هل يفاقم فوز ممداني أزمة الحزب الديمقراطي أم يفتح الطريق لمعالجتها؟

تصدُّره الانتخابات التمهيدية لبلدية نيويورك أثار صدمة ديمقراطية... وغضباً جمهورياً

ممداني يحتفل رفقة أسرته بفوزه في الانتخابات التمهدية الديمقراطية بنيويورك 24 يونيو (أ.ف.ب)
ممداني يحتفل رفقة أسرته بفوزه في الانتخابات التمهدية الديمقراطية بنيويورك 24 يونيو (أ.ف.ب)
TT

هل يفاقم فوز ممداني أزمة الحزب الديمقراطي أم يفتح الطريق لمعالجتها؟

ممداني يحتفل رفقة أسرته بفوزه في الانتخابات التمهدية الديمقراطية بنيويورك 24 يونيو (أ.ف.ب)
ممداني يحتفل رفقة أسرته بفوزه في الانتخابات التمهدية الديمقراطية بنيويورك 24 يونيو (أ.ف.ب)

على الرغم من المفاجأة التي سبّبها فوز زهران ممداني، الديمقراطي الشاب الذي يصفه الرئيس الأميركي بـ«الاشتراكي»، بترشيح الحزب لمنصب رئيس بلدية نيويورك، فإنها تندرج في إطار تداعيات خسارة انتخابات 2024 التي أربكت التوازن بين تيارات الحزب الديمقراطي.

وفي حين تتجه انتخابات رئاسة البلدية في نوفمبر (نشرين الثاني) المقبل لتكون معركة بين أربعة، أو حتى خمسة، مرشّحين، بعدما قرر عمدتها الحالي إريك أدامز التنافس مستقلاً، واحتمال ترشح الحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو مستقلاً أيضاً، طرح كثيرٌ من قادة الديمقراطيين تساؤلات حول فرص الحزب في الفوز، ليس فقط في هذه الانتخابات، بل كذلك في انتخابات 2026 النصفية، في ظل حالة التشظي التي يعانيها الديمقراطيون.

«صدمة» ديمقراطية

أثار فوز ممداني صدمة في صفوف الحزب، تاركاً الديمقراطيين على مستوى البلاد يواجهون تداعيات فوز هذا السياسي الكاريزماتي البالغ من العمر 33 عاماً على أندرو كومو، الحاكم الأكثر تمويلاً ودعماً من المؤسسة الحزبية، والذي تورط في فضائح، واستقال من منصبه وسط مزاعم تحرش جنسي. وفي حبن يرى التقدميون أن الديمقراطيين أمامهم خريطة طريق لاستعادة السلطة، يخشى المعتدلون من أن يكون ناخبو مدينة نيويورك قد منحوا الرئيس دونالد ترمب ورقة سياسية جديدة يستخدمها ضدهم، ليس فقط في الانتخابات النصفية، بل في الانتخابات العامة عام 2028.

ممداني لدى إلقائه كلمة في نيويورك 25 يونيو (أ.ب)

وأعاد فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية تنشيط الانقسامات بين التقدميين والمعتدلين، ومؤسسة الحزب مقابل «المتمردين» عليها، والشباب مقابل الكبار في السّن، في استعادة للجدل الذي دار حول خطأ الاستمرار بترشح جو بايدن للرئاسة خلال الدورة الرئاسية السابقة.

وبالفعل، يشعر كثير من القادة والمانحين الديمقراطيين الذين ينتمون إلى «المؤسسة التقليدية» بالذعر إزاء فوز ممداني، بعدما كانوا يتطلعون إلى التعافي من خسائر عام 2024. ويخشى هؤلاء أن يُلحق فوز ممداني الضرر بالحزب على الصعيد الوطني، خصوصاً بين الناخبين الذين لا يفضلون التصويت للتقدميين، بينما يعتقد «الشباب التقدميون» أن فوزه قد يمتد إلى أبعد من نيويورك.

وبينما يرى بعض الديمقراطيين في ممداني الشاب أنه قد يكون «نسمة تجديد» منعشة في حزب يهيمن عليه قادة مسنون و«منفصلون عن واقع غالبية الناخبين»، يرى آخرون أنه قد يكون عنصراً مضرّاً في حزب لم يعثر بعد على طريق للخروج من أزمته، في غياب برنامج واضح يعيد تعريف هوية الحزب والقضايا الأكثر أهمية للأميركيين.

