وزير الخارجية الإيراني: لا نزال بعيدين عن نقطة التفاوض مع واشنطن

قال إن طهران لا يمكنها قطع علاقاتها مع وكالة الطاقة الذرية

عراقجي خلال لقاء مسؤولين في مقره الأسبوع الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي خلال لقاء مسؤولين في مقره الأسبوع الماضي (الخارجية الإيرانية)
TT

وزير الخارجية الإيراني: لا نزال بعيدين عن نقطة التفاوض مع واشنطن

عراقجي خلال لقاء مسؤولين في مقره الأسبوع الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي خلال لقاء مسؤولين في مقره الأسبوع الماضي (الخارجية الإيرانية)

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده لا تزال بعيدة عن نقطة التفاوض مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن طهران لديها خطط جاهزة للمفاوضات، ولكن الوقت لم يحن بعد لاستئنافها بشكل فعال.

وأوضح عراقجي في حوار مفصل نشرته وكالة «إرنا» الرسمية اليوم أن إيران لا يمكنها قطع علاقاتها بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً إلى أنها لا تزال عضواً في معاهدة حظر الانتشار النووي.

ومنذ أن قصفت إسرائيل والولايات المتحدة منشآت نووية في إيران خلال حرب استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران)، لم يتمكن مفتشو الوكالة من الوصول إلى المواقع النووية رغم تأكيد مديرها العام رفائيل غروسي أن عمليات التفتيش لا تزال ضرورية.

وصدق البرلمان الإيراني الشهر الماضي على تشريع يعلق التعاون مع الوكالة، وينص على أن أي عمليات تفتيش فيما بعد ستحتاج إلى موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

واتخذ البرلمان هذه الخطوة بعد أن اتهمت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتمهيد الطريق عملياً للهجمات الإسرائيلية الأميركية من خلال تقرير أصدرته في 31 مايو (أيار) دفع مجلس محافظي الوكالة لإعلان أن إيران تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي.

لكن عراقجي قال إن طهران «لا يمكنها قطع التعاون بالكامل مع الوكالة... لذلك يجب أن يكون المفتشون هناك لإنجاز هذه المهمة»، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

وجاءت تصريحات عراقجي بعد يومين من قول متحدث باسم وزارة الخارجية إن إيران ستواصل المحادثات مع الوكالة، وإن الجانبين سيعقدان على الأرجح جولة مفاوضات أخرى في الأيام المقبلة.

وقال عراقجي إن زيارة ماسيمو أبارو، نائب المدير العالم للوكالة الذرية، جاءت في سياق المحادثات التي صاغتها وزارة الخارجية الإيرانية في مرحلة ما بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل. وقال: «أوضحنا للوكالة أن ظروفاً جديدة قد نشأت، إذ تعرّضت منشآتنا للقصف... ومن جهة أخرى، يفرض قانون البرلمان التزامات تقيّد حركتنا في بعض الحالات، كما أن الصلاحية أوكلت إلى المجلس الأعلى للأمن القومي. لذلك لا بدّ من الجلوس معاً أولاً لوضع إطار أو آلية جديدة للتعاون، وبناء هيكل جديد ينطلق منه هذا التعاون».

ووصف عراقجي زيارة أبارو التي استغرقت ساعات فقط الأسبوع الماضي بـ«المفيدة». وقال: «قمنا بتوثيق رؤيتنا بشأن آلية ممكنة استناداً إلى قانون البرلمان... وسلّمتنا الوكالة بدورها وثيقة بآرائها. هذا التبادل لا يزال مستمراً، ومن المحتمل أن نوفد زملاءنا إلى فيينا لجولة جديدة من المفاوضات».

وقال عراقجي إن «عودة المفتشين ستكون ممكنة فقط بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي». وأضاف: «لا يمكننا وقف التعاون بشكل كامل، فعلى سبيل المثال، بعد شهر أو شهر ونصف يحين موعد استبدال وقود محطة بوشهر النووية، ويجب أن يتم ذلك بحضور مفتشي الوكالة. حتى الخبراء الروس في المحطة يطالبوننا بالإسراع في هذا الإجراء، وإلا فلن يكون ممكناً قانونياً».

