«وزاري» خليجي - روسي في سوتشي يبحث مهددات الأمن الإقليمي والعالمي

استنكار وإدانة الاعتداء الغاشم لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطر

جانب من الاجتماع الخليجي - الروسي في سوتشي (الشرق الأوسط)
جانب من الاجتماع الخليجي - الروسي في سوتشي (الشرق الأوسط)
TT

«وزاري» خليجي - روسي في سوتشي يبحث مهددات الأمن الإقليمي والعالمي

جانب من الاجتماع الخليجي - الروسي في سوتشي (الشرق الأوسط)
جانب من الاجتماع الخليجي - الروسي في سوتشي (الشرق الأوسط)

أكد جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، أن الحوار الاستراتيجي بين المجلس وروسيا، يمثل منصة مهمة لتعزيز العلاقات بين الجانبين، وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بما فيها مهددات الأمن الإقليمي والعالمي.

جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري المشترك الثامن للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا، الخميس، بمدينة سوتشي الروسية، برئاسة مشتركة بين عبد الله اليحيا، وزير خارجية الكويت، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وسيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، وبحضور وزراء خارجية دول الخليج.

إدانة الاعتداء الإسرائيلي على قطر

واستهل الأمين العام، كلمته بالتنديد بأشد عبارات الاستنكار والاستهجان، بالاعتداء الغاشم لقوات سلطة الاحتلال الإسرائيلية على أراضي قطر، مما شكَّل انتهاكاً سافراً لسيادتها وسلامة أراضيها، ويخالف المبادئ والقوانين الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وإن دول مجلس التعاون، وفي الوقت نفسه تتضامن بشكل كامل مع قطر وتسخِّر إمكاناتها كافة لمواجهة هذا الاعتداء الآثم، وتطالب المجتمع الدولي بإدانته ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة التي تقوض أمن المنطقة واستقرارها.

وأشاد البديوي، في الوقت ذاته بالجهود التي بذلتها الجهات الأمنية والدفاع المدني والجهات المختصة في قطر في التعامل الفوري مع الحادثة واحتواء تداعياتها، وصون سلامة المواطنين والمقيمين، مؤكداً أن هذا الاعتداء يقوِّض الجهود والمساعي الحميدة التي تقوم بها الدوحة، في إطار وساطتها لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ويشكل عقبة خطيرة أمام الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، مشيدين في السياق نفسه بالجهود العديدة التي بذلتها ولا تزال تبذلها دولة قطر تجاه وقف إطلاق النار في غزة ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون إن هذا الاجتماع يأتي في ظل ظروف يشوبها عديد من الأزمات التي تواجهها المنطقة والعالم، بما فيها التحديات السياسية والأمنية التي تؤثر على الأمن والاستقرار، وفي هذا السياق تؤكد دول مجلس التعاون أن السبيل الأمثل لحل النزاعات والخلافات كافة هو من خلال المفاوضات والوسائل السلمية والدبلوماسية، وتغليب لغة الحوار واحترام سيادة القانون، بما ينسجم مع التشريعات الدولية التي تكفل المحافظة على الأمن والاستقرار وتحقيق مزيد من الرخاء والازدهار.

الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني

وأشار البديوي إلى أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة، وسياسة الحصار المتعمَّدة التي أدت إلى إحداث المجاعة في القطاع، واستمرارها في تدمير الأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، حيث تهدف إلى تهجير سكان القطاع واستيطانه. وأدان استمرار استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمنظمات الإنسانية والأممية العاملة في قطاع غزة، وإعاقة وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية.

صورة جماعية للمشاركين في الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا الاتحادية (الشرق الأوسط)

وطالب المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته لرفع معاناة الشعب الفلسطيني، وضمان تأمين وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية إلى سكان القطاع، وتمكين المنظمات الإنسانية والأممية من أداء مهامها الإنسانية، مشددين على قرار مجلس الأمن رقم 2730، بشأن حماية العاملين في المجال الإنساني، وضمان وصول المساعدات دون عوائق، مؤكداً مواقف مجلس التعاون الثابتة بشأن مركزية القضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

كما أوضح البديوي موقف مجلس التعاون الثابت بشأن استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) التابعة للإمارات العربية المتحدة، وجدد تأكيد المجلس على ‌دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث بوصفها جزءاً لا يتجزأ من أراضي الإمارات العربية المتحدة، واعتبار أن أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تُجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، داعياً إيران للاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

الملاحة في خور عبد الله

في سياق متصل، ذكّر الأمين العام لمجلس التعاون بموقف المجلس في أهمية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، واحترام العراق لسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بجميع الاتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة، لا سيما قرار مجلس الأمن 833، واستكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162 وفقاً للقانون الدولي، والالتزام بالاتفاقيات الثنائية الموقَّعة؛ ومنها اتفاقية الملاحة لعام 2012م، والخطة المشتركة لعام 2014م.

