عودة الجدل حول «إغلاق» معبر رفح مع اشتداد «المجاعة» في غزة

مطالب بالضغط لإدخال المساعدات رغم تأكيدات «فتح الجانب المصري»

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
TT

عودة الجدل حول «إغلاق» معبر رفح مع اشتداد «المجاعة» في غزة

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)

مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وبلوغ المجاعة مراحل حرجة، عاد معبر رفح إلى واجهة الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، بين مطالبات للقاهرة بضرورة فتحه وإدخال المساعدات، وأصوات توضح وجود تعقيدات أمنية وسياسية تحكم إدارته، واتهامات لجماعة «الإخوان» المحظورة بتشويه الموقف المصري.

ويعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه، قبل أن تسيطر إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو (أيار) 2024، وتعلن مصر عدم التنسيق مع إسرائيل بشأنه لعدم «شرعنة احتلاله»، والتزاماً باتفاقية المعابر التي وقعت عليها في 2005 تل أبيب ورام الله بشأن إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح.

وعلى مدار ساعات ماضية، انتشرت تدوينات على مواقع التواصل تطالب القاهرة بفتح المعبر، في حين يتساءل البعض: «لماذا لا تفتح مصر المعبر من ناحيتها للمنظمات الإنسانية الدولية للدخول وليتحمل الاحتلال نتيجة أفعاله وليتحمل كل مَن يريد العبور نتيجة ما يفعله الاحتلال به؟».

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)

وتحول الطرح لسجال، ورد الإعلامي المصري المقرب من السلطات المصرية، أحمد موسى، في برنامجه المتلفز بفضائية «صدى البلد»، مساء الأحد، مؤكداً أن «معبر رفح مفتوح من الجانب المصري ولم يغلق منذ بداية الأزمة» مشدداً على أن «موقف مصر ثابت في دعم القضية الفلسطينية».

ودافع مدونون عن الموقف المصري، مشيرين إلى أنه «منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لم تغلق مصر قط جانبها الذي تصطف أمامه سيارات المساعدات في انتظار فتح الجانب الإسرائيلي للبوابة الفلسطينية التي قُصفت طرقها وهُددت أي سيارة مساعدات بأنه سيتم إطلاق النار عليها حال مرورها، وهذا يعني دخول مصر الحرب رسمياً»، مؤكدين ضرورة «إخراج مصر من هذه القصة ومطالبة (حماس) بإعادة سيطرتها على البوابة الفلسطينية مرة أخرى أو مطالبة إسرائيل بفتح المعبر».

وخاطب حساب باسم «محمد الديسطي»، عبر منشور بمنصة «إكس»، المطالبين بفتح مصر معبر رفح، قائلاً: «حرروا معبر رفح الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي قبل أن تحرضوا ضد مصر»، متهماً جماعة «الإخوان» بالوقوف وراء الحملة الممنهجة ضد القاهرة.

وفي 27 يونيو (حزيران) الماضي، أكد محافظ شمال سيناء اللواء دكتور خالد مجاور أن «معبر رفح البري ما زال مفتوحاً من الجانب المصري، بينما تغلق سلطات الاحتلال الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من المعبر»، خلال حديثه أثناء مرافقته لوفد البرلمان العربي في زيارته التفقدية إلى معبر رفح البري؛ حيث استعرض خلالها «جهود مصر في دعم الأشقاء الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واستقبال الجرحى والمرضى لتلقي العلاج بالمستشفيات المصرية»، وفق بيان صحافي للمحافظة وقتها.

ومنذ 2 مارس (آذار) 2025، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.

وتعقيباً على ذلك، قال رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي إن الدولة المصرية والشعب المصري يدركان مدى المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون منذ حرب 7 أكتوبر على غزة، وهناك تحركات في جميع الجبهات لحماية الحق الفلسطيني، مؤكداً أن معبر رفح مفتوح من جانب مصر ولا يمكن أن تستخدمه مصر بأي حال ضد الفلسطينيين، خاصة أن موقف القاهرة تاريخي في دعم القضية الفلسطينية.

وشدد على أن دخول المساعدات الإغاثية لغزة أمر لا يتوقف على مصر فحسب، التي بذلت مجهوداً ضخماً في استقبال وتسهيل إدخالها مراراً، لكنّ هناك تعنتاً وعراقيل متكررة من جانب إسرائيل التي لا تحترم قانوناً ولا اتفاقيات وعلى المجتمع الدولي أن يضغط عليها لفتحه.

وبالتزامن، تتوالى المناشدات مصرياً وأممياً ودولياً، لكسر تجويع غزة، وأكدت نقابة الصحافيين في مصر، في بيان الاثنين، أن «معبر رفح الشريان الوحيد للحياة تحوّل بفعل السياسة الإسرائيلية إلى مصيدة موت، بينما تقف القوافل الإغاثية محملة بعشرات الأطنان من الدواء والغذاء خلف الحواجز، وكأن حياة مليوني إنسان لعبة بأيدي القتلة».

