ما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؟

صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
TT

ما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؟

صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)

قالت إيران، اليوم الاثنين، إن برلمانها يُعِدّ مشروع قانون قد يدفعها نحو الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

وبدأت إسرائيل في تنفيذ ضربات عسكرية على إيران في 13 يونيو (حزيران)، وعزت سبب ذلك إلى مخاوف بشأن برنامج طهران النووي.

جاء ذلك بعد يوم واحد من إعلان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران تخالف التزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وتنفي إيران السعي لتطوير أسلحة نووية وأطلقت صواريخ على إسرائيل رداً على الضربات.

فيما يلي بعض الحقائق الرئيسية حول المعاهدة:

الغرض من المعاهدة

هدف المعاهدة، التي دخلت حيّز التنفيذ في 1970، هو وقف انتشار القدرة على صنع الأسلحة النووية وضمان حق جميع الدول الموقعة في تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية وتخلّص القوى النووية الخمس من ترسانتها من تلك الأسلحة، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وتُعرّف المعاهدة الدول المسلحة نووياً بأنها تلك التي صنعت وفجّرت سلاحاً نووياً أو جهازاً نووياً آخر قبل الأول من يناير (كانون الثاني) 1967. وتلك الدول هي الولايات المتحد وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا التي ورثت حقوق والتزامات الاتحاد السوفياتي السابق. وهذه هي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

علم الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمام مقر الوكالة المعنية بمراقبة استخدام الطاقة النووية... فيينا 16 يونيو 2025 (رويترز)

الموقعون

بلغ عدد الدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية 191 دولة. وتوافق الدول الحائزة للأسلحة النووية على عدم نقل هذه الأسلحة أو مساعدة الدول غير المسلحة نووياً في الحصول عليها.

غير الموقعين

طوّرت دولتان لم توقعا على المعاهدة وهما الهند وباكستان أسلحة نووية. كما يعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، لكنها لم تؤكد ذلك أو تنفه علناً.

ووقّعت كوريا الشمالية على المعاهدة في 1985، لكنها أعلنت انسحابها في 2003 بعد أن واجهها مسؤولون أميركيون بأدلة قالوا إنها تشير إلى برنامج تخصيب سري. وبعد فترة من التقارب، طردت كوريا الشمالية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجدداً في 2009 ولم يعودوا منذ ذلك الحين.

بند الانسحاب

تنقسم المعاهدة إلى 11 بنداً، منها بند يمكن الدولة من الانسحاب «إذا رأت أن أحداثاً استثنائية... قد عرّضت المصالح العليا لبلادها للخطر». ويتعيّن على الدولة إخطار الدول الأعضاء الأخرى في المعاهدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل ثلاثة أشهر من الانسحاب.

مراجعة المعاهدة

تجتمع الدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لمراجعتها كل خمس سنوات. ومن المقرر عقد مؤتمر المراجعة القادم في 2026.

صورة من محطة بوشهر النووية الإيرانية (رويترز - أرشيفية)

إيران

وقّعت إيران، وهي من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، على معاهدة حظر الانتشار النووي منذ عام 1970، ولديها برنامج لتخصيب اليورانيوم تقول إنه لأغراض سلمية وليس لتطوير أسلحة، لكن قوى غربية وإسرائيل تشتبه في أنها تعتزم تطوير وسائل لصنع القنابل الذرية.

كان إعلان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يضم 35 دولة، في 12 يونيو بأن إيران تنتهك التزاماتها في مجال منع الانتشار النووي بمثابة أول قرار من نوعه منذ ما يقرب من عشرين عاماً. وأعلن المجلس ذلك بعد تقرير يدين إيران أرسلته الوكالة إلى الدول الأعضاء في 31 مايو (أيار).

وأشار القرار الذي اعتمده المجلس إلى «العديد من الإخفاقات من جانب طهران منذ 2019 في الوفاء بالتزاماتها بتوفير التعاون الكامل وفي الوقت المناسب للوكالة فيما يتعلق بالمواد والأنشطة النووية غير المعلنة في مواقع متعددة غير معلنة في إيران».