وشدد على موقف المجلس في دعم قرار مجلس الأمن 2732 (2024م) بشأن ملفات الأسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية بما فيها الأرشيف الوطني، وذلك انطلاقاً من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارات 686 (1991)، و687 (1991)، و1284 (1999).

وأكد ضرورة الاستمرار تحت مظلة مجلس الأمن، وذلك على النحو الوارد في القرار 2107 (2013) الذي حدد إطار رفع التقارير ذات الصلة بملفات دولة الكويت إلى مجلس الأمن دون غيره من أجهزة الأمم المتحدة، وتأكيد أنه البديل العادل والأنسب بعد إنهاء أعمال بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI)، وأن المجلس يجدد دعوة حكومة العراق إلى التعاون لإحراز تقدم في هذا الشأن، وإلى بذل أقصى الجهود للوصول إلى حل نهائي لهذه الملفات.

جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال إلقاء كلمته في الاجتماع (الشرق الأوسط)

وفي الجانب السوري، جدد الأمين العام رفض مجلس التعاون الهجمات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي السورية، والتدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية، وأكد دعمه لسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها باعتبار أمنها واستقرارها ركيزةً أساسية من ركائز أمن المنطقة، وضرورة التصدي للإرهاب والتطرف وكل أعمال العنف التي تستهدف زعزعة استقرار سوريا، مهما كانت دوافعها ومبرراتها.

الحرب الروسية - الأوكرانية

وقال الأمين العام لمجلس التعاون إنه منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تبنى المجلس موقفاً مستنداً إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بالحفاظ على النظام الدولي القائم على منهج احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، وإن مجلس التعاون يؤكد أن التسوية السلمية من خلال الحوار والمفاوضات وعدم التصعيد العسكري، هي السبيل الأوحد لحل الأزمة، كما دأبت دول المجلس على دعم الجهود الدبلوماسية والمبادرات الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب، وذلك في إطار اهتمامها البالغ بأن يُفضي ذلك إلى حل سياسي للأزمة، إلى جانب ما تحقق من نجاح لجهود الوساطة من قبل دول المجلس فيما يتعلق بتبادل الأسرى وإطلاق سراح المحتجزين ولمّ شمل العائلات من الجانبين، والمساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها، إضافةً إلى دعمها الجهود المبذولة لتسهيل تصدير الحبوب والمواد الغذائية والإنسانية حفاظاً على منظومة الأمن الغذائي العالمي.

وعبَّر البديوي عن تطلعاته إلى أن تسهم المحادثات عالية المستوى التي عُقدت مؤخراً في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب المحادثات الروسية - الأميركية التي سبقتها في مدينة الرياض، في تحقيق حل سياسي سلمي شامل ومستدام، بما يسهم في استعادة الأمن والاستقرار.

واختتم الأمين العام لمجلس التعاون كلمته بالتعبير عن آماله في مواصلة تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في المجالات السياسية والتجارية والثقافية والتعليمية والزراعية والصحية ومجالات الطاقة، وذلك في إطار خطة العمل المشترك بين مجلس التعاون وروسيا الاتحادية (2023-2028م)، مؤكداً أن الأمانة العامة لمجلس التعاون على أتمّ الاستعداد للتباحث مع الجانب الروسي حول كل أوجه التعاون الممكنة، لا سيما أن الأمانة العامة لمجلس التعاون ستقدم مقترحات التعاون في مجال السياحة ومجال الأمن السيبراني خلال الفترة القادمة.

وصدر عن الاجتماع بيان مشترك بشأن العدوان الإسرائيلي على قطر، أدان فيه الوزراء بأشد العبارات الهجمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد دولة قطر، في 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، والتي استهدفت منشآت سكنية تضم عدة أعضاء من المكتب السياسي لحركة «حماس» في مدينة الدوحة بدولة قطر، وذلك في أثناء المفاوضات، مما أسفرت عن استشهاد أحد عناصر قوات الأمن الداخلي (لخويا)، وبعض أعضاء الحركة، مع تعريض حياة المدنيين في دولة قطر للخطر، مما يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي.

