«تفاؤل حذر» إثر التوافق على تعديل الإطار الدستوري اللازم للانتخابات الليبية

توصلت إليه لجنتا «الاستشارية» و«6+6» برعاية أممية

أعضاء اللجنتين عقب انتهاء اجتماعهما في مقر البعثة الأممية (البعثة الأممية)
أعضاء اللجنتين عقب انتهاء اجتماعهما في مقر البعثة الأممية (البعثة الأممية)
TT

«تفاؤل حذر» إثر التوافق على تعديل الإطار الدستوري اللازم للانتخابات الليبية

أعضاء اللجنتين عقب انتهاء اجتماعهما في مقر البعثة الأممية (البعثة الأممية)
أعضاء اللجنتين عقب انتهاء اجتماعهما في مقر البعثة الأممية (البعثة الأممية)

هيمنت أجواء «تفاؤل حذر» على الطبقة السياسية في ليبيا، إثر التوصل إلى توافق بين لجنتي «6+6» و«الخبراء الاستشارية»، على مسار «تسوية سياسية شاملة»، يشمل تعديل الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلى جانب تشكيل «حكومة ليبية موحدة».

وعقب اجتماعات استمرت يومين، تحت إشراف البعثة الأممية، أقرت «لجنتا (6+6)، المكوَّنة من أعضاء في مجلسي النواب والأعلى للدولة و(الاستشارية)، المكلفة من البعثة»، بأن «التسوية السياسية الشاملة أمر بالغ الأهمية لتمهيد الطريق للانتخابات»، بحسب بيان للبعثة مساء الخميس.

 

استصدار «تعديل دستوري جديد»

يتفق عضو المجلس الأعلى للدولة محمد الهادي، مع جانب مما خلص إليه الاجتماع، تحديداً ضرورة «استصدار تعديل دستوري جديد»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما طالب به أعضاء اللجنتين «كان أمراً متوقعاً ومطلوباً، باعتبار أن حل الأزمة يبدأ من إيجاد قاسم مشترك، يجمع كل الأطراف وعليها الالتفاف حوله».

جانب من اجتماع اللجنتين «الاستشارية» و«6+6» برعاية البعثة الأممية في ليبيا (البعثة)

ويذهب الهادي إلى الاقتراح بـ«ضرورة أن تعمل البعثة على إيجاد دستور ولو لفترة مؤقتة، يتم من خلاله الوصول إلى انتخابات حرة نزيهة، وإيجاد سلطة تنفيذية جديدة، تبسط سيطرتها على كل التراب الليبي». وحض «المجتمع الدولي وكل الأطراف الإقليمية على المساعدة، والدفع نحو الوصول إلى هذا الحل الممكن، وقد يكون الوحيد»، واصفاً أي خيارات أخرى بأنها «مجرد إعادة تدوير للأزمة وتزيدها تعقيداً».

 

متطلبات «التسوية السياسية»

تتطلب «التسوية السياسية»، وفق اللجنتين، «مراجعة القوانين الانتخابية لضمان نزاهة الانتخابات، وتشكيل حكومة موحدة بتفويض انتخابي واضح ومحدد زمنياً، واعتماد ضمانات محلية ودولية لإعادة بناء الثقة بين الجميع، خصوصاً بين الشعب والمؤسسات السياسية».

كما تندرج أيضاً «تدابير لتعزيز الحكم المحلي، وضمان أمن الانتخابات، ودفع المصالحة الوطنية، وتعزيز شفافية الإنفاق مع مكافحة الفساد»، ضمن متطلبات التسوية السياسية التي أقرتها اللجنتان.

ورفعت النتائج السابقة لاجتماع لجنتي «6+6» و«الاستشارية» سقف الطموحات لدى سياسيين ونشطاء، رأوا أن دعم المجتمع الدولي وأطرافه الفاعلة في الملف الليبي «رهان جوهري، رغم إخفاقات سابقة لمسارات الدبلوماسية الدولية مع الملف الليبي في (برلين وجنيف) على سبيل المثال».