ورداً على سؤال عن استئناف محادثات مع واشنطن، أبدى الوزير تشاؤماً بشأن إمكانية استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة في المدى المنظور، قائلاً: «من وجهة نظري، نحن لم نصل بعد إلى تلك النقطة من النضج التي يمكن فيها إجراء مفاوضات فعالة مع الولايات المتحدة. في رأيي، الأميركيون لم يصلوا بعد إلى نقطة حيث يدخلون في مفاوضات متساوية».

وتم تعليق الجولة السادسة من المحادثات بين طهران وواشنطن بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية في يونيو.

وقال عراقجي: «تصلنا رسائل متناقضة من خلال الوسطاء. في مقابلات وتصريحات الأطراف الأميركية أيضاً هناك رسائل متناقضة. واحدة من مشكلاتنا -سواء في وقت المفاوضات السابقة أو الآن- هي أننا لم نسمع كلمة متناسقة من الأميركيين».

وأضاف: «في المفاوضات التي جرت، أصرت الولايات المتحدة على تحقيق مطلب كان مستحيلاً». وأضاف: «كان مطلبهم هو ألا تمتلك إيران القدرة على صنع سلاح نووي. أقنعهم البعض أنه مع وجود التخصيب، ستظل هذه القدرة موجودة دائماً، وبالتالي أصبح طلبهم وقف التخصيب نهائياً... لقد قاومنا هذا المطلب، وعندما يئسوا من تحقيقه عبر المفاوضات، لجأوا إلى الخيار العسكري».

ورداً على سؤال عن احتمال تغيير وسيط أو مضيف المفاوضات، قال: «يجب أن يتم اختيار المضيف بالتوافق بين الطرفين، ولا يحق لأي جهة فرض وسيط بعينه. فالوسطاء يمكن أن يؤدوا أدواراً متفاوتة؛ إذ قد يتميز بعضهم في مجالات معينة، ويكون أداؤهم أضعف في مجالات أخرى. وحتى الآن لم يتخذ قرار نهائي بشأن ما إذا كانت المفاوضات المقبلة ستستمر عبر سلطنة عمان، أم سيعتمد وسيط جديد».

وقلل عراقجي مرة أخرى من قدرة القوى الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» للعودة التلقائية إلى العقوبات الأممية. وقال إن «فرنسا وألمانيا وبريطانيا لم تعد طرفاً معترفاً به في الاتفاق النووي». وقال: الحديث عن آلية (سناب باك) لم يعد قائماً من الناحية القانونية والسياسية».

وأوضح أن ما يجري مع الأوروبيين لا يُصنف على أنه مفاوضات فعلية، بل مجرد مرحلة اختبارية لقياس ما إذا كانت هناك أرضية حقيقية تتيح الدخول في مفاوضات جادة مستقبلاً. وأشار إلى احتمال عقد اجتماع جديد مع الأوروبيين قريباً، مشيراً إلى أنهم باتوا أكثر إدراكاً أن تفعيل آلية الاستعادة في هذه المرحلة لن يخدم مصالحهم.

ومع ذلك، ذكر عراقجي أن لجوء الأوروبيين إلى آلية إعادة فرض العقوبات «حتى لو افترض امتلاكهم لهذا الحق، سيُنهي دورهم في العملية الدبلوماسية دون أن يضع طهران أمام مأزق». وحذر من أن العودة إلى قرارات مجلس الأمن السابقة، أو إعادة فرض عقوبات الأسلحة «سيناريوهات خطيرة، لكنها لن توفر لأوروبا أدوات ضغط إضافية على إيران».