وأكد الوزراء أن هذه الهجمة تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية، واعتداءً على سيادة دولة قطر، وتقويضاً متعمداً للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وشددوا على أن مثل هذه الأفعال تتطلب موقفاً دولياً واضحاً وحازماً، يحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته الأخلاقية والسياسية والقانونية، ويؤدي إلى اتخاذ إجراءات فعالة لردع إسرائيل وإنهاء انتهاكاتها المتكررة لمبادئ السلام والأمن الدوليين.

كما دعا الوزراء المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تولي مسؤولياتهم في وقف هذه الاعتداءات ومنع تكرارها، مؤكدين أن استمرار هذا النهج سيفاقم التوترات في المنطقة، ويقوّض فرص تحقيق الأمن والاستقرار. وحذر الوزراء من أن غياب موقف دولي جاد وحاسم ستكون له تداعيات خطيرة على السلام والأمن الإقليمي والدولي.


مقالات ذات صلة

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

الخليج سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سجلت الساعات الماضية تصاعداً في مستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين السعودية وعمان على الصعيدَين السياسي والدفاعي، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، وذلك وسط…

غازي الحارثي (الرياض)
خاص من مراسم استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

خاص العلاقات السعودية - الأميركية... عام تعزيز المصالح السياسية والتعاون الدفاعي

كرّست الشراكة السعودية الأميركية في 2025 موقع الرياض كوسيط دولي موثوق انعكس أيضاً في حزمة اتفاقيات شملت الدفاع الاستراتيجي والذكاء الاصطناعي والطاقة وغيرها.

غازي الحارثي (الرياض)
تحليل إخباري أعلام دول مجلس التعاون الخليجي معلقة في سوق المباركية بمدينة الكويت (رويترز)

تحليل إخباري كيف أصبح الخليج ملاذاً للاستثمارات الآسيوية وسط اضطرابات الأسواق الكبرى؟

شهدت سندات وقروض الخليج العربي تدفقاً كبيراً من المستثمرين الآسيويين هذا العام، ما يعكس تعميق العلاقات التجارية والمالية مع المنطقة سريعة النمو.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي - سنغافورة)
عالم الاعمال «فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

«فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

تعزّز شركة «فولكس واغن» الألمانية حضورها في أسواق الخليج، والسعودية بوصفها ركيزة رئيسية في استراتيجيتها العالمية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ متظاهرون يحملون العلم السوري أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (رويترز)

الكونغرس لإلغاء «قيصر» من دون شروط

بعد عملية شد حبال طويلة توصل الكونغرس إلى اتفاق من شأنه أن يلغي عقوبات قيصر على سوريا نهائياً.

رنا أبتر (واشنطن)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
TT

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، تمهيداً لدخولها إلى القطاع بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

تضمنت المساعدات كمية كبيرة من السلال الغذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ضمن الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتأتي هذه المساعدات بالتزامن مع إقامة مخيمات سعودية بمنطقة القرارة جنوب قطاع غزة ومنطقة المواصي بخان يونس لإيواء النازحين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم مع دخول فصل الشتاء.

وتعد امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة؛ للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة الذي يواجه ظروفاً إنسانية تهدد الأطفال والنساء في ظل البرد، وصعوبة الظروف المعيشية.


48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
TT

48 ساعة من المباحثات المكثفة والتعاون السياسي والدفاعي بين السعودية وعمان

سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)
سلطان عمان مستقبلاً وزير الخارجية السعودي (الخارجية السعودية)

سجلت الساعات الماضية تصاعداً في مستوى التنسيق والتشاور الثنائي بين السعودية وعمان على الصعيدَين السياسي والدفاعي، بالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، وذلك وسط انعقاد الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي - العُماني، في مسقط، وما صدر عنه من نتائج بيّنت التقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية.

في التفاصيل، وصل، الاثنين، الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة العُمانية مسقط، واستقبله نظيره العماني بدر البوسعيدي، وعقد الوزيران لقاء استعرضا خلاله «العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها»، قبل أن يترأسا الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق (السعودي - العُماني)، وبمشاركة رؤساء اللجان المنبثقة ورئيسي فريق الأمانة العامة للمجلس، وحضره من الجانب السعودي عدد من كبار المسؤولين من وزارات «الخارجية، والداخلية، والاستثمار، والاقتصاد والتخطيط، والثقافة».

