«هدنة غزة»: هل يُبدد «تعهد ترمب» بشأن الاتفاق مخاوف «حماس»؟

وسط توجّس الحركة من «عدم التزام إسرائيل بإنهاء الحرب»

أطفال يجمعون أغراضهم بينما يتفقد فلسطينيون موقع غارة إسرائيلية ليلية بجباليا وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال يجمعون أغراضهم بينما يتفقد فلسطينيون موقع غارة إسرائيلية ليلية بجباليا وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: هل يُبدد «تعهد ترمب» بشأن الاتفاق مخاوف «حماس»؟

أطفال يجمعون أغراضهم بينما يتفقد فلسطينيون موقع غارة إسرائيلية ليلية بجباليا وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال يجمعون أغراضهم بينما يتفقد فلسطينيون موقع غارة إسرائيلية ليلية بجباليا وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حملت وثيقة المقترح الأميركي بشأن مسوّدة اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ضمانة من الرئيس دونالد ترمب بتنفيذه، غير أن هذا لا يزال يثير مخاوف لدى «حماس» من انهيار الصفقة مجدداً، كما حدث في مارس (آذار) الماضي، وكانت واشنطن أيضاً ضِمن الوسطاء.

تلك التطورات التي لا تخلو من مخاوف عدم التزام إسرائيل بإنهاء الحرب، كما ترغب «حماس»، يراها خبراء، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها لن تقود لاتفاق سريع، وقد نرى طلباً من الحركة الفلسطينية بتعديلات لمزيد من الضمانات، حتى لا تكرر إسرائيل ما فعلته من قبل مع اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي. وأشاروا إلى أن الأمر برُمّته متوقف على أن تُظهر واشنطن جدية وتضغط على إسرائيل لتقديم مقترح متوازن، وليس منحازاً لطلبات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

واقترحت وثيقة خطة أميركية بشأن غزة وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، وإطلاق سراح 28 من الرهائن الإسرائيليين (10 أحياء و18 متوفين)، خلال الأسبوع الأول، مقابل الإفراج عن 125 سجيناً فلسطينياً محكومين بالمؤبد، وتسليم رفات 180 من الفلسطينيين، على أن يكون ترمب ومصر وقطر ضامنين للتنفيذ، وفق ما نشرته «رويترز»، الجمعة.

وتنصّ «الخطة الأميركية» على أن تُطلق «حماس» سراح آخِر 30 من 58 من الرهائن الإسرائيليين الباقين لديها، بمجرد إعلان وقف دائم لإطلاق النار، وستُوقف إسرائيل أيضاً جميع العمليات العسكرية في غزة، بمجرد سَريان الهدنة.

فلسطيني داخل مبنى تعرّض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وغداةَ كشف البيت الأبيض أن إسرائيل قبلت الاتفاق الذي قدّمه مبعوث الرئيس ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أفاد القيادي بـ«حماس»، باسم نعيم، في تصريحات، الجمعة، بأن الحركة تلقَّت رد إسرائيل على الاقتراح الأميركي لوقف إطلاق النار في غزة، وتقوم بمراجعته بدقة، «على الرغم من أن الرد لا يلبي أياً من المطالب العادلة والمشروعة للفلسطينيين».

وأوضح القيادي في «حماس»، سامي أبو زهري، لـ«رويترز»، أن بنود الخطة تتبنى الموقف الإسرائيلي، ولا تتضمن التزامات بإنهاء الحرب أو سحب القوات الإسرائيلية أو السماح بدخول المساعدات، كما تطالب «حماس»، في حين قالت الوكالة إن الحركة ستردُّ عليها، الجمعة أو السبت.

وسبق أن انهار اتفاق هدنة يناير التي كانت تضمنه واشنطن مع مصر وقطر، بعد انتهاء المرحلة الأولى (42 يوماً)، واستئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة ورفضها الدخول في المرحلة الثانية التي كانت تمهد لإنهاء الحرب.

وتُصر إسرائيل على نزع سلاح «حماس» بالكامل، وتفكيك قوتها العسكرية، وإنهاء إدارتها في غزة، إضافة إلى ضرورة إطلاح سراح جميع الرهائن المتبقين في القطاع، وعددهم 58 رهينة، قبل أن توافق على إنهاء الحرب. وترفض «حماس» التخلي عن سلاحها وتقول إن على إسرائيل سحب قواتها من غزة، والالتزام بإنهاء الحرب.

