دخان الحرب الإيرانية - الإسرائيلية يطول الاقتصاد اليمني

انهيار العملة ومخاوف على الأمن الغذائي وسط مساعٍ حكومية لتلافي التدهور

مخاوف من تأثر العملة اليمنية بالتصعيد العسكري بعد أن شهدت أخيراً تدهوراً متسارعاً (أ.ف.ب)
مخاوف من تأثر العملة اليمنية بالتصعيد العسكري بعد أن شهدت أخيراً تدهوراً متسارعاً (أ.ف.ب)
TT

دخان الحرب الإيرانية - الإسرائيلية يطول الاقتصاد اليمني

مخاوف من تأثر العملة اليمنية بالتصعيد العسكري بعد أن شهدت أخيراً تدهوراً متسارعاً (أ.ف.ب)
مخاوف من تأثر العملة اليمنية بالتصعيد العسكري بعد أن شهدت أخيراً تدهوراً متسارعاً (أ.ف.ب)

لم تنتظر أسواق اليمن كثيراً ليصل إليها دخان المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران؛ إذ انخفضت قيمة العملة المحلية (الريال اليمني) المتدهورة أصلاً، كما ارتفعت أسعار الوقود بقرار حكومي، وهو ما يُنذِر بارتفاع أسعار مختلف السلع الاستهلاكية، وسط سعي الحكومة لإيجاد المعالجات.

وتجاوز سعر صرف الدولار 2750 ريالاً يمنياً، نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يعود وينخفض 15 ريالاً فقط، في ظل توقعات بأن يواصل ارتفاعه أمام العملة المحلية نظراً للعوامل المختلفة المؤثرة في ذلك، وبينها تأثيرات التصعيد العسكري في المنطقة.

وبينما عقدت الحكومة اجتماعاً لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وإجراءات وقف انهيار العملة، أعلن رئيسها سالم بن بريك، عن خطة حكومية عاجلة تمتد لـ«100 يوم»، لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وتحقيق التزامات الدولة الأساسية، وعلى رأسها دفع رواتب الموظفين.

وتمثل الخطة، بحسب ما نشره بن بريك على وسائل التواصل الاجتماعي، اختباراً حقيقياً لمدى جدية وقدرة الحكومة على التحرك الفعلي.

الحكومة اليمنية أعلنت عن خطة ”100 يوم”، لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة (رئاسة الحكومة اليمنية)

وأقرت الحكومة اليمنية فرض تسعيرة جديدة للوقود، بزيادة لا تتجاوز الدولار الواحد لكل صفيحة من البنزين والديزل عبوة 20 لتراً، مع توقعات بارتفاع أسعار هذه المواد خلال الأسابيع المقبلة، تبعاً لتطورات الأحداث في المنطقة، واستمرار تدهور العملة المحلية.

ويؤكد الباحث الاقتصادي اليمني رشيد الآنسي أن اقتصاد بلاده عرضة لتأثيرات التصعيد العسكري في المنطقة، نظراً لكون اليمن يستورد أكثر من 95 في المائة من احتياجاته من السلع، وهو ما سيؤدي بالتبعية إلى ارتفاع تكاليف النقل وإمدادات الغذاء والتأثير على المخزون السلعي من حيث الكمية والسعر، إلى جانب ارتفاع تكلفة التأمين البحري.

ونوه الآنسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن مختلف الدول في المنطقة ستتأثر بهذه الحرب، إلا أن لديها فرصاً وقدرة على التعامل المرن مع هذه التغيرات ومواجهة الأعباء الطارئة، على عكس اليمن الذي يعاني من تدهور اقتصادي بفعل الحرب الدائرة والانقسام النقدي وتراجع تصدير السلع.

استنزاف العملات الأجنبية

تتأثر مختلف السلع في اليمن وفي مقدمها الوقود، بتغيرات أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية؛ حيث أعلنت شركة النفط الرسمية أكثر من مرة أنها تحاول تثبيت أسعار المشتقات النفطية، إلا أن تغيرات أسعار الصرف تفرض عليها إجراء تعديلات سعرية بشكل مستمر.

رئيس الحكومة اليمنية يتعهد بجدية التحرك الفعلي لمعالجة تدهور الأوضاع الاقتصادية (رئاسة الحكومة اليمنية)

وتُعدّ التسعيرة الجديدة المعلنة الأسبوع الماضي هي الرابعة خلال هذا العام، وتسببت بارتفاع أسعار مختلف المنتجات المحلية والمستوردة.

ويحذر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار من حدوث تدهور سريع للعملة المحلية يضاف إلى التدهور القائم، بالتزامن مع تصاعد المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية واحتمالية أن تتحول إلى حرب مفتوحة، وهو ما ينتج مخاوف تدفع إلى زيادة المضاربة بالعملة المحلية وتحويلها إلى عملات أجنبية أو ذهب ونقلها إلى خارج البلاد.

وأبدى النجار خشيته في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من تراجع التحويلات النقدية للمغتربين من خارج البلاد، وهي المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية، وذلك لأي أسباب يخلقها الصراع الدائر وتطوراته، وهو ما سيؤدي إلى عدم مقدرة البنك المركزي على التدخل ومعالجة الوضع أكثر مما هو حاصل الآن.

ومنذ أشهر، تعاني الحكومة اليمنية من عدم القدرة على الوفاء بالعديد من التزاماتها الخدمية، ومنها تشغيل الكهرباء بشكل دائم في العاصمة المؤقتة، عدن، أو توفير المياه لسكان مدينة تعز ذات الكثافة السكانية العالية.

