«سيطرة واسعة نارياً ومحدودة برياً»... كيف يهاجم الجيش الإسرائيلي مدينة غزة؟

فلسطينيون يفتشون بين أنقاض بمحيط برج السوسي في مدينة غزة بعد غارة إسرائيلية استهدفته السبت الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يفتشون بين أنقاض بمحيط برج السوسي في مدينة غزة بعد غارة إسرائيلية استهدفته السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

«سيطرة واسعة نارياً ومحدودة برياً»... كيف يهاجم الجيش الإسرائيلي مدينة غزة؟

فلسطينيون يفتشون بين أنقاض بمحيط برج السوسي في مدينة غزة بعد غارة إسرائيلية استهدفته السبت الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يفتشون بين أنقاض بمحيط برج السوسي في مدينة غزة بعد غارة إسرائيلية استهدفته السبت الماضي (أ.ف.ب)

في وقت يتحدث فيه الجيش الإسرائيلي عن سيطرته على نحو 40 في المائة من مدينة غزة في إطار التحضير لعملية «مركبات جدعون 2»، التي تستهدف السيطرة على المدينة واحتلالها، تشير المعطيات الميدانية، إلى أن قواته تعمل بمسارات عسكرية مختلفة، منها السيطرة النارية في مناطق عبر القصف عن بعد وتكثيف الغارات، وأخرى عبر وجود بري لقواتها التي تعتمد على أسلحة مختلفة لإظهار وجودها.

بعض المعطيات تشير فعلياً إلى أن الجيش الإسرائيلي يعاني نقصاً واضحاً في أعداد القوات، وما قد يؤشر إلى ذلك تهرُّب المتحدث باسم الجيش من الرد على أسئلة صحافيين يعملون في قنوات عبرية بشأن عدد جنود الاحتياط الذين لبُّوا أوامر الاستدعاء، في حين أن الوضع على الأرض لم يتغير كثيراً رغم أن قيادة الجيش حددت بداية شهر سبتمبر (أيلول) الحالية، البداية الفعلية للعملية الجديدة.

فلسطينيون يحتمون خلال غارة إسرائيلية على مبنى في مدينة غزة الأحد الماضي (أ.ب)

وتقول مصادر ميدانية في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجيش الإسرائيلي قد يكون فعلياً يسيطر على نحو 40 في المائة من مساحة مدينة غزة، بالنظر إلى السيناريوهات المتبعة، لكنها ليست سيطرة كاملة بوجود قوات برية كبيرة أو حتى محدودة، بل إن غالبيتها سيطرة نارية عن بعد باستخدام تكتيكات عسكرية اعتاد استخدامه وتكثيفها في الآونة الأخيرة، في ظل الإنهاك الواضح لقواته».

كيف يتقدم الجيش؟

وتوضح المصادر أن الجيش الإسرائيلي كان يتقدم بوتيرة بطيئة في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، وأطراف حي الصبرة المجاور، وكثَّف من غاراته الجوية واستخدام الطائرات المسيَّرة المسماة (كواد كابتر)، وكذلك العربات العسكرية المفخخة (روبوتات) والتي كانت تنفجر في بيوت الغزيين أو بالقرب منها لإجبارهم تحت النار على النزوح، في وقت كانت تشكل فيه خطراً حقيقياً على حياتهم.

وشرحت المصادر: «كان التقدم براً بطيئاً جداً تزامناً مع تكثيف هذه العمليات، وبعد مرور نحو 3 أسابيع على العملية، انسحبت القوات البرية جزئياً، وتراجعت إلى أطراف حي الزيتون من الجهة الجنوبية القريبة من محور نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه».