تصاعد الدخان في الأفق شرق مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يقلل من تأثيرات أي تعهد لترمب، قائلاً: «من قبل أصدرت بلاده تعهدات في اتفاق يناير الماضي، وتراجعت عنه إسرائيل»، لافتاً إلى أن «ردود (حماس) تبدو معبرة عن أن هناك خللاً كبيراً في الوثيقة، ولا سيما مع عدم تأكيد ضمانات وقف استئناف القتال، والانسحاب الإسرائيلي».

ويتوقع أن تتشاور «حماس» مع الوسطاء مجدداً، وتبحث الأمر بشكل جاد، مشيراً إلى أن الوثيقة التي أمامنا خطة إسرائيلية، ويجب أن تسمى مبادرة نتنياهو وليس مقترح ويتكوف.

وهو ما يؤكده المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، قائلاً: «ليس هناك تعهدات واضحة ومباشرة من ترمب وويتكوف لإنهاء الحرب، وإذا تعهدوا، كما يتردد، فلماذا لم ينص على ذلك صراحة في وثيقة ويتكوف، التي تعطي الفرصة لإسرائيل في العودة للقتال مرة أخرى؟!»، مضيفاً: «نحن إزاء وثيقة إسرائيلية وفخ جديد لـ(حماس) لوضعها في الزاوية لإزالة الضغوط عن ظهر نتنياهو ليقولوا إن الحركة هي من لا تريد الانخراط في هذا المسار».

ويرى أن المخطط الواضح للجميع هو «تجريد (حماس) من الورقة الثقيلة والذهبية المتعلقة بالرهائن، وأن تفقد الحركة قوتها، ومن ثم يكون من السهل استهداف كل قطاع غزة؛ لأنه سيعطي الجيش الإسرائيلي أريحية أكثر في الاستهداف دون خوف من وجود رهائن».

ردود فعل نساء فلسطينيات في موقع غارة إسرائيلية ليلية بجباليا وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تأتي تلك التطورات مع تواصل محادثات بشأن وقف إطلاق النار بغزة، في الدوحة، منذ 25 مايو (أيار) الحالي. وقال ويتكوف، الأربعاء، إنه يشعر بتفاؤل حيال إمكانية التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، يمهد لحل سلمي طويل الأمد للنزاع، تزامناً مع إعلان «حماس»، في بيان صحافي، التوصل إلى اتفاق مع ويتكوف، على «إطار عام يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وتدفق المساعدات، وإطلاق سراح عشرة من المحتجَزين الإسرائيليين وعدد من الجثث، مقابل إطلاق سراح عدد متفَق عليه من الأسرى الفلسطينيين، على أن يكون الاتفاق بضمان الوسطاء».

جاء ذلك قبل أن يؤكد مصدر إسرائيلي بمكتب نتنياهو، في تعميم على وسائل الإعلام، الأربعاء، أن «(حماس) تُواصل حملتها الدعائية وحربها النفسية»، لافتاً إلى أن «إسرائيل وافقت على مقترح ويتكوف، بينما تُصرّ (حماس) على رفضه، واقتراح الحركة غير مقبول لإسرائيل ولا للإدارة الأميركية».

ويتوقع رخا أن «حماس» لن ترفض مباشرةً الوثيقة، لكنها ستعلن موافقتها المشروطة بطلب تعديلات لتحسين البنود وتأكيد الضمانات، مشيراً إلى أنه إذا كانت واشنطن جادة في إنهاء حرب غزة، فستتجاوب مع الطرح، خاصة وهو مشروع، وإذا لم تتحرك واتهمت الحركة بتعطيل الاتفاق فهذا يعني أن ثمة اتفاقاً بينها وبين إسرائيل؛ أن تسمح لها بضرب غزة مقابل عدم استهداف طهران حفاظاً على مسار المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي حالياً.