قضايا مثيرة للقلق

من القضايا المحورية المثيرة للقلق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم تقديم طهران تفسيرات مقبولة لكيفية وصول آثار اليورانيوم المكتشفة في مواقع غير معلنة في إيران إلى تلك المواقع رغم تحقيق الوكالة في المسألة لسنوات. وتعتقد الوكالة أن هذه الآثار تشير في الغالب إلى أنشطة نُفّذت قبل أكثر من عشرين عاماً.

وردّت وزارة الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية على ذلك بأن إيران أوفت دائماً بالتزاماتها المتعلقة بالضمانات. ووصفت الجهتان النتائج التي خلصت إليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها ذات دوافع سياسية وتفتقر إلى أي أساس فني أو قانوني.

ولدى سؤاله في مؤتمر صحافي حول احتمال انسحاب طهران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، جدد متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية موقف طهران الرسمي الرافض لتطوير الأسلحة النووية، لكنه قال: «في ضوء التطورات الأخيرة، سنتخذ القرار المناسب. على الحكومة إنفاذ مشاريع القوانين البرلمانية، لكن هذا الاقتراح قيد الإعداد، وسننسق مع البرلمان في المراحل اللاحقة».

عقوبات بسبب البرنامج النووي

فُرضت عقوبات على إيران في 2006 بسبب عدم الامتثال لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي طالب بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم.

ثم وافقت إيران على كبح برنامجها النووي، مع الاستمرار في التخصيب إلى مستوى منخفض، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع ست قوى كبرى في 2015، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحب من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض العقوبات الأميركية.

ردت إيران على ذلك بتسريع وتيرة برنامجها النووي، متخلية عن القيود المفروضة بموجب الاتفاق. وتجري إيران والولايات المتحدة محادثات غير مباشرة منذ أبريل (نيسان) سعياً لفرض قيود جديدة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات.


مقالات ذات صلة

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

شؤون إقليمية أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب) play-circle

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

حذر مسؤولون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة بشأن تجدد الاشتباك مع إيران قد تؤدي لحرب جديدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صواريخ باليستية إيرانية تُرى خلال عرض عسكري في طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إن البرنامج الصاروخي الإيراني دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)

إيران لا تستبعد هجوماً جديداً وتتمسك بالتخصيب

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن طهران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

ذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات الإيرانية قد تسعى إلى فحص أنقاض ضربة عسكرية في منشأة «نطنز» بعيداً عن أعين المراقبين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)
وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)
وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)

​قال رئيس وزراء غرينلاند، ينس-فريدريك نيلسن، الثلاثاء، إنه يشعر بـ«الحزن» ‌إزاء تعبير ‌الرئيس ⁠الأميركي ​دونالد ‌ترمب مجدداً عن اهتمامه بالاستحواذ على الجزيرة الواقعة في القطب الشمالي.

وأدلى ⁠نيلسن بتصريحاته ‌على «فيسبوك» بعد ‍أن أكد ‍ترمب أمس، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى ​غرينلاند لأسباب تتعلق بأمنها القومي، مشيراً ⁠إلى أن المبعوث الخاص الذي عيَّنه للجزيرة الشاسعة الغنية بالمعادن «سيقود هذه المهمة».


«الناتو» يرجّح تطوير روسيا سلاحاً جديداً لاستهداف أقمار «ستارلينك»

سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)
سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)
TT

«الناتو» يرجّح تطوير روسيا سلاحاً جديداً لاستهداف أقمار «ستارلينك»

سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)
سلسلة من أقمار «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» أثناء مرورها فوق ولاية كنساس الأميركية (أ.ب)

تعمل روسيا على تطوير سلاح جديد مضادّ للأقمار الاصطناعية، صُمّم خصيصاً لاستهداف منظومة «ستارلينك» التابعة لرجل الأعمال إيلون ماسك، وفق ما أفادت تقارير استخباراتية صادرة عن دولتين في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو).

وبحسب وثائق اطّلعت عليها وكالة «أسوشييتد برس»، يهدف السلاح، المعروف باسم «سلاح تأثير المنطقة»، إلى إغراق مدارات أقمار «ستارلينك» بمئات الآلاف من المقذوفات عالية الكثافة.

وقد يسمح هذا النوع من الأسلحة بتعطيل عدد كبير من الأقمار الاصطناعية دفعة واحدة، لكنه ينطوي في الوقت ذاته على مخاطر أضرار جانبية كارثية قد تطال أنظمة فضائية أخرى عاملة في المدار.

