غوتيريش: الأهوال التي تعيشها غزة «لا مثيل لها في التاريخ الحديث»

وفاة 80 طفلاً جراء المجاعة في القطاع

TT

غوتيريش: الأهوال التي تعيشها غزة «لا مثيل لها في التاريخ الحديث»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش 22 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش 22 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، أن الأهوال التي يشهدها قطاع غزة بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، خصوصاً على صعيد أعداد القتلى والدمار الواسع النطاق، «لا مثيل لها في التاريخ الحديث».
وقال غوتيريتش خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي «تكفي مشاهدة الرعب الذي يدور في غزة، مع مستوى من الموت والدمار لا مثيل له في التاريخ الحديث. سوء التغذية يتفاقم، والمجاعة تقرع كل الأبواب».

وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق إنه من المرجح أن تكون أعداد الوفيات جراء الجوع في غزة أكبر مما يتم الإبلاغ عنه.

 

وفاة 80 طفلاً بسبب المجاعة بغزة

هذا وقالت وزارة الصحة في غزة، اليوم (الثلاثاء)، إن عدد الوفيات جراء المجاعة في القطاع وصل إلى 101، بينهم 80 طفلاً، مشيرة إلى وفاة 15 شخصاً، بينهم 4 أطفال جرّاء المجاعة في غزة خلال الساعات الـ24 الماضية.

وصرّح مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، اليوم، إن 21 طفلاً تُوفوا بسبب سوء التغذية والمجاعة في مختلف مناطق قطاع غزة، وذلك مع وصول الكارثة الإنسانية التي تطول سكان القطاع إلى مستويات غير مسبوقة من الجوع.

فلسطينيون يتجمعون لتلقي الطعام من مطبخ خيري وسط أزمة جوع في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

وأوضح أبو سلمية: «وصلت هذه الوفيات خلال الساعات الـ72 الماضية إلى مستشفيات غزة: (الشفاء) في مدينة غزة، و(شهداء الأقصى) في مدينة دير البلح، و(ناصر) في خان يونس جنوب قطاع غزة». وأضاف: «مقبلون على أرقام مخيفة من الوفيات بسبب التجويع الذي يتعرّض له أهالي قطاع غزة. 900 ألف طفل في غزة يعانون من الجوع، و70 ألفاً منهم دخلوا مرحلة سوء التغذية».

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت مصادر طبية فلسطينية، وفاة أربعة فلسطينيين؛ هم: المواطن أحمد الحسنات، نتيجة سوء التغذية وسط القطاع، والمواطنة رحيل رصرص (32 عاماً) من مدينة خان يونس جنوب القطاع، جراء سوء التغذية، والطفلان يوسف الصفدي من شمال قطاع غزة، وعبد الحميد الغلبان من مدينة خان يونس جنوباً، نتيجة سوء التغذية والمجاعة.

ووفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، «تتعامل المستشفيات في قطاع غزة مع مئات من مختلف الأعمار ممن أصابهم الجوع الحاد وسوء التغذية، إذ إنهم في حالات إجهاد حادة». وأفادت مصادر في مستشفيات غزة بوفاة 23 فلسطينياً، بسبب سوء التغذية في مناطق عدة بالقطاع خلال يومَيْن.

 

وقالت المصادر إن هناك 17 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. كما أنه يتم التعامل مع مرضى لديهم حالات من الإجهاد وفقدان الذاكرة الناتجة عن الجوع الحاد، والمستشفيات ليست لديها أسرّة طبية وأدوية تكفي العدد الهائل من المصابين بسوء التغذية الحاد.

 

صور «لا يمكن تحملها»

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن صور المدنيين الذين يُقتلون في غزة أثناء توزيع المساعدات الإنسانية «لا يمكن تحملها»، وجددت دعوة الاتحاد الأوروبي إلى إيصال المساعدات الإنسانية بأمان وسرعة وإلى احترام القانون الدولي.

وكتبت فون دير لاين في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: «لا يُمكن استهداف المدنيين. أبدا. الصور الواردة من غزة لا يمكن تحملها. يُجدد الاتحاد الأوروبي دعوته إلى تدفق المساعدات الإنسانية بحرية وأمان وسرعة، وإلى الاحترام الكامل للقانون الدولي والإنساني».

 

 

إغماء بسبب الجوع

وحذَّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم (الثلاثاء)، من أن الناس في غزة يُصابون بالإغماء حالياً بسبب الجوع الشديد، في حين تعج المتاجر بالأطعمة والسلع الأخرى على بُعد بضعة كيلومترات من غزة. ودعت إلى إدخال الطعام والدواء إلى القطاع.