فلسطينية تبكي وهي تتفقد الأضرار التي لحقت بمبنى في مدينة غزة الأحد الماضي (أ.ب)

ومع ذلك، تُقرّ المصادر بأن «سحب قوات الاحتلال جزئياً من الحدود الجنوبية الشرقية لمدينة غزة، جاء في مقابل تعزيز قواتها في المنطقة الشمالية من المدينة، حيث بدأت عملية تحديداً في بلدتي جباليا البلد والنزلة وأطراف حي الشيخ رضوان»، مشيرةً إلى أن «العمليات كانت أقل حدة في المنطقة الشمالية من الجنوبية، ومع مرور الوقت وتحديداً بعد انسحاب القوات من أجزاء كبيرة في حي الزيتون، زادت حدة العمليات في المنطقة الشمالية للمدينة».

ويفيد بعض النازحين من شمال مدينة غزة بأن القوات الإسرائيلية باتت تعتمد هناك أكثر على العربات العسكرية المفخخة والطائرات المسيَّرة بشكل أساسي لإلقاء القنابل المتفجرة والحارقة، بينما تتقدم قواتها البرية ببطء ومحدودية. وتقتصر مهمة تلك القوات على «تجريف ما تبقى من منازل لم تدمر بالكامل بفعل تفجير العربات المفخخة أو القصف الجوي، وكذلك شق طرق جديدة»، كما تؤكد المصادر الميدانية.

سيطرة نارية واسعة

تشير المصادر إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي حالياً تسيطر نارياً على أجزاء واسعة من أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح، وتمنع السكان من الاقتراب منها، وتستهدف كل من يدخلها، في حين أن الهدوء يعود في بعض الأحيان لحي الصبرة ويشتد أحياناً أخرى؛ وهو ما قد يفسر إعلان سيطرة المتحدث باسمها عن 40 في المائة من مساحة المدينة التي تشهد تكثيفاً للعمليات الإسرائيلية.

وعلى الأرض توجد القوات الإسرائيلية حالياً في منطقة بركة الشيخ رضوان من جهتها الشرقية، وتسيطر نارياً على ما تبقى من الجهة الغربية والشمالية والجنوبية للحي، وتتوسع من خلال شق طريق باتجاه الجنوب نحو شارع النفق الرئيس بمدينة غزة، والذي يربط حي الشيخ رضوان بحي الدرج، وتعرَّض لسلسلة غارات جوية تسببت بتدمير منازل وعمارات سكنية بعد أن طُلب من سكانها إخلاؤها بشكل كامل؛ ما تسبب بموجة نزوح كبيرة.

تصاعد الدخان وألسنة اللهب أثناء انهيار مبنى سكني بعد غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

ودأبت القوات الإسرائيلية قبل توغلها في مناطق معينة أن تقصف جواً العمارات السكنية التي تزيد طوابقها على خمسة، خشيةً من عمليات قنص أو إطلاق قذائف مضادة للدروع باتجاه آلياتها؛ ما يشير إلى نيتها التعمق من شمال مدينة غزة وصولاً إلى وسطها ثم جنوبها، على امتداد حي الدرج ومنطقة الصحابة تحديداً، وصولاً إلى مفترق السامر، ثم وصولاً إلى حي الصبرة من جهته الشمالية بعدما عملت بشكل كبير في أجزائه الجنوبية في الفترة الماضية، ودمرت عشرات المنازل.

ويتزامن ذلك مع تصعيدها في استهداف الأبراج السكنية غرب مدينة غزة، والتي يمثل كل برج منها ما يعادل حياً سكنياً كاملاً، حيث يوجد في برجين دمرتهما الطائرات الإسرائيلية أكثر من 60 شقة، يعيش فيها الآلاف من الغزيين.

أوامر إخلاء

وألقت الطائرات الإسرائيلية مناشير عدة على سكان غرب المدينة تتضمن أوامر إخلاء والتوجه إلى مواصي خان يونس والتي صنفتها بأنها «منطقة إنسانية ولكنها ليست آمنة»؛ ما يشير إلى استمرارها في عمليات استهداف خيام النازحين فيها، الأمر الذي يؤكد مجدداً أنه لا مكان آمناً في قطاع غزة.