وفي هذا السياق، يرى رئيس «حزب ليبيا الكرامة»، يوسف الفارسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التسوية السياسية المقترحة التي أقرتها اللجنتان الليبيتان قابلة للتحقق، وهذه المرة تختلف عن المرات السابقة»، مستنداً إلى أن «الملف الليبي بات يحظى بزخم دولي كبير، تحديداً الدعم الأميركي للوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار».

وبحسب الفارسي، وهو أيضاً أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، فإن «كل الظروف والمعطيات باتت مواتية للتوصل إلى تسوية سياسية، في ضوء عجز الأطراف السياسية عن التوافق على تشكيل حكومة، وسأم الليبيين من إخفاقات البعثة الأممية السابقة، وقابلية الوضع للانفجار في طرابلس في أي لحظة».

 

«إجماع دولي مرتقب»

بالنسبة للناشط السياسي، محمد قشوط، فإن ليبيا «انتقلت من مرحلة المشاورات والتفاوض والاجتماعات وجلسات الحوار، وباتت على مشارف التنفيذ الفعلي لخريطة الطريق الأممية، التي ستعلن عنها المبعوثة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي الشهر الحالي».

ويتوقع قشوط «إجماعاً دولياً مرتقباً على خريطة الطريق، التي تهدف بشكل رئيسي إلى تشكيل حكومة ليبية موحدة جديدة، وقد أصبحت قريبة جداً».

في المقابل، يشير الهادي إلى «خلافات كبيرة جداً حول جدوى تشكيل حكومة جديدة في ظل الظروف الراهنة، إذ يرى بعضهم أن هذه الخطوة ستكون زيادة للانقسام والتشظي والفساد، بينما يرى طرف آخر أن الحل يبدأ من هذه النقطة».

جانب من اجتماع اللجنتين «الاستشارية» و«6+6» برعاية البعثة الأممية في ليبيا (البعثة)

في موازاة ذلك، يرى ليبيون في اتفاق لجنتي «6+6» و«الاستشارية» على تعديل الإطار الدستوري، أنه «إعادة لتدوير الأزمة بأدواتها المعطوبة»، وهي رؤية يتبناها المحلل السياسي محمد الأمين، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المفردات المستخدمة في البيان، مثل التسوية الشاملة وتشكيل حكومة موحدة بتفويض انتخابي، يعد تكراراً لما قيل في جولات تفاوض سابقة دون أن يُنفَّذ منها شيء».

وانتقد الأمين «غياب آلية تنفيذ واضحة، واستمرار العمل بلجان فاقدة للشرعية الشعبية»، معتبراً أنها «محاولة لإنتاج توافق شكلي، لا يلامس جوهر الانقسام».

أما الحديث عن تشكيل «حكومة جديدة»، فهو من منظور الأمين «عنوان محتمل لصفقة سياسية محتملة، قد تُعيد إنتاج السلطة بأسماء جديدة، لكنها لن تُنهي الانقسام، أو تقود إلى انتخابات فعلية ما لم تُستند إلى إرادة وطنية حقيقية وصندوق اقتراع حر».

وانتهى الأمين إلى الاعتقاد بأن «الخطر اليوم لا يكمن في فشل التسويات، بل في نجاحها الزائف، الذي يمنح شرعية مؤقتة لواقع مأزوم، ويؤجل الانفجار دون معالجته».

وفي مايو (أيار) الماضي، تقدمت لجنة خبراء استشارية، شكلتها البعثة الأممية من 20 أكاديمياً وسياسياً ليبيا، بأربعة خيارات، قالت إنها يمكن أن تشكل خريطة طريق لإجراء الانتخابات، وإنهاء المرحلة الانتقالية في البلاد.

وتشمل هذه الخيارات إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، أو إجراء البرلمانية أولاً، ثم اعتماد دستور. وشملت المقترحات كذلك اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات، أو إنشاء لجنة حوار لوضع اللمسات الأخيرة على قوانين الانتخابات، والسلطة التنفيذية والدستور الدائم.