ويواجه قطاع غزة مجاعةً هي الأشد منذ بدء الحرب الإسرائيلية، طالت سكانه كافّة، بعدما كانت تقتصر في مرحلة ما على شمال القطاع، ثم لاحقاً وبدرجة أقل في جنوبه.

مشيعون بجوار جثامين فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية ليلية خلال تشييع جنازتهم بمستشفى الشفاء في مدينة غزة (إ.ب.أ)

من ناحية أخرى، قالت «الأونروا» إن نزوح سكان غزة لم يعد ممكناً إلا إلى أقل من عُشر مساحة القطاع.

وأضافت، في حسابها الرسمي على منصة «إكس»: «يستمر النزوح في أنحاء غزة، حيث لم يعد الوصول ممكناً إلا إلى أقل من عُشر مساحتها، مما فاقم من العزلة بين الشمال والجنوب».

وتابعت بأن «الناس يُجبرون على الفرار مجدداً، دون أي مكان آمن يلجأون إليه، بعد نزوح الكثيرين بالفعل عدة مرات».

وشددت على أن وقف إطلاق النار بات ضرورة ملحة.

فلسطينيون يحملون إمدادات مساعدات من «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من الولايات المتحدة في خان يونس

وحذّر مسؤولو الصحة في غزة من «وفيات جماعية» محتملة في الأيام المقبلة، بسبب زيادة الجوع الذي قالت وزارة الصحة في القطاع إنه أودى بحياة 23 شخصاً على الأقل منذ السبت الماضي. ووفقاً للوزارة، تُوفي 86 شخصاً بسبب الجوع أو سوء التغذية منذ بداية الحرب، من بينهم 76 طفلاً.

 

 

واستنكر مجلس التعاون الخليجي «الحصار الجائر غير الإنساني وغير القانوني» لغزة، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية فوراً، ومن دون قيد أو شرط.

في الوقت ذاته، دعت بريطانيا وفرنسا وأكثر من 20 دولة أخرى إلى إنهاء الحرب على الفور. وأكدت أن نموذج تقديم المساعدات الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية «خطير، ويغذّي عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية». وقال وزراء خارجية هذه الدول، في بيان مشترك: «نحن، الموقعين أدناه، نبعث معاً برسالة بسيطة وعاجلة: يجب أن تنتهي الحرب في غزة الآن».

 

 

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

المشرق العربي فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة لممارسة أي نشاط.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
تحليل إخباري طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

حديث عن موعد محتمل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، ضمن النتائج البارزة للقاء الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

محمد محمود (القاهرة)
العالم ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة (أ.ف.ب)

10 دول غربية تعبر عن قلقها البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في غزة

عبرت بريطانيا وكندا وفرنسا ودول أخرى في بيان مشترك اليوم ‌الثلاثاء ‌عن ‌قلقها البالغ ⁠إزاء ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة، ودعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات ⁠عاجلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شعار شركة «إيرباص» (رويترز)

إسبانيا تستثني «إيرباص» من حظر استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية

منحت إسبانيا شركة «إيرباص» إذناً استثنائياً لإنتاج طائرات وطائرات مسيرة باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية في مصانعها الإسبانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا الاثنين (أ.ف.ب) play-circle

كيف قرأ الإسرائيليون لقاء ترمب - نتنياهو؟

أظهرت تقييمات إسرائيلية أن قمة فلوريدا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منحت الأخير فرصة للحفاظ على شروطه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في مناطق قطاع غزة والضفة الغربية، بذريعة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة، لممارسة أي أنشطة لها داخل تلك المناطق.

وقالت الحكومة الإسرائيلية إنها ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد»، بدعوى «صلتها بالإرهاب»، زاعمة أن تلك المنظمات الإنسانية توظف فلسطينيين ضالعين فيما تصفها بـ«الأنشطة الإرهابية».

وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، بأن السلطات الإسرائيلية أرسلت بالفعل إخطارات إلى أكثر من 12 منظمة إنسانية دولية، بأن التصاريح الممنوحة لها للعمل داخل قطاع غزة والضفة الغربية، سيتم إلغاؤها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأنه يجب إنهاء أنشطتها بالكامل في الأول من مارس (آذار) المقبل.

جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وادعت السلطات الإسرائيلية أن قسماً من تلك المنظمات رفض تقديم قوائم كاملة بأسماء الموظفين الفلسطينيين العاملين فيها لإجراء فحص أمني بشأنهم، مدعيةً أن فحصاً أمنياً لموظفين يعملون في منظمة «أطباء بلا حدود» أظهر تورط بعضهم في «نشاطات إرهابية»، حيث تم في يونيو (حزيران) 2024، تصفية ناشط في «الجهاد الإسلامي» كان يعمل لدى المنظمة، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، تم الكشف عن موظف آخر يعمل قناصاً لصالح حركة «حماس»، وفقاً لذات الصحيفة.