تجمّع انتخابي لرئيس البلدية الحالي إريك أدامز في نيويورك 26 يونيو (أ.ف.ب)

في هذا الصدد، قال السيناتور اليساري بيرني ساندرز، الذي كان مع النائبة اليسارية أليكساندريا أوكاسيو كورتيز، أحد أكبر المحتفلين بفوز ممداني، أنه أظهر أن القيادة الديمقراطية «بعيدة كل البعد عن الواقع»، وأنها «على الأرجح أكثر استعداداً للغرق مع تيتانيك من تجربة شيء جديد».

في المقابل، قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وكلاهما من نيويورك، إنهما تحدثا مع ممداني بعد فوزه، لكنهما لم يعلنا تأييدهما لترشحه للانتخابات رئاسة البلدية في نوفمبر. كما أشاد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون بحملته الانتخابية.

وينسب أنصار ممداني فوزه للتركيز على أزمة غلاء المعيشة في نيويورك، وتراجع جودة الحياة.

وتميّز ممداني، الذي يمثّل منطقة كوينز في جمعية ولاية نيويورك، بأسلوبه الحماسي في الحملات الانتخابية، ومقترحاته اللافتة التي تشمل منع زيادة الإيجارات للكثير من أهالي نيويورك، وتوفير خدمة حافلات مجانية، وخدمة رعاية الأطفال الشاملة. ولامست رسالته قلوب بعض الناخبين في المدينة، حيث تكلفة المعيشة مرتفعة جداً.

في المقابل، يرى المتشكّكون في الحزب الديمقراطي أن هذه السياسات لن تكون كافية لإخراج الحزب من أزمته، أو حتى استقطاب الناخبين الوسطيين؛ إذ لا تزال الانقسامات عميقة داخل الحزب، ولا سيّما فيما يرتبط بالموقف من إسرائيل، ودور الشرطة، وقضايا الهجرة، والمثليين، وغيرها.

موقف اليهود الأميركيين أساسي

ويرى المراقبون أن عاملاً مُهمّاً ينبغي ألّا يسقط من الحسبان في قراءة نتائج هذه الانتخابات التمهيدية، يتعلق بالجالية اليهودية الكبيرة التي تقطن نيويورك، والتي يُعدّ عدد من أعضائها من كبار المانحين على المستوى الوطني للحزب الديمقراطي. فقد عبّروا عن قلقهم من مواقف ممداني تجاه إسرائيل وحربها مع «حماس»، وأبرزها دفاعه عن استخدام عبارة «عولمة الانتفاضة»، وهم يدرسون خياراتهم، بما في ذلك التحالف المحتمل مع رئيس البلدية الحالي أدامز.

ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن ديفيد غرينفيلد، وهو يهودي أرثوذكسي ذو نفوذ سياسي: «يسود المجتمع اليهودي المنظم قلقٌ بالغ؛ ما دفع إلى إجراء الكثير من المحادثات المبكرة، بما في ذلك محادثات مع فريق العمدة إريك أدامز، ولكن لم تُتخذ أي قرارات بعد». وأضاف: «من المهم أن نتذكر أننا ما زلنا على بُعد خمسة أشهر تقريباً من يوم الانتخابات. لذا؛ لدينا متسع من الوقت للتحليل والنقاش، بينما نعالج كل ما حدث في انتخابات الثلاثاء».

الموقف من إسرائيل

ويؤخذ على ممداني تهربه من الإجابة عن أسئلة حول حقّ إسرائيل في الوجود بصفتها دولة يهودية، وهي قضية مهمة لكثير من الناخبين اليهود في مدينة نيويورك. كما أنه يتّهم إسرائيل بارتكاب «إبادة» في غزة، ويرى أن «السلام العادل والدائم لا يمكن أن يبدأ إلا بإنهاء الاحتلال وتفكيك نظام الفصل العنصري».

ومع ذلك، ندّد ممداني بمعاداة السامية، رغم أن بعض الديمقراطيين زعموا أنه «أظهر نمطاً مقلقاً للغاية من التعليقات المعادية للسامية غير المقبولة».

ممداني يحتفل رفقة والدته بفوزه في الانتخابات التمهدية الديمقراطية بنيويورك 25 يونيو (رويترز)

ويقول أحد خبراء البيانات الانتخابية الديمقراطية، إن النتائج «تشير إلى طاقة معادية للمؤسسة الحزبية لعام 2028، لكن ليس بالضرورة معادية للاعتدال. لذلك؛ لا أعتقد أنها تتعلق بالآيديولوجية، بل بشيء جديد ومبتكر». ويعتقد آخرون أن الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك لن تُطبّق على السباقات الأخرى، ولا ينبغي للمعتدلين المبالغة في ردة فعلهم. فقد فاز مرشحٌ معتدلٌ في النهاية بالانتخابات التمهيدية الرئاسية الديمقراطية لسنوات، ولا شيء يوحي بأن هذا الأمر قد يتغير حتى الآن.