أما لجنة «6+6» فتضم 6 أعضاء من المجلس الأعلى الدولة ونظراءهم من مجلس النواب، وقد تشكلت بموجب التعديل الدستوري الثالث عشر لإعداد قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ووضع إطار قانوني توافقي، يمهّد لإجراء انتخابات وطنية شاملة في ليبيا.


مقالات ذات صلة

البشت الخليجي والكشري المصري ضمن 68 ترشيحاً لقائمة اليونيسكو للتراث الثقافي

يوميات الشرق الكشري عبارة عن طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي (بيكسلز)

البشت الخليجي والكشري المصري ضمن 68 ترشيحاً لقائمة اليونيسكو للتراث الثقافي

سينافس البشت الخليجي وطبق الكشري المصري والشعر الموسيقي اليمني ضمن 68 ترشيحاً تنتظر موافقة منظمة اليونيسكو لإضافتها لقائمة التراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (باريس - نيودلهي)
شمال افريقيا عائلة سودانية تصل إلى معبر طينة الحدودي في شرق تشاد بعد هروبهم من معارك الفاشر (رويترز) play-circle

الأمم المتحدة: تقدم «الدعم السريع» في السودان قد يؤدي لنزوح جديد

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي إن تقدم «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية في السودان قد يؤدي إلى نزوح جماعي آخر عبر الحدود.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم شعار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» (رويترز)

غوتيريش يندد بمداهمة إسرائيل مقر «الأونروا»

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة اليوم الاثنين بمداهمة إسرائيل مقر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في القدس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي سودانيات نزحن من الفاشر في خط لتلقي المساعدات الغذائية في الدبة (أ.ب)

الأمم المتحدة تخفض إلى النصف ميزانية المعونات الطارئة لعام 2026

خفضت الأمم المتحدة إلى النصف ميزانيتها الإنسانية خلال عام 2026، وتعمل الآن لجمع 23 مليار دولار أميركي لدعم منقذ لحياة 87 مليون شخص متضررين من الحروب والكوارث.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي يوم 11 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ) play-circle

الأمم المتحدة: أكثر من 3 ملايين لاجئ ونازح سوري عادوا إلى ديارهم

قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 3 ملايين لاجئ ونازح سوري عادوا إلى ديارهم منذ سقوط حكم بشار الأسد قبل عام.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

من «المبادرات» إلى «الحوارات»... ليبيا تدور في دوامة المفاوضات «بحثاً عن حل»

عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)
TT

من «المبادرات» إلى «الحوارات»... ليبيا تدور في دوامة المفاوضات «بحثاً عن حل»

عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)

تتأرجح الأزمة الليبية داخلياً وخارجياً، بين إبرام مبادرات وعقد حوارات، بحثاً عن حل ينهي تعقيدات المشهد الراهن، وذلك منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي. ويأتي ذلك وسط ترقب لإعلان البعثة الأممية عن أسماء المشاركين في «الحوار المُهيكل».

و«الحوار المُهيكل» هو جزء من «خريطة الطريق»، التي قدمتها البعثة إلى مجلس الأمن في أغسطس (آب) الماضي، ومن المفترض أن تُعلن أسماء المشاركين فيه الذين يتكونون من 120 عضواً في 14 من الشهر الحالي.

ويهدف الحوار - بحسب البعثة الأممية - إلى «توسيع نطاق شمول العملية السياسية، من خلال جمع الليبيين والليبيات من المناطق والتوجهات السياسية والثقافية والمجتمعية كافة».

ومبكراً، اتجه ملف الأزمة إلى مدينة غدامس الليبية، مع نهاية ولاية المبعوث الأممي الثالث طارق متري، السياسي والأكاديمي ووزير الإعلام اللبناني الأسبق. ومع تسلّم الإسباني برناردينو ليون، المبعوث الرابع، مهمته في أغسطس (آب) 2014، انطلقت جولات الحوار الليبي فيما عُرف بـ«غدامس1» مع نهاية سبتمبر (أيلول).

وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته، انعقد حوار «غدامس2»، غير أنه فشل في التوصل إلى تسوية، فانتقل الملف سريعاً إلى جنيف منتصف يناير (كانون الثاني) عام 2015 في جولتين سريعتين لم يفصل بينهما إلا 10 أيام، لتتوالى منذ التاريخ المبادرات والحوارات في الداخل والخارج.

«مبادرات تدور في دوائر مغلقة»

يرى خالد الترجمان، المحلل السياسي الليبي ورئيس «مجموعة العمل الوطني»، أن «البعثة الأممية والدول المهيمنة على المشهد السياسي لا تريد لليبيا الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية». وقال إن البلاد شهدت «طرح كثير من المبادرات التي تدور في دوائر مغلقة، والتي لا تبدأ من حيث انتهى الآخرون؛ لكنها تكرر ما سبق».

يرى خالد الترجمان أن «البعثة الأممية والدول المهيمنة على المشهد السياسي لا تريد لليبيا الوصول إلى الانتخابات (المفوضية)

وأضاف الترجمان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ليبيا «مرّت بأكثر من عشرة حوارات رعتها الأمم المتحدة دون جدوى؛ وراهناً تتحدث البعثة عن الحوار المُهيكل؛ وهي تسمية جديدة طرحتها البعثة».

ووجه الترجمان انتقادات للحوار المرتقب لجهة أعداد المشاركين فيه، متسائلاً: «هل سيقود هذا الحوار ليبيا إلى عقد الانتخابات في عام 2026؟».

ويأتي موعد الإعلان عن انطلاق الحوار المُهيكل قبيل الإحاطة، التي من المقرر أن تقدمها المبعوثة الأممية هانا تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي في 19 ديسمبر الحالي. وقال مصدر مقرب من البعثة إنها «تعمل وفق ما يقترحه الليبيون لمساعدتهم على عقد الاستحقاق العام، وفق (خريطة الطريق) السياسية المعلنة».

وسبق أن أوضحت البعثة الأممية أن «(الحوار المُهيكل) ليس هيئة لصنع القرار بشأن اختيار حكومة جديدة؛ بل سيُعنى بالتوصل إلى توصيات ملموسة لتهيئة بيئة مواتية للانتخابات، ومعالجة التحديات المُلحة في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن».

ورأت البعثة أن هذه الخطوة تأتي «من خلال دراسة وتطوير مقترحات سياسية وتشريعية لمعالجة دوافع الصراع الطويل الأمد؛ ويهدف إلى بناء توافق في الآراء حول رؤية وطنية، تُشكّل مسار الاستقرار في ليبيا».

الفرصة الأخيرة

يقول الناشط السياسي الليبي، جمال السعداوي، إن «المسارات باتت واضحة أمام جميع الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي»، مشيراً إلى أن البعثة «سبق أن أوضحت بشكل لا يحتمل الالتباس أن الفترة الفاصلة بين الإعلان عن الحوار والإحاطة ستكون الفرصة الأخيرة أمام مجلسي النواب و(الدولة) لإنجاز المهام المنوطة بها».

وتتمحور هذه المهام - وفق السعداوي - حول الاتفاق على إعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، بما يضمن نزاهة الإشراف، وتعديل القوانين المُنظمة للمسار الانتخابي، بالإضافة إلى تقديم تصور وطني متوافق حول هيكلة الحكومة القادمة.

من جلسة سابقة لمجلس الأمن حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)

وفي حال تمكّن مجلسا النواب و«الدولة» من إنجاز هذه الخطوات قبل 19 ديسمبر الحالي، فإن حق تشكيل الحكومة سيُمنح لهما دعماً لمبدأ الملكية الليبية للحل. أما إذا تعذّر الوصول إلى توافق واضح قبل الإحاطة، فقد أكدت البعثة أنها ستتوجه إلى مجلس الأمن للحصول على تفويض مباشر لتشكيل «لجنة وطنية دولية مشتركة»، تتولى العمل على الإجراءات نفسها، التي من شأنها المساعدة في إجراء الانتخابات.

