بدء سريان العقوبات الأميركية على السودان لاستخدامه «الكيماوي»

مجلس الأمن الدولي يحذر: 24 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي مع تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
TT

بدء سريان العقوبات الأميركية على السودان لاستخدامه «الكيماوي»

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)

أكدت وزارة الخارجية الأميركية بدء سريان العقوبات على السودان، بدءاً من الجمعة، بعد توجيهها اتهامات للجيش السوداني باستخدام الأسلحة الكيماوية في النزاع المسلح ضد «قوات الدعم السريع».

وأشارت الخارجية الأميركية، في وقت سابق، إلى أنها تمتلك أدلة دامغة وموثوقة أكدت قيام حكومة السودان باستخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية قاتلة ضد المواطنين في انتهاك فاضح للقانون الدولي.

وتشمل العقوبات المفروضة بموجب قانون مراقبة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية قطع المساعدات عن السودان باستثناء المساعدات الإنسانية العاجلة، ووقفاً فورياً لبيع وتمويل الخدمات الدفاعية الأميركية، ومنع السودان من الحصول على أي مساعدات مالية من أي وكالة أميركية، بما في ذلك بنك التصدير والاستيراد. وتشمل العقوبات حظر تصدير السلع والتكنولوجيا المرتبطة بالأمن القومي إلى السودان.

استثناء المساعدات الإنسانية الطارئة

وتستثني العقوبات، المساعدات الإنسانية الطارئة إلى السودان، وتتطلب إجراء مراجعات لكل حالة على حدة، كما تستثني تلك المتعلقة بالصادرات الأميركية لشركات الطيران المدني والشركات الأميركية العاملة في السودان.

وتظل العقوبات سارية لمدة عام حتى إشعار آخر. وقد أشارت تامي بروس، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، الشهر الماضي، إلى أن الولايات المتحدة خلصت إلى قيام حكومة السودان باستخدام الأسلحة الكيماوية خلال عام 2024، وأبلغت الكونغرس قبل إقرار العقوبات. ولم يصدر أي تعليق من الحكومة السودانية أو قيادة الجيش تعقيباً على الخطوة الأميركية، لكن السودان رفض تلك العقوبات حين الإعلان عنها، الشهر الماضي. ووصفت وزارة الإعلام وقتها الاتهامات بأنها باطلة و«ابتزاز سياسي لا يستند إلى أي دليل». وأشارت إلى أن «التدخلات الأميركية تفتقر إلى الأساسين: الأخلاقي والقانوني، وتُفقد واشنطن ما تبقى لها من مصداقية، وتُغلق أمامها أبواب التأثير في السودان بفعل قراراتها الأحادية والمجحفة».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي» حرباً مستعرة خلّفت عشرات الآلاف من القتلى، وأكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.

وشهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، قصفاً مستمراً من «قوات الدعم السريع» على مواقع عسكرية تابعة للجيش السوداني خلال الأسابيع الماضية بالمدفعية والطائرات المسيرة، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين. وعلى أثرها طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس السيادة في السودان بإقرار هدنة إنسانية في الفاشر بهدف تسهيل إيصال المساعدات للمحاصرين.

انتهاكات مستمرة

من جانب آخر، حذر مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، وأزمة النزوح، مع استمرار المعارك الضارية في منطقتي كردفان ودارفور، حيث تسعى كل الأطراف المتصارعة لتعزيز مكاسبها على الأرض.

وألقت مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام للشؤون الأفريقية، إحاطة عن الوضع في السودان، أكدت خلالها زيادة معدلات انتهاكات حقوق الإنسان وزيادة القتل خارج نطاق القانون في الخرطوم، والعنف الجنسي ضد النساء، والتوسع في تجنيد الأطفال، وزيادة الهجمات على العاملين بالإغاثة الإنسانية.

وطالبت بوبي مجلس الأمن بالدفع لضمان إقرار هدنة إنسانية في السودان، وبصفة خاصة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، لضمان وصول المساعدات إلى السكان وحماية المدنيين هناك دون شروط مسبقة، ومواصلة حث الأطراف المتصارعة على التوصل إلى تهدئة، ووقف إطلاق النار وإنهاء الصراع. كما طالبت المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة باستخدام نفوذه لضمان خفض التصعيد.

وأشارت سانيا لويس، الناشطة السودانية في مجال حقوق الإنسان، إلى أن 80 في المائة من المرافق الصحية في السودان أصبحت خارج الخدمة، وقالت إن 24 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، واتهمت الأطراف المتحاربة بتدمير المنشآت الصحية وتوسيع نطاق المجاعة. وطالبت لويس مجلس الأمن بممارسة الضغوط على قوات الجيش السوداني للكف عن إنكار المجاعة في السودان والتخفيف من المعاناة الإنسانية التي يعاني منها المدنيون.

