الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة: من رؤية المؤسس إلى ريادة المستقبل

جوانب إنسانية تحتفي بالعلم والرحمة

الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة: من رؤية المؤسس إلى ريادة المستقبل
TT

الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة: من رؤية المؤسس إلى ريادة المستقبل

الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة: من رؤية المؤسس إلى ريادة المستقبل

في يوم الوطن، لا نحتفي فقط بتاريخٍ جمع الشتات ووحّد القلوب، بل نحتفي أيضاً بقصة إرادةٍ صنعت المعجزات. لم تُبنَ المملكة على الرمال وحدها، بل على عزيمةٍ جعلت من صحراء الجزيرة قلباً نابضاً بالعلم والحياة، ومن الطموح مشروعاً واقعياً، ومن الحلم مستقبلاً يتحقق أمام أعين العالم.

واليوم، بينما تنشغل الدول بملاحقة سباق الذكاء الاصطناعي، تصوغ السعودية روايتها الخاصة: رواية لا تكتفي بالتقنية كأداة، بل تجعلها جسراً يربط بين الابتكار والرحمة، وبين الخوارزمية وكرامة الإنسان. وهكذا يطلّ الذكاء الاصطناعي الطبي كأحد أعمدة الرؤية السعودية، ليؤكد أن صحة المواطن ستبقى محور التنمية وركيزة الريادة العالمية.

رؤية 2030: التقنية في خدمة الإنسان

مع انطلاق رؤية السعودية 2030، لم يعد التحول الرقمي خياراً تكميلياً أو ترفاً حديثاً، بل أصبح جزءاً أصيلاً من الهوية الوطنية، يُترجم طموح المملكة في أن تكون مركزاً عالمياً للابتكار. وفي هذا السياق، وُلدت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) لتكون العقل المُفكِّر الذي يقود المسيرة الرقمية، وأُطلقت الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي كوثيقة تُعلن أن المملكة لا تكتفي بمواكبة الركب، بل تسعى إلى رسم المسار العالمي في هذا الميدان الحيوي.

وقد لخّص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هذه الفلسفة حين قال: «إن التعليم في السعودية هو الركيزة الأساسية التي نحقق بها تطلعات شعبنا نحو التقدم والرقي في العلوم والمعارف».

هذا الاقتباس لم يكن مجرد توجيه، بل إشارة واضحة إلى أن الاستثمار في الإنسان والمعرفة هو المفتاح لبناء وطن مزدهر. ومن هنا جاء الذكاء الاصطناعي الطبي امتداداً طبيعياً لهذه الرؤية: أداة تجمع بين الدقة العلمية والبعد الإنساني، وتعيد تعريف العلاقة بين الطبيب والمريض.

فالغاية ليست مجرد تطوير أجهزة أو برمجيات، بل بناء منظومة صحية تجعل من الخوارزمية شريكاً للرحمة، وتُعيد للتقنية معناها الأصيل: أن تكون في خدمة الإنسان، لا أن يتحول الإنسان إلى تابع لها.

الذكاء الاصطناعي الطبي: من النظرية إلى التطبيق

لم يعد الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة مجرد عنوان في أوراق بحثية أو فكرة مستقبلية يتداولها الخبراء في المؤتمرات، بل أصبح واقعاً ملموساً يعيشه المريض والطبيب في حياتهما اليومية.

في مجال التشخيص المبكر، باتت الخوارزميات قادرة على التقاط مؤشرات دقيقة قد لا تراها العين البشرية، لتكشف الأورام وأمراض القلب في مراحلها الأولى، حين يكون التدخل أكثر فاعلية وأقل تكلفة. أما في تحليل الصور الطبية، فقد تحوّلت الأشعة والشرائح الباثولوجية من صور صامتة إلى بيانات ناطقة، تُفسَّر في ثوانٍ عبر أنظمة ذكية تمنح الأطباء ثقة أكبر في قراراتهم العلاجية.

وفي ميدان الطب عن بُعد، تجاوزت المملكة حدود المكان؛ فالمريض في القرى والمناطق النائية لم يعد مضطراً لقطع مئات الكيلومترات بحثاً عن الرعاية، بل صار الطبيب يصل إليه عبر شاشة، مسنوداً بقدرات الذكاء الاصطناعي التي تضمن الدقة والسرعة.