وتعد محطة «الصخيرات» بالمغرب، التي وصلت إليها الأزمة الليبية، «الأهم والأخطر». فمع نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وقّع الأفرقاء في البلاد على اتفاق سياسي، برعاية أممية، لتبدأ منذ ذلك التاريخ فترة من «عدم التوافق» بين ما وُصف بمعسكري غرب وشرق ليبيا، حول «مخرجات اتفاق الصخيرات».

فرصة الليبيين للمشاركة

لا يزال الجدل يسبق الإعلان عن أسماء المشاركين في الحوار المُهيكل، إذ أعلنت ليلى سويسي، رئيسة المجلس الوطني الأعلى للمرأة الليبية، اعتذارها عن جميع الترشيحات التي دُفع بها للمشاركة في الحوار المرتقب.

وأرجعت سويسي في تصريح صحافي عبر صفحتها على «فيسبوك» هذا الاعتذار عن المشاركة «لتعدد مسؤولياتها وانشغالاتها العملية خارج ليبيا خلال الفترة المقبلة»، ورأت أن ذلك «يجعل التزامي الكامل مستحيلاً؛ والمسؤولية عندي موقف قبل أن تكون حضوراً».

من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)

ويرى سياسي ليبي، مرشح للمشاركة في الحوار، أن البعثة الأممية «تسعى للبحث عن حل يأتي من الليبيين أنفسهم وليس من الخارج». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أمام الليبيين الوطنيين فرصة لتجاوز سلبيات الاتفاقات الماضية، من خلال المناقشات والأطر التي تفيد المسار الديمقراطي».

ويتميز «الحوار المُهيكل» عما سبقه من مبادرات وحوارات رعتها الأمم المتحدة بأنه يمنح فرصة أمام الجمهور الليبي للمشاركة.

وكانت البعثة قد وعدت بتوفير «فرص متنوعة» لتقديم مساهماتهم والتفاعل مع القضايا، التي تُناقش على طاولة الحوار، بما في ذلك من خلال استطلاعات الرأي عبر الإنترنت، والاجتماعات الحضورية والافتراضية.


الجيش الجزائري يهاجم «عميد الصحافيين» إثر إدانته بتهمة «إهانة رموز التحرير»

«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)
«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)
TT

الجيش الجزائري يهاجم «عميد الصحافيين» إثر إدانته بتهمة «إهانة رموز التحرير»

«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)
«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)

في حين استأنف «عميد الصحافيين» في الجزائر، سعد بوعقبة، حكم السجن لثلاث سنوات مع وقف التنفيذ الصادر بحقه بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة»، هاجمه الجيش عبر دوريته، وعدّ أن تصريحاته التي تسببت له في مشاكل «تعكس سوء نية للطعن في تاريخنا ورموزنا».

بعد أربعة أيام من النطق بالحكم ضده من طرف «محكمة بئر مراد رايس» بالعاصمة، خصصت مجلة «الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، مقالاً للصحافي المثير للجدل، في عددها لشهر ديسمبر (كانون الأول) الصادر، أمس الاثنين.

المقال الذي يهاجم الصحافي بوعقبة في مجلة الجيش

ومن دون ذكره بالاسم، جاء في المقال: «يطل علينا من حين لآخر بعض المتشدقين المغرورين، الذين يدعون زوراً وبهتاناً أنهم ألمّوا بمفاصل التاريخ ومعالم الجغرافيا ليقدحوا عن قصد وبسوء نية في تاريخنا المجيد، ويطعنوا في رموزنا الوطنية»، مبرزاً أن «ما يراه البعض حرية تعبير وإبداء رأي هو جهل لما يحاك ضد بلادنا». ويحيل المقال إلى تصريحات كبار المسؤولين في البلاد بأن التعاطي في الإعلام مع المشاكل، وأوجه القصور في تسيير الشأن العام «يعطي فرصة لخصوم الجزائر للتهجم عليها وإضعافها». وغالباً ما تتم الإشارة، وفق هذا الخطاب، إلى العلاقات المتوترة مع فرنسا والمغرب ودول الساحل.

