وصفت صحيفة ألمانية، قبل 86 عاماً، الملك عبد العزيز بالقائد الوحدوي العظيم، واستعرضت جهوده لتحديث البلاد، وتثبيت دعائم الحكم، والنهوض بالسكان من خلال زيادة تثقيف الأهالي وتحويل المجموعات البدائية إلى مجتمعات مستقرة.
ونُشر المقال في الصحيفة الألمانية «Hamburger Tageblatt» بتاريخ 29 يونيو (حزيران) 1939، وجاء بعنوان «الملك عبد العزيز وإمبراطوريته الكبرى»، واستعرض مساعيه لتحقيق تطلعاته وسط حقل من التحديات.
تحديات ومهارة
«الزعيم اﻷكبر للسعوديين» هكذا وصف المقال الملك، واستعرض تفاصيل مجريات الأحداث في المنطقة، وتنازع القوى الكبرى على أراضيها، وعن محاولات الملك عبد العزيز تحقيق تطلعاته لبناء بلاد مزدهرة ومستقرة.
ووصفت الصحيفة الملك عبد العزيز بـ«القائد الوحدوي العظيم»، وأنه يخوض تحدياً لإحكام سيطرته، وبناء «إمبراطورية تشغل اليوم معظم شبه الجزيرة العربية، التي تبلغ مساحتها أكثر من ثلاثة ملايين كيلومتر مربع».
وذهب المقال إلى رغبة الملك عبد العزيز وهمّه الأول، وهو زيادة تثقيف المجتمع الناشئ، كلما سمحت الظروف البيئية القاسية بذلك، مشيداً بنجاحه في تحويل بعض المجموعات البدائية إلى مجتمعات مستقرة.
وأشار المقال إلى مهارة الملك عبد العزيز في استثمار القدرات القتالية الفطرية للقبائل في بناء قوة ممتازة مقاومة وقادرة على القتال باقتدار.

وحول سرّ انتصاراته العسكرية المتتابعة، قالت الصحيفة: «اعتمد تفوقه الحربي منذ البداية على عنصر المفاجأة، ومع مرور الوقت، وبعد معارك الاقتحام الأولى، ركز على السرعة، واستخدم تكتيكات الهجوم القديمة لأغراضه العسكرية، محققاً ذروة الفاعلية القتالية، وفي حين كانت قوته الرئيسية تتكون سابقاً من سلاح الفرسان، فإنه اليوم يقود تحركات متقدمة بوحدات المشاة الآلية والرشاشات».
الإعلام والحضور الدولي
استثمر الملك عبد العزيز كل الفرص والمناسبات التي تيسرت له في مطلع رحلة توحيد البلاد والتأسيس، لنقل وجهة نظره حول القضايا العربية، ورؤيته في تحقيق مصلحة البلاد وازدهارها.
وعلى الرغم من قلة المقابلات الصحافية التي أجراها الملك المؤسس، فإنه استطاع أن يبسط وجهة نظره ورؤيته عن مستقبل البلاد والمنطقة عبر أشهر المنصات المتوفرة حينذاك، ومن بينها أول مقابلة له بعد ضم الأحساء عام 1913، نشرتها صحيفة «الدستور» العراقية، وأجراها المثقف السعودي إبراهيم بن عبد العزيز الدامغ.
وسلطت مجموعة من الصحف الأجنبية الضوء على الملك المؤسس، وإنجازاته في توحيد أطراف البلاد، وتطلعاته لبناء بلد مزدهر ومتحضر.
وتُعد مجلة «LIFE» الأميركية أول وسيلة إعلام أجنبية تدخل السعودية في عصرها الجديد، وأجرى المحرر نويل بوش لقاء مع الملك عبد العزيز تصدّر غلاف المجلة الأشهر عالمياً في الأربعينات الميلادية، ووصف الملك المؤسس بأنه أحد أكثر رجال العالم تأثيراً في عصره، وانفرد بعمل عظيم لا مثيل له في تلك المرحلة الحرجة.

ووثقت المقابلة التي أجراها مندوب صحيفة «ﻻيف» اﻷميركية مع الملك عبد العزيز رأيه حول القضية الفلسطينية، التي كانت تتصدر المشهد في المنطقة، بالإضافة إلى رأي الملك وتفكيره في الوحدة العربية.
وعبّر الملك عبد العزيز عن سخطه على «وعد بلفور» الذي تعهد بإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين؛ الأمر الذي سينعكس سلباً على استقرار المنطقة وسلمها المجتمعي.
ووثّقت أول زيارة إعلامية غربية إلى الرياض، قام بها مندوبو مجلة «LIFE»، انطلاقاً من القاهرة وصولاً إلى جدة، تفاصيل مبكرة عن مطلع العهد السعودي، حيث نقلتهم قافلة من السيارات التي أمر الملك عبد العزيز بتجهيزها من مطار جدة إلى قصر المربع بالرياض، واستغرقت رحلتهم 6 أيام.
وخلال الرحلة الإعلامية الفريدة لمراسلي المجلة الأميركية، زار الفريق شوارع ومعالم في العاصمة السعودية، ووثقوا سوق المقيبرة، وبوابة مصدة، و«غراج» سيارات الملك عبد العزيز، قبل أن يواصلوا رحلتهم إلى محافظة الخرج، لزيارة قصر الملك عبد العزيز وبعض العيون والسواقي، ثم إلى الظهران، لزيارة مقر شركة «أرامكو»، قبل أن يعودوا إلى القاهرة عبر العراق.