أما إدارة الأوبئة، فقد كشفت جائحة «كورونا» عن قدرة المملكة على استثمار منصاتها الرقمية في تتبع الحالات وتحليل البيانات وصياغة سياسات صحية استباقية، ما جعلها في طليعة الدول التي تعاملت بكفاءة مع الأزمة.

واليوم، ومع توسّع مفهوم الطب الشخصي، لم يعد المريض مجرد رقم في بروتوكول علاجي عام، بل أصبح العلاج يُصمَّم وفق بياناته الجينية والصحية والفردية، بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.

إنها ثورة صامتة، لكنها تترك أثراً عميقاً في عيادات الأطباء، وغرف العمليات، وحتى في منازل المرضى، لتؤكد أن الذكاء الاصطناعي الطبي لم يعد وعداً للمستقبل... بل حقيقة تُصنع اليوم، في قلب المملكة.

تجربة المملكة في جائحة «كورونا»: الذكاء الاصطناعي كدرع وقائية

حين اجتاحت جائحة «كورونا» العالم، وجدت دول عديدة نفسها مرتبكة أمام الفيروس الغامض، لكن المملكة العربية السعودية برزت بوصفها نموذجاً عالمياً في إدارة الأزمة بفضل التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

- منصة «توكلنا» لم تكن مجرد تطبيق للمرور، بل تحولت إلى نظام متكامل يربط بين بيانات الصحة والداخلية والبلديات، ليتيح تتبع الحالات وضمان التباعد وتنظيم الحياة اليومية بأمان.

- منصة «صحتي» أتاحت حجز الفحوصات واللقاحات وإصدار الشهادات الصحية، مما سهّل الوصول للخدمات الطبية لكل المواطنين والمقيمين.

كما أن التحليلات الضخمة للبيانات ساعدت وزارة الصحة وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) على التنبؤ بموجات انتشار الفيروس، ورسم سياسات صحية استباقية قللت من الخسائر.

وقد استُخدم الذكاء الاصطناعي في الأشعة لتمييز حالات الإصابة الرئوية بدقة، مما ساعد في وضع خطط علاجية مناسبة بسرعة.

وبفضل هذا التكامل بين العلم، والتقنية، والإدارة الذكية، صُنفت المملكة ضمن أفضل الدول عالمياً في التعامل مع الجائحة، لتؤكد أن الذكاء الاصطناعي ليس مستقبلاً فحسب، بل أداة حاضرة تُنقذ الأرواح وتحمي المجتمعات.

نيوم والمستشفيات الذكية: مختبر المستقبل

إذا كانت المدن الذكية لا تزال حلماً يراود العالم، فإن نيوم في المملكة العربية السعودية تحوّلت بالفعل إلى مختبرٍ حيّ يرسم ملامح الغد. هنا لا تُبنى الأبراج فقط، بل تُبنى أفكار جديدة للطب، حيث تصبح التكنولوجيا والرحمة وجهين لعملة واحدة.

في نيوم، يجري العمل على مستشفيات افتراضية لا تعرف الحدود التقليدية للمكان والزمان؛ حيث تتكامل الروبوتات الطبية مع أنظمة الذكاء الاصطناعي لتقديم الرعاية الأولية بدقة تفوق التوقعات. لا يقتصر الأمر على معالجة المرض بعد وقوعه، بل يتجاوز ذلك إلى التنبؤ به قبل أن يظهر.

ومن أبرز الابتكارات «مفهوم التوأم الرقمي» للمريض، وهو ملف افتراضي يحاكي حالة المريض لحظة بلحظة. وهذا النموذج الرقمي يُمكّن الأطباء من محاكاة العلاجات المختلفة والتنبؤ بالمضاعفات المحتملة قبل حدوثها، فينقذ الأرواح ويختصر رحلة العلاج.

أما إنترنت الأشياء الطبية (IoMT)، فقد جعل من أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء - من الساعات الذكية إلى الرقاقات الدقيقة المزروعة تحت الجلد - أدوات يومية تراقب المؤشرات الحيوية، وتنقلها مباشرة إلى المنصات الطبية الذكية. وهكذا، يتحوّل الجسد إلى «لغة بيانات» تُقرأ وتُحلَّل لحظة بلحظة، وتتحوّل الوقاية إلى ممارسة يومية لا تقتصر على نصائح عامة بل تُصمَّم على مقاس كل إنسان.