وتشير التقارير إلى أن الهدف من هذا التطوير يتمثل في الحد من التفوق الغربي في الفضاء، الذي لعب دوراً محورياً في دعم أوكرانيا ميدانياً خلال الحرب الجارية.

غير أن محللين لم يطّلعوا على هذه المعطيات تحديداً أعربوا عن تشككهم، متسائلين عمّا إذا كان يمكن نشر مثل هذا السلاح من دون التسبب في فوضى غير قابلة للسيطرة في الفضاء. وأشاروا إلى أن هذه الفوضى قد تطال ليس فقط جهات غربية، بل أيضاً شركات ودولاً، من بينها روسيا وحليفتها الصين، التي تعتمد على آلاف الأقمار الاصطناعية في المدار لتأمين الاتصالات والدفاع واحتياجات حيوية أخرى.

وأضاف المحللون أن التداعيات الكبيرة المحتملة، بما في ذلك المخاطر التي قد تهدد أنظمة روسيا الفضائية نفسها، قد تشكّل في نهاية المطاف عامل ردع لموسكو يحول دون نشر هذا السلاح أو استخدامه.

وقالت فيكتوريا سامسون، المتخصصة في أمن الفضاء في مؤسسة «العالم الآمن»، التي تشرف على الدراسة السنوية للمنظمة حول أنظمة الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية: «لا أقتنع بهذا الطرح إطلاقاً... حقاً لا أصدّقه». وأضافت: «سأُفاجأ كثيراً، بصراحة، إذا أقدموا على خطوة من هذا النوع».

في المقابل، قال قائد قسم الفضاء في الجيش الكندي، البريغادير جنرال كريستوفر هورنر، إن احتمال العمل الروسي على مثل هذه القدرات لا يمكن استبعاده، في ضوء اتهامات أميركية سابقة أفادت بأن موسكو تسعى أيضاً إلى تطوير سلاح نووي فضائي عشوائي التأثير.

وأضاف هورنر: «لا أستطيع القول إنني اطّلعت على إحاطة بشأن هذا النوع من الأنظمة، لكنه ليس أمراً غير قابل للتصديق». وتابع: «إذا كانت التقارير المتعلقة بالسلاح النووي دقيقة، وإذا كانوا مستعدين لتطويره والذهاب إلى هذا الحد، فلن يكون مفاجئاً بالنسبة لي أن يكون لديهم ضمن نطاق تطويرهم ما هو أدنى من ذلك قليلاً، لكنه لا يقل ضرراً عنه».

ولم يردّ المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف على طلبات وكالة «أسوشييتد برس» للتعليق. وكانت روسيا قد دعت في السابق إلى جهود داخل الأمم المتحدة لمنع نشر الأسلحة في المدار، في حين قال الرئيس فلاديمير بوتين إن موسكو لا تنوي نشر أسلحة نووية في الفضاء.

سلاح يستهدف عدة أهداف

وعُرضت النتائج الاستخباراتية على وكالة «أسوشييتد برس» بشرط عدم الكشف عن هوية الأجهزة المعنية، في حين لم تتمكن الوكالة من التحقق بشكل مستقل من خلاصات هذه النتائج.

ولم تردّ قوة الفضاء الأميركية على الأسئلة التي وُجّهت إليها عبر البريد الإلكتروني. ومن جهتها، قالت قيادة الفضاء في الجيش الفرنسي، في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»، إنها لا تستطيع التعليق على هذه النتائج، لكنها أضافت: «يمكننا أن نؤكد أن روسيا كثّفت في السنوات الأخيرة أنشطة غير مسؤولة وخطِرة، بل عدائية، في الفضاء».

تشير النتائج الاستخباراتية إلى أن روسيا ترى منظومة «ستارلينك» على وجه الخصوص تهديداً خطيراً. وقد لعبت آلاف الأقمار الاصطناعية ذات المدار المنخفض دوراً محورياً في صمود أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي الشامل، الذي يدخل عامه الرابع.

ويُستخدم الإنترنت عالي السرعة الذي توفره «ستارلينك» من قبل القوات الأوكرانية في الاتصالات الميدانية وتوجيه الأسلحة ومهام أخرى، كما يعتمد عليه المدنيون والمسؤولون الحكوميون في المناطق التي تضررت فيها الاتصالات جراء الضربات الروسية.