وتسبب إلقاء المناشير في ظل قصف الأبراج، ومنح السكان مهلة للتوجه بمركباتهم عبر شارع الرشيد الساحلي، بحالة نزوح من المدينة باتجاه وسط وجنوب القطاع، إلا أن التقديرات تشير إلى أن هناك نحو 100 ألف فلسطيني غادروا المدينة، من أصل نحو مليون و200 ألف تم إحصاؤهم في المدينة قبل أسابيع.

فلسطينيون ينزحون من مدينة غزة السبت الماضي (د.ب.أ)

وبدا لافتاً أن كثيراً من العائلات النازحة خلال الأيام الماضية، عادت أصلاً مجدداً إلى مدينة غزة بعدما فشلت في الوصول إلى مكان يؤويهم في ظل الازدحام الشديد وعدم وجود أماكن تتسع إليهم، إلى جانب ارتفاع الإيجارات للشقق المتوفرة أو قطع الأراضي الخاصة.

وقُصف بعض العائدين بينما قُصفت عائلات لدى وصولها إلى مناطق جنوب القطاع؛ ما أدى إلى مقتل كثير من أفرادها، وسط غارات جوية متواصلة، خاصةً باستخدام الطائرات الانتحارية استهدفت شققاً سكنية وخياماً للنازحين في مناطق غرب غزة ومناطق أخرى من القطاع.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

روت عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني، أحمد شكر، تفاصيل جديدة بشأن اختفائه قبل أيام، مشيرة إلى أن مغترباً لبنانياً في كينشاسا يُدعى «ع . م» تواصل مع أحمد لاستئجار شقته في جنوب بيروت، وأنه زار لبنان مراراً.

وقال عبد السلام، شقيق الضابط المختفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغترب طلب لاحقاً من أحمد المساعدة في بيع قطعة أرض في زحلة لِمُتموّل يُدعى سليم كساب، لكن تبين لاحقاً أنه اسم مستعار.

وفي يوم اختفاء أحمد، ذهب لمقابلة المتمول، لكن المغترب اعتذر من عدم الحضور. وأظهرت كاميرات المراقبة تحرك سيارة باتجاه بلدية الصويرة، حيث فُقد أثر أحمد؛ مما أثار الشكوك بشأن تعرضه للاختطاف، من دون وجود أدلة واضحة.

ونفت العائلة أي علاقة لأحمد بملف الطيار الإسرائيلي رون آراد المفقود منذ 1986، وأيَّ علاقة له بالأحزاب.


الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أفاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن العلاقات السورية - الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أمس، إن مناقشة العلاقة بين البلدين تجري بقدر أكبر من الصراحة والانفتاح، مشدداً على أن دمشق تتطلع إلى بناء علاقات متوازنة وهادئة مع جميع الدول.

والتقى الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتناول اللقاء سبل تطوير الشراكة العسكرية، بما يعزز القدرات الدفاعية للجيش السوري، ويواكب التطورات الحديثة في الصناعات العسكرية.

وأوردت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن الرئيس الروسي «جدّد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكّد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
TT

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

وأكد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان أن القانون يعاقب بالسجن كل من يشارك في نزاعات خارجية، مشدداً على تجريم شبكات التجنيد والاتجار بالبشر.

جاء ذلك بالتزامن مع عمل لجنة حكومية خاصة بمكافحة تجنيد العراقيين للقتال في أراض أجنبية، وسط تضارب بشأن أعداد المجندين.

وتتحدث تقارير صحافية عن وجود نحو 50 ألف عراقي جُندوا للقتال في صفوف القوات الروسية، في حين تشير إحصاءات غير رسمية إلى نحو 5 آلاف مقاتل يتوزعون بواقع 3 آلاف مع الجيش الروسي، وألفي مقاتل مع الجيش الأوكراني.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان بتجنيد مقاتلين للقتال مع روسيا.