدات الإنسانية السعودية لدى عبورها منفذ رفح (مركز الملك سلمان للإغاثة)

مساعدات إنسانية سعودية تعبر منفذ رفح نحو غزة

عبَرت، الخميس، دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية السعودية منفذ رفح الحدودي، تمهيداً لإيصالها إلى المتضررين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح)

طهران لا تستبعد هجوماً جديداً من إسرائيل

عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)
TT

طهران لا تستبعد هجوماً جديداً من إسرائيل

عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)

لم تستبعد طهران احتمال تعرضها لهجوم إسرائيلي جديد، وتشدد على تمسكها بمواصلة تخصيب اليورانيوم، فيما يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يصل إلى البيت الأبيض اليوم، إلى استيضاح موقف واشنطن، ومعرفة مدى استعداد إدارة الرئيس دونالد ترمب للشراكة في أي مواجهة عسكرية محتملة. وتتصاعد في إسرائيل تحذيرات من عودة ما تصفه بـ«التهديد الوجودي» الإيراني، مع مؤشرات على تسريع طهران إعادة بناء قدراتها النووية والصاروخية.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة نشرت أمس، إن بلاده «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق»، مضيفاً أن أي هجوم جديد «لن يكون سوى تكرار لتجربة فاشلة». واعتبر أن أمام الولايات المتحدة «خيارين واضحين»: إما العودة إلى الدبلوماسية، أو الاستمرار في مسار «أثبت فشله».


«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
TT

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم (الأحد)، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وأميركية قولها إن إسرائيل حذرت إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.

وأبلغت مصادر إسرائيلية الموقع أن قدرة الجيش الإسرائيلي على تحمل المخاطر أقل بكثير مما كانت عليه في السابق، وأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أثارت مخاوف تل أبيب بعد رصد تحركات صاروخية إيرانية.

وذكر «أكسيوس» أن مصادر إسرائيلية أبلغته أن الاستخبارات الإسرائيلية ترى بوادر على إعادة إيران بناء قدراتها الصاروخية.

ورغم أن احتمال وقوع هجوم إيراني أقل من 50 في المائة، وفق ما ذكره «أكسيوس»، أكد الموقع الإخباري الأميركي أن الخطر الأكبر يكمن في أن يتسبب سوء تقدير في اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران بأن يعتقد كل طرف أن الآخر يستعد لشن هجوم عليه.

وأوضح «أكسيوس» أن قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، زار إسرائيل اليوم وناقش مع رئيس الأركان الإسرائيلي ايال زامير، المخاوف بشأن إيران، مشيراً إلى أن زامير دعا للتنسيق بشكل وثيق مع الولايات المتحدة تحسبا لهجوم إيراني.


للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
TT

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب رسمي إلى المحكمة العليا في القدس الغربية، الأحد، لتمديد المهلة للرد على التماس تقدّمت به «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول الحر والمستقل إلى قطاع غزة.

ومنذ بداية الحرب على غزة، حاولت «رابطة الصحافيين الأجانب» في تل أبيب، التي تمثل رابطة المراسلين الأجانب في إسرائيل ومئات من وسائل الإعلام الدولية، إدخال صحافيين ميدانيين إلى قطاع غزة وغيره من المناطق الفلسطينية وحتى الإسرائيلية التي نالها نصيب من آثار الحرب، ولكن السلطات الإسرائيلية دأبت على الرفض، إلا في حالات استثنائية اقتصر فيها دخول الصحافيين الأجانب، كما الإسرائيليين، على جولات محدودة ينظمها الجيش وتُنفَّذ تحت مرافقة عسكرية مشددة وبشروط صارمة تشمل الالتزام بعرض المواد الصحافية على الرقابة العسكرية قبل النشر.

واضطرت الرابطة للجوء إلى القضاء الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة من الحرب، تطلب إصدار أمر يلزم الحكومة بالسماح للصحافيين بالدخول إلى غزة بشكل مستقل، من دون مرافقة عسكرية. ولكن المحكمة رفضت الاستجابة بذريعة العمليات العسكرية.

مشيعون يحملون جثمان واحد من 5 صحافيين قُتلوا خلال غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة... أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

وفي سبتمبر (أيلول) 2024، قُدّم التماس جديد، أمرت المحكمة في أعقابه الحكومة بتقديم مخطط يسمح بدخول الصحافيين. ولكن الحكومة وجدت سبيلاً آخر للتهرب، إذ تتقدم كل مرة بطلب إلى المحكمة لتأجيل البت في الموضوع ومنحها مهلة أخرى. وقد فعلت ذلك حتى الآن 10 مرات.

وبدا أن المحكمة تهادنها، فتوافق على التأجيل. وأثار هذا النهج غضباً واسعاً في الأوساط الإعلامية الدولية، التي ترى في السياسة الإسرائيلية أسلوباً منهجياً لمنع التغطية المستقلة.

وازدادت حدة الانتقادات مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ما جعل مطلب السماح بدخول الصحافة الأجنبية أكثر إلحاحاً.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد تطرّق إلى القضية مرتين خلال الفترة الأخيرة. ففي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» قال إنه سيعطي تعليماته للجيش بـ«الاستعداد» لهذه المسألة.

وعبَّرت «رابطة الصحافة الأجنبية» في إسرائيل عن «خيبة أمل شديدة» إزاء هذه السياسة، وخصوصاً تجاه ما تبديه المحكمة من «مهادنة».

وترى نقابة الصحافيين الفلسطينيين أن هذا المنع هو «جزء لا يتجزأ من سياسة إسرائيل لإخفاء حقيقة جرائمها في غزة والضفة الغربية».

وبحسب رئيس هذه النقابة، ناصر أبو بكر، فإن ما جرى في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 على يد إسرائيل هو «أكبر مجزرة بحق الصحافيين في التاريخ».

وقال، في بيان، إن نحو 1500 صحافي فلسطيني يعملون حالياً وسط القصف، وقد أُصيب المئات، واعتقلت إسرائيل نحو 200 آخرين، كما دمرت كثيراً من المؤسسات الإعلامية.