امرأة فرّت من الحرب في السودان خوفاً من الانتقام بعد إبلاغ عن حالات الاستغلال الجنسي... أدري - تشاد - 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وأصدر مندوبو بريطانيا وروسيا وكوريا الجنوبية واليونان تحذيرات من التدهور الكارثي للأوضاع الإنسانية في السودان، ووفاة عدد كبير من سكان إقليمي كردفان ودارفور بسبب الجوع، وتراجع الخدمات الصحية مع استمرار القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع». وأشاروا إلى تفاقم أزمة النزوح القسري بما يجعلها أكبر أزمة نزوح شهدتها القارة الأفريقية.

فتح المعابر وتقديم المساعدات

ودافع مندوب السودان لدى مجلس الأمن عن محاولات الحكومة السودانية التي يرأسها رئيس الوزراء كامل إدريس للتوصل إلى هدنة إنسانية في الفاشر، وفتح المعابر لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتهيئة البيئة للعودة الطوعية للنازحين، مشيراً إلى أن عدد العائدين بلع 350 ألف أسرة من عشر ولايات، إضافة إلى قيام الحكومة السودانية بتقديم المساعدات القانونية والاجتماعية لضحايا العنف الجنسي من النساء.

وعقد مجلس الأمن جلسته المفتوحة حول الوضع في السودان عملاً بالقرار 2715 الذي نص على تقديم إحاطة كل 120 يوماً حول جهود الأمم المتحدة لدعم السودان في مساره نحو السلام والاستقرار.

من جانبها، حثت منظمة الصحة العالمية المجتمع الدولي على تقديم الدعم للشعب السوداني، وتوفير التمويل بشكل عاجل، وأشارت إلى أن المرافق الصحية دُمرت بشكل كبير وأدى القتال إلى نزوح عدد كبير من السودانيين، مع انتشار الأمراض، وبصفة خاصة الكوليرا التي انتشرت في جميع أنحاء السودان.

ورغم المحاولات الدولية المتكررة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، فإن الاشتباكات لا تزال مستمرة، ويتبادل الطرفان الاتهامات حول المسؤولية عن تأجيج الصراعات وإفشال المرحلة الانتقالية، بعد انهيار الاتفاق الإطاري الذي كان من المفترض أن يمهد لفترة انتقالية تخرج فيها المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية.


مقالات ذات صلة

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» في 26 أكتوبر (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

قال شهود لـ«رويترز» إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها، تحتجز ناجين من الحصار، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (يسار) خلال اجتماع مجلس الوزراء وإلى يساره الرئيس دونالد ترمب في غرفة مجلس الوزراء في البيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 2 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

روبيو: ترمب يتولى شخصياً ملف الحرب في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، إن الرئيس دونالد ترمب يتولى ملف الحرب في السودان شخصياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، وفق بيان صادر عنهم، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

وذكر البيان الذي نشره المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على منصة «إكس» أن «الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل.


«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.


المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

وافقت المحكمة العليا الأميركية ذات الغالبية المحافظة، الجمعة، على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

وأعلنت المحكمة في بيان موجز أنها ستنظر في طعن إدارة ترمب في أحكام صادرة من محاكم أدنى خلصت جميعها إلى أنه غير دستوري.

ويحظر الأمر التنفيذي على الحكومة الفيدرالية إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية للأطفال الذين تقيم أمهاتهم بشكل غير قانوني أو مؤقت في الولايات المتحدة.

كما يستهدف النص الأطفال الذين يقيم آباؤهم بشكل مؤقت في الولايات المتحدة بتأشيرة دراسة أو عمل أو سياحة.

بعد تعليق العديد من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مراسيم رئاسية وقرارات حكومية، أصدرت المحكمة العليا حكماً في 27 يونيو (حزيران) يقيّد سلطة قضاة المحاكم الأدنى في تعليق قرارات الإدارة على مستوى البلاد.

ووقع ترمب المرسوم المتعلق بحق المواطنة بالولادة فور عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، وأدرجه في سياق مساعيه لمكافحة الهجرة غير النظامية.

وتطبق الولايات المتحدة منذ 150 عاماً مبدأ المواطنة بالولادة، المنصوص عليه في التعديل الرابع عشر للدستور، ويرد فيه أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي تلقائياً.

تم اعتماد التعديل الرابع عشر عام 1868، بعد الحرب الأهلية وإلغاء العبودية، لضمان حقوق العبيد المحررين وذريتهم.