وبحسب «الجيش»، «قد يكون الاختلاف في الرأي مفيداً، لكن شريطة أن يكون مؤسساً وتحت سقف المصالح العليا للوطن، وضمن مبادئنا وقيمنا الراسخة وتاريخنا وذاكرتنا وثوابتنا ومقدساتنا، وفي الإطار الذي يجمعنا ولا يفرقنا». لافتاً إلى أن «التدليس والتشكيك في الذاكرة والتاريخ والهوية والمرجعيات والرموز، بحجة حرية التعبير، عذر أقبح من ذنب، وتعدٍّ صارخ على ماضينا المجيد، الذي صنع مجده رجال آثروا التضحية بكل غال ونفيس من أجل أن نعيش أحراراً، أسياداً على أرضنا الطيبة».

ويعود هجوم «الجيش» على بوعقبة إلى مقابلة أجرتها معه المنصة الإلكترونية «رؤية» الشهر الماضي، تناول فيها ما يُعرف بـ«كنز جبهة التحرير الوطني»، وهو تعبير يشير إلى الأموال التي جمعها التنظيم الوطني لدعم المجهود الحربي، خلال ثورة استقلال الجزائر (1830 - 1962).

وخلال المقابلة، قال بوعقبة إن بعض قادة «جبهة التحرير الوطني» – ومن بينهم الرئيس الراحل أحمد بن بلّة – استحوذوا على جزء من تلك الأموال بعد الاستقلال عام 1962. وذكر منهم أيضاً قيادي الثورة محمد خيضر، الذي تعرض للتصفية الجسدية في منفاه بإسبانيا عام 1967، حيث يعتقد مقربون منه أن اغتياله مرتبط بـ«قضية أموال جبهة التحرير»، التي تم جمعها في خمسينات القرن الماضي، بفضل تبرعات المهاجرين الجزائريين في فرنسا، وهبات بلدان كانت مؤيدة لاستقلال الجزائر عن فرنسا.

أحمد بن بلة ومحمد خيدر غداة الاستقلال (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

ونسب بوعقبة هذه المعطيات إلى كاتب فرنسي كتب عن هذا الموضوع، قبل 40 عاماً، بحسبه. وإثر بث هذه المقابلة، رفعت ابنة الراحل بن بلة شكوى ضده، وتأسست وزارة المجاهدين كطرف مدني في القضية.

وتضمن رد النشرة العسكرية على بوعقبة أن «تاريخ البلاد ليس مجرد حكايات يحكيها راو في الأسواق ليجمع حفنة من الدنانير، أو أحجيات تقصها الجدات على الحفدة قبل نومهم، أو سلعة تباع في الأسواق من تجار لا يهمهم إلا ما يجنون وراءها من مكاسب، مثلما يفعله البعض اليوم، بل تاريخنا سيرورة أحداث ناصعة راسخة، صنعت مجد وطننا وكبرياءه الخالد، لا يخوض فيه إلا من هو أهل لذلك، ولا يرويه كل من هب ودب حسب الأهواء والنزوات والنيات السيئة».

وأضافت المجلة موضحة أن «ذاكرتنا الوطنية وتاريخنا المجيد برموزه الخالدة ومحطاته المشرقة، خط أحمر لا يقبل أي مساومة أو استهانة، أو محاولة للتشويه أو التزوير أو التشكيك، فهو صمام أمان الوطن، والذود عن حياضه قضية وجود وواجب مقدس، ومسؤولية وطنية نابعة من باب وفاء الأجيال اللاحقة للأجيال السابقة». وتابع المقال مشدداً على أن «الأكيد هو أن كل تلك المحاولات الفاشلة ما هي سوى مطية عرجاء يركبها الحاقدون والانتهازيون وأذنابهم، لعلهم يصنعون لأنفسهم الخبيثة مكاناً في التاريخ، بعد أن لفظتهم الجزائر العصية عنهم وسفههم الشعب الجزائري الأبي».