وأشار كثير من الديمقراطيين إلى النتائج التي تحققت في وقت سابق من هذا الشهر في نيوجيرسي، حيث فازت النائبة المعتدلة ميكي شيريل في الانتخابات التمهيدية الحزبية لمنصب حاكم الولاية. وقد أُشيد بها وبأنها قد تكون مستقبل الحزب، إلى جانب النائبة الديمقراطية أبيغيل سبانبرغر، التي لم تواجه أي منافس في الانتخابات التمهيدية لمنصب حاكم ولاية فرجينيا.

ترمب يتهم ممداني بالشيوعية

يشنّ الرئيس ترمب، والجمهوريون بشكل عام، حملة شعواء على ممداني والنائبة اليسارية كورتيز.

وتعليقاً على فوزه، كتب ترمب على منصّته «تروث سوشل» للتواصل الاجتماعي: «لقد تجاوز الديمقراطيون الحدود. زهران ممداني شيوعي مجنون تماماً (...) لقد رأيت الكثير من اليساريين المتطرفين في الماضي، لكنّ هذا الشخص أكثر سخافة بقليل من غيره».

وقال كيرتس سليوا، المرشح الجمهوري، إن «زهران ممداني متطرف لتولي مدينة مضطربة (...) الوقت غير موات للسياسات المتطرفة». في حين دعا السناتور تيد كروز، أحد أعمدة الحزب الجمهوري، سكان نيويورك «غير الشيوعيين» إلى مغادرة المدينة للاستقرار في تكساس. وكتب ستيفن ميلر، مهندس سياسة ترمب المناهضة للهجرة على منصة «إكس»، إن «الديمقراطيون يغيرون السياسة من خلال تغيير الناخبين»، متّهماً «الهجرة غير المنضبطة» بأنها «أحدثت تحولاً عميقاً في قاعدة الناخبين في نيويورك».

كما سعى الجمهوريون إلى توظيف فوزه للتحريض على الديمقراطيين وشيطنتهم. وقالت النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك عن ولاية نيويورك، والتي تُعدّ مرشحة محتملة لمنصب حاكم الولاية، إن «ممداني على وشك أن يصبح أشهر ديمقراطي في البلاد». وقالت: «سيُحاسب كل ديمقراطي على هذا، تماماً كما كان على الجمهوريين لسنوات أن يُحاسبوا (...) نيابةً عن الرئيس ترمب». لكن ستيفانيك حذّرت قائلةً: «أعتقد أن الأمر لن يُؤتي ثماره في انتخابات التجديد النصفي، إلا إذا فاز في الانتخابات العامة».


مقالات ذات صلة

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

الولايات المتحدة​ مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

منحت المحكمة العليا الأميركية الرئيس دونالد ترمب نصراً جديداً مهماً، فوافقت على استخدام خرائط انتخابية أعيد ترسيمها حديثاً لتصب في مصلحة الجمهوريين.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي (أ.ب)

حكم قضائي في يوتاه يمنح الديمقراطيين فوزاً مفاجئاً

رفضت قاضية أميركية خريطة انتخابية جديدة رسمها مشرعون جمهوريون، واعتمدت اقتراحاً بديلاً يمنح الديمقراطيين فوزاً مفاجئاً قبل الانتخابات النصفية للكونغرس عام 2026.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جانب من مؤتمر صحافي عقده ممداني عقب فوزه بانتخابات رئاسة بلدية نيويورك يوم 5 نوفمبر (رويترز)

نيويورك تمنح ممداني فوزاً تاريخياً وتقود تحوّلاً بين الديمقراطيين

قاد زهران ممداني سلسلة انتصارات سياسية لحزبه الديمقراطي في معركة جيلية ضد الجمهوريين من شرق الولايات المتحدة الى غربها، قبل عام من الانتخابات النصفية للكونغرس.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الديمقراطي الفائز بمنصب عمدة مدينة نيويورك زهران ممداني وزوجته راما دوجي في تجمع انتخابي ليلي في نيويورك (رويترز)

