غناء ومسرح ودهشة الطفولة... «الثقافة للجميع» في حرش بيروت

«السبيل» حوَّلت المهرجان إلى فضاء مفتوح للقاء داخل المساحة الخضراء

كلّ تصفيق يقول إنّ المشهد يعني الجميع (السبيل)
كلّ تصفيق يقول إنّ المشهد يعني الجميع (السبيل)
TT

غناء ومسرح ودهشة الطفولة... «الثقافة للجميع» في حرش بيروت

كلّ تصفيق يقول إنّ المشهد يعني الجميع (السبيل)
كلّ تصفيق يقول إنّ المشهد يعني الجميع (السبيل)

عاد «مهرجان حرش بيروت» هذا العام ليُذكّر بأنّ الثقافة قادرة أن تكون فعلاً يومياً، والفنّ ليس حكراً على المسارح المُغلقة أو القاعات المخصَّصة له. داخل المساحة الخضراء الوحيدة تقريباً المُتبقّية في العاصمة اللبنانية، اجتمع الناس ليستعيدوا معنى المُشاركة في حدث مفتوح ومجانيّ، لا يُفرّق بين كبير وصغير، ولا بين مُتابع قديم أو عابر.

المساحة الخضراء تصبح أوسع كلما امتلأت بالناس (السبيل)

نفَّذت جمعية «السبيل» هذا المهرجان انطلاقاً من رسالتها الأساسية: جَعْل الثقافة مُتاحة للجميع من دون مقابل. منذ تأسيسها، ارتبط اسمها بالمكتبات العامة والأنشطة التي تفتح أبوابها أمام مختلف الأعمار والخلفيات، من دون تمييز أو شروط. وفي حرش بيروت، تجسَّد هذا الدور؛ فالمساحة التي أُغلقت مطوّلاً، عادت لتستقبل الشعب عبر مبادرة ثقافية وفنّية مفتوحة. ما فعلته «السبيل» هو إعادة ربط الناس بالمكان، وتذكيرهم بأنّ الحق في الثقافة والحق في المساحات العامة وجهان لعملة واحدة. ومن خلال التعاون مع فنانين ومسرحيين وموسيقيين، كرَّست فكرة مجانيّة الثقافة، وأنها تصبح أكثر حياةً حين يحتويها فضاء مفتوح مثل الحرش.

الأطفال يضحكون والحرش يضحك معهم (السبيل)

كان الأطفال أوضح صورة لهذا اللقاء. جلسوا على الأرض يُتابعون مسرحية الدمى «شتي يا دنيا صيصان»؛ يضحكون حين تُفاجئهم دمية بحركة غير متوقَّعة، ويصرخون من الفرح عندما تقترب منهم بملابسها الملوَّنة. المشهد مؤثّر رغم بساطته؛ لقاء مباشر بين الفنّ والطفولة، لا وسيط فيه ولا حواجز. هذه اللحظات الصغيرة جعلت المهرجان أقرب إلى احتفال بالحياة.

الأطفال يضحكون والحرش يضحك معهم (السبيل)

على خشبة أخرى، كان لاعب السيرك يُحافظ على توازنه فوق أسطوانة موضوعة على طاولة. بدا التركيز واضحاً على وجهه؛ يُتابع الجمهور حركته كأنهم يُشاركونه المسؤولية عن نجاح التوازن. حين انتهى العرض، انطلق التصفيق؛ لكنه تعبير لم يقتصر فقط على إعجاب بالمقدرة الجسدية، وإنما لشعور بالدهشة من إمكان تحويل المغامرة إلى فنّ.

في إحدى الزوايا، نصب فنانون لوحاتهم بين الأشجار. القاعة هنا مفتوحة على السماء والضوء الطبيعي، وليست مُغلقة ولا مُضاءة بمصابيح بيضاء. تراءت اللوحات امتداداً للنسيج الجمالي الذي يحيط بها، فالمشي بينها أعطى إحساساً بأنّ الفن جزء من المشهد، يتجاوز كونه عنصراً خارجياً يُضاف إلى المكان.