مجلس التنسيق واستقبال السلطان

الاجتماع شهد تأكيد وزير الخارجية السعودي أنه يأتي امتداداً للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق بين البلدين الشقيقين الذي عُقِد في مدينة العلا الشهر نفسه من العام الماضي، و«نتائجه الإيجابية المثمرة في إطار ما تم اعتماده من توصيات ومبادرات»، بينما أشاد الوزير العماني، بـ«التقدم النوعي في العلاقات بين البلدين الشقيقين وما شهدته من تطور ملحوظ في العديد من القطاعات».

الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي العماني (واس)

واستمر الزخم عبر استقبال سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق، الثلاثاء، وزير الخارجية السعودي في قصر البركة، وجرى استعراض آفاق التّعاون بين البلدين وجهود تعزيز متانة العلاقات الثّنائية وترسيخ المصالح المُشتركة، والتّطورات الجارية على السّاحتين الإقليميّة والدوليّة ومرئيّات السعودية تجاهها، ورؤية سلطان عمان في هذا الشأن، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية.

تعاون في تبادل الأسرى اليمنيين

في موازاة ذلك، كان التعاون بين البلدين يتواصل، وتوصّلت الاجتماعات الجارية في عُمان، بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، إلى توقيع الاتفاق الثلاثاء، لتبادل «الكل مقابل الكل»، وثمّنت السعودية «الجهود الصادقة والمساعي الكريمة التي بذلتها سلطنة عمان في استضافة ورعاية المباحثات ودعم الجهود التفاوضية خلال الفترة من 9 إلى 23 ديسمبر (كانون الأول)».

وعلى الصعيد الدفاعي والعسكري، استقبل اللواء الركن طيار خميس الغافري، قائد سلاح الجو السلطاني العُماني، الفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، والوفد العسكري المرافق له، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول عدد من الموضوعات في المجالات العسكرية ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية، قبل أن يستقبل الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني في عمان، الأربعاء، قائد القوات الجوية الملكية السعودية، وجرى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب استعراض مجالات التعاون العسكري القائمة بين البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، كما أعرب الجانبان عن اعتزازهما بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع سلطنة عُمان بالمملكة العربية السعودية، وتطلعهما إلى مزيد من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.

«وسام عُمان» لقائد القوات الجوية الملكية السعودية

والأربعاء، منح سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية، تقديراً لجهوده وإسهاماته في توثيق أواصر التعاون العسكري القائم بين البلدين، وسلّم الوسام نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع في عُمان.

منح «وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية» للفريق الركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية (وكالة أنباء عُمان)

بالتزامن.. شراكة اقتصادية

وفي جانب الشراكة الاقتصادية، احتفلت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عُمان، الأربعاء، بافتتاح مشروعين جديدين في شبكة الطرق بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وخلال الاحتفال جرى الكشف عن أن المشروع تم تمويله من قِبَل «الصندوق السعودي للتنمية»، ونُفّذ من قِبَل ائتلاف عُماني - سعودي يضم شركة «ستراباك عُمان» وشركة «الروسان للمقاولات».

افتتاح مشروع اقتصادي في عُمان بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية (وكالة أنباء عمان)

حول هذه التحرّكات اللافتة خلال 48 ساعة، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد العريمي، الكاتب والباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية والمتخصص أيضاً في الدراسات الخليجية، إنه في محصّلة ما يجري بين مسقط والرياض اليوم «لا يمكن قراءته بوصفه تنسيقاً ظرفياً فحسب، بل إعادة تموضع هادئة تهدف إلى بناء استقرار طويل الأمد، يكون فيه الحوار والتكامل الأمني ركيزتين أساسيتين لصياغة مستقبل المنطقة»، أما فيما يتعلق بتوقيت كثافة المباحثات هذه خلال فترة قصيرة جداً، فيعتبر العريمي أنه يعكس إدراكاً مشتركاً لدى القيادتين بأن منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج خصوصاً، تمر بلحظة مفصلية تتطلب أعلى درجات التنسيق السياسي والأمني خصوصاً بين عُمان والسعودية.

