ما الذي يريده نتنياهو تحديداً؟

بعد موافقة «حماس» على مقترح الوسطاء... لماذا يصر على احتلال غزة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

ما الذي يريده نتنياهو تحديداً؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ليس في العالم فقط، بل أيضاً في إسرائيل يتساءلون بدهشة واستهجان، ما الذي يريده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالضبط؟

هل يريد بشكل حقيقي حلاً في قطاع غزة، يعيد المحتجزين الإسرائيليين ويحقن دماء الجنود الإسرائيليين؟ أم أنه يريد حرباً لمجرد الحرب؟

فهو كان قد اتهم «حماس» بأنها لا تريد صفقة. والآن، بعدما وافقت «حماس» على المقترح المصري - القطري، لماذا يصر على احتلال قطاع غزة ويدفع قيادة الجيش إلى تغيير خطتها وتسريع هذا الاحتلال؟

لأول وهلة، يبدو كأن إسرائيل كانت غائبةً عن الجهود التي بذلتها القاهرة والدوحة، بتنسيق كامل مع واشنطن، لإقناع قيادة «حماس» بقبول المقترح كما هو من دون شروط أو طلب تعديلات.

لكن المصريين والقطريين، وحتى الأميركيون، بل وحتى مسؤولون إسرائيليون، أكدوا أن نتنياهو كان على صلة وثيقة بهذه الجهود. وضع شروطاً ومطالب عديدة، قبِل بها الوسطاء أو اتفقوا مع مكتبه على حلول وسط بشأنها، مثل عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم.

فسبق ووافقت إسرائيل على الإفراج عن 120 فلسطينياً محكوماً عليه بالمؤبد لقاء كل محتجز إسرائيلي، بينما طلبت «حماس» 200، فاتفقوا على 150.

وإسرائيل طلبت، بعد الانسحاب من قطاع غزة، أن تبقى قواتها في حزام أمنى بعرض 2 - 3 كيلومترات، و«حماس» وافقت على 500 متر فقط، ثم اتُفق على أن تكون المسافة 1200، وفي بعض المواقع 1500 متر.

كل هذا جرى في المفاوضات مع إسرائيل و«حماس». فما الذي يجري إذن، حتى تنطلق القوات الإسرائيلية إلى احتلال القطاع كله؟

صورة النصر الختامية

الواضح أن نتنياهو قائد متردد، وما زال يتهرب من الحسم، أو كما كتبت صحيفة «هآرتس» في مقالها الافتتاحي، الأربعاء، هو «ضعيف. غير قادر على أن يقرر شيئاً. من جهة يضعضع مكانة إسرائيل في العالم، ولكنه يترك مواطنيه لمصيرهم».

عمل نتنياهو على تعبئة الجمهور الإسرائيلي بأنه لا مفر من احتلال غزة للضغط على «حماس»، فأشبع رغبات حلفائه في اليمين المتطرف من جهة، وفتح شهيتهم على المزيد من جهة أخرى. والآن يستصعب التراجع. يحاول تسويق سياسته على أنها صارمة في مواجهة «حماس».

فلسطينيون يتفقدون أنقاض منزل هدمه الجيش الإسرائيلي في قرية بيت سيرا بالضفة الغربية يوم الثلاثاء (أ.ب)

وليس صدفة أن البيان الذي نشره نتنياهو حول موافقة «حماس» على المقترح أورد الجملة التالية: «السياسة الإسرائيلية ثابتة ولم تتغير». فهو يرد على الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي قال إنه لا يثق بأن نتنياهو سيلتزم بتعهداته لليمين. وهو يحاول أن يثبت له بأنه لم ينه الحرب قبل الحسم العسكري.

لكن هذا الموقف ينطوي على أخطار أخرى يتهرب من إجراء حساب بشأنها.

فالتصميم على التظاهر أمام حلفائه في اليمين المتطرف بأنه يواصل عملية احتلال غزة لأجل إنهاء الحرب بالحسم العسكري، يوجد له ثمن. فقيادة «حماس» أيضاً تسعى لإنهاء الحرب بحسم عسكري، أو ما يسمى باللغة العسكرية «صورة النصر الختامية».

وهي فكرة مثيرة للجدل وكثيرون من الخبراء الاستراتيجيين يعتبرونها أغبى مبدأ عسكري، لأنها يمكن أن ترتد إلى نحره وتورطه في «وحل غزة».

فيوم الأربعاء مثلاً، نفذ رجال «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، عملية كادوا أن ينجحوا فيها بخطف جندي إسرائيلي، وأصابوا عدداً منهم في كمين.

وبمثل هذه العمليات، لا تعود هناك صفقات قريبة.

ماذا يجني؟

إذن ما الذي يجنيه نتنياهو بهذه العملية، رغم أن بين يديه صفقة لا ينقصها شيء سوى التوقيع؟

يجني الكثير.

فوفقاً لحساباته، يثبت أنه هو الحاكم بأمره في إسرائيل. فالعهد الذي كانت فيه جيشاً توجد له دولة ولَّى لتصبح إسرائيل دولة لها جيش ينصاع إلى قراراتها وينفذ عملية حربية لا يوافق عليها، بل ويعدّها «كميناً استراتيجياً».

جنود إسرائيليون خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (الجيش الإسرائيلي)

فمكانة الجنرالات تهبط في المجتمع الإسرائيلي، ومعها تهبط الدولة العميقة التي تختبئ وراءه. وهذه عملية يعمل عليها نتنياهو منذ عقدين من الزمن تقريباً.