انتصارات الديمقراطيين تُعيد رسم خريطة التوازنات الحزبية في أميركا

شكّلت نتائج الانتخابات المحلية التي شهدتها ولايات فيرجينيا ونيوجيرسي وكاليفورنيا ومدن كبرى مثل نيويورك، محطة سياسية تُمهّد لتغيير المشهد السياسي الأميركي.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ قاعة مخصصة للانتخابات في نيويورك (أ.ف.ب)

تقرير: الفائزون في الانتخابات الأميركية حققوا إنجازات غير مسبوقة

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على نتائج الانتخابات الرئيسية حيث قالت إنها شهدت فوزاً ساحقاً للحزب الديمقراطي

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
TT

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)

تعيش العواصم الأوروبية وكييف توتراً دبلوماسياً متزايداً، بعدما كشفت تقارير صحافية مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أظهرت حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً المستشار الألماني فريدريتش ميرتس (يمين) ورئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز خلال اجتماع في جوهانسبرغ على هامش قمة العشرين... 22 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)

المكالمة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ونقلتها لاحقاً غالبية الصحف الأميركية، لم تكن محادثةً بروتوكوليةً. فقد حذَّر ميرتس مما وصفها بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية. ورغم نفي باريس استخدام عبارات قاسية، فإن الرسالة الأوروبية باتت واضحة: لا ينبغي لأوكرانيا الدخول في تسوية مع بوتين بوعود عامة أو ضمانات غير مكتملة.

وردَّت موسكو بسخرية على ما نُسب إلى المستشار الألماني. وكتب كبير المفاوضين الروس كيريل دميترييف على منصة «إكس»: «عزيزي ميرتس، أنت لست حتى في اللعبة... لقد أخرجت نفسك من اللعبة عبر التحريض على الحرب، ونسف السلام، ومقترحات غير واقعية، وانتحار الحضارة الغربية، والهجرة، والغباء العنيد».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوربيون آخرون يطالبون بتعديلات جذرية على الخطة الأميركية (رويترز)

ومن جانبه، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية في برلين: «أرجو تفهم أنني لا أعلق على تقارير إعلامية فردية. علاوة على ذلك، لا يمكننا من حيث المبدأ الإدلاء بمعلومات عن محادثات سرية».

وأشار المتحدث إلى تصريحات ميرتس في المؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الاثنين الماضي. وكان ميرتس قد تحدَّث خلالها عن مكالمة هاتفية مشتركة مع الرئيس الأوكراني، والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، وشركاء أوروبيين آخرين، وقال إنهم يحافظون على تماسك المجتمع عبر الأطلسي قدر الإمكان.

مصادر دبلوماسية أوروبية تشير إلى أن الخشية الأساسية لا ترتبط فقط بسرعة التحرك الأميركي، بل بتصاعد شعور بأن واشنطن باتت تتعامل مع ملف الحرب بوصفها قوةً منفردةً، متجاوزةً شركاءها في «الناتو» والاتحاد الأوروبي. فاجتماعات المفاوضين الأميركيين الأخيرة في موسكو مع الرئيس فلاديمير بوتين، وغياب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن اجتماع وزراء خارجية «الناتو» الذي ناقش الخطة الأميركية، عزَّزا الانطباع بأن إدارة ترمب «تعمل أولاً وتتشاور لاحقاً»، أو «لا تتشاور إطلاقاً».

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس مع الرئيس الأوكراني (أ.ف.ب)

الأوروبيون الذين يدفعون ثمن الحرب أمنياً واقتصادياً وسياسياً، يخشون أن يتحول أي اتفاق هش إلى عبء عليهم وحدهم إذا اختارت واشنطن إعادة ترتيب أولوياتها أو اعتماد مقاربة براغماتية تجاه موسكو. ولهذا يطالب عدد من القادة، كما نقلت الصحف الغربية، بتوضيح صريح من الولايات المتحدة حول طبيعة التزاماتها الدفاعية تجاه كييف، وشكل الرد المشترك في حال خرق روسيا الاتفاق.

تصدعات داخل الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي (إ.ب.أ)

التسريبات وحدّة النقاشات الأخيرة أعادت إلى الواجهة سؤالاً محورياً: هل بدأت تظهر شقوق فعلية داخل الجبهة الغربية بشأن كيفية التعامل مع موسكو؟ رغم التأكيدات الرسمية على وحدة الموقف، فإن الوقائع تكشف خلافات عميقة. الأوروبيون يعدّون الحرب تهديداً مباشراً لأمنهم، ويخشون أن أي تنازل غير مضمون سيشجع روسيا على اختبار صبر الغرب مجدداً. أما واشنطن، فتبدو أكثر تركيزاً على حساباتها العالمية، من ضبط التوتر مع الصين إلى موازنة الأزمات الإقليمية المختلفة، إضافة إلى هامش المناورة الذي يمنحه ترمب لنفسه بوصفه «وسيطاً مستقلاً» لا يمثل بالضرورة إجماع «الناتو».

