اتهامات للحوثيين بالتلاعب بنتائج امتحانات الثانوية العامة

شكاوى من تعمد رسوب آلاف الطلاب ونجاح أتباع الجماعة دون دراسة

الحوثيون يكثفون مساعي فرض أجندتهم وخطابهم على التعليم (إعلام حوثي)
الحوثيون يكثفون مساعي فرض أجندتهم وخطابهم على التعليم (إعلام حوثي)
TT

اتهامات للحوثيين بالتلاعب بنتائج امتحانات الثانوية العامة

الحوثيون يكثفون مساعي فرض أجندتهم وخطابهم على التعليم (إعلام حوثي)
الحوثيون يكثفون مساعي فرض أجندتهم وخطابهم على التعليم (إعلام حوثي)

اتهم أولياء أمور طلاب ومصادر تربوية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء الجماعة الحوثية بالتلاعب بنتائج امتحانات الثانوية العامة التي أعلنت عنها قبل أيام، بتعمد رسوب آلاف الطلاب بغرض مساومتهم وابتزازهم، ومنح الأفضلية وأعلى الدرجات لأتباعها وأبناء كبار القادة والمشرفين والمقاتلين والجرحى العائدين من الجبهات، على حساب آلاف الطلاب المتميزين.

وفي أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أكّد أولياء أمور في صنعاء أن الجماعة الحوثية تعمدت رسوب أبنائهم على الرغم من مستواهم الدراسي الجيد، لافتين إلى أن هدف الجماعة من وراء ذلك إحباط مَن تبقى من الطلاب، ودفعهم للتخلي عن مواصلة التعليم، والالتحاق بميادين القتال.

ويُعد ذلك، وفق أولياء الأمور، ضمن خطة شاملة تسعى الجماعة بموجبها إلى إسقاط أبنائهم، بمَن فيهم المتميزون بتحصيلهم العلمي طيلة مراحلهم الدراسية السابقة، ومنح شهادات الثانوية بدرجات عالية لعناصر تابعين لها، بغية استخدامهم لاحقاً لأغراض متعلقة بمشروعها.

ويشعر «أحمد»، وهو ولي أمر طالب ثانوية في صنعاء، بالاستغراب والصدمة حيال ظهور اسم ابنه ضمن كشوفات الطلبة الراسبين في امتحان الشهادة الثانوية بقسمها الأدبي بأربع مواد دراسية، رغم معرفته بتميز نجله وتمكنه من الإجابة عن أغلب أسئلة الامتحانات، حيث كان يتحصل على تقدير جيد جداً بكل الامتحانات الشهرية خلال العام الدراسي الماضي.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وأكد أن مَن سمّاها الجهات والأيادي «الخفية» في قطاع التعليم الخاضع للجماعة، تقف وراء إسقاط ابنه ومئات الطلاب الآخرين بغية تحقيق أهداف تخدم أجندة الجماعة، مبدياً عزمه الذهاب إلى مقر القطاع لمراجعة نتائج الامتحانات، وتقديم شكوى بخصوصها وضد مَن يقفون بشكل متعمد وراء ما حدث لابنه.

وبين وجود محاولات سابقة لإدارة مدرسة حكومية تسيطر عليها الجماعة الحوثية، كان ابنه يتلقى التعليم فيها في صنعاء، لاستقطابه والزج به إلى إحدى الجبهات، لكن تحذيراته المتكررة ورعايته لابنه أفشلت كل تلك المحاولات.

مساومة وابتزاز

وصفت مصادر تربوية ما جرى في إعلان نتائج امتحانات الثانوية العامة بـ«التجاوزات الخطيرة»، التي مهّدت لها الجماعة مع انطلاق العام الدراسي الماضي، واستمرت بوتيرة عالية حتى إعلان نتائج الشهادة الثانوية العامة، وتمثّلت بلجوء القيادات المسيطرة على القطاع التعليمي إلى تسجيل الآلاف من عناصر الجماعة في المرحلة الأخيرة من التعليم الثانوي، دون أن يتجاوز أغلبهم المراحل السابقة.