مقالات ذات صلة

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

شؤون إقليمية أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب) play-circle

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

حذر مسؤولون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة بشأن تجدد الاشتباك مع إيران قد تؤدي لحرب جديدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية

«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني تحت المجهر، مع تصاعد التوتر الإقليمي وتضارب المعطيات بشأن تحركات عسكرية داخل إيران. وتشير تقديرات.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب - طهران)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ) play-circle

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام play-circle 01:12

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية play-circle 00:36

تباين إيراني بشأن بدء مناورات صاروخية واسعة النطاق

أفادت وسائل إعلام إيرانية ببدء اختبار صاروخي في عدد من المناطق داخل البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

ما تكاليف رحلات نتنياهو الخارجية في 2025؟

نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
TT

ما تكاليف رحلات نتنياهو الخارجية في 2025؟

نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)

بينما يتجهز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى زيارة جديدة للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كُشف النقاب عن تكاليف الرحلات الجوية التي قام بها خلال عام 2025، والتي وصل عددها 4 مرات، وذلك على الرغم من صدور مذكرة اعتقال بحقه من قِبل «المحكمة الجنائية الدولية» التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب في غزة.

وكشفت «حركة حرية المعلومات» الإسرائيلية، عن تكاليف السفر كاملة، بما فيها ما يتعلق بحجز أجنحة للمبيت، وتكلفة غرفة كل فرد من حاشيته، وتكلفة رحلة الطائرة الخاصة المسماة «جناح صهيون» الخاصة برئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي غادر على متنها نتنياهو إلى واشنطن في فبراير (شباط) الماضي.

وكانت أولى رحلات نتنياهو إلى واشنطن في الفترة من 2 إلى 9 فبراير، والتقى خلالها ترمب في البيت الأبيض، حيث رافقه خلال الرحلة 40 فرداً من حاشيته، بالإضافة إلى حراس أمن، لم يُكشف عن عددهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وبلغت تكلفة الغرفة الفندقية الواحدة 415 دولاراً، بينما أقام نتنياهو في فندق ويلارد إنتركونتيننتال واشنطن في جناح بلغت تكلفته 5000 دولار لليلة الواحدة، أي ما مجموعه 25000 دولار، أما تكلفة الرحلة على متن طائرة «جناح صهيون» فبلغت 434 ألف دولار، وهي الرحلة الوحيدة التي تم الكشف عن تكلفتها، بينما رد مكتب نتنياهو بأنه ما زالت تجري عمليات مراجعة بشأن التكاليف المتعلقة بالرحلات الأخرى على الطائرة نفسها.

وفي الثالث من أبريل (نيسان) الماضي، انطلق نتنياهو في رحلة استغرقت أربعة أيام إلى المجر، ورافقه 36 شخصاً من حاشيته، وبلغت تكلفة الغرفة الواحدة 417 دولاراً لليلة الواحدة، بينما أقام نتنياهو وزوجته في جناح بفندق فور سيزونز غريشام بالاس، بتكلفة 4632 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، أي ما يعادل 18528 دولاراً للجناح طوال فترة الزيارة.

طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدرج مطار بودابست في المجر أبريل الماضي (أ.ف.ب)

ومن المجر، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى واشنطن، حيث أقام من 6 إلى 9 أبريل (نيسان)، بصحبة 36 شخصاً من حاشيته، وبلغت تكلفة الغرفة في فندق ويلارد إنتركونتيننتال واشنطن 520 دولاراً، بينما أقام نتنياهو وزوجته في مركز ضيافة بلير هاوس (مقر ضيافة الرئيس الأميركي)، وكانت الإقامة في الجناح ونحو 14 غرفة على نفقة المضيفين، وفقاً لما ذكره مكتب نتنياهو.

في السادس من يوليو (تموز) الماضي، انطلق نتنياهو في زيارة أخرى إلى واشنطن للقاء ترمب، واستمرت الزيارة خمسة أيام، ورافقه خلالها 41 شخصاً من حاشيته، حيث بلغت تكلفة الغرفة الفندقية العادية 375 دولاراً.