ويقود هذه الخطوة فريق وزاري مشترك برئاسة وزراء شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، الذي أرسل الخطابات الرسمية لتلك المنظمات، ومن بينها منظمة «أطباء بلا حدود».

وكانت الحكومة الإسرائيلية أمهلت المنظمات لاستيفاء المتطلبات حتى 9 سبتمبر الماضي، وتم تمديد القرار حتى 31 ديسمبر (كانون الثاني) الحالي.

وتزعم مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية أنه «لا توجد نية لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة». ووفقاً للمصادر التي نقلت عنها وسائل إعلام عبرية، فإن «المنظمات التي سُحبت تراخيصها لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي المساعدات، وأن الغالبية العظمى منها لا تزال تقدم عبر جهات أخرى وبوسائل خاضعة للرقابة».

موظفو منظمة «أطباء بلا حدود» في أثناء تنظيمهم مظاهرة يونيو الماضي في جنيف ضد عسكرة إمدادات المساعدات الإنسانية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية إنه يتوقع أن تقود تلك المنظمات حملات «تضليلية تهدف لتشويه سمعة إسرائيل»، تدعي من خلالها أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، زاعماً أنه «لن يُلحق أي ضرر بنطاق المساعدات الإنسانية بعد تطبيق القانون».

وقال وزير شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، عميحاي شيكلي: «أنا فخور بأن الحكومة قد فوضت وزارتي بقيادة الفريق المكلف بوضع حد للأنشطة المعادية لدولة إسرائيل تحت ستار المساعدات الإنسانية. الرسالة واضحة: المساعدات الإنسانية نعم، لكن استغلالها لأغراض إرهابية لا».

وفي الثاني والعشرين من الشهر الحالي، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي إحدى أكبر المنظمات الطبية العاملة في غزة، من أن القواعد الإسرائيلية الجديدة لتسجيل المنظمات الدولية غير الحكومية قد تترك مئات آلاف الأشخاص في غزة من دون القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية المنقِذة للحياة بحلول عام 2026.

وقالت: «هذه المتطلبات الجديدة تهدّد بسحب تسجيل هذه المنظمات، ومن شأن عدم التسجيل هذا أن يحول دون تمكن منظمات، من بينها (أطباء بلا حدود)، من تقديم الخدمات الأساسية للناس في غزة والضفة الغربية».

ودعت المنظمة السلطات الإسرائيلية إلى ضمان تمكين المنظمات الدولية غير الحكومية من الحفاظ على استجابتها المستقلة وغير المتحيّزة في غزة والاستمرار فيها. فالاستجابة الإنسانية المقيّدة أساساً لا تحتمل مزيداً من التفكيك. كما قالت.


سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بحكم الأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
TT

سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بحكم الأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

أوقفت السلطات السورية 21 شخصاً على صلة بحكم بشار الأسد في محافظة اللاذقية، غرب البلاد، بحسب ما أفاد التلفزيون الرسمي، وذلك بعد فرض حظر تجوّل في مدينة اللاذقية، غداة أعمال عنف شهدتها هذه المنطقة ذات الغالبية العلوية.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن «قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية تلقي القبض على 21 شخصاً من فلول النظام البائد متورطين بأعمال إجرامية وتحريض طائفي واستهداف قوات الأمن الداخلي».


استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان، وهي التي لا تزال ترفض تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية والاتفاق اللبناني - الفلسطيني في هذا الإطار.

وبلغ الاستياء الرسمي اللبناني من حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها مستويات غير مسبوقة نتيجة رفضها تسليم سلاحها المتوسط والثقيل الموجود جنوب نهر الليطاني، وبالتحديد في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، علماً بأن المهلة التي حددها الجيش اللبناني لإنجاز المرحلة الأولى من قرار الحكومة «حصرية السلاح»، والتي تلحظ المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود الإسرائيلية، تنتهي نهاية عام 2025.

ويفترض أن تعلن الحكومة في جلسة تعقدها مطلع عام 2026 إنجاز المرحلة الأولى وانتقالها لتطبيق المرحلة الثانية بمسعى منها لتجاوز التهديدات الإسرائيلية بشن جولة جديدة من الحرب «لمواجهة محاولات (حزب الله) إعادة بناء قدراته العسكرية».

وتشدُّد «حماس» وفصائل أخرى، يطرح علامات استفهام، لا سيما أن «حزب الله» رضخ وسلّم سلاحه جنوب الليطاني، ما يهدد سلامة واستقرار مخيم الرشيدية إذا قررت إسرائيل استهداف السلاح الموجود داخله، والذي يُعتقد أن بعضه متوسط وثقيل.