بهذا، لا تكتفي المملكة بمواكبة التطور العالمي، بل تُعيد صياغة مفهوم الطب ذاته: من طبٍ علاجي يتعامل مع المرض بعد وقوعه، إلى طبٍ استباقي يتوقع الخطر قبل أن يُطلّ، ويضع التقنية في خدمة إنسان أكثر صحة وكرامة.

ميثاق العمل الأخلاقي في الذكاء الاصطناعي

حين نتحدث عن الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة، فإن الصورة لا تقتصر على سرعة التشخيص أو دقة الخوارزميات، بل تمتد إلى البوصلة الأخلاقية التي تضمن أن تبقى التقنية في خدمة الإنسان لا العكس. فمنذ اللحظة الأولى، أدركت السعودية أن الثورة الرقمية بلا ضوابط قيمية قد تتحوّل إلى خطر على كرامة الإنسان وحقوقه، ولذلك سارعت - عبر هيئاتها الوطنية مثل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، ومشاركاتها في المنتديات العالمية - إلى تبنّي مبادئ واضحة تُشكّل ميثاقاً للعمل الأخلاقي في الذكاء الاصطناعي.

هذا الميثاق يقوم على ركائز أساسية:

• الإنسان أولاً: أي قرار تقني يجب أن يُبنى على احترام كرامة المريض وحفظ حقوقه في العلاج والاختيار.

• العدالة والمساواة: الخدمات الطبية الذكية ليست امتيازاً لفئة محددة، بل حق لكل مواطن ومقيم دون تمييز في العمر أو الجنس أو الخلفية الاجتماعية.

• الشفافية: الخوارزميات ليست صناديق سوداء غامضة، بل أنظمة يجب أن تكون مفهومة، قابلة للتدقيق والمراجعة، بحيث يعرف المريض والطبيب معاً الأسس التي بُني عليها القرار الطبي.

• المساءلة: يبقى الإنسان - الطبيب أو الباحث أو صانع القرار - هو المسؤول الأول عن القرار العلاجي، لا الآلة، مهما بلغت دقتها أو قوتها الحسابية.

• الخصوصية وحماية البيانات: صحة المواطن أمانة، ومعلوماته الطبية لا تُستغل إلا لخدمته ورعايته، مع أعلى مستويات الحماية والأمن السيبراني.

بهذا، لا يظهر الذكاء الاصطناعي في المملكة أداةً تقنية فحسب، بل بوصفه مشروعاً أخلاقياً - إنسانياً يوازن بين العلم والرحمة، ويجسّد قيم الإسلام والإنسانية معاً. وهنا تبرز المملكة ليس فقط بصفتها دولة رائدة في الابتكار، بل قدوة في صياغة أخلاقيات المستقبل.

برنامج «هيومان»

في يوم الوطن، لا تكتفي المملكة بالاحتفاء بماضيها الموحِّد، بل ترسم أيضاً ملامح مستقبلها الرقمي. ويأتي برنامج «هيومانHUMAIN « بوصفه أحد أعمدة هذا المستقبل؛ إذ لا يقتصر دوره على بناء نماذج لغوية عربية عملاقة أو تأسيس منصات ذكاء اصطناعي سيادية، بل يفتح الباب واسعاً أمام تطبيقات طبية ثورية. فبفضل بنيته المتكاملة، يمكن للباحثين والأطباء السعوديين والعرب تطوير حلول تشخيصية دقيقة، وأنظمة لمتابعة المرضى، وأدوات تنبؤية للأوبئة والأمراض المزمنة، مستندة إلى قدرات حوسبة محلية آمنة وملتزمة بالثقافة والقيم. هكذا يتحول «هيومان» من مشروع تقني إلى رافعة استراتيجية تجعل المملكة في طليعة الدول التي توظف الذكاء الاصطناعي الطبي لخدمة صحة الإنسان، لا على مستوى الداخل فحسب، بل على مستوى العالم العربي بأسره.

شراكات عالمية وكوادر وطنية

لم تكتفِ المملكة بتبنّي الذكاء الاصطناعي الطبي على المستوى المحلي، بل اختارت أن تكون جزءاً من منظومة الابتكار العالمية، عبر شراكات استراتيجية مع شركات رائدة مثل Google Health وIBM، لتستفيد من أحدث ما توصّل إليه العالم في هذا المجال. غير أن هذه الشراكات لم تكن على حساب الهوية الوطنية أو الكفاءات المحلية، بل كانت جسراً لتعزيزها.