ووفقاً لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فقد تكفل المضيفون تكاليف الجناح ونحو 14 غرفة أخرى في ضيافة بلير هاوس طوال فترة الزيارة.

«إخفاء ممنهج للتكلفة»

وكانت الرحلة الأخيرة إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث زار نتنياهو نيويورك بين 23 و30 سبتمبر (أيلول) الماضي، برفقة 38 عضواً من وفده، وبلغ سعر الغرفة العادية في فندق لويز ريجنسي 1199 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، بينما بلغ سعر الجناح 5999 دولاراً لليلة الواحدة، بمجمل تكلفة 41993 دولاراً طوال الزيارة. وأكد مكتب نتنياهو أن «تكلفة الغرف مرتفعة للغاية نظراً لتزامن الحجز مع موعد الانعقاد السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ إذ يتم حجز الغرف مسبقاً».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)

ومن المقرر أن يغادر رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأسبوع المقبل في زيارة أخرى إلى الولايات المتحدة، ولم يفصح عن تكاليف الرحلة إلى فلوريدا، حسبما أفادت «حركة حرية المعلومات».

واتهمت المحامية هايدي نيغيف، الرئيسة التنفيذية لـ«حركة حرية المعلومات»، مكتب نتنياهو بأنه «يخفي بشكل ممنهج تكاليف السفر إلى الخارج، ولا سيما حين يستخدم طائرة (جناح صهيون)»، مشيرةً إلى أن «المعلومات التي وصلت إليها الحركة بعد تقديم التماس أمام المحكمة المختصة، مليئة بالثغرات التي تثير الحيرة».

وأكدت الحركة أنها ستواصل «نضالها القانوني لاسترداد جميع الأموال العامة التي تم إنفاقها».

وكثيراً ما تعمل «حركة حرية المعلومات» على تقديم التماسات للكشف عن مصاريف نتنياهو وعائلته ونفقة منازله وسفره، وكثيراً ما كُشف عن نفقات عالية رغم أنه في فترات لم يستخدم تلك المنازل كما جرى خلال الحرب.


أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

بعث زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان، برسالة إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، طالبه فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوفها.

وحسبما ذكرت صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، الثلاثاء، ناقشت السلطات التركية مع أوجلان مسألة «طرد العناصر الأجنبية من (قسد)»، وهو شرط تتمسك به أنقرة وتعده «غير قابل للتفاوض»، ضمن تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» في الجيش السوري، الموقَّعة بين عبدي والرئيس أحمد الشرع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، والتي كان يُنتظر الانتهاء من تنفيذها بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.

وكرر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في تصريحات، الأسبوع الماضي، مطالبة أنقرة بترحيل العناصر غير السورية في «قسد»، وإزالة جميع العناصر المنتشرة بطريقة تتعارض مع مصالح تركيا وأمنها، محذراً من أن صبر تركيا والأطراف المعنية باتفاق 10 مارس بدأ ينفد.

خطوة مهمة

ووفقاً للصحيفة، فإن تركيا ستعد طرد العناصر الأجنبية في «قسد»، خطوة مهمة تدفع إلى اتخاذ إجراءات قانونية من أجل تنفيذ مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي يسميها أوجلان والجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، وسيكون بإمكان المواطنين الأتراك المنتمين إلى «هذه المنظمة» (قسد)، العودة إلى تركيا إذا رغبوا في ذلك، وأن هذه المجموعة قد تستفيد أيضاً من اللوائح القانونية المزمع سنّها في إطار عملية حل حزب العمال الكردستاني والمجموعات المرتبطة به، وبينها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود «قسد»، ونزع أسلحتها.