هذا التباين تُرجم في مواقف ملموسة، كان أبرزها تقليص الاتحاد الأوروبي خطته لاستخدام مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمّدة، وترك جزء منها في الاحتياط قد تستغله واشنطن لاستمالة موسكو نحو الاتفاق. خطوةٌ فسّرها كثيرون على أنها مؤشر إلى هشاشة التنسيق داخل الغرب أكثر مما هي تنازل تكتيكي.

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس في حديث جانبي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في لواندا بأنغولا بمناسبة القمة الأوروبية - الأفريقية (د.ب.أ)

زيلينسكي بين ضغط التفاوض وهشاشة الضمانات

الرئيس الأوكراني، المنشغل أيضاً بأزمة فساد داخلية هزّت فريقه، ظهر متحفظاً حيال الاندفاع الأميركي. فبعد التسريبات شدَّد زيلينسكي على ضرورة «الشفافية»، ملمّحاً إلى أنه لن يقبل بتكرار تجارب تفاوضية سابقة جرت من خلف ظهر أوكرانيا. كما أعاد التأكيد على أن كييف تحتاج إلى فهم «الأسس» التي ستقوم عليها الضمانات الأمنية، خصوصاً مع تداول مقترحات تتعلق بانتشار قوات أوروبية داخل أوكرانيا ضمن «قوة طمأنة» لا تزال تفاصيلها غامضة. هذا الوضع يضع كييف أمام معادلة معقدة: من جهة هناك ضغطان عسكري ومالي يفرضان التفكير في حلول سياسية، ومن جهة أخرى هناك خشية من أن أي خطوة غير محسوبة قد ترسم مستقبل البلاد الجيوسياسي لعقود طويلة.

وأجرى زيلينسكي، الخميس، محادثات مع مرشحين محتملين ليحلوا محل رئيس أركانه، أندريه يرماك، الذي استقال الأسبوع الماضي وسط تحقيق في فساد. وفي خطابه المصور الليلي، قال زيلينسكي إن المناقشات ركزت على كيفية عمل المكتب الرئاسي في المستقبل، والتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى. وقال:«سيتم اتخاذ قرار بشأن الرئيس الجديد للمكتب في المستقبل القريب». وتنحى يرماك، الحليف القديم للرئيس، بعد أن أجرت سلطات مكافحة الفساد عمليات تفتيش في مقره. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المداهمات مرتبطة بما وُصفت بأنها «أكبر قضية فساد في البلاد منذ بدء الحرب»، والتي تنطوي على رشاوى مزعومة في المشتريات المتعلقة بالطاقة.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل البوندستاغ خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

جولة مباحثات أميركية - أوكرانية في ميامي

قالت قناة «سوسبيلن» التلفزيونية الأوكرانية الرسمية الجمعة، نقلاً عن مصادر في وفد كييف، إن المحادثات في الولايات المتحدة بين المبعوثين الأوكرانيين والأميركيين قد انتهت. وقام بتمثيل أوكرانيا في المحادثات التي أُجريت في ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، رستم عميروف سكرتير مجلس الأمن القومي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة أندري هناتوف. وقال الرئيس الأوكراني، الخميس، إن الوفد الأوكراني بالولايات المتحدة يسعى لاستيضاح ما تمَّت مناقشته في موسكو، الثلاثاء الماضي، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثَي الولايات المتحدة ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. وناقش مطلع الأسبوع الحالي فريق بقيادة عميروف في فلوريدا الخطوات المحتملة لإنهاء الحرب مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وويتكوف، وكوشنر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

ورغم ساعات طويلة من النقاش في موسكو، فإن المحادثات الأخيرة لم تحقق اختراقاً. كما أن اجتماع المفاوض الأوكراني رستم عميروف مع ويتكوف لن يغيّر، على الأرجح، من حقيقة أن الخلافات البنيوية بين كييف وموسكو، ومن ورائهما الغرب، أكبر من أن تُحل باندفاعة دبلوماسية منفردة. لكن كثافة التحركات الدبلوماسية في بروكسل وبرلين وباريس تعكس أن نافذة التفاوض قد فُتحت فعلاً، وأن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة.