المملكة استثمرت في الإنسان السعودي أولاً: فأطلقت برامج ابتعاث متخصصة في الذكاء الاصطناعي الطبي، وأنشأت مراكز أبحاث متقدمة في الجامعات السعودية، من الرياض إلى جدة والدمام، لتكون منصات بحثية تنتج المعرفة لا تستهلكها فقط. وإلى جانب ذلك، وُضعت مبادرات وطنية لتدريب آلاف الشباب على علوم البيانات والصحة الرقمية، ليكونوا هم الجيل الذي يقود هذه الثورة في السنوات المقبلة.

وقد لخّص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذه الروح في كلماته: «طموحنا أن نبني وطناً أكثر ازدهاراً، وطناً لا يكتفي بأن يكون في موقع جيد بين الدول، بل يسعى ليكون في مقدمة الدول».

وهكذا يلتقي الانفتاح على الخبرة العالمية مع تمكين الكوادر الوطنية ليشكّلا معاً معادلة النجاح السعودي؛ شراكات تصنع التقنية، وكفاءات محلية تمنحها روحاً إنسانية سعودية أصيلة.

وفي المحافل العالمية للذكاء الاصطناعي، لم تعد المملكة مجرد مشارك على الطاولة، بل باتت مرجعاً فكرياً وأخلاقياً. فهي تدرك أن التقنية إذا انفصلت عن القيم قد تتحوّل إلى خطر، ولذلك ترسّخ فلسفة تجعل الذكاء الاصطناعي أداةً لحماية الإنسان وخدمته، لا لاستبداله أو تهميش دوره.

ريادة سعودية برؤية إنسانية في يوم الوطن... نحتفي بالعلم والرحمة

إن الذكاء الاصطناعي الطبي في المملكة ليس مجرد برمجيات أو خوارزميات، بل هو قصة وطن تضع الإنسان أولاً، وترى في العلم وسيلة للارتقاء، وفي الرحمة أساساً لكل إنجاز.

وفي هذا اليوم الوطني، نفخر بأن السعودية لا تشيّد مدناً ذكية فحسب، بل تبني أيضاً مستقبلاً صحياً أكثر إنسانية وعدالة، حيث تصبح التقنية خادمة للإنسان، لا سيداً عليه.

وبين إرادة المؤسس، وحكمة القيادة، وطموح ولي العهد، تمضي المملكة نحو المستقبل واثقة الخطى، تصوغ معايير جديدة للعالم، حيث لا يُقاس الذكاء بعدد المعادلات، بل بعمق القيم، ونقاء الرحمة، وصدق الانتماء.

وفي يوم الوطن الـ95، نقول للعالم: هنا السعودية... حيث يلتقي الذكاء بالإنسانية، وحيث تُكتب معادلة المستقبل بالعلم والرحمة معاً.


مقالات ذات صلة

«مجموعة أباريل» تختتم حملتها الحصرية في «بارك أفنيو مول» بفعالية كبرى للسحب على السيارات

عالم الاعمال «مجموعة أباريل» تختتم حملتها الحصرية في «بارك أفنيو مول» بفعالية كبرى للسحب على السيارات

«مجموعة أباريل» تختتم حملتها الحصرية في «بارك أفنيو مول» بفعالية كبرى للسحب على السيارات

اختتمت مجموعة «أباريل»، الشركة العالمية الرائدة في مجال التجزئة، حملتها الحصرية احتفالاً باليوم الوطني السعودي في «بارك أفنيو مول».

الخليج حضور تمثل بمسؤولين ودبلوماسيين وشخصيات فاعلة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً (واس)

احتفال سعودي باليوم الوطني يجتذب اهتمام الباريسيين

اجتذب الاحتفال السعودي باليوم الوطني الـ95 اهتمام الباريسيين والسياح، حيث صدحت الموسيقى التقليدية في مقر الحدث وجواره، واستمتع الضيوف والمارة برقصة «العرضة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة سعودية احتفالات متنوعة أقامها القادسية بمناسبة اليوم الوطني (نادي القادسية)

بيسغروف: مجتمع الخبر هو القلب النابض لتراث القادسية

أكّد الأسكوتلندي جيمس بيسغروف، الرئيس التنفيذي للقادسية، أن اليوم الوطني الـ95 يمثل مناسبة استثنائية للمملكة بشكل عام، ولناديه بشكل خاص.

