«اتفاق المعادن» بين رواندا والكونغو الديمقراطية... هل يحد من التوترات؟

مقرر توقيعه في أكتوبر بدعم أميركي

وزير الخارجية الأميركي يتوسط وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية ووزير الخارجية الرواندي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي يتوسط وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية ووزير الخارجية الرواندي (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق المعادن» بين رواندا والكونغو الديمقراطية... هل يحد من التوترات؟

وزير الخارجية الأميركي يتوسط وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية ووزير الخارجية الرواندي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي يتوسط وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية ووزير الخارجية الرواندي (أ.ف.ب)

تجري نقاشات حالية بين أطراف في رواندا والكونغو الديمقراطية الغنية بالكوبالت والليثيوم واليورانيوم إلى جانب معادن أخرى، لاتفاق اقتصادي بدعم أميركي يقود لنهاية صراع منذ عقود بين كينشاسا وكيغالي.

تلك المحادثات الأفريقية التي تأتي وسط تصعيد كبير في شرق الكونغو في الشهور الأخيرة، يراه خبير في الشؤون الأفريقية، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه يعكس تحوّلاً استراتيجيّاً في مقاربة البلدين للأزمة، وسيحد من التوترات، لكن دون إصلاحات سياسية وأمنية حقيقية، فإن احتمالات الانتكاس تبقى قائمة.

ونقلت «رويترز» عن مصدر مطلع، الأحد، أن رواندا والكونغو الديمقراطية اتفقتا على مسودة إطار عمل بشأن توريد المعادن والتي تعد جزءاً من اتفاق السلام الذي أبرم في واشنطن يونيو (حزيران) الماضي، لوضع حد لقتال لا سيما في شرق الكونغو أودى بحياة الآلاف، وإلى جذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة غنية بمعادن التنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم.

ورجح المصدر أن تعقد الكونغو ورواندا اجتماعاً في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) لوضع اللمسات النهائية على إطار العمل الذي تناقش مسودته حالياً بين وكالات مانحة وقطاعات اقتصادية بالبلدين، وسيوقعه رئيسا الدولتين لاحقاً.

وفي إطار اتفاق يونيو (حزيران) المبرم في واشنطن، وافقت كينشاسا وكيغالي على إطلاق إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي في غضون 90 يوماً، وبموجب الاتفاق، تعهد الطرفان بتنفيذ اتفاق لعام 2024 ينص على انسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو التي تستهدف القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وذلك خلال 60 يوماً.

وهناك عقبات رئيسية أمام هذا الاتفاق الاقتصادي، وفق ما ذكره دبلوماسي غربي لـ«رويترز» تتمثل في «تعثر الترتيبات الأخرى لعملية السلام، حيث إن رواندا لم تسحب قواتها كما أن جهوداً منفصلة للوساطة بين حكومة الكونغو ومتمردي حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، وتعرف بعملية الدوحة، تواجه صعوبات في المضي قدماً».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع وزيري خارجية الكونغو الديمقراطية ورواندا عقب توقيع الاتفاق يونيو الماضي (رويترز)

ورعت وزارة الخارجية القطرية، في 19 يوليو (تموز) الماضي، «إعلان مبادئ» بين حكومة الكونغو الديمقراطية والحركة، ولم يلتزم الطرفان بالتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 18 من الشهر نفسه.

بينما سيطر متمردو «23 مارس» على أكبر مدينتين في شرق الكونغو ومناطق تعدين مربحة في سلسلة هجمات منذ بداية العام، وترى كينشاسا أن نهب ثرواتها المعدنية هو السبب الرئيسي وراء الصراع بين قواتها ومتمردي حركة 23 مارس في شرق الكونغو.

وقال مسؤول كونغولي لـ«رويترز» هذا الشهر إن كينشاسا «لا يمكنها بحث التعاون الاقتصادي مع رواندا ما دام جيشها يحتل جزءاً من أراضينا»،

ويرى المحلل السياسي التشادي، المختص بالشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن اتفاق المعادن بين رواندا والكونغو الديمقراطية، كما كشفت عنه مسودة الإطار، يعكس تحوّلاً استراتيجيّاً في مقاربة البلدين للأزمة التي طال أمدها في شرق الكونغو، والتي أودت بحياة آلاف المدنيين، وشردت الملايين، ويشير إلى أن الطرفين باتا يعترفان بأن التكلفة الاقتصادية للصراع تفوق كثيراً أي مكاسب سياسية أو أمنية مزعومة.

ويرى عيسى أن الوساطة الأميركية، وتحديداً الدور الذي لعبته واشنطن في صياغة هذا الإطار، ليست مجرد محاولة للسلام، بل تدخل ضمن رؤية جيوسياسية أوسع تهدف لتقليل الاعتماد الغربي على المعادن القادمة من الصين، وتعزيز النفوذ الأميركي في أفريقيا.