وكان مسؤولون روس قد حذّروا مراراً من أن الأقمار الاصطناعية التجارية التي تخدم الجيش الأوكراني قد تُعدّ أهدافاً مشروعة. وقالت روسيا هذا الشهر إنها نشرت نظاماً صاروخياً أرضياً جديداً من طراز «إس-500»، قادراً على استهداف أهداف في المدار المنخفض.

وبخلاف صاروخ اختبرته روسيا عام 2021 لتدمير قمر اصطناعي متوقف عن العمل يعود إلى حقبة الحرب الباردة، فإن السلاح الجديد قيد التطوير يهدف، بحسب النتائج الاستخباراتية، إلى استهداف عدة أقمار لـ«ستارلينك» في آن واحد، عبر مقذوفات قد تُطلقها تشكيلات من أقمار اصطناعية صغيرة لم تُطلق بعد.

وقال هورنر إنه من الصعب تصور كيفية حصر سحب المقذوفات لاستهداف «ستارلينك» فقط، محذراً من أن الحطام الناتج قد يخرج «عن السيطرة بسرعة».

وأضاف: «تفجير حاوية مليئة بكرات معدنية صغيرة سيغطي نظاماً مدارياً كاملاً، وسيقضي على كل أقمار (ستارلينك) وكل الأقمار الأخرى الموجودة في المدار نفسه. وهذا هو الجانب المقلق للغاية».

نظام قد يكون تجريبياً

ولم تحدد النتائج التي اطّلعت عليها وكالة «أسوشييتد برس» موعداً محتملاً لامتلاك روسيا القدرة على نشر هذا النظام، كما لم توضح ما إذا كان قد خضع للاختبار، أو إلى أي مرحلة وصل البحث والتطوير.

وقال مسؤول مطّلع على النتائج وعلى معلومات استخباراتية أخرى لم تُكشف للوكالة، إن النظام قيد التطوير النشط، وإن تفاصيل توقيت نشره المتوقّع شديدة الحساسية ولا يمكن مشاركتها. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته.

ورجّحت سامسون أن تكون هذه الأبحاث الروسية ذات طابع تجريبي فحسب. وقالت: «لا أستبعد أن يعمد بعض العلماء إلى تطوير فكرة كهذه باعتبارها تجربة فكرية مثيرة، على أمل أن يتمكنوا يوماً ما من إقناع حكومتهم بتمويلها». وأضافت سامسون أن التلويح بتهديد روسي جديد محتمل قد يكون أيضاً محاولة لاستدراج رد فعل دولي.

وقالت سامسون: «غالباً ما يروّج أصحاب هذه الأفكار لها؛ لأنهم يريدون من الجانب الأميركي تطوير قدرات مماثلة، أو لتبرير زيادة الإنفاق على قدرات مواجهة التهديدات الفضائية، أو لاعتماد نهج أكثر تشدداً تجاه روسيا». وأضافت: «لا أقول إن هذا ما يحدث في هذه الحالة تحديداً، لكن من المعروف أن بعض الأطراف تستخدم مثل هذه الطروحات المتطرفة لتحقيق أهدافها».

مقذوفات صغيرة قد تمرّ دون رصد

وتشير النتائج الاستخباراتية إلى أن المقذوفات ستكون صغيرة جداً، لا يتجاوز حجمها بضعة مليمترات، ما قد يمكّنها من الإفلات من أنظمة الرصد الأرضية والفضائية التي تراقب الأجسام في الفضاء، الأمر الذي قد يصعّب تحديد الجهة المسؤولة عن أي هجوم وربطه بموسكو.

وقال كلايتون سووب، المتخصص في أمن الفضاء والتسلّح في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن «عدم القدرة على تتبّع المقذوفات سيعقّد الأمور»، لكنه أضاف أن «الناس سيتمكنون في النهاية من استنتاج ما حدث». وتابع: «إذا بدأت الأقمار الاصطناعية تتعطّل وتتضرر، فمن السهل ربط النقاط».

ولا يزال حجم الدمار الذي قد تُحدثه هذه المقذوفات الصغيرة غير واضح. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) كان اصطدام يُشتبه بأنه ناجم عن قطعة صغيرة من الحطام كافياً لإلحاق أضرار بمركبة فضائية صينية كانت مخصّصة لإعادة ثلاثة رواد فضاء إلى الأرض.