قال الكرملين، الجمعة، إن روسيا والولايات المتحدة تحرزان تقدماً في محادثات السلام، وإن موسكو مستعدة لمواصلة العمل مع الفريق الأميركي الحالي. وقال المساعد بالكرملين يوري أوشاكوف، الذي شارك في محادثات الثلاثاء في موسكو، لصحيفة «زفيزدا» الجمعة: «إننا، في رأيي، نحرز تقدماً في المفاوضات الأساسية التي ينخرط فيها رئيسانا. إن هذا مشجع، ونحن مستعدون لمواصلة العمل مع هذا الفريق الأميركي». ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن أوشاكوف قوله: «نحن الآن في انتظار رد فعل زملائنا الأميركيين على المناقشة التي أجريناها يوم الثلاثاء».


المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
TT

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)

منحت المحكمة العليا الأميركية الرئيس دونالد ترمب نصراً جديداً مهماً، إذ مهّدت الطريق أمام المشرعين في تكساس لاستخدام خرائط انتخابية أُعيد ترسيمها حديثاً لتصب في مصلحة الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس لعام 2026.

ويلغي هذا القرار، على الأقل حالياً، حكماً أصدرته محكمة أدنى يمنع المشرعين في هذه الولاية من استخدام الخرائط في انتخابات الكونغرس المقبلة، بعدما رجحت أن تكون الخرائط الجديدة تلاعباً غير دستوري بالدوائر الانتخابية لإعطاء الجمهوريين أفضلية على منافسيهم الديمقراطيين.

وكان قاضيا المحكمة الجزئية الأميركية، جيفري براون وديفيد غواديراما، قد رجّحا أن تضعف خطة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية النفوذ السياسي للناخبين السود واللاتينيين، في انتهاك للدستور.

قرار «مؤقت»

ويأتي أمر المحكمة العليا، التي أصدرت قرارها بغالبية أعضائها المحافظين، قبل أيام من الموعد النهائي المحدد الاثنين 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لتقديم طلبات الترشح لمناصب في تكساس. وهذا انتصار للرئيس ترمب الذي حضّ الولايات التي يقودها الجمهوريون على مراجعة خرائطها التشريعية سعياً إلى ضمان فوز حزبهم في الانتخابات النصفية. يُضاف هذا الحكم إلى قائمة من الانتصارات القانونية المتزايدة لإدارة ترمب، ولا سيما في إطار القضايا التي تُنظر دون مرافعات شفوية، إذ يُقصد بأوامر المحكمة أن تكون مؤقتة فحسب. ويشير المنتقدون إلى هذه القضية باعتبارها «ملف الظل»، معتبرين أن القرارات المؤقتة قد تكون لها عواقب واسعة النطاق.

ويُرتقب أن تصدر المحكمة العليا حكماً نهائياً عندما تجتمع بكامل أعضائها التسعة، علماً بأنه خلال مداولات الأمر الأولى، أثار القضاة شكوكاً حول قرار المحكمة الأدنى درجة بأن العرق لعب دوراً في رسم الخريطة الجديدة.

وخالفت القاضية إيلينا كاغان الرأي، وكتبت نيابة عن القضاة الليبراليين الثلاثة أنه ما كان ينبغي لزملائها التدخل في هذه المرحلة. وأضافت أن القيام بذلك «يضمن وضع العديد من مواطني تكساس، من دون سبب وجيه، في الدوائر الانتخابية بسبب عرقهم. وهذه النتيجة، كما أعلنتها هذه المحكمة عاماً بعد عام، تعد انتهاكاً للدستور».

وكتب الخبير في قانون الانتخابات بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجليس، ريتشارد هاسين، أن تصويت المحكمة العليا «يُعطي الضوء الأخضر لمزيد من إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، ورسالة قوية للمحاكم الأدنى للتراجع».

وكان قضاة المحكمة العليا قد عرقلوا أحكاماً سابقة للمحاكم الأدنى في قضايا إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في الكونغرس، وكان آخرها ما صدر قبل أشهر من الانتخابات في ألاباما ولويزيانا.

معركة وطنية

ووضعت خريطة الكونغرس في تكساس خلال الصيف الماضي بناءً على طلب ترمب لمنح الجمهوريين خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب. وأثارت الجهود المبذولة للحفاظ على الأكثرية الجمهورية الضئيلة في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، معركة وطنية لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.