أوجلان وجه نداءً لحل حزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي تؤكد أنقرة أنه يشمل «قسد» (إ.ب.أ)

وتتمسك أنقرة بأن نداء «دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي»، الذي وجهه أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني في 27 فبراير (شباط) الماضي، يشمل جميع المجموعات المرتبطة بالحزب، بما في ذلك «وحدات حماية الشعب» الكردية، لكن عبدي صرح بأن النداء لا يعنيهم، ثم عاد وقال في تصريحات، قبل أسبوعين، إن هناك ضرورة لإجراء محادثات مباشرة مع أوجلان بشأن العملية الجديدة، لافتاً إلى أنه قد يزور تركيا أيضاً «إذا كان هذا الوضع سيسهم إيجاباً في الحل».

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

ولفت عبدي إلى أنهم تبادلوا وجهات النظر مع أوجلان عبر الرسائل، وهناك حديث عن وجود مسلحين من حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، مشدداً على «أن هذه القضايا لن تُحل إلا مع أوجلان، ونريد أن نكون طرفاً داعماً وليس عائقاً».

وسبق أن طالب أوجلان تركيا بالتعامل بحساسية أكبر مع سوريا كونها دولة مستقلة، وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإجراء حوار مباشر مع «قسد».

رسائل سابقة

وفي رسالة سابقة، مؤرخة في 28 يوليو (تموز)، بعث بها أوجلان إلى زعماء ووجهاء العشائر العربية في الجزيرة ودير الزور والرقة والطبقة، قُرئت عليهم في اجتماعات معهم في سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا إلى تعزيز روابط الأخوّة مع الأكراد ودعم «قسد» في مواجهة التحديات.

وذكر أوجلان أن «العلاقة التاريخية بين العرب والأكراد تشكل الضمانة الأساسية لوحدة سوريا واستقرارها»، مشدداً على مشروع «الأمة الديمقراطية» كإطار جامع لبناء «دولة آمنة وديمقراطية».

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه وفداً تركياً ضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات في دمشق 22 ديسمبر (وزارة الدفاع التركية - «إكس»)

جاء الإعلان عن رسالة أوجلان لـ«قسد» بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت في حلب بين قوات تابعة لوزارة الدفاع السورية و«قسد» في حلب، الاثنين، بالتزامن مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى ضم وزيري الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، إلى دمشق، ولقائه الشرع لبحث آخر التطورات في سوريا، وتنفيذ اتفاق 10 مارس، والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وأصدرت وزارة الدفاع السورية و«قسد»، ليل الاثنين - الثلاثاء، أوامر بوقف إطلاق النار، بعد الاشتباكات التي أوقعت 4 قتلى، فيما تبادل الطرفان الاتهامات حيال التسبب باندلاعها.

موقف تركي - سوري

وأكد وزيرا الدفاع التركي هاكان فيدان، ونظيره السوري أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي في دمشق، أنه لا توجد مؤشرات على نية «قسد» إحراز أي تقدم في تنفيذ اتفاق 10 مارس، وأنها تماطل في هذا الأمر، وهو ما أرجعه فيدان إلى مباحثاتها مع إسرائيل.

فيدان والشيباني خلال مؤتمر صحافي في دمشق 22 ديسمبر (إ.ب.أ)

وقال فيدان إنه «من المهم أن يتم دمج (قسد) في الإدارة السورية من خلال الحوار والمصالحة، وبشكل شفاف، وألا تعود تشكّل عائقاً أمام وحدة الأراضي السورية واستقرارها على المدى الطويل».

وذكر الشيباني أن دمشق تلقت، الأحد، رداً من «قسد» على صيغة اقتراح قدمته لها وزارة الدفاع السورية من أجل دمج مسلحيها في صفوف الجيش السوري، تجري دراسته وكيفية استجابته للمصلحة الوطنية في أن يحقق الاندماج ويحقق أرضاً سورية واحدة موحدة، وأنه سيتم إبلاغ الجانب الأميركي بالرد في القريب العاجل.

وفي أنقرة، دعا المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عمر تشيليك، «قسد» إلى الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس، لافتاً إلى أن تركيا مستعدة دائماً عسكرياً (حال عدم تنفيذ الاتفاق) لاتخاذ ما يلزم لضمان أمنها القومي.