وقال سووب إن «الضرر الأكبر سيصيب على الأرجح الألواح الشمسية؛ لأنها الأكثر هشاشة»، مضيفاً أن ذلك «قد يكون كافياً لإلحاق أذى بالقمر الاصطناعي وإخراجه من الخدمة».

«سلاح ترهيب» يهدد بفوضى فضائية

ويرى محللون أن المقذوفات والحطام الناتج عن أي هجوم من هذا النوع قد يعودان تدريجياً نحو الأرض، ما قد يعرّض أنظمة فضائية أخرى للخطر أثناء سقوطهما.

وتدور أقمار «ستارلينك» على ارتفاع يقارب 550 كيلومتراً فوق سطح الأرض، في حين تعمل محطة «تيانغونغ» الصينية الفضائية ومحطة الفضاء الدولية في مدارات أدنى، «ما يعني أن كلتيهما ستواجه مخاطر محتملة»، وفق سووب.

وأضاف أن الفوضى الفضائية التي قد يتسبب فيها مثل هذا السلاح قد تمكّن موسكو من تهديد خصومها من دون الحاجة إلى استخدامه فعلياً. وقال: «يبدو الأمر وكأنه سلاح ترهيب، يُستخدم للردع أو لإيصال رسالة معينة».

من جهتها، رأت سامسون أن العيوب الكبيرة لسلاح المقذوفات العشوائي قد تدفع روسيا في نهاية المطاف إلى العدول عن هذا المسار.

وقالت سامسون: «لقد استثمروا قدراً هائلاً من الوقت والمال والموارد البشرية ليصبحوا قوة فضائية». وأضافت أن استخدام مثل هذا السلاح «سيؤدي فعلياً إلى قطع الوصول إلى الفضاء عنهم أيضاً»، متسائلة: «لا أعلم ما إذا كانوا مستعدين للتضحية بكل ذلك».


«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

كشف تحقيق أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية وبيانات جمعتها منظمة «إن سيكيوريتي إنسايت» غير الحكومية، عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

ووفقاً للبيانات، فقد وقع ما يقرب من 300 هجوم وتعطيل لمرافق الرعاية الخاصة بالولادة والنساء الحوامل خلال السنوات الثلاث الماضية، بالإضافة إلى 119 حادثة على الأقل تضمنت ضربات مباشرة على المستشفيات وغرف الولادة.

ووقعت معظم هذه الهجمات في أوكرانيا وغزة والسودان، حيث تُحاصر مئات الآلاف من النساء الحوامل في مناطق النزاع.

استهداف النساء والكوادر الطبية

وقُتلت الكثير من النساء، ومُنع بعضهن من الحصول على الرعاية، وأُجبر البعض الآخر على الولادة في ظروف غير آمنة.

كما تُظهر البيانات مقتل 68 قابلة وطبيب نساء وتوليد على الأقل، واختطاف 15، واعتقال 101، مشيرة إلى أن هذه الأمور كانت تحدث أحياناً أثناء مساعدتهم للنساء في عمليات الولادة.

فلسطينية تحمل جثمان رضيع قُتل في ضربات إسرائيلية بمدينة غزة سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

ومن المرجح أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع؛ إذ لا تشمل إلا الحوادث التي تم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام المحلية والوطنية والدولية وقواعد البيانات الإلكترونية. وفي بعض مناطق النزاع، تكون الاتصالات والمعلومات شحيحة.

وفي العام الماضي، أفادت التقارير بأن نصف النساء اللواتي توفين أثناء الحمل أو الولادة كنّ في مناطق النزاع. وتقول سيما باحوس، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة: «هذه ليست نتائج طبيعية للحرب، بل هي نمط من العنف الإنجابي».

مرافق رعاية الأمومة والولادة

إلى جانب قتل النساء والكوادر الطبية المؤهلة، تُدمر الهجمات مرافق رعاية الأمومة والولادة، وتُشكل تهديداً لقدرة الدول على إعادة بناء قواها السكانية.

وفي غزة، أشارت لجنة تابعة للأمم المتحدة، في أحد أسباب إعلانها أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية هناك، إلى تأثير الهجمات على المستشفيات ومرافق رعاية الأمومة والولادة على الحق في الأمومة والصحة الإنجابية.