وبهذه الطريقة يعزز ائتلافه الحاكم، ويُبقي على الحكومة حتى نهاية دورتها على الأقل، وبذلك تكون مكانته أقوى في المحكمة التي تحاكمه بتهم الفساد وتريد إدانته وإيداعه السجن.

وقد يرتب عمليات حربية أخرى «تضطره» إلى تأجيل الانتخابات.

وكتبت «هآرتس» في مقالها الافتتاحي، الأربعاء: «نتنياهو لا يكتفي بسبع ساحات للحرب في السنتين الأخيرتين. يُخيل أنه مصمم على أن يعلن حرباً على العالم كله، وهو بذلك يجر يهود العالم مع دولة إسرائيل إلى الهوة».

وفي حالة كهذه، وإذا زاد معيار الفشل، فإنه ينتظر أن يتدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنقاذه. ويكفيه أن ترمب يرى فيه بطلاً قومياً، ويتساءل: «كيف يريدون إدخاله السجن؟».


مقالات ذات صلة

«يونيسف»: 2025 كان الأسوأ لملايين الأطفال بسبب الجوع والحروب

الولايات المتحدة​ طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس (رويترز)

«يونيسف»: 2025 كان الأسوأ لملايين الأطفال بسبب الجوع والحروب

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن الجوع والحروب والأمراض شكلت حياة ملايين الأطفال خلال عام 2025.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)

ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

في لقاء غير رسمي أمام الصحافيين أثناء استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتصريحات.

هبة القدسي (واشنطن)
تحليل إخباري يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيز التنفيذ قبل شهرين، لن يكون بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما قبله.

محمد محمود (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع ثنائي في مقر إقامة ترمب مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ترمب: سأدعم هجوماً سريعاً على إيران إذا عاودت بناء برنامجها النووي

أكد الرئيس الأميركي ترمب خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الاثنين، أنه سيدعم هجوماً سريعاً على إيران إذا عاودت بناء برنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

ندد الأردن بإقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يستهدف عمل ووجود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويقوض قدرتها.

«الشرق الأوسط» (عمان)

مستشار خامنئي: أي اعتداء سيقابَل برد قاسٍ وفوري يتجاوز تصور مخططيه

الزعيم الإيراني علي خامنئي (أرشيفية - رويترز)
الزعيم الإيراني علي خامنئي (أرشيفية - رويترز)
TT

مستشار خامنئي: أي اعتداء سيقابَل برد قاسٍ وفوري يتجاوز تصور مخططيه

الزعيم الإيراني علي خامنئي (أرشيفية - رويترز)
الزعيم الإيراني علي خامنئي (أرشيفية - رويترز)

قال علي شمخاني المستشار السياسي للزعيم الأعلى الإيراني إن القدرة الصاروخية والدفاعية لإيران لا يمكن احتواؤها، ولا تحتاج إلى إذن من أحد لتطويرها.

ونقل تلفزيون «العالم» الرسمي عن شمخاني قوله إن «أي اعتداء سيقابَل برد قاسٍ وفوري يتجاوز تصور مخططيه».

وأضاف: «في العقيدة الدفاعية لإيران تحسم بعض الردود قبل أن يصل التهديد إلى مرحلة التنفيذ»، على حد تعبيره.


هبوط الريال يفجر احتجاجات في بازار طهران

شرطة مكافحة الشغب تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية في طهران (إ.ب.أ)
شرطة مكافحة الشغب تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية في طهران (إ.ب.أ)
TT

هبوط الريال يفجر احتجاجات في بازار طهران

شرطة مكافحة الشغب تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية في طهران (إ.ب.أ)
شرطة مكافحة الشغب تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية في طهران (إ.ب.أ)

شهدت العاصمة الإيرانية، طهران أمس، مظاهرات لليوم الثاني على التوالي قادها تجار وأصحاب محال، احتجاجاً على هبوط تاريخي في قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات في مناطق متعددة من بازار طهران، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين رددوا هتافات منددة بالنظام.

وجاءت الاحتجاجات مع تراجع الريال في السوق الحرة إلى نحو 1.39 مليون ريال للدولار، بعد أن كان قد هبط في اليوم السابق إلى نحو 1.42 مليون ريال ليعود ويتحسن بشكل طفيف.

وحذر رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي «محتكري سوق الصرف»، مؤكداً أن التعامل معهم سيكون «حازماً وقانونياً».

وأفادت تقارير رسمية بأن محافظ البنك المركزي محمد رضا فرزين قدم استقالته، وأن وزير الاقتصاد السابق عبد الناصر همتي عين محافظاً جديداً للبنك المركزي.


الرئيس الإيراني: سنتخذ إجراءات لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أرشيفية - رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: سنتخذ إجراءات لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أرشيفية - رويترز)

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الاثنين إن الحكومة وضعت على جدول أعمالها إجراءات أساسية لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي في البلاد.

وأضاف بزشكيان، في تصريحات نقلها تلفزيون العالم الرسمي، «معيشة الناس همي اليومي والحكومة تعمل بكل طاقتها لعلاج المشكلات وتقديم حلول مسؤولة».

من جانبه، قال علي شمخاني المستشار السياسي للزعيم الأعلى الإيراني إن القدرة الصاروخية والدفاعية لإيران لا يمكن احتواؤها ولا تحتاج إلى إذن من أحد لتطويرها. ونقل تلفزيون العالم الرسمي عن شمخاني قوله إن «أي اعتداء سيقابَل برد قاس وفوري يتجاوز تصور مخططيه». وأضاف «في العقيدة الدفاعية لإيران تحسم بعض الردود قبل أن يصل التهديد إلى مرحلة التنفيذ»، على حد تعبيره.