واستدرك، خلال تصريحات مساء الاثنين، عقب اجتماع للجنة المركزية للحزب: «لكننا نريد ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة، وعندما تدعو الحاجة بطبيعة الحال فسيتم التنفيذ دون تردد».


مستوطنون إسرائيليون يرشون أطفالاً فلسطينيين بالغاز المسيل للدموع

مئات المستوطنين الإسرائيليين (أرشيفية - أ.ف.ب)
مئات المستوطنين الإسرائيليين (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مستوطنون إسرائيليون يرشون أطفالاً فلسطينيين بالغاز المسيل للدموع

مئات المستوطنين الإسرائيليين (أرشيفية - أ.ف.ب)
مئات المستوطنين الإسرائيليين (أرشيفية - أ.ف.ب)

قال مسؤول فلسطيني، اليوم الثلاثاء، إن مستوطنين إسرائيليين هاجموا منزلاً فلسطينياً في جنوب الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل خلال الليل، ورشوا الغاز المسيل للدموع على الأطفال وقتلوا أغناماً.

وكان هذا أحدث هجوم في سلسلة من الهجمات المتصاعدة التي يشنها المستوطنون ضد الفلسطينيين في المنطقة في الأشهر الأخيرة.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها اعتقلت خمسة مستوطنين، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

بينما قال أمير داود، الذي يدير مكتباً لتوثيق مثل هذه الهجمات ضمن هيئة حكومية فلسطينية تسمى «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، إن المستوطنين حطموا باباً ونافذة للمنزل، وأطلقوا الغاز المسيل للدموع في الداخل، ما أدى إلى نقل ثلاثة أطفال فلسطينيين دون سن الرابعة إلى المستشفى.

وأضاف أن المستوطنين دخلوا أيضاً حظيرة الأغنام الخاصة بالعائلة، وقتلوا ثلاث أغنام وأصابوا أربعاً أخرى.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها اعتقلت المستوطنين الخمسة للاشتباه في تعديهم على أراضٍ فلسطينية وإلحاق أضرار بالممتلكات واستخدام رذاذ الفلفل، مشيرة إلى أنها تجري تحقيقاً في الواقعة.

وأظهر مقطع فيديو من كاميرات المراقبة للهجوم الذي وقع في بلدة السموع، نشرته الهيئة، خمسة مستوطنين ملثمين يرتدون ملابس داكنة، وبعضهم يحمل هراوات، وهم يقتربون من المنزل ويبدو أنهم يدخلونه.

وتسمع في الفيديو أصوات تحطيم بالإضافة إلى أصوات حيوانات. ويظهر فيديو آخر من الداخل شخصيات ملثمة يبدو أنها تضرب الأغنام في الحظيرة.

وتظهر صور لما بعد الهجوم، نشرتها الهيئة أيضاً، نوافذ سيارات محطمة وباباً أمامياً مهشماً. كما تظهر أغنام غارقة في الدماء ملقاة على الأرض بينما تقف أخرى وبقع الدماء تلطخ صوفها.

وداخل المنزل، تظهر الصور زجاجاً محطماً وأثاثاً مبعثراً.

وقال داود إن هذا كان الهجوم الثاني للمستوطنين على العائلة في أقل من شهرين، واصفاً إياه بأنه «جزء من نمط منهجي ومستمر لعنف المستوطنين الذي يستهدف المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم ووسائل عيشهم، وينفذ بإفلات من العقاب تحت حماية الاحتلال الإسرائيلي».

وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا المزيد من العقوبات على «الجماعات الإسرائيلية المتطرفة» بسبب العنف ضد المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية.

ويعيش نحو 500 ألف إسرائيلي، في مستوطنات بالضفة الغربية يعتبرها المجتمع الدولي في معظمه أنها غير قانونية وتمثل عقبة كبرى أمام تحقيق السلام.