رُضَّع يتشاركون حضَّانة واحدة في مستشفى بمدينة غزة يوليو الماضي بسبب نقص الوقود (رويترز)

وحتى بعد وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول)، يقول أطباء في غزة إن النساء والأطفال ما زالوا يموتون بسبب تردي الرعاية الصحية؛ نتيجة لنقص الأدوية والمعدات. وقد صرّح مسؤول في إحدى وكالات الأمم المتحدة بأنه تلقى تقارير عن نساء في غزة يلدن في الأنقاض على جوانب الطرق لعدم تمكنهن من الوصول إلى المستشفيات.

ويقول الدكتور عدنان راضي، رئيس قسم أمراض النساء والتوليد في مستشفى العودة: «تعرضت أجنحة المرضى وغرف العمليات وأجنحة الولادة لإطلاق صواريخ وقذائف مباشرة».

وفي أوكرانيا، تضررت أو دُمرت 80 منشأة على الأقل للولادة وحديثي الولادة منذ بداية عام 2022.

طفل حديث الولادة بمستشفى بوكروفسك للولادة في دونيتسك شرق أوكرانيا (رويترز)

وقد أشار تحقيق «الغارديان» إلى أن الضغط النفسي زاد بشكل كبير من المضاعفات أثناء الولادة.

وفي مدينة خيرسون، جنوب أوكرانيا، تضرر مستشفى الولادة خمس مرات منذ بداية الحرب. ويقول رئيس قسم التوليد، بيترو مارينكوفسكي: «روسيا تستهدفنا عمداً».

وفي السودان، وتحديداً في يوم الثامن والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول)، كانت ثلاثون امرأة يحتمين في المستشفى السعودي للولادة بمدينة الفاشر، حين وقعت واحدة من أبشع الحوادث التي شهدتها الحرب الأهلية في هذا البلد، حيث اقتحم مسلحون من «قوات الدعم السريع»، المستشفى، وأفادت التقارير بمقتل أكثر من 460 مريضاً ومرافقيهم.

وكان عبد ربه أحمد، فني المختبر البالغ من العمر 28 عاماً، والذي كان يعمل في المستشفى تلك الليلة، من بين الناجين القلائل المعروفين. ويقول: «سمعت صراخ النساء والأطفال. كانوا يقتلون كل من في المستشفى. من استطاع منا الفرار، هرب».

سودانية اضطرت للهروب بطفلها من بلدتها الصغيرة إلى مخيم أدري في تشاد (أ.ب)

ووصفت منظمات حقوق الإنسان هذه المجزرة بأنها «فظاعة لا توصف»، وواحدة من أسوأ الأمثلة الحديثة على انهيار حماية مئات الملايين من المدنيين العالقين في مناطق النزاع.

وفي ميانمار، تعرضت المرافق الطبية للقصف، وقُبض على عشرات القابلات والمرضى، أو قُتلوا أو جُرحوا خلال العامين الماضيين في ظل الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.

لا ضمانات ولا ملاحقات

وحالياً، تعيش 676 مليون امرأة على بعد 50 كيلومتراً من مناطق نزاعات مميتة، وهو أعلى مستوى مسجل منذ التسعينات، وسط غياب الضمانات والملاحقات القضائية لجرائم الحرب لمن يستهدفون خدمات رعاية الأمومة.

وتقول بايال شاه، محامية حقوق الإنسان في منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» غير الحكومية، إن غياب المساءلة خلق «ثقافة الإفلات من العقاب». وتضيف: «الهجمات المتعلقة بالصحة الإنجابية هي ضمن أعمال الإبادة الجماعية، حيث تقوم بمنع الولادات أو تدمير بقاء جماعة ما».

ويقول خبراء طبيون إن معظم وفيات الأمهات يمكن الوقاية منها باتباع الإجراءات الروتينية، لكن الأنظمة الصحية قد تنهار أثناء الحرب؛ ما يؤدي إلى تدمير الظروف التي تجعل الولادة الآمنة ممكنة.

وتقول منظمات حقوقية إن الخوف يدفع النساء أيضاً إلى الابتعاد عن المرافق التي كانت تُعدّ آمنة؛ ما يُجبرهن على المخاطرة، كالولادة في المنزل دون مساعدة طبية متخصصة أو إمكانية الوصول إلى الرعاية الطارئة.