وساطات خارجية لمعالجة الملف

وكشف مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط» عن «طلب لبنان وساطات خارجية لمعالجة ملف سلاح (حماس)، وعن ممارسة هذه الدول ضغوطاً على الحركة لم تؤدِ غرضها حتى الساعة». واعتبرت مصادر مواكبة لهذا الملف أن تسليم «فتح» دفعة جديدة من السلاح من مخيم عين الحلوة، الثلاثاء، «هو بمثابة محاولة جديدة للضغط على (حماس) لتسليم سلاحها».

عنصر في الجيش اللبناني على مدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (إ.ب.أ)

ويعبّر رئيس لجنة الحوار اللّبناني - الفلسطيني السّفير رامز دمشقية بوضوح عن الاستياء الرسمي اللبناني من موقف حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها، وطريقة تعاطيها مع هذا الملف.

وقال دمشقية، لـ«الشرق الأوسط»: «طالما هذه الفصائل تعلن أنها تحت سقف الدولة اللبنانية، فالمفروض بها أن تلتزم بقرارات الدولة، لا أن تلجأ للمراوغة من خلال ربط التسليم بملف الحقوق»، مضيفاً: «نعلم أن هناك حقوقاً ومطالب، ونحن نعمل على هذا الملف بجدية... لكننا نرفض أي مقايضة بين ملف وآخر».

ويرى دمشقية أنه «لا نفع أو جدوى من اجتماعات موسعة مع الفصائل»، معتبراً أن «المطلوب من (حماس) والفصائل الحليفة التواصل مع الجيش اللبناني لتحديد مواعيد لتسليم السلاح، تماماً كما فعلت فصائل منظمة التحرير».

وترفض حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى حليفة لها مقررات القمة اللبنانية - الفلسطينية، وترى أنه يفترض بالدولة اللبنانية حل الملف الفلسطيني في لبنان سلة واحدة؛ أي عدم إعطاء الأولوية للسلاح على الحقوق والمطالب الفلسطينية.

وتقول مصادر «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إنها «لا تزال تنتظر دعوة السفير دمشقية كل الفصائل للحوار بشأن ملف السلاح والملفات العالقة المرتبطة بالحقوق الفلسطينية والتفاهم على ورقة تشكل أرضية للحل»، لافتة إلى أنه «وفي اللقاء الأخير مع السفير دمشقية وعد بالدعوة لحوار مماثل، لكن ذلك لم يحصل ولم يتم توجيه أي دعوة».

جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويبدو محسوماً ألا خطة سياسية - عسكرية لبنانية لجمع السلاح الفلسطيني بالقوة؛ إذ تقول مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «مهام الجيش في التعامل راهناً مع ما تبقى من سلاح داخل المخيمات الفلسطينية، تقتصر على منع دخول أو خروج السلاح منها، بحيث تم تشديد الإجراءات الأمنية المتخذة على المداخل والمخارج الأساسية والفرعية للمخيمات المنتشرة في كل المناطق اللبنانية».

تسليم الدفعة الخامسة من سلاح «فتح»

وأعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، أنه «واستكمالاً لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تسلَّمَ الجيش كمية من السلاح الفلسطيني من مخيم عين الحلوة (في جنوب لبنان)، بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية»، مشيراً إلى أنها شملت أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها».

من جهته، أعلنت دائرة الإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان (الجناح العسكري لحركة «فتح»)، في بيان، أن «قواتها استكملت، الثلاثاء، تسليم الدفعة الخامسة من السلاح الثقيل التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في مخيم عين الحلوة - صيدا».

وأكد الأسدي أن «هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للبيان الرئاسي المشترك الصادر عن الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزيف عون في شهر مايو (أيار) الماضي، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية - الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها».

12 مخيماً فلسطينياً في لبنان

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان 489.292 شخصاً. ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها من قبل «الأونروا» هي: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار إلياس، ضبية، ويفل (الجليل)، البداوي، ونهر البارد.

وسُجل في الفترة الماضية، وبالتوازي مع انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات، حراك رسمي لافت باتجاه تحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزح نحو 80 في المائة منهم تحت خط الفقر، ويعيشون في أوضاع صعبة جداً داخل مخيماتهم.

وقام السفير دمشقية رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني مع مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان، دوروثي كلاوس، بمساعٍ حثيثة مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بمعالجة هذا الملف، من خلال العمل على تخفيف بعض القيود المرتبطة بترميم وإصلاح المنازل، وإصدار بطاقات هوية بيومترية للفلسطينيين.