أسعار الوقود في اليمن تغيرت أربع مرات خلال هذا العام بسبب تغير صرف العملات الأجنبية (أ.ف.ب)

وعلى النقيض من توقعات النجار، يذهب الآنسي إلى أن العملة المحلية لن تتأثر بشكل كبير ومباشر بالأحداث، نظراً لخصوصية الوضع الذي تعيشه معزولة عن السوق العالمية من جهة، وبسبب الانقسام النقدي الذي تعانيه بفعل ممارسات الجماعة الحوثية من جهة ثانية.

ويعلل الآنسي توقعاته بأن حوالات المغتربين لن تتوقف، وهي المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في البلاد.

الإضرار بسلاسل الإمداد

يبدي الخبراء والمراقبون للشأن اليمني مخاوف شديدة من أن تشمل التطورات العسكرية في المنطقة المضائق والممرات المائية ما يؤدي إلى اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، وإضافة أعباء على اليمنيين.

مخاوف من تأثر العملة اليمنية بالتصعيد العسكري بعد أن شهدت، أخيراً، تدهوراً متسارعاً (أ.ف.ب)

وفي هذا الصدد، يرجح الباحث النجار أن وصول تطورات الصراع إلى البحار سيؤدي إلى تحويل المياه المحيطة باليمن إلى ما يجري التعارف عليه في النقل البحري بـ«مناطق عالية المخاطر».

وتوقع أن تزيد تكلفة أسعار النقل والتأمين إلى ما يقارب 300 في المائة، وإلى جانب ذلك، سيعطل على الحكومة الحالية أو الحكومات المقبلة إمكانية استئناف تصدير النفط، وهو ما سيعزز من عجز العملات الأجنبية والمزيد من تردي الأوضاع المعيشية.

من جهته، حمّل محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، الجماعة الحوثية المسؤولية عن استنزاف موارد الدولة، وإغراق القطاع المصرفي في أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد؛ خصوصاً بعد استهدافهم موانئ تصدير النفط، والتهديد باستهدافها مجدداً في حال محاولة استئناف تصديره.

أطفال نازحون في الحديدة قرب بئر يساعدون عائلاتهم في جلب المياه (أ.ف.ب)

وتحدث المعبقي خلال ندوة اقتصادية عُقِدت أخيراً، عن وجود «اقتصادين مختلفين داخل البلاد، أحدهما حر، والآخر ثابت ومفروض بالقوة»، واتهم الجماعة بفرض أسعار صرف وهمية وغير واقعية للعملات الأجنبية في مناطق سيطرتها، وحرمان المودعين من حق سحب أموالهم بحرية.

كما اتهم الجماعة بالسعي إلى تقويض البنوك التي عدّها آخر ما تبقى من أعمدة الاقتصاد اليمني، من خلال قوانين وإجراءات أحادية، وتحويل الودائع والاستثمارات إلى حسابات جارية لا يمكن السحب منها.

يُشار إلى أن نصيب الفرد في اليمن انخفض بنسبة 58 في المائة، طبقاً لبيانات «البنك الدولي» الذي توقَّع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام الحالي بنسبة 1.5 في المائة.


مقالات ذات صلة

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

العالم العربي معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد لمصلحة مشروعها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تُقوّض وحدة القرار السيادي، وتخدم مشروع إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية اليوم الجمعة أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

بدأ الحوثيون في الأيام الأخيرة الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتهم المقبلة في وقت أبدت فيه قيادة الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الجماعة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع مسؤول أممي (إعلام حكومي)

اليمن يعزز التنسيق مع المنظمات الدولية ويحذر من تجاوز أنظمة الاستيراد

اليمن يعزز تنسيقه مع المنظمات الأممية في مجالات الإغاثة والزراعة والحكومة تحذر من التفاف بعض التجار على أنظمة الاستيراد وتشدد على الالتزام بالآليات

«الشرق الأوسط» (عدن)

قرعة المونديال: مجموعات متباينة للمنتخبات العربية

قرعة المونديال: مجموعات متباينة للمنتخبات العربية
TT

قرعة المونديال: مجموعات متباينة للمنتخبات العربية

قرعة المونديال: مجموعات متباينة للمنتخبات العربية

بحضور الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ورئيسة المكسيك كلوديا شينباوم ورئيس وزراء كندا مارك كارني، سحبت في واشنطن أمس قرعة مونديال 2026 التي ستقام مبارياتها في الدول الثلاث.

وأوقعت القرعة المنتخب السعودي في المجموعة الحديدية «الثامنة» إلى جانب إسبانيا والأورغواي بالإضافة إلى الرأس الأخضر.

وحلت مصر في المجموعة السابعة إلى جانب بلجيكا وإيران ونيوزيلندا.وجاء المغرب في المجموعة الثالثة ليصطدم بالبرازيل أولاً، ثم يلاعب اسكوتلندا وهايتي. ووضعت القرعة منتخب قطر في المجموعة الثانية مع كندا وسويسرا ومنتخب من الملحق العالمي.

وأوقعت القرعة منتخب تونس في السادسة مع هولندا واليابان ومنتخب من الملحق العالمي. وجاءت الجزائر في المجموعة العاشرة مع الأرجنتين «حاملة اللقب» والنمسا ومنتخب عربي آخر هو الأردن.

وساهم في سحب القرعة نجوم كبار مثل أسطورة كرة القدم الأميركية توم بريدي، وأيقونة هوكي الجليد الكندي واين غريتسكي، والنجم السابق في دوري السلة الأميركي شاكيل أونيل، ونجم الكرة الإنجليزية ريو فيرديناند.

وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم، منح جائزته الأولى من نوعها التي تحمل اسم «جائزة فيفا للسلام»، للرئيس ترمب.

وقال رئيس «الفيفا» جياني إنفانتينو إن ترمب «استحق جائزة فيفا للسلام بكل تأكيد».


احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».