ولا يرى نزال جدية من جانب ويتكوف أو إسرائيل، وثمة تبادل أدوار بينهما، مرجحاً أن «(حماس) سترفض هذا المسار على هذا النحو وستصدر رأياً أنها ستوافق على الوثيقة حال تضمنت بنوداً صريحة بوقف الحرب مستقبلاً وانسحاب إسرائيل، وهذا قد تستغله إسرائيل لأي تصعيد مستقبلي».


مقالات ذات صلة

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي مركبات للشرطة الإسرائيلية تعمل أثناء مداهمة في الضفة الغربية... 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

قالت السلطات الإسرائيلية ​اليوم الجمعة إن شخصين قتلا في هجوم نفذه فلسطيني بالطعن والدهس في ‌شمال ‌إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

ندّدت 14 دولة من بينها فرنسا وبريطانيا، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عنه

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

تُعزز مصر علاقتها الاقتصادية مع جيبوتي، وذلك بالتوازي مع توافق البلدين السياسي في ملفات مختلفة بينها «أمن البحر الأحمر»، وأخيراً الموقف الموحد تجاه إدانة إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة.

ويقوم نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير بزيارة إلى جيبوتي لـ«تعزيز التعاون في مجالي الصناعة والنقل»، وأكد، السبت، أن «زيارته تأتي في إطار عمق العلاقات بين البلدين».

وأكدت مصر وجيبوتي والصومال وتركيا، في بيان، مساء الجمعة، «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية»، وأشارت تلك الدول إلى أن «الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يُعد سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين».

مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، السفيرة منى عمر، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة نائب رئيس الوزراء المصري «تأتي في توقيت بالغ الأهمية ولديها مدلول قوي؛ إذ إن جيبوتي بموقعها الاستراتيجي من أهم الموانئ الموجودة عند مدخل البحر الأحمر، ومن ثم هناك ضرورة للتوافق بين الدولتين في المواقف لمواجهة خرق سيادة الصومال، وإنهاك القانون الدولي باعتراف إسرائيل بأحد الأقاليم الصومالية على أساس أنه دولة مستقلة».

نقطة انطلاق

وبحسب إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، السبت، أكد كامل الوزير «استعداد الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات بجيبوتي في الطرق والنقل البحري والسكك الحديدية والمناطق الصناعية، فضلاً عن التعاون الاقتصادي».

وافتتح الوزير المصري محطة الطاقة الشمسية بقرية «عمر كجع» في منطقة «عرتا» بجيبوتي في حضور وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، يونس علي جيدي، ووزير البنية التحتية والتجهيزات، حسن حمد إبراهيم، وعدد من المسؤولين.

وقال إن «افتتاح المحطة ترجمة عملية لمخرجات الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي في أبريل (نيسان) الماضي، والتي شكلت نقطة انطلاق جديدة لمسار التعاون بين البلدين، خصوصاً في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتنمية الصناعية»، مضيفاً أن «تلك الزيارة الرئاسية أكدت أن التعاون المصري - الجيبوتي يقوم على رؤية استراتيجية شاملة تستهدف دعم مسارات التنمية المستدامة في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن أمن واستقرار وتنمية هذه المنطقة تمثل مصلحة استراتيجية مشتركة».

وتُعد منطقة القرن الأفريقي جزءاً ممتداً غرب البحر الأحمر وخليج عدن، وتشمل 4 دول رئيسة هي «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا»، بينما تتسع المنطقة من زوايا سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.

السيسي خلال زيارته إلى جيبوتي ولقائه غيله في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)

علاقات تاريخية

السفيرة منى عمر قالت إن «العلاقات بين مصر وجيبوتي تاريخية، ومتطورة جداً على المستوى الاقتصادي والتدريب وبناء القدرات»، لافتة إلى أن اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يرفع «علامة الخطر بالنسبة للدول المشاطئة للبحر الأحمر ودول القرن الأفريقي التي لن تسكت إزاء هذا الانتهاك».

وشدد السيسي خلال زيارته إلى جيبوتي ولقاء نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيله، في أبريل الماضي، على «رفض أي ممارسات تؤثر في حرية الملاحة البحرية». وأكدت المحادثات بين السيسي وغيله حينها «رفض تهديد أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر»، بوصفه شرياناً تجارياً دولياً حيوياً.

