كشف باحثون من بريطانيا والهند عن آلية جديدة تتبعها خلايا جسم الإنسان لإغلاق الفجوات، مثل الجروح، وذلك من خلال تغيير شكلها وفق طبيعة حافة الجرح وتنظيم بنيتها الداخلية.
وأوضح الفريق البحثي من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة ومعهد تاتا للأبحاث الأساسية في الهند أن هذا الاكتشاف قد يمهّد الطريق لتطوير علاجات محسنة للجروح المزمنة، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية «Nature Cell Biology».
ويعتمد شفاء الجروح وتجديد الأنسجة بشكل رئيسي على قدرة الجسم الطبيعية على إصلاح الخلايا التالفة واستبدال خلايا جديدة بها. وتشمل العملية نمو خلايا جديدة، وإعادة ترتيب الأنسجة، وتنشيط الأوعية الدموية لتزويدها بالغذاء والأكسجين.
كما تسهم تقنيات حديثة، مثل الضمادات الذكية والعلاجات بالخلايا الجذعية، في تسريع التئام الجروح وتقليل الندوب.
وتُعد الخلايا الطلائية (الظاهرية)، التي تغطي أسطح الجسم من الداخل والخارج، خط الدفاع الأول ضد الميكروبات والجفاف، كما تمتصّ العناصر الغذائية وتتخلَّص من الفضلات وتُنتج بعض الإنزيمات والهرمونات.
وأظهرت النتائج أن الشبكة الإندوبلازمية، المعروفة بدورها في إنتاج البروتينات والدهون في الخلايا بما في ذلك خلايا الجلد، تؤدي أيضاً دوراً تنظيمياً أساسياً في تحديد كيفية تحرك الخلايا لإغلاق الجروح، وفق شكلها الهندسي.
وبيّنت الدراسة أن هذه الخلايا تغيّر سلوكها حسب شكل الفجوة الناتجة عن الجروح، فعند الحواف المحدبة (المقوسة للخارج)، تتحول الشبكة الإندوبلازمية داخل الخلية إلى أنابيب دقيقة، ما يدفع الخلايا إلى التحرك بحركة زاحفة مع بروزات عريضة تساعدها على الإغلاق.
أما عند الحواف المقعّرة (المقوسة للداخل)، فتتشكل الشبكة على هيئة صفائح مسطحة، وتتحرك الخلايا عبر ما يشبه «الخيط القابل للشد» الذي ينقبض لسحب الحواف نحو بعضها حتى تُغلق الفجوة.
واستخدم الباحثون في تجربتهم تقنيات تصوير متطورة لإحداث فجوات دقيقة في طبقات الخلايا، إلى جانب نماذج رياضية لتوضيح كيفية تغيّر الشبكة الإندوبلازمية ودورها في توجيه حركة الخلايا في أثناء الجروح.
وحسب الفريق، فإن هذا الاكتشاف لا يقتصر على فهم آلية التئام الجروح فحسب، بل قد يفتح آفاقاً جديدة لعلاجات الجروح المزمنة، وتجديد الأنسجة في حالات الحروق أو التلف الشديد، كما يوفّر إطاراً لفهم كيفية انتشار الخلايا السرطانية بما قد يساعد على ابتكار طرق لإبطاء أو منع انتشارها.