«التوقيت ليس عابراً»

العريمي يرى أن التوقيت «ليس عابراً، بل يأتي في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية، وتبدل خرائط النفوذ، وعودة منسوب القلق المرتبط بأمن الملاحة والطاقة، إضافةً إلى استمرار الأزمات المفتوحة وفي مقدمتها أزمة اليمن بالنسبة للجانبين»، وأردف في هذا السياق: «تبدو مسقط والرياض كأنهما تنتقلان من مرحلة إدارة التباينات الإقليمية إلى مرحلة الشراكة الاستباقية في إدارة المخاطر، خصوصاً في الملف اليمني»، ورأى أن الاجتماعات السياسية، واللقاءات على أعلى مستوى قيادي، والتنسيق العسكري الجوي، والإعلان عن اتفاق إنساني كبير في اليمن من مسقط، كلها حلقات في رسالة واحدة مفادها بأن البلدين يتحركان ضمن رؤية متقاربة ترى أن الاستقرار لا يُدار بردود الفعل، بل ببناء تفاهمات عميقة ومتراكمة. على حد وصفه.

تابع العريمي أن عُمان بدورها التقليدي بوصفها وسيطاً موثوقاً، والسعودية بثقلها السياسي والأمني، تقدمان نموذجاً لتكامل الأدوار في المنطقة، مرجّحاً أن تنعكس نتائج هذه المشاورات على مسار الأزمة اليمنية بصورة أوضح، سواء عبر تثبيت قنوات التفاوض، أو عبر ضمانات أمنية إقليمية تقلل من احتمالات الانفجار العسكري في هذا البلد، إلى جانب أن يمتد هذا التنسيق إلى أمن الخليج والبحر العربي، وحماية خطوط الملاحة والطاقة، في ظل تصاعد التحديات العابرة للحدود، أما بصورة أوسع فيعتقد العريمي أن هذا التقارب قد يسهم في توحيد المقاربات تجاه الملفات الإقليمية الكبرى، بما فيها العلاقة مع القوى الدولية، وإدارة التوازن مع إيران، وتعزيز العمل الخليجي المشترك بصيغة أكثر مرونة وواقعية.

جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

المحلل السياسي منيف الحربي، يتفق إلى حد كبير مع العريمي، ويزيد أنه منذ وصول السلطان هيثم بن طارق إلى مقاليد الحكم في سلطنة عمان، وقيامه بأول زيارة خارجية لجلالته إلى السعودية، تشكّلت حقبة جديدة من العلاقة الاستراتيجية بين الرياض ومسقط بأطرها المتعددة؛ السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستثمارية والطاقة والثقافة والرياضة والسياحة.

الملف اليمني والأمن المشترك

الملف اليمني يبرز بوصفه ملفاً مهماً جداً للطرفين نظراً لأن السعودية متاخمة حدودياً لليمن، وينسحب ذلك على عمان، وبالنسبة للحربي فإن استقرار اليمن وخروجه من أزمته الحالية «يتماسّ بشكل مباشر مع الأمن الوطني للبلدين»، لكن رغم أن هذا الملف يأخذ الكثير من الوقت والجهد من جهود البلدين الدبلوماسية، فإن هذا أيضاً ينسحب على التوافق بين الرياض ومسقط في ملف غزة، ومسار حل الدولتين، والسودان، وأزمة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبحر العرب، وأهمية الحفاظ على الأمن القومي الخليجي والأمن القومي العربي.


بأمر خادم الحرمين... تقليد السفير الإماراتي السابق وشاح المؤسس من الطبقة الثانية

السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
TT

بأمر خادم الحرمين... تقليد السفير الإماراتي السابق وشاح المؤسس من الطبقة الثانية

السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)
السفير السعودي لدى الإمارات يقلد السفير الإماراتي السابق لدى المملكة وشاح المؤسس من الطبقة الثانية (واس)

قلّد السفير السعودي لدى دولة الإمارات سلطان اللويحان العنقري، السفير الإماراتي السابق لدى المملكة الشيخ نهيان بن سيف آل نهيان، وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الثانية؛ نظير ما قام به من جهود في تطوير وتعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين خلال فترة عمله في السعودية، وذلك إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

السفير السعودي لدى الإمارات خلال استقباله السفير الإماراتي السابق لدى المملكة في مقر السفارة السعودية بأبوظبي (واس)

وعبّر السفير العنقري، خلال استقباله بمقر السفارة الشيخ نهيان آل نهيان، عن تمنياته له بالتوفيق والسداد في مهامه الجديدة نائباً لوزير الدولة في وزارة الخارجية بدولة الإمارات.

حضر الاستقبال الوكيل المساعد لشؤون المراسم بوزارة الخارجية الإماراتية سيف الشامسي، ومدير إدارة مجلس التعاون لدول الخليج العربية السفير أحمد البلوشي، وعددٌ من سفراء الدول الخليجية والعربية.