المعرض يفتح ممراً بين الفنّ والطبيعة بلا جدران (السبيل)

كما احتضن المهرجان جلسات نقاش وندوات حول معنى المساحات العامة ودورها في المدن. الحديث كان مباشراً وواقعياً، من دون لغة معقَّدة، والجمهور الذي استمع شَعَر بأنّ ما يُقال يعنيه، لجلوسه في المكان نفسه الذي تتمحور حوله النقاشات. فالحرش مساحة مُشتركة، والحضور في مهرجانه تأكيدٌ على أنّ الحقّ في المكان يُمكن أن يُكتَسب بالفعل.

أخذ الغناء مكانه أيضاً. جاهدة وهبي بصوتها وحضورها كانت إحدى العلامات البارزة. حين غنَّت، أحسَّ الناس أنّ صدى الأغنية يتردَّد في الهواء الطلق بطريقة مختلفة عمّا لو قُدِّمت داخل قاعة. الفنّ هنا أكثر قرباً، أبسط في شكله، لكنه أعمق في أثره؛ لأنه يصل إلى الجمهور بلا وسائط. وكانت أمسية استعادت أغنيات زكي ناصيف، وأخرى لفلسطين وجراحها.

صوت جاهدة وهبي يمسّ الحاضرين بلا مسافة (السبيل)

أما أنجو ريحان فأعطت حضوراً آخر للمكان من خلال مسرحيتها «مجدرة حمرا» التي كتبها وأخرجها يحيى جابر. العرض الذي اعتاد أن يكون بين جدران المسارح، تحوّل في الهواء إلى تجربة مختلفة. أداؤها القائم على التنقُّل بين الشخصيات بدا أكثر قرباً من الجمهور الجالس على الأرض أو على الكراسي البلاستيكية. كلّ حركة كانت مرئية بوضوح، وكلّ كلمة وصلت. المسرحية نفسها لم تتغيَّر، لكنّ فضاء العرض جعلها تبدو جزءاً من الحياة اليومية أكثر من كونها عملاً فنّياً منفصلاً.

أنجو ريحان تنقل شخصياتها كما لو كانت بيننا (السبيل)

ذلك كلّه أكّد أنّ ما قدّمه المهرجان في النهاية هو تجربة أظهرت أنّ الفنّ حين يكون في متناول الجميع يأخذ معنى آخر. ضحكات الأطفال، دهشتهم من ألعاب السيرك، النقاشات حول المساحات العامة، الغناء، والمسرح الذي خرج من قاعاته... كلّها عناصر رسمت صورة لمهرجان ليس همّه أن يُضيف حدثاً جديداً إلى الروزنامة الثقافية، وإنما أنْ يفتح الباب لتجربة مُشتركة، يشعر كلّ مَن حضر أنه كان معنيّاً بها. فالثقافة حين تُمارس في فضاء مفتوح تُصبح أقرب إلى الناس، وتستعيد دورها الطبيعي، فتكون جزءاً من حياة المدينة اليومية، لا ترفاً يُستهلك من بعيد.


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق خلال حضورها حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي (إدارة المهرجان)

نينا دوبريف تستعيد مسيرتها الفنية في «البحر الأحمر السينمائي»

بدت الممثلة البلغارية الكندية، نينا دوبريف، خلال ندوة خصصت لها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» وكأنها تعيد قراءة الطريق الذي قادها إلى التمثيل.

أحمد عدلي (جدة)
سينما «البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي.

محمد رُضا (جدة)
يوميات الشرق كامل الباشا وأحمد مالك في أحد مشاهد فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)

المخرج محمد صيام: «كولونيا» يطرح تساؤلات حول العلاقات الأسرية المتوترة

عبّر المخرج المصري محمد صيام عن سعادته بمشاركة فيلمه «كولونيا» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة.

انتصار دردير (جدة )

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.


أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.


ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».