وكانت تكساس أول ولاية تلبي مطالب ترمب، فيما تحوّل إلى معركة وطنية واسعة حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية. وتبعتها ميزوري ونورث كارولينا بخرائط جديدة تضيف مقعداً جمهورياً إضافياً لكل منهما. ولمواجهة هذه التحركات، وافق ناخبو كاليفورنيا على مبادرة اقتراع لمنح الديمقراطيين خمسة مقاعد إضافية هناك.

وتواجه الخرائط المعاد رسمها طعوناً قضائية في كاليفورنيا وميزوري. وسمحت لجنة من ثلاثة قضاة باستخدام خريطة نورث كارولينا الجديدة في انتخابات عام 2026.

وترفع إدارة ترمب دعوى قضائية لمنع خرائط كاليفورنيا الجديدة، لكنها دعت المحكمة العليا إلى إبقاء دوائر تكساس المعاد رسمها كما هي. وينظر القضاة بشكل منفصل في قضية من لويزيانا يمكن أن تزيد من تقييد الدوائر الانتخابية القائمة على العرق بموجب قانون حقوق التصويت.

ومن غير الواضح كيف ستتأثر الجولة الحالية من إعادة تقسيم الدوائر بنتيجة قضية لويزيانا. وقال المدعي العام في تكساس كاين باكستون إن قرار المحكمة العليا «دافع عن حق تكساس الأساسي في رسم خريطة تضمن تمثيلها من الجمهوريين»، واصفاً قانون إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بأنه «الخريطة الكبيرة الجميلة». وقال إن «تكساس تمهد الطريق لاستعادة بلادنا، مقاطعة تلو أخرى، وولاية تلو أخرى»، مضيفاً: «تعكس هذه الخريطة المناخ السياسي في ولايتنا، وهي فوز ساحق لتكساس ولكل محافظ سئم من رؤية اليسار يحاول قلب النظام السياسي بدعاوى قضائية زائفة».

وأصدر حاكم تكساس غريغ أبوت بياناً قال فيه: «فزنا! تكساس رسمياً - وقانونياً - أكثر تأييداً للحزب الجمهوري». أمّا رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية كاين مارتن فقال، في بيان، إن قرار المحكمة «بالسماح لجمهوريي تكساس بتطبيق خرائطهم الانتخابية المزورة والمتلاعب بها عنصرياً هو قرار خاطئ - أخلاقياً وقانونياً. مرة أخرى، منحت المحكمة العليا ترمب ما أراده بالضبط: خريطة مزورة لمساعدة الجمهوريين على تجنب المساءلة في انتخابات التجديد النصفي لتجاهلهم الشعب الأميركي».


لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

يُتوقع أن يُسلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة الفيفا للسلام» عند إجراء قرعة كأس العالم، يوم الجمعة.

ومع رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع، لمقترح ترمب للسلام في أوكرانيا، ذكر أوكرانيون بارزون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «تلغراف» البريطانية أن تقديم الجائزة قد يكون قراراً غير حكيم، في حين يواجه إنفانتينو مزاعم بـ«التودُّد» لترمب، فهذا ما يحدث.

ما جائزة «فيفا للسلام»؟

بعد أسابيع من رفض لجنة نوبل منح ترمب جائزة السلام الشهيرة، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن إطلاقه جائزة «الفيفا للسلام - كرة القدم توحِّد العالم».

في بيان نشره إنفانتينو بحسابه على «إنستغرام»، قال: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الضروري الاعتراف بالمساهمة المتميزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات، وجمع الناس في روح السلام».

وأعلن «الفيفا» أن الجائزة ستُمنح سنوياً، وسيتم تقديم الجائزة الافتتاحية في قرعة كأس العالم بواشنطن، وستُمنح للأفراد الذين «ساهموا في توحيد شعوب العالم في سلام، وبالتالي يستحقون تقديراً خاصاً وفريداً».

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

لماذا سيحصل ترمب على الجائزة؟

سيكون هذا بمثابة إهانة كبيرة، إذا لم يكن «ضيف شرف (الفيفا)» يوم الجمعة، هو الفائز.

وشارك ترمب في مقترحات سلام لروسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن الجائزة تُشير، على الأرجح، إلى نجاحه في المساعدة على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وأُطلقت الجائزة بعد ثلاثة أسابيع فقط من استنكار البيت الأبيض لتجاهل ترمب لـ«جائزة نوبل»، متهماً اللجنة النرويجية بـ«تفضيل السياسة المكانية على السلام».

وأُشيد بترمب لدفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على شروط كان قد رفضها سابقاً.