سعد السبيعي
رياضة سعودية النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد فريق النصر (الشرق الأوسط)

رونالدو وفينالدوم ورينارد يشاركون السعوديين احتفالات اليوم الوطني الـ95

تفاعلت الأندية السعودية ولاعبوها المحترفون الأجانب مع احتفالات المملكة باليوم الوطني الـ95، حيث امتلأت منصات التواصل الاجتماعي ورسائل التهاني بأجواء الفخر.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
يوميات الشرق ‏الدرعية تحتفل باليوم الوطني السعودي الـ95‬ (واس) play-circle 02:02

السعوديون يحتفلون باليوم الوطني الـ95 ويستذكرون لحظة التوحيد واستئناف التاريخ

احتفل السعوديون باليوم الوطني الـ95، الذي يوافق 23 من سبتمبر (أيلول) من كل عام، واكتست جميع المدن السعودية، باللون الأخضر؛ تعبيراً عن الفرح، واستذكاراً للحظة

عمر البدوي (الرياض)

ماكرون يصل إلى الإمارات ومحمد بن زايد يستقبله ويبحث معه العلاقات الثنائية

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)
TT

ماكرون يصل إلى الإمارات ومحمد بن زايد يستقبله ويبحث معه العلاقات الثنائية

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، اليوم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يقوم بزيارة عمل إلى أبوظبي، في لقاء عكس زخم الشراكة الإماراتية - الفرنسية، وتوسّع مساراتها خلال السنوات الأخيرة.

ورحّب رئيس دولة الإمارات بالرئيس الفرنسي خلال اللقاء الذي عُقد في متحف زايد الوطني بأبوظبي، حيث تبادل الجانبان التهاني بمناسبة قرب حلول العام الجديد، معربين عن تمنياتهما للبلدين وشعبيهما بمزيد من التقدم والازدهار وفقاً لما نقلته وكالة أنباء الإمارات (وام).

وبحث الشيخ محمد بن زايد والرئيس ماكرون مسار العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تجمع البلدين، وسبل تعزيزها، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، إلى جانب التعاون في الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والاستدامة، وغيرها من الملفات التي تدعم رؤية البلدين لتحقيق التنمية والازدهار.

وحضر اللقاء الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين. كما حضره الوفد المرافق للرئيس الفرنسي، الذي يضم عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين.

وأقام رئيس دولة الإمارات مأدبة غداء تكريماً للرئيس الفرنسي والوفد المرافق.

وكان الرئيس الفرنسي قد وصل إلى البلاد في وقت سابق اليوم، حيث كان في مقدمة مستقبليه في مطار الرئاسة بأبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وعدد من كبار المسؤولين.


حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
TT

حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)

اغتنم سفير المملكة السعودية في باريس، فهد الرويلي، مناسبة حفل الاستقبال الذي دعا إليه في دارته بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني، الذي يحل كل عام في العشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، ليؤكد أن المملكة العربية السعودية «تضع التضامن الإنساني والحوار في صميم عملها الوطني والدولي» بعدّهما «قيماً متجذّرة بعمق في ثقافتها ومبادئها الدينية، وتشكّل ركيزة أساسية في رؤيتها المستقبلية الجديدة، رؤية السعودية 2030».

واستطرد السفير السعودي قائلاً «إن التضامن الإنساني ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو مسؤولية جماعية تقوم على الاحترام والتعاون والتكافل بين الشعوب دون تمييز»، حيث إن «إنسانيتنا مشتركة ومستقبلنا واحد».

انطلاقاً من هذه المبادئ، أشار السفير الرويلي إلى ما تقدمه المملكة من مساعدات عبر العالم «دون تمييز على أساس الأصل أو الدين»، حيث يلعب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «دوراً رائداً في تقديم المساعدات الغذائية، والرعاية الطبية، والتعليم، والمساعدات الطارئة في زمن الأزمات، كما يقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل 741 مشروعاً في 93 دولة عبر العالم».

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي في حفل الاستقبال (الشرق الأوسط)

ونوه السفير الرويلي بالدور الذي تقوم به المنظمات والجمعيات السعودية في مختلف مجالات العمل الإنساني، ذاكراً منها مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية. وعلى المستوى الدولي الأوسع أشاد السفير برابطة العالم الإسلامي التي تتخذ من مكة المكرمة مقراً لها وهي تعمل على «نشر قيم الاسلام الحقيقية ومكافحة التطرف وخطاب الكراهية». وقد أثبتت الرابطة أهليتها، ما يعكس اعتراف الأمم المتحدة بدورها وتسميتها عضواً استشارياً ومراقباً لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. كما أشار السفير الرويلي لدور المملكة في تقديم المساعدات في مناطق عديدة للمدنيين في غزة، وسوريا، ولبنان، وصولاً إلى أوكرانيا وغيرها.