ودعت القاهرة وجيبوتي حينها إلى «أهمية تفعيل (مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر) ليضطلع بمسؤولياته الأصلية، في تعزيز التنسيق بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وخليج عدن».

ويضم «مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر»، الذي تأسس عام 2020، 8 دول عربية وأفريقية، هي «المملكة العربية السعودية، ومصر، واليمن، والأردن، والسودان، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا»، ويستهدف «تعزيز الأمن والتنمية بين أعضائه».

نائب رئيس الوزراء المصري يؤكد تعزيز التعاون مع جيبوتي في مجالي الصناعة والنقل (مجلس الوزراء المصري)

تنسيق مكثف

ووفق وزير الصناعة والنقل المصري، السبت، فإن محطة الطاقة الشمسية الجديدة نقطة انطلاق حقيقية لمسار أوسع من التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، ويسهم في خلق فرص عمل مستدامة، ونقل الخبرات والتكنولوجيا، ورفع كفاءة الكوادر الوطنية، إلى جانب تعزيز التكامل الاقتصادي والتنموي».

ومحطة الطاقة الشمسية في قرية «عمر كجع» تهدف إلى «توفير كهرباء نظيفة ومستدامة، ضمن إطار تعزيز التعاون الثنائي في قطاع الطاقة»، وسبق أن تم الإعلان عن المشروع في يونيو (حزيران) الماضي.

وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، قال من جانبه إن «المحطة تُعد نموذجاً حياً وشهادة صادقة على متانة وعمق علاقات الصداقة والتعاون القائمة مع مصر، والمحطة ثمرة شراكة استراتيجية مستدامة، ستسهم بلا شك وبشكل ملموس في تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وجيبوتي نحو 122.4 مليون دولار خلال عام 2024 مقابل 161.9 مليـون دولار في 2023، بحسب «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أبريل الماضي. وأشار «المركزي» إلى أن قيمة الصـادرات المصرية لجيبوتي بلغت 108.6 مليــون دولار خـلال 2024 مقابل 152.3 مليون دولار في 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من جيبوتي 13.8 مليون دولار في 2024 مقابل 9.6 مليون دولار خلال 2023.

جانب من زيارة كامل الوزير إلى جيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

وتوقعت مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق أن «يحدث مزيد من التكثيف في العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وجيبوتي خلال الفترة المقبلة؛ لأن جيبوتي من الدول الصديقة التي تحتاج لكثير من الاستثمار»، موضحة أن «مصر سوف تكثف التنسيق القائم بالفعل مع دول القرن الأفريقي كافة والدول المشاطئة للبحر الأحمر، من أجل مواجهة القرار الإسرائيلي»، لافتة إلى «ضرورة خلق رأي عام قاري ودولي لمواجهة هذا الخرق الإسرائيلي للقانون».


هل يقلل «رفض ترمب» جدوى قرار الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»؟

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
TT

هل يقلل «رفض ترمب» جدوى قرار الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»؟

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

طوفان ردود فعل اجتاح موقف الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، وبخلاف الرفض العربي، كان تفاعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«السخرية من ذلك الإقليم»، وعدم الانضمام لمسار الموافقين.

ذلك الرفض الأميركي، يراه خبراء «لم يكن حاسماً؛ حيث لم يُدِن موقف إسرائيل، وينتظر رؤية حجم الموقف العربي لإعطاء موقف واضح ومباشر؛ لكنه سيمنع أي تحرك دولي يدعم حكومة بنيامين نتنياهو في هذا الاعتراف»، ولفتوا إلى أن «الصومال عليه واجب أكبر في تعزيز الجهود العربية والسعي لنيل دعم دولي رافض لهذا الاعتراف».

وأعلن ترمب رفضه الاعتراف باستقلال «أرض الصومال»، وذلك عقب اعتراف إسرائيل رسمياً بالجمهورية المعلنة من طرف واحد والمنفصلة عن الصومال.

وأجاب ترمب بـ«لا» عندما سُئل في مقابلة مع صحيفة «نيويورك بوست»، نشرت الجمعة، إن كان سيحذو حذو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويعترف بها، متسائلاً: «هل يعرف أحد ما هي أرض الصومال، حقاً؟»، من دون أن يدين موقف إسرائيل. فيما قال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح (اتفاقيات إبراهيم) التي وقعت بمبادرة من الرئيس ترمب».