وتتطلب المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة سد الثغرات، في إطار العمل الذي ينص على أن قطاع غزة سيكون منزوع السلاح، ومؤمّناً، وتديره لجنة تضم فلسطينيين.

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

لماذا تُثير الجائزة جدلاً؟

أعرب منتقدو ترمب وجماعات حقوق الإنسان عن غضبهم، وأُثيرت مخاوف بشأن توقيتها نظراً لعدم تبلور خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا بعد.

وقال إيفان ويتفيلد، لاعب الدوري الأميركي السابق رئيس تحالف حقوق الإنسان لكرة القدم ومقره الولايات المتحدة: «كثيرٌ منا، نحن الأميركيين، لا نرى رئيسنا جديراً بجائزة السلام. لا ينبغي لـ(فيفا) أو أي منظمة أخرى أن تُكافئ الرئيس ترمب بأي نوع من جوائز السلام. (فيفا) تُمثل كرة القدم العالمية، وعليها أن تؤدي هذا الدور بصدقٍ وصدقٍ من أجلنا جميعاً، وليس فقط من هم في مناصب نافذة».

وقال ألكسندر رودنيانسكي، المخرج الأوكراني المرشح لجائزة الأوسكار المعارض البارز للكرملين: «سيكون من الرائع لو مُنحت جوائز للإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأضاف: «إذا فاز ترمب بهذه الجائزة بالفعل، فسيُنظر إليها على أنها إهانة لمئات الأوكرانيين الذين ما زالوا يموتون يومياً - سواء على خطوط المواجهة أو تحت قصف الصواريخ الروسية في منازلهم. بينما لا تزال الحرب مستعرة، يناقش مبعوث ترمب صفقات مربحة محتملة مع موسكو. من ناحية أخرى، ترمب اليوم هو الشخص الوحيد في العالم الذي يحاول بأي طريقة جادة وقف الحرب في أوكرانيا. لقد حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام مُسبقاً، ونحن نعيش عواقب رئاسته، ومنها هذه الحرب... يستحق ترمب الثناء على غزة، لكن الأمور مع أوكرانيا لم تنتهِ بعد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

وأضاف ابنه ألكسندر، أستاذ الاقتصاد المشارك في كمبردج المستشار الرئاسي لأوكرانيا حتى 2024: «ليس من شأني الحكم على ما إذا كان الوقت قد حان لفوز ترمب بجائزة السلام أم لا. ربما يكون ذلك أكثر ملاءمة، بعد أن نتوصل فعلياً إلى اتفاق في أوكرانيا يُعتبر ناجحاً وترتيباً قابلاً للاستقرار».

كما لاقت الجائزة ردود فعل متباينة داخل «فيفا» نفسها، وهناك اقتراحات تشير إلى عدم استشارة بعض أعضاء اللجنة بشأن خطط إطلاق الجائزة قبل صدور البيان، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ذلك، ردّت شخصيات بارزة على المنتقدين، حيث قالت برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في «فيفا»: «لا يمكن انتقاد (فيفا) إلا لتقديرها لمن يريدون السلام العالمي. ومن الواضح أن أعضاء (فيفا) راضون عن أداء إنفانتينو لوظيفته؛ فقد أُعيد انتخابه دون معارضة في عام 2023».

ما العلاقة بين إنفانتينو وترمب؟

يصف إنفانتينو صداقته مع ترمب بأنها «وثيقة». وقال في أكتوبر (تشرين الأول): «أنا محظوظ حقاً»، بعد استضافته في البيت الأبيض في مناسبات قليلة هذا العام وحده.

في منتدى الأعمال الأميركي في ميامي مؤخراً، أشاد إنفانتينو بمزايا سياسات ترمب. وقال: «عندما تكون في ديمقراطية عظيمة كالولايات المتحدة الأميركية، يجب عليك أولاً احترام نتائج الانتخابات، أليس كذلك؟ لقد انتُخب بناءً على برنامج... وهو ينفّذ فقط ما وعد به. أعتقد أنه يجب علينا جميعاً دعم ما يفعله لأنني أعتقد أنه يُبلي بلاءً حسناً».

وكان ترمب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة، استضاف إنفانتينو في البيت الأبيض في 2018، لكن المراقبين يقولون إن علاقتهما توطدت في 2020 في حفل عشاء أُقيم ضمن فعاليات القمة الاقتصادية العالمية بدافوس، بالقرب من مقر «فيفا» في زيوريخ، وصف إنفانتينو ترمب في البداية بأنه «صديقي العزيز».