أما على صعيد الحوار، فقد شرح السفير الرويلي دور بلاده الفاعل في تعزيز ثقافة الحوار خصوصاً بين الأديان والثقافات ودعمها الدائم «للمبادرات الرامية إلى تعزيز التفاهم المتبادل، ومكافحة التطرف، وترسيخ قيم التعايش السلمي بين الشعوب»، فيما تعكس رؤية 2030 «تشجيع الانفتاح، والتعاون الدولي، والشراكات المتعددة الأطراف، من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتسامحاً وقدرة على الصمود».

وشدد السفير على أن «التضامن الإنساني والحوار الصادق يشكّلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم»، خصوصاً أن نظرة فاحصة تبين كم أن عالم اليوم يعاني من أزمات ونزاعات وإرهاب... الأمر الذي يبين الحاجة إلى التضامن البشري والإنساني لغرض «صون السلام والاستقرار والكرامة الإنسانية».

وفي السياق عينه، أبرز السفير الرويلي التزام بلاده بـ«تعزيز التنمية المستدامة، والتعاون الدولي، والحوار بين الثقافات»، وأنها «تؤمن إيماناً راسخاً بأن التضامن الإنساني ركيزة أساسية لبناء عالم أكثر عدلاً وأمناً وازدهاراً». ومن من الفعاليات التي أقامتها الرياض في هذا السياق انعقاد «المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة»، مؤخراً، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات المرموقة من مختلف أنحاء العالم، الذي يهدف إلى تعزيز الاحترام والتفاهم بين الثقافات والأديان.

حضرت الحفل شخصيات دبلوماسية ودينية واجتماعية وإعلامية عربية وأجنبية مرموقة ومتعددة المشارب، ما يعكس بمعنى ما، صورة مصغرة عن التلاقي والتضامن الإنسانيين.


الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

ما بين لبنان والإمارات العربية المتحدة، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبو ظبي للقيام بالزيارة التقليدية للقوات الفرنسية المنتشرة خارج البلاد بمناسبة أعياد نهاية السنة. كان الخياران مطروحين، ففي جنوب لبنان، تشارك وحدة فرنسية من 700 رجل في قوة «اليونيفيل» المنتشرة جنوب لبنان. وتعد فرنسا من أقدم الدول التي أسهمت في القوة الدولية بمسمياتها المختلفة منذ عام 1978.

ولفرنسا في الإمارات قاعدتان عسكريتان بحرية وجوية {الظفرة) وقوة برية من 900 رجل. وأفاد الإليزيه بأن زيارة الرئيس الفرنسي ستكون ليومين (الأحد والاثنين)، ومن شقين: الأول، زيارة رسمية مخصصة للعلاقات الثنائية بين باريس وأبو ظبي، وسيتوِّجها اجتماع مرتقب، الأحد، بين ماكرون ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لبحث الملفات المشتركة. ويقوم بين الطرفين حوار استراتيجي ــ سياسي رفيع المستوى. والشق الثاني لتفقد القوة العسكرية الفرنسية؛ حيث من المقرر أن يتوجه بخطاب إلى العسكريين بهذه المناسبة سيعقبه عشاء تكريمي أعده تحديداً مطبخ الإليزيه. وسترافق ماكرون وزيرة الدفاع كاترين فوترين. ومن ضمن برنامج الزيارة، حضور ماكرون نشاطاً عسكرياً في إحدى القواعد الصحراوية للقوة الفرنسية، ويرجح أن تشارك فيها قوة إماراتية على غرار التمارين العسكرية المشتركة بين الطرفين لتنسيق المواقف إزاء الأزمات الإقليمية والملفات الساخنة.