وطالبت النقابة بإعلان الأمم المتحدة مجاعة غزة رسمياً، وكسر احتكار توزيع المساعدات، مناشدة «الدول العربية قطع العلاقات فوراً مع العدو الصهيوني، ووقف كل أشكال التطبيع والتعاون التجاري فوراً، وبذل كل الجهود لفتح معابر الإغاثة فوراً، وفي مقدمتها معبر رفح باعتباره شريان الحياة الوحيد لأهالي غزة، ودخول كل أشكال الإغاثة دون قيود، خاصة الأدوية ووقود المستشفيات».

كما دعت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، في منشور الاثنين عبر منصة «إكس»، إلى «إضراب جماعي عن الطعام، الثلاثاء، أمام السفارات الأميركية والإسرائيلية في كل عواصم العالم حتى يتوقف التجويع والإبادة في غزة».

ونوهت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في منشور على «إكس»، الاثنين، بأنها تتلقى رسائل يائسة من غزة، بما في ذلك رسائل من موظفيها، تحذر من المجاعة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية 40 ضعفاً.

وأضافت أن «(الأونروا) لديها في مستودعات خارج غزة مباشرة ما يكفي كل السكان من الغذاء لأكثر من ثلاثة أشهر، ارفعوا الحصار واسمحوا بدخول المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع».

وحذر مسؤولو «الصحة» في غزة من «وفيات جماعية» محتملة في الأيام المقبلة، بسبب زيادة الجوع الذي قالت وزارة الصحة في القطاع إنه أودى بحياة 19 شخصاً على الأقل منذ يوم السبت، بحسب ما نقلته «رويترز»، الاثنين.

وذكر المتحدث باسم وزارة الصحة خليل الدقران أن الطواقم الطبية تعتمد على وجبة واحدة في اليوم، وأن مئات الأشخاص يتدفقون على المستشفيات يومياً، وهم يعانون من التعب والإرهاق بسبب الجوع.

وقال مسؤول في «حماس» لـ«رويترز»، الأحد، إن الحركة غاضبة من أزمة الجوع في القطاع، ما قد يؤثر بشدة على محادثات وقف إطلاق النار الجارية في قطر منذ 6 يوليو (تموز) الحالي، بهدف التوصل إلى هدنة لمدة 60 يوماً واتفاق بشأن الرهائن، «لكن لا يوجد أي مؤشر على حدوث انفراجة»، بحسب «رويترز».

من جانبه، قال السفير محمد العرابي إن إسرائيل تستخدم سلاح التجويع ضد غزة للضغط وتحقيق مكاسب في مفاوضات الهدنة، وكذلك في مخططاتها بشأن التهجير المرفوضة بشكل كامل من جانب مصر ولن تسمح بها.

وشدد على أن هذه الأزمة تحتاج إلى إرادة سياسية من جانب الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لدخول المساعدات، وأن تعود الأمور الإنسانية مرة أخرى دون أي عراقيل، مؤكداً أن شاحنات المساعدات تنتظر بالقرب من معبر رفح المصري، والقاهرة تنتظر الاتفاق على إدخالها لتسييرها كما كانت تفعل على مدار سنوات، ولا سيما منذ بداية الحرب.

واستضافت القاهرة، مؤخراً، اجتماعاً قطرياً إسرائيلياً لبحث إدخال المساعدات لغزة على مدار يومين، وسط حديث وسائل إعلامية عن «تقدم» بالمحادثات.


مقالات ذات صلة

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

المشرق العربي المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

جدّدت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح المسلّح لحركة «المقاومة الإسلامية» (حماس)، الاثنين، تأكيدها عدم التخلي عن سلاحها، وهي قضية رئيسية.

«الشرق الأوسط» (غزة (الأراضي الفلسطينية))
خاص المقدم أحمد زمزم اغتيل برصاصات عدة أطلقها مسلحون على سيارته (المركز الفلسطيني للإعلام)

خاص «حماس» تعدم شخصاً أدانته بقتل أحد ضباطها

أعدمت حركة «حماس»، الأحد، فلسطينياً اعتقلته وأدنته بالمشاركة في قتل أحمد زمزم، الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الحركة، في هجوم وقع وسط غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ف.ب)

إيطاليا تعتقل 9 للاشتباه في تمويلهم «حماس» عبر جمعيات خيرية

قال الادعاء العام الإيطالي إن السلطات ألقت القبض على تسعة أشخاص للاشتباه في تمويلهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (​حماس) عبر جمعيات خيرية مقرها إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير المقبل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.