ويعتقد أن المصالح الاقتصادية قد تحد من التوترات لكن ليست وحدها، مؤكداً أن المصالح قد تؤسس لهدنة، وقد تدفع الأطراف نحو التعاون المرحلي، لكنها لا تمحو تلقائيّاً أسباب الصراع العميقة، والنزاع على الهوية، والنفوذ الإقليمي، وتنافس النخب السياسية داخل البلدين، موضحاً أنه إذا لم تُرافق الاتفاقات الاقتصادية بإصلاحات سياسية وأمنية حقيقية، فإن احتمالات الانتكاس تبقى قائمة.

وتتبادل حركات إرهابية ومتمردة في شرق الكونغو عملياتها ضد المدنيين بشكل متصاعد للشهر الثالث على التوالي، في ظل خفوت لمسار المفاوضات، ووسط عدم التزام بتوقيع اتفاق سلام كان مقرراً قبل نحو شهر.

وسجلت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، أحدث تلك الهجمات قبل أيام، مخلفة 89 قتيلاً، لتواصل هجماتها شرق الكونغو مع تصاعد عمليات من حركة «23 مارس» المتمردة، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة، التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو وأغسطس (آب) الماضيين وسبتمبر (أيلول) الحالي.

ومسار السلام في الكونغو شهد 10 محاولات سابقة منذ 2021 دون جدوى، وسط مخاوف دولية؛ ما دعا مجلس الأمن لبحث الأوضاع بالدولة الأفريقية في إحاطة طارئة، أغسطس الماضي، وحثّت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي، المجلس على ممارسة كامل نفوذه لدعم جهود السلام هناك.

ويرى المحلل السياسي التشادي، المختص بالشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن سلسلة الاتفاقات التي تم الترويج لها سابقاً، سواء عبر واشنطن أو الدوحة، لم تفض إلى تهدئة حقيقية في شرق الكونغو، بل كانت أقرب إلى محاولات لاحتواء الانفجار لا لمعالجة جذوره، وهذا ما يدفع كثيرين إلى التشكيك في جدية الاتفاق الجديد بين رواندا والكونغو، خاصة في ظل سوابق عديدة من الاتفاقات التي وُقّعت ثم انهارت في لحظات التصعيد التالية.

والواقع الميداني لا يتغير باتفاقيات على الورق، وفق عيسى، مؤكداً أن الجماعات المسلحة لا تزال تسيطر على مساحات شاسعة، والثقة بين كينشاسا وكيغالي في أدنى مستوياتها، واللاعبون الإقليميون كأوغندا وبوروندي لا يقفون موقف الحياد الكامل، بل حتى داخل الكونغو نفسها، هناك انقسامات سياسية وأمنية تحول دون فرض الدولة لسيادتها على كامل التراب الوطني.

ويشدد على أنه لم تكن هناك آلية تنفيذ صارمة، تضمن التزامات متبادلة وواضحة، وتربط التقدم الاقتصادي بتحقيق مؤشرات أمنية وسياسية على الأرض، فإن هذا الاتفاق قد لا يكون مختلفاً عن عشرات الاتفاقات السابقة التي انتهت إلى لا شيء، مؤكداً أن الجميع ينتظر ما إذا كان اجتماع أكتوبر سيُترجم إلى خريطة طريق واقعية، أم أنه سيكون مجرد عنوان جديد على قائمة طويلة من الوعود غير المنجزة.


مقالات ذات صلة

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

تحليل إخباري الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام

محمد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة» متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «حقبة استعمارية».

أحمد جمال (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

 اتخذت نيجيريا خطوات لإعادة هيكلة منظومتها الأمنية وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لخطر «الإرهاب» كما اتخذت قرارات تشدد الرقابة على حيازة السلاح.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الفريق المتقاعد كريستوفر موسى المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الجديد في نيجيريا (إعلام محلي)

نيجيريا: مَن وزير الدفاع الجديد الذي اقترحه الرئيس على مجلس الشيوخ؟

اقترح الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو تعيين رئيس هيئة الأركان السابق، الفريق المتقاعد كريستوفر موسى، لتولي منصب وزير الدفاع الجديد، وسط تحديات أمنية جسام.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا جانب من أشغال الاجتماع الأفريقي رفيع المستوى في وهران بغرب الجزائر الاثنين (الخارجية الجزائرية)

قلق أفريقي متزايد من تصاعد الانقلابات وتهديدات الإرهاب

عبّر وزراء خارجية عدد من الدول الأفريقية، ومسؤولون في الاتحاد الأفريقي، خلال اجتماع في الجزائر، عن قلق من تزايد الانقلابات في القارة وتهديدات الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.