ويُعدّ سعد بوعقبة، البالغ 79 عاماً، أحد أبرز وجوه الصحافة الجزائرية. وقد بدأ مسيرته في الصحافة العمومية قبل أن يتحول إلى كاتب عمود في صحف خاصة، مثل «الخبر» و«الشروق». وكثيراً ما كان محور جدل، كما سبق أن وُجهت إليه تهم تتعلق بالتشهير، وقد حُكم عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بالسجن ستة أشهر نافذة بسبب مقال ساخر من سكان منطقة الجلفة (300 كلم جنوب).

غلاف الكتاب الذي يتناول أموال جبهة التحرير الجزائرية (الشرق الأوسط)

وأمام القاضي، دافع المتهم بوعقبة عن نفسه، مؤكداً أنه «لم يسئ قط لزعيم الثورة أحمد بن بلة»، بل يعده «أحد الرموز التاريخيين وصديقاً شخصياً جمعتني به علاقة صداقة قوية». وأفاد بأنه رغم الملاحقات القضائية السابقة التي طالته، فإنه «لم يشعر بالإحباط في مساره المهني سوى في هذه القضية، التي آلمتني بعمق». وفي ختام جلسة المحاكمة قدم اعتذاراً مباشراً لابنة بن بلة، التي تأثرت وبكت من جراء ما عدّته إهانة لوالدها.

وقد حُكم على مدير قناة «رؤية»، عبد الرحيم حرّاوي، بالسجن سنة مع وقف التنفيذ، إضافة إلى الغلق النهائي للقناة، ومصادرة معدات البث.


«الجنائية الدولية» تحكم بسجن زعيم في ميليشيا «الجنجويد» بدارفور 20 عاماً

علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)
علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)
TT

«الجنائية الدولية» تحكم بسجن زعيم في ميليشيا «الجنجويد» بدارفور 20 عاماً

علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)
علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)

أصدر قضاة «المحكمة الجنائية الدولية»، الثلاثاء، حكماً بالسجن 20 عاماً على قائد بميليشيا «الجنجويد» مدان بارتكاب فظائع في إقليم دارفور بالسودان.

وأدين علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف أيضاً باسم علي كوشيب، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بما يصل إلى 27 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل، والتعذيب، وتدبير عمليات اغتصاب، وفظائع أخرى ارتكبتها ميليشيا «الجنجويد» في دارفور قبل أكثر من 20 عاماً.

وبينما كانت القاضية جوانا كورنر التي ترأست الجلسة تنطق بالحكم، بقي الرجل البالغ من العمر 76 عاماً صامتاً ولم يظهر أي رد فعل.
وخلُصت المحكمة إلى أنّ عبد الرحمن الذي سلّم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية في العام 2020، كان مسؤولاً كبيراً في ميليشيا «الجنجويد» السودانية وشارك «بشكل نشط» في ارتكاب جرائم.
وروت كورنر تفاصيل مروعة عن عمليات اغتصاب جماعية وانتهاكات وقتل جماعي.
وفي جلسة سابقة، قالت إنه في إحدى المرات، حمّل عبد الرحمن حوالى 50 مدنياً في شاحنات وضرب بعضهم بالفؤوس قبل أن يجبرهم على الاستلقاء أرضا ويأمر قواته بإطلاق النار عليهم وقتلهم.
وأضافت «لم يكن المتهم يُصدر الأوامر فحسب... بل شارك شخصياً في الضرب وكان حاضراً لاحقاً وأصدر أوامر بإعدام المعتقلين».
وأشارت إلى ضحاياه الذين أكدوا أنّه قام بـ«حملة إبادة وإذلال وتهجير».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب المدعي العام جوليان نيكولس الحكم بالسجن المؤبد على عبد الرحمن. وقال أمام القضاة إنّ «قاتلاً بفأس يقف حرفياً أمامكم»، واصفاً الروايات عن الجرائم المرتكبة «كأنها كابوس».
ونفى عبد الرحمن أن يكون قائداً سابقاً في ميليشيا «الجنجويد» العربية التي أنشأها الرئيس السابق عمر البشير في العام 2003 لسحق تمرّد مجموعات غير عربية في دارفور، حيث ارتُكبت فظائع خلّفت نحو 300 ألف قتيل و2,5 مليون نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.