معلم يفتش طالباً قبيل إجراء امتحان بمدرسة في صنعاء (إ.ب.أ)

وكشفت عن أن هذه القيادات منحت أتباع الجماعة وأبناء القادة الميدانيين والمقاتلين والجرحى درجات عالية في نتائج الامتحانات النهائية للثانوية العامة دون أن يحضروا حصص الدراسة اليومية، وأغلبهم لم يتقدم لخوض الامتحانات نفسها.

وبحسب المصادر التربوية، فإن الانقلابيين الحوثيين تعمدوا إسقاط 19 ألفاً و600 طالب في الثانوية العامة من (الذكور) في مناطق سيطرتهم هذا العام، بغية مساومتهم فيما بعد بالنجاح مقابل الالتحاق بالجبهات.

وتحدثت عن منح الجماعة خلال فترة العامين الماضيين أكثر من 120 ألف شهادة ثانوية بقسميها العلمي والأدبي بدرجات مرتفعة لعناصرها ممن لم يلتحقوا بالتعليم الإعدادي والثانوي.

طلاب في الثانوية العامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)

وسبق أن حذر ناشطون تربويون في صنعاء من مخطط حوثي يستهدف استقطاب عشرات الآلاف من الطلاب في مناطق سيطرة الجماعة عبر بوابة الإعلان عن رسوبهم في الشهادتين العامتين: الأساسية (الإعدادية) والثانوية، للسنة الدراسية الماضية.

استمرار التدهور

أعلنت وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب التابعة للجماعة الحوثية، غير المعترف بها، الاثنين الماضي، نتيجة اختبارات الثانوية العامة للعام الدراسي الماضي، وزعمت أنها بنسبة نجاح بلغت 89.88 في المائة.

وذكرت الوزارة أن إجمالي عدد الطلاب المتقدمين لامتحانات الثانوية بلغ 213 ألفاً و822 طالباً وطالبة، حضر منهم 204 آلاف و853 طالباً وطالبة وغاب عنها 8 آلاف و969 طالباً وطالبة ونجح 184 ألفاً و130 طالباً وطالبة، فيما رسب 20 ألفاً و723 طالباً وطالبة.

طلاب في معسكر صيفي حوثي يقفون على هيئة طائرة مُسَيّرة (إعلام حوثي)

يأتي ذلك ولا تزال العملية التعليمة في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين تواجه انهياراً شبه تام جراء ما يقول خبراء ومختصون تربويون إنه استهداف ممنهج تمارسه الجماعة ضد التعليم، بغية حرفه عن مساره وإرغام الطلاب على التوقف عن مواصلة تعليمهم إلى مرحلة الجامعة، حتى يسهل عليها فيما بعد استقطابهم وغسل أدمغتهم وتحويلهم إلى مقاتلين.

وطالبت الحكومة اليمنية مرات عديدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بضم الانقلابيين إلى القوائم السوداء المتورطة في استهداف التعليم وتجنيد الأطفال.

وحذرت نقابة المعلمين اليمنيين، في بيانات عديدة لها، من قيام الجماعة باستغلال امتحانات ونتائج الشهادتين الأساسية والثانوية لغرض تجنيد آلاف الطلاب للقتال.


مقالات ذات صلة

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

خاص سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط) play-circle

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

أكد محافظ حضرموت أن الباب ما زال مفتوحاً أمام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، للانسحاب من المحافظات الشرقية، درءاً لأي اقتتال بين الإخوة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أمس (رويترز)

«التحالف» يفند ادعاءات «بيان الإمارات»... خروقات ومخالفات مرتبطة بسفينتي المكلا

أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن السفينتين اللتين دخلتا ميناء المكلا خالفتا الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الكويت العاصمة (كونا)

الكويت تؤكد دعمها الكامل للحكومة الشرعية اليمنية وتدعو للحلول الدبلوماسية

شددت الكويت على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وحماية مصالح الشعب اليمني الشقيق، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج علم قطر في العاصمة الدوحة (أرشيفية)

قطر تؤكد دعمها لوحدة اليمن وتشدد على أولوية الحوار لحماية أمن المنطقة

أكدت دولة قطر متابعتها باهتمام بالغ للتطورات والأحداث الجارية في الجمهورية اليمنية الشقيقة، مجددة موقفها الداعم للحكومة اليمنية الشرعية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من فرض الأمر الواقع في حضرموت والمهرة مطالباً بموقف دولي صريح لحماية الدولة اليمنية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.