وبشأن عرض «أرض الصومال» استضافة قاعدة بحرية أميركية قرب مدخل البحر الأحمر، قلّل ترمب من أهمية المقترح، قائلاً: «أمر غير مهم... كل شيء قيد الدراسة، سوف ندرس الأمر... أنا أدرس الكثير من الأشياء وأتخذ دائماً قرارات عظيمة وتتبين صحتها لاحقاً».

ورغم امتناع الولايات المتحدة عن إعلان موقف رسمي داعم للاعتراف الإسرائيلي، فإن ذلك لا يعني غيابها عن المشهد، بل يعكس سياسة ترقب وحساب دقيق لردود الفعل الدولية، وخاصة في العالمين العربي والإسلامي، وفق تقديرات الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني. وقال لـ«الشرق الأوسط» يُلاحظ أن غياب موقف أميركي حاسم قد يُضعف زخم الاعتراف، لكنه في الوقت ذاته لا يوقف بالضرورة المسار الذي رسمته الدول الداعمة لهذا التوجه.

ويعتقد المحلل السياسي في الشؤون الأميركية، الدكتور سعيد صادق، أن حديث ترمب، ليس صريحاً ويحمل اعترافاً ضمنياً، خاصة أنه جاء ضمن اتفاقات التطبيع التي تسعى لها واشنطن سراً وعلناً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن ترمب لم يتجه لتأييد صريح لعدم التصادم مع الموقفين العربي والإسلامي.

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)

وهذا الموقف الأميركي السريع جاء بعد ساعات من توالي المواقف العربية والإسلامية الرافضة لتلك الخطوة. ورفضت السعودية وقطر ومصر والأردن وجيبوتي وتركيا ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، تلك الخطوة الإسرائيلية، معتبرين إياها تجاوزاً خطيراً لمبادئ القانون الدولي وسيادة ووحدة الصومال، وفق بيانات منفصلة صادرة عن وزارات الخارجية، الجمعة.

وعادت مصر، السبت، للتأكيد على دعمها الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، مشددة على رفضها للاعتراف بأي كيانات موازية أو انفصال بطرق غير شرعية وغير قانونية.

ويرى كلني أن الاعتراف بـ«أرض الصومال» أثار حراكاً واسعاً على المستويين العربي والدولي، باعتباره تطوراً خطيراً يمس وحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، ويكشف عن تحولات أعمق في توازنات القوى داخل منطقة القرن الأفريقي، وفي ظل تنافس دولي محموم على النفوذ في القرن الأفريقي، وسعي قوى إقليمية ودولية لإعادة رسم خرائط التأثير في الممرات البحرية والمواقع الاستراتيجية.

ولا يعتقد صادق أن الرفض الدولي المتوقع بعد نظيره العربي، ليس ارتباطاً بموقف ترمب، لكن رفضاً لمخالفة القانون الدولي الذي يرفض الانفصال، مثلما يرفض الغرب أي مواقف للانفصال بالنسبة لأوكرانيا.

وداخلياً، تعهّدت حركة «الشباب» الصومالية المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، في بيان السبت، مواجهة أي محاولة من جانب إسرائيل «للمطالبة بأجزاء من أرض الصومال أو استخدامها»، مضيفة: «لن نقبل بذلك، وسنحاربه».

وهذا الحراك الصومالي، وفق كلني، «يأتي في ظل إدراك أن هذا الاعتراف تهديد مباشر لوحدة الصومال وسيادته، كما يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أوسع في الشأن الداخلي الصومالي»، لافتاً إلى أن «الموقع الاستراتيجي للصومال، المطل على أهم الممرات البحرية العالمية، يعد عاملاً رئيسياً في استهدافه ضمن صراعات النفوذ الإقليمي والدولي».

وقال: «ستظل قدرة الصومال على مواجهة هذه التحديات مرهونة بمدى تماسك جبهته الداخلية، ووحدة موقفه الوطني، وقدرته على تعبئة دعم إقليمي ودولي فعّال»، وأكد أنه بينما تتراجع فاعلية التضامن في العالم الإسلامي، تبقى مسؤولية الدفاع عن السيادة الوطنية الصومالية مسؤولية مشتركة بين الداخل الصومالي وحلفائه الحقيقيين على الساحة الدولية، فيما أشار صادق إلى أن نجاح الموقف الصومالي سيبقىل مرتبطاً بتطورات الاعتراف وتداعياته.


تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
TT

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

شهدت مدن غرب ليبيا، مساء الجمعة، موجة احتجاجات شعبية واسعة، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية والأمنية، وللمطالبة برحيل حكومة الدبيبة، والإسراع بإجراء الانتخابات المؤجلة.

وشهدت العاصمة طرابلس تحركات احتجاجية في مناطق متفرقة، حيث أغلق المتظاهرون بعض الطرق، وأشعلوا الإطارات في بلدية سوق الجمعة شرق المدينة، ومنطقتَي الظهرة ووسط المدينة، إضافة إلى احتجاجات عند إشارة فشلوم المرورية. كما رفع المحتجون لافتات تنتقد فشل الحكومة في تحسين الأوضاع المعيشية والأمنية، محمّلين إياها مسؤولية الانفلات الأمني واستمرار الأزمات الخدمية.

ورصدت وسائل إعلام محلية، عبر لقطات مصورة، إشعال الإطارات وإغلاق الطريق بجزيرة القادسية في طرابلس، كما عبّر متظاهرون في ميدان الجزائر وسط العاصمة عن رفضهم «حكم العائلة» و«حكم العسكر»، مطالبين بالاستفتاء على الدستور وإنهاء المرحلة الانتقالية.

كما شهدت مدينة مصراتة مظاهرة شعبية للتنديد بتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتراجع الخدمات، تزامناً مع احتجاجات مماثلة عند بوابة الصمود، المدخل الشرقي لمدينة الزاوية، حيث ركّز المشاركون على تدهور الأوضاع الأمنية إلى جانب الضغوط المعيشية، مؤكدين أن المواطن بات يدفع ثمن الصراعات السياسية واستمرار الحكومات المؤقتة.

في سياق متصل، أصدر أهالي ومكونات بلدية صبراتة بياناً أعربوا فيه عن رفضهم قرار حكومة الدبيبة، القاضي بتخصيص مقر إذاعة اليتيم لصالح جهة مسلحة، معتبرين القرار مساساً بالمؤسسات المدنية والإعلامية، ومؤشراً على تغوّل التشكيلات المسلحة على حساب الدولة.

والأسبوع الماضي، دعا حراك ما يُعرف بـ«انتفاضة شعب» كل الليبيين إلى المشاركة في اعتصام شعبي مفتوح بـ«ميدان الشهداء»، وسط العاصمة طرابلس، وذلك للمطالبة بإسقاط حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.

وسبق أن خرجت مظاهرات في مناطق عدة بالعاصمة تطالب بإسقاط حكومة الدبيبة ومحاسبتها، الأمر الذي دفع حينها عدداً من وزرائها إلى تقديم استقالاتهم انحيازاً لمطالب المحتجّين.

وجدَّد حراك «انتفاضة شعب»، الذي ينطلق من مدينة مصراتة، والذي يقوده عدد من النشطاء، في بيانه، دعوته «جميع الليبيين شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً» إلى تنظيم اعتصام سلميّ لحين تنفيذ مطالب الشعب، المتمثلة في رحيل الحكومة.

وحضّ الحراك جميع أطياف الليبيين على «المشاركة في «الاعتصام ورفع سقف المطالب في مظاهرات يحميها الشعب والقانون، بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية». وقال إن المشاركة في هذا الاعتصام «واجب وطني»، مؤكداً أن «السلمية قوة الأحرار، ووحدة الصف سلاح إسقاط الفساد».

ورأى الحراك أن «الوطن يقف اليوم على حافة الضياع، وما يُدار باسمه في الغرف المغلقة ليس حلاً، بل مؤامرة مكرّرة لإطالة عمر الفشل، وتمديد الأجسام البالية المنتهية الصلاحية». وذهب إلى أن «تغيير العناوين، وتسويق مسرحيات سياسية جديدة، لن يغيّرا الحقيقة؛ فالشعب يريد قراره، لا وصاية عليه، ولا تسويفاً بعد اليوم».