جنود فرنسيون يقومون بمناورة بدبابات من طراز «لوكلير» في مدينة زايد العسكرية 20 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

باريس وأبو ظبي تعاون وثيق

ترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات استراتيجية قوية ومتنوعة؛ إذ تشمل الجوانب السياسية والدفاعية والاقتصادية والتجارية والثقافية. ومنذ عام 2009 وقّعت باريس وأبو ظبي اتفاقاً دفاعياً ما زال قائماً، ويرفده تعاون وثيق في مجال التسليح، حيث وُقِّعت بين الطرفين عقود بالغة الأهمية آخرها عقد حصول الإمارات على 80 طائرة قتالية من طراز «رافال» التي تصنعها «شركة داسو». ووُقّع العقد في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، وتبلغ قيمته الإجمالية مع الصيانة والتدريب 16.6 مليار يورو. ومن المنتظر أن تتسلم القوات الجوية الإماراتية أول النماذج بدءاً من عام 2026، بينما تنتهي عملية التسليم في عام 2031. ويشمل التعاون الدفاعي القيام بتمارين عسكرية مشتركة غرضها تسهيل التعاون بين جيشي البلدين. وما يدفع في هذا الاتجاه أن القوات الإماراتية تستخدم كثيراً من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الفرنسية في قطاعي الطيران والعربات المصفحة والدبابات.

ليس القطاع الدفاعي والاستراتيجي وحده يستأثر بالتعاون الثنائي؛ فالطرفان يرتبطان بشراكة استراتيجية في قطاع الطاقة الذي يشمل، إلى جانب النفط، الطاقات المتجددة والنووية والهيدروجين, وبالتوازي، ثمة تعاون في قطاع الذكاء الاصطناعي.

كما طور الطرفان التعاون الأكاديمي (جامعة السوربون)، والثقافي (متحف اللوفر أبو ظبي) والصحي. ومن الجانب التجاري، تعد الإمارات الشريك الأول لفرنسا في منطقة الخليج؛ حيث بلغت قيمة المبادلات، العام الماضي، 8.5 مليار يورو. وتتركز المشتريات الإماراتية على الطائرات والتجهيزات والمكونات الكيميائية والعطور والمستحضرات الطبية والتجميلية والثياب والأقمشة. وتفيد وزارة الاقتصاد بأن ما لا يقل عن 600 شركة فرنسية تعمل في الإمارات، وتوفر فرصاً لآلاف المتخصصين والعمال.

صورة لأحد التمرينات العسكرية التي قام بها الجنود الفرنسيون المرابطون في دولة الإمارات بمناسبة المناورات التي تُجرى سنوياً (أ.ف.ب)

مهمات القوة الفرنسية في الإمارات

تؤكد مصادر الإليزيه أن اختيار أبو ظبي يعود لرغبة فرنسية في إظهار أن باريس، رغم تركيزها على الأزمة الأوكرانية التي تهم أمنها وأمن القارة الأوروبية، ما زالت «تواصل جهودها العسكرية، السياسية والدبلوماسية، على مستوى العالم بأسره، في كل مكان ترى فيه تهديداً لمصالحها وقيمها». ومن جانب آخر، ترى باريس أنها معنية بالأزمات والتحديات الأمنية القائمة في المنطقة سواء كان من بينها أمن الخليج والممرات المائية والتحديات التي يمثلها الحوثيون أو الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش» الذي عاد إلى البروز في الشهر الأخيرة. وفي هذا السياق، تشير المصادر العسكرية في الإليزيه إلى أن القوات الفرنسية تشارك في «عملية شمال»، وهي جزء من التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب. كذلك، فإنها جزء من «العملية الأوروبية أسبيدس» المنخرطة في حماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

من هذه الزاوية، يمكن تفهُّم حرص ماكرون على التوجه إلى الإمارات التي تعد، وفق مصادر الأليزيه «موقعاً محورياً تتقاطع حوله الأزمات كما يعكس اهتمامنا الكبير بهذه المنطقة الجغرافية الرئيسية من أجل الاستقرار الإقليمي وحماية الحركة الملاحية وأمن العراق والعلاقة مع إيران ومكافحة الإرهاب». وتشير المصادر الفرنسية إلى الحرب مع إيران، وللدور الذي قامت به الطائرات الفرنسية في محاربة «داعش» زمن احتلالها جزءاً من العراق، فضلاً عن محاربة أنشطة المرتزقة البحرية في المنطقة. وركزت المصادر المشار إليها على وجود «هيئة أركان فرنسية مشتركة» يرأسها الأميرال هيوغ لين، قائد القوة الفرنسية في الإمارات، ولكن أيضاً القوة الفرنسية العاملة في المحيط الهندي لمحاربة عمليات القرصنة